أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    انقسامات داخلية حادة تهز إسرائيل حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    الحوثيون: تنفيذ 6 عمليات استهدفت سفن في البحر الأحمر والمحيط الهندي    أنشيلوتي: لست مغرورًا.. وحققنا لقب دوري الأبطال هذا الموسم بسهولة    شيكابالا أسطورة ومباراة السوبر الإفريقي صعبة.. أبرز تصريحات عمرو السولية مع إبراهيم فايق    عمرو السولية: لا نعرف الخوف أمام الزمالك ونهائي كايزر تشيفز الأسهل للأهلي    القسام تنشر مقطع فيديو جديدا يوثق عملية استدراج جنود إسرائيليين داخل نفق في جباليا    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    وفاة طفل غرقاً في حمام سباحة مدرسة خاصة بكفر الزيات    بشرى سارة للمواطنين.. زيادة الدعم المقدم للمواطن على بطاقة التموين    عاجل - مجانِّي آخر موعد للمصريين للتقديم لفرص عمل مغرية بالإمارات    أستاذ اقتصاد: «فيه بوابين دخلهم 30 ألف جنيه» ويجب تحويل الدعم من عيني لنقدي (فيديو)    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    جريحان جراء غارات إسرائيلية عنيفة على عدة بلدات لبنانية    برقم الجلوس.. الحصول على نتيجة الصف الثالث الإعدادي بمحافظة الدقهلية 2024    متغيبة من 3 أيام...العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة في قنا    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    عيار 21 بالمصنعية بكام الآن؟.. أسعار الذهب اليوم الأحد 2 يونيو 2024 بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    الزمالك يكشف حقيقة التفاوض مع أشرف بن شرقي    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    وزير التموين: أنا مقتنع أن كيس السكر اللي ب12 جنيه لازم يبقى ب18    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    بالصور.. البابا تواضروس يشهد احتفالية «أم الدنيا» في عيد دخول المسيح أرض مصر    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    الشرقية تحتفل بمرور العائلة المقدسة من تل بسطا فى الزقازيق.. فيديو    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    سعر الموز والعنب والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 2 يونيو 2024    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    حظك اليوم برج السرطان الأحد 2-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    المستشار محمود فوزي: نرحب بطلب رئيس الوزراء إدراج مناقشة مقترحات تحويل الدعم العيني لنقدي    «أمن الجيزة» يحبط ترويج كمية كبيرة من مخدر «الكبتاجون» في 6 أكتوبر (خاص)    الفنان أحمد عبد القوي يقدم استئناف على حبسه بقضية مخدرات    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم مركبتي توك توك بقنا    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(رماد الغواية) للفلسطيني نمر سعدي
نشر في شموس يوم 25 - 03 - 2017


ديوان جديد صادر عن مؤسسة الانتشار العربي
ونادي الباحة الأدبي
صدر للفلسطيني نمر سعدي ديوان حمل عنوان (رماد الغواية) وفيه قصائد مكتوبة ما بين الأعوام 2015 و2016 وهي بأشكال شعرية مختلفة منها التفعيلة وقصيدة النثر والقصيدة العمودية، وقد جاء الديوان في نحو 195 صفحة من القطع المتوسط بغلاف مميز، وقد صدر عن مؤسسة الانتشار العربي ونادي الباحة الثقافي في المملكة العربية السعودية، وقصائد الديوان تسعى جميعها للإنصات لصوت الكينونة حيث نقترب من صدى عوالم الشاعر ومن رؤاه الخاصة بالعالم، وهذا النفس الشعري الشبابي يعطي للقصيدة الفلسطينية اليوم أفقا آخر ينفتح على تيمات تقترب من اليومي ومن الذات في القصيدة العربية الحديثة، ويتوزع الديوان على عدة أبواب شعرية تبدأ بقصائد (سبايا الملح) وتنتهي بمطولة (رماد الغواية).
ويصر الشاعر الفلسطيني نمر سعدي في ديوانه الجديد أن يعقد مقارنة بين عالمين، عالم الكتابة بما تشكل هي من ترياق ضد الألم والخيبة وعالم مسكون بانكسارات وصور شخوص وأمكنة وأزمنة تتوحد جميعها في ترسيخ هذا التضاد، في ذروة هذا الصراع الأبدي بين عالمين يصدح صوت الشاعر وهو يخط من خلال اللغة ورؤاه ميسما خاصا لبعض من الأمل الذي ينفتح من قيم المحبة والقدرة على الانتصار لقيم الحياة، كما يستحق أن يعيشها الإنسان.
ولسعدي عدة دواوين شعرية صادرة في فلسطين ومصر ولبنان من أهمها (موسيقى مرئية) و(تشبكُ شعرها بيمامة عطشى) و (وقت لأنسنة الذئب) و(وصايا العاشق).
ونلمس في قصائد الديوان استدعاء خفيا أو مستحيلا للمرأة / القصيدة، وكأن الشاعر أراد أن يثبت في ديوانه هذا أنها لم تكن إلا غواية يتطاير رمادها الأنثوي اللامع خلف ظلال حياته.
تجدر الإشارة إلى أن الديوان صدر بتوصية من الشاعرين السعوديين الكبيرين علي الدميني وحسن الزهراني رئيس نادي الباحة الأدبي.
ومن أجواء الديوان نختار هذه القصائد العابقة بعبير الحب، والتي تشاطرنا بدلالات المكان والكتابة، حيث تبحث عبرها ذات الشاعر المسكونة بالوجع عن معنى لوجودها من خلال استقصاء الأثر التي تخلفه الحاجة لكتابة قصائد تسترجع معاني الحياة وهذا الحضور المجازي لأسماء وأماكن في ثنايا الذاكرة.
مثلما يغمسُ الطيرُ منقارَهُ
في السرابِ على عجَلٍ
سوفَ أغمسُ قلبيَ
في ناركِ الأنثويَّةِ والباردةْ
سأُردِّدُ مثلَ الحيارى:
إلى أيِّ خَصْرٍ سأُسندُ رأسي لأنسى
ولو لحظةً واحدةْ
وعلى أيِّ صَخرٍ سيغفو المحاربُ
بعدَ الرجوعِ من الحربِ كالشبَحِ الآدميِّ؟
وهل سأقولُ لإحدى النساءِ:
تركتُ فمي حينَ قبَّلتُ عينيكِ
مثلَ الفقاعةِ فوقَ الزجاجِ
لينمو كزهرةِ توتِ الحديقةِ
أو كالمحارةِ في عُهدةِ الموجِ…
هل صرتِ أجملَ؟
هل أنفُكِ الآنَ أقنى كأيقونةٍ؟
هل شفاهُكِ أعذبُ من زهرتيْ لوتسٍ في البُحيرةِ؟
يا امرأتي شالُكِ الآنَ طوعُ خيالكِ
منفاكِ فيَّ ومنفايَ فيكِ..
ومحشوَّةٌ بالبُكاءِ أصابعُنا والضرامْ
*
سنقرأُ بابلو نيرودا معاً
وعلى شُرفةِ لا تطلُّ على الحربِ والطائراتِ
سنقرأ أشعارَ قبطانهِ
بعدَ عصرِ الرمادِ النهائيِّ
بعدَ الصُدودِ الشتائيِّ
سوفَ تقولينَ لي: هُنَّ أجملُ مني
ولكنني مثلُ زنبقةِ الردمِ
أحلو بعينيكَ أو أتجمَّلُ باليأسِ..
هل لنشيرَ إلى قمَرٍ واحدٍ في السماواتِ
نحتاجُ أغنيةً لنقطِّرَ أشواقنا في إناءٍ صغيرٍ؟
وهل لنذرِّي تماثيلَ أقسى الطغاةِ على الأرضِ
نحتاجُ أن نتعلَّمَ من قُبلةٍ كيفَ تنمو على الفمِ..
نحتاجُ حلماً خفيفَ الخطى
كيْ تشقَّ فراشاتُ أعيننا دربَها في الركامْ؟
*
لم أُصادفْ يوحنَّا النبيَّ لأسألهُ في الطريقِ:
أكلُّ امرأةْ
سالوميَّةٌ حينَ ترقصُ
أو حينَ تهمسُ لي بأصابعها
أو بغيمِ سجائرها المُطفأةْ:
في انتظاركَ ما زلتُ
مهما احتواني السرابُ
أو انفرطتْ شهوتي المرجأةْ
كثوبِ الأفاعي ورائيَ؟
أو يثبتُ العكسُ..
هيهاتَ.. هيهاتَ
هل تبكي يوماً عليَّاً قطامْ؟
*
كلَّما ازددتُ طيشاً كبرتُ وسِرتُ على هديِ بحَّارةٍ غائبينَ
وقُلتُ بأنَّ الحياةَ السعيدةَ تشبهُ لغوَ الصباحاتِ
والمونولوجَ الطويلَ الحزينَ…
يدا من أُحبُّ قناعٌ من الرملِ يحجبُ وجهيَ
كالغيمِ يحجبُ أرواحَ من ذهبوا للسماءِ..
كبرتُ كما يكبرُ العشبُ في السهَرِ المنزليِّ
وفي قمَرٍ مُهملٍ
وكما يكبرُ الحبُّ في كلِّ صيفٍ
أو التعبُ المرُّ في أعينِ الناسِ
ذئباً تعيساً شبيهاً بنرفالَ وهو يفكِّرُ ليلاً برقصةِ أوريليا
فيغصُّ بدمعِ الثرى وهو ينهشُ وردَ البنفسجِ
أو يتأمَّلُ ما لا يُرى من ظلالِ التنهدِّ أو زفراتِ التعاليمِ
في غبشِ الأوديةْ
أتقرَّى بعينيَّ ختمَ رياحِ الصنوبرِ حولَ فمِ امرأةٍ
أو صدىً في دمائيَ مثلَ السحابةِ
باحَ بها الماءُ للآنيةْ
وكلُّ انهدامٍ لشمشونَ فيَّ يقيِّضُ لي امرأةً كدليلةَ
كيما تناولني كأسَ سقراطَ أو حكمةَ الهاويةْ
أوَّلاً: لا تضعْ حولَ قلبكَ إلا الحدائقَ
واتركْ لنونِ اسمها هاتفاً خلويَّاً وحيداً يرنُّ
على شرفةِ الأبديَّةِ..
واذهبْ لأبعدَ ممَّا يلمِّعُ بالحزنِ رغبتها المطفأةْ
ثانيا: لا تحدِّقْ بقلبك أكثر ممَّا يجبْ
فالحقيقةُ أضيَقُ من بيتِ شِعرٍ
وهذا المجازُ كذبْ
فكيفَ ستلتقطُ اللؤلؤةْ؟
ثالثاً: وهَجُ اللوز أو ثلجُهُ
في يديكَ سواءٌ فلا تلتفتْ لضجيجِ النهارِ
وللشغفِ الجسديِّ الذي ينخرُ القلبَ
مثلَ النمالِ التي نخرَتْ خرزَ المنسأةْ
رابعاً: لا تسلِّمْ خطاكَ إلى الريحِ والذكرياتِ إلى الماءِ
والأقحوانَ إلى الرملِ والحُبَّ للشهوةِ المرجأةْ
خامساً: صُبَّ مرثيَّةً فوقَ قبرٍ لشخصٍ غريبٍ
وحرِّرْ صَبابةَ فخَّاركَ المتأنِّقِ من شَركِ المدفأةْ
سادساً:
سابعاً:
ثامناً:
تاسعاً:
أو مئةْ
لا تثق بالزمانِ ولا بالقصيدةِ
لا بالخيالِ ولا بامرأةْ
ثلاثونَ عاماً تقولُ لليلِ ضفائرها
في الصباحِ: عليكَ السلامْ
*
أُخبِّئُ تحتَ قميصي
حنينَ الثعالبِ للعنَبِ السُكريِّ
وجمرَ المياهِ التي كالأثيرِ
أخبِّئُ نهراً صغيراً يعضُّ بأسنانهِ اللبنيَّةِ
نجمي الرماديَّ في الدورةِ الدمويَّةِ
يقطعُ كوناً لكيْ يتوَّحدَ مع نجمةٍ أو حصاةٍ..
أُخبِّئُ ضوءَ رسائلِ عشَّاقِ بابلَ/ روما/ وإسبارطةَ
المتعبينَ من الحربِ..
ضوءٌ خفيفٌ كخاطرةِ الظلِّ
يفتكُ بالقلَقِ اللا إراديِّ في آخرِ السطرِ:
لا تشكلي الآسَ عني
ولا تذهبي في التمنِّي بعيداً
وفي أرقِ الأبديَّةِ
لا تهرقي حمضَكِ النوويَّ على كوكبٍ قاحلٍ
وعلى ساحلٍ لا يُؤدِّي إلى أيِّ بحرٍ..
تقولُ: انتبهْ لحفيفِ السمندلِ ما بينَ جنبيكَ..
واحفظْ لأنثاكَ ماءَ المزاميرِ
فهو كفيلٌ بتلميعِ نسيانها الرعويِّ
وتجميعِ كحلِ اليمامْ
*
الظهيرةُ مثلُ فتاةٍ على مقعدٍ في الحديقةِ
ضحكتُها نصفُ غامضةٍ
ولها مقلتا قمَرٍ لا يطلُّ على الأرضِ
أو شَجرِ الذكرياتِ..
يدايَ عصافيرُ ملتاعةٌ في مدى الظنِّ..
نارنجةٌ في أصابعها
وفمي ورقٌ يتنزَّلُ من سِرِّ مخطوطةٍ في الأعالي
لشرحِ ارتطامِ المجرَّاتِ في جسدَيْ عاشقينِ..
ونايٌّ يسرِّحُ ضوءَ ضفيرتها بأغاني الرعاةِ
ويعدو وحيداً وراءَ سحابتها
ويحنُّ إلى قصبٍ لا يئنُّ من البُعدِ
أو يتفتَّحُ في رغوةِ الريحِ:
كوني أنايَ الصغيرةَ / قبَّرتي المشتهاةَ
سرابي وعنقاءَ قلبي / هوائي ومائي
وأرضي التي سُجنتْ في خطايَ
وصلصالَ تنهيدتي وسوايَ
صدى صرخةِ الدمِ
جمرَ الندى في الوريدِ
وكوني رمادَ العظامْ
*
(ستمتدُّ هذي السنابلُ حتى ضفائرَ سيِّدةِ الماءِ
ملحٌ سيزهرُ ليلاً على شَجرِ اللوزِ هذا الربيعَ
وينطفئُ الشمعُ عندَ حوافِ التماثيلِ)
كانَ يُغنِّي المغنِّي الذي مَرَّ مثلَ السحابةِ
لكنني لم أقُلْ أيَّ شيءٍ
ولم أقسِ البُعدَ بالأقحوانِ ولا بالرصاصِ
ولكنَّ أغنيةً في الطريقِ من البيتِ أجملُ
والوهمُ أقسى على القلبِ
من لسعةِ الحُبِّ أو جمرةِ المُشتهى
وأخفُّ من الانتظارِ
الذي يضفرُ الشوكَ حولَ شفاهي
ويحشو دمي بالغمامْ
*
ليسَ يأساً تماماً ولكنه غضبٌ لا يُفسَّرُ
يُشبهُ هستيريا العشقِ يا شاعراتي الوحيداتُ
ليسَ غراماً بطيئاً أزاحَ الغشاوةَ عن مُقلتيْ آنا سكستونْ
وليستْ بروقاً حقيقيَّةً قد أصابتْ أميليا روسيللي
وذاكَ الذي بأصابعهِ قد أدارَ مفاتيحَ قنِّينةِ الغازِ
يا سيلفيا ليسَ يأساً تماماً..
وما دفعَ امرأةً للسقوطِ على نفسها
من سحابةِ أوهامها
ليسَ يأساً ولكنهُ أرقُ القلبِ أو حبقٌ غامضٌ
آهِ يا مارَمارا العزيزةَ
لا تذهبي في التآويلِ أبعدَ من نجمةٍ غيرِ مرئيَّةٍ
في مراياكِ أنتِ..
وذاكَ الذي أطلقَ النارَ في شرفةِ الفجرِ والأرجوانِ
على حجَلٍ فيكِ يا آنا سيزارَ أو حَجَرٍ
طارَ ليلاً إلى نصفهِ مثلَ ترجيعِ ناي يشدُّ الدماءَ
لرائحةِ البُنِّ أو لبخورِ الغواياتِ..
حزنٌ بغيرِ أصابعَ تضغطُ فوقَ الزنادِ
ولكنهُ ليسَ يأساً تماماً
ولا حطباً أجَّجتهُ الكنايةُ في ورقِ الشاعراتِ
اللواتي عبَرنَ بأنهارهنَّ المنامْ
هو رؤيا هشيمٍ تقودُ أصابعهنَّ إلى الماءِ
تأخذُ صلصالهنَّ إلى قمَرٍ تائبٍ
وفراشاتِ أعينهنَّ إلى فضَّةٍ لا تُفضُّ
وأشعارَهنَّ لطوقِ الحمامْ
*
*
لا تكوني سياجاً بغيرِ بنفسجةٍ
أو قصائدَ مسكونةً بالهواجسِ
لا تشعلي قمراً لا يضيءُ
بكاءَ الفراشةِ في شَعركِ الكستنائيِّ..
أو ترسلي مطراً ليسَ يلسعُ مثلَ نعاسِ الأصابعِ
خاصرتي كلَّما نوَّرتْ حيرةٌ في دمي
وتصادت كوابيسُ غامضةٌ
مع رياحٍ على قلَقٍ
أو مساءٍ بلا حبقٍ
أو تنادتْ كواكبُ ليلٍ
على بعضها في حزيرانَ مثلَ الذئابِ ولا…
لا تصبِّي يديكِ على ذهبٍ لا يُرى في المراثي
ولا تأخذي من محارةِ روحيَ تنهيدةً
كي تظلَّ الظهيرةُ مرسىً لبَّحارةٍ غائبينَ
وشوقي إليكِ على ما يُرامْ
*
سأكتبُ عن شاعرٍ وحبيبتهِ
لا كما يكتبُ الشعراءُ السكارى
سأكتبُ عن عُلبةٍ من صفيحٍ على شكلِ قلبٍ
حوتْ ضوءَ حبِّهما كلَّهُ في دموعِ الرسائلِ
لا تمتحنِّي برائحةِ البرتقالِ ولا بصباحاتِ حيفا
تسرُّ لعينيهِ وهيَ تشدُّ على يدهِ في الظلامِ المضيءِ
خذيني إلى جبلٍ ليسَ يعصمني من دوارِ جمالكِ
لا تكسريني كما يكسرُ الطائرُ المتوجِّسُ بندقةً
كي يعودَ بها في المساءِ لأفراخهِ..
قالَ وهو على شمسها ينحني ويقاومُ تقبيلَها
جمرةُ الحبرِ تلسعُها حينَ تقرأُ وهيَ تمرِّرُ أهدابها
في الصباحِ على شَعرهِ..
هو في أرذلِ الذكرياتِ ولم ينسَها لحظةً
في الثمانينَ من عمرهِ الآنَ
يغسلُ عينيهِ كلَّ صباحٍ بماءِ ابتسامتها
ويعدُّ لها قمراً ساحليَّاً
ليستلَّها من قصائدهِ ونعاسِ أبيها
ويأخذها من يديْ قلبها لأقاصي السنينِ..
سأكتبُ في عزلتي عن فتاةٍ وشاعرها
ظلَّ يرسلُ في كلِّ يومٍ لها روحَهُ في البريدِ السريعِ
وينسى خطاهُ على ساحلِ البحرِ أو في الأزقَّةِ:
أيتها الأبديَّةُ يا أُمَّنا قايضي عطشي
بقليلٍ من الماءِ والوقتِ
كيْ تزهرَ الأبجديَّةُ في ليلنا الرعويِّ
ويذبلَ في الدمِ شوكُ الخصامْ
*
لم أسترحْ من بكاءِ المهرِّجِ أو من صراخِ السياسيِّ
حتى ولو في منامِ الظهيرةِ..
في ساحةِ الأُمِّ.. في الكرملِ اقتربتْ من خطايَ النوارسُ
قالتْ فتاةٌ: سأعطيكَ تفَّاحةَ الاثمِ..
قالَ المشرَّدُ: سيجارةً لو سمحتَ..
وفكَّرتُ.. لو كنتُ أعرفُ يا صاحبي الكيمياءَ
لحوَّلتُ قصديرَ هذي الحياةِ إلى ذهبٍ
ورمادَ همومي إلى خمرةٍ وانتشاءٍ…
أما زلتَ في الأربعينَ..
تقيسُ النهارَ بملعقةِ الحُبِّ؟
تسألُ سيِّدةٌ عابراً فيحدِّقُ في اللانهائيِّ..
يسألني المقعدُ المهاغونيُّ في غابةِ الحورِ:
هل أنتَ أنتَ؟ أما زلتَ تذكرني؟
ليسَ وقتي وقلبي معي الآنَ يا صاحبي..
صرتُ كالآخرينَ على عجَلٍ في طريقي
أعانقُ هذي الغصونَ التي تتمايلُ
في ساحةِ الأُمِّ..
تلكَ التي وحدَها عرفتني
فغصَّتْ بدمعِ الهوى بعدَ عشرينَ عامْ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.