كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    حزب الله اللبناني يعلن تدمير آليتين إسرائيليتين في كمين تلال كفرشوبا    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة: «تحقق الحلم»    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    بث مباشر لحفل أنغام في احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية بعيد تحرير سيناء    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية في انهاء الصراعات الثأرية في مصر
نشر في شموس يوم 03 - 05 - 2016


المقدمة:
حصد الثأر على مدى السنوات الماضية في مصر أرواح المئات في جنوب البلاد، حتى أن باحثين متخصصين يقولون أن ضحاياه فاق عددهم ضحايا كل الحروب التي خاضتها مصر على طول تاريخها الحديث مع إسرائيل وتشير احدث احصاءات أجهزة الأمن في مصر إلى أن نحو 196 قتيلا و214 جريحا سقطوا ضحايا لحوادث ثأر خلال الشهور الخمسة الاولى من العام الماضي في ثلاث محافظات فقط في صعيد مصر الأوسط هي أسيوط وسوهاج وقنا، بمعدل قتيل أو جريح يوميا في المحافظات الثلاث. قبل الكلام عن الثأر لابد من معرفة خريطة المجتمع الصعيدى ومكوناته الثقافية فالصعيد ينقسم إداريا إلى شمال وجنوب الشمال يشمل ريف الجيزة والمنيا وبنى سويف والفيوم وينتهى عند أسيوط أما الجنوب فهو يبدأ من سوهاج وينتهى فى أسوان أما خريطة الصعيد الثقافية الاجتماعية فهى تحتوى جميع الأعراق التى استوطنت مصر، وكل عرق له كيان أو تنظيم يندرج تحته أفراده، وكل تنظيم له بناء يختلف باختلاف العرق أو الجماعة التى يخدم مصالحها ويعبر عنها.
ولا توجد أدلة تاريخية موثقة تشير إلى أن مصر الفرعونية عرفت ظاهرة الثأر، ويجمع مؤرخون ثقاة على أن مصر عرفت تلك الظاهرة مع هجرة القبائل العربية إليها عقب الفتح الإسلامي في العام 20 هجرية الموافق 685 ميلادية، عندما نزحت القبائل العربية آنذاك الى البلاد.
وعلى رغم تفاعلها مع المجتمع المصري فإنها ظلت عالما قائما بذاته منغلقا على نفسه، لا يأبه بالقانون الوضعي السائد، وقد ساعد على ذلك مجتمع الجنوب المعزول ثقافيا عن مناطق الإشعاع الحضاري منذ مئات السنين، إذ كان الاعتماد الأساسي في كسب العيش، على الزراعة وما تفرضه من قيم خاصة كالتواكل والاستقرار والانعزال عن الآخرين وعدم الاحتكاك بهم.
الثأر علامات النفوذ والسيطرة
وتبرز عادة الثأر بوصفها علامة من علامات النفوذ والهيمنة في صعيد مصر، وتعد مدينة البداري التابعة لمركز أسيوط في قلب الصعيد احدى أكثر المدن التى تنتشر فيها تلك الظاهرة، ما دفع جهات الأمن إلى اطلاق لقب «شيكاغو الصعيد» عليها – تندرا- نظرا لتعدد وضراوة عمليات القتل فيها.
«ان معظم أهالي البداري لديهم ثأر ضد بعضهم البعض، وبعض العائلات بها قد يصل عمر العداوة بينهم إلى أكثر من خمسين عاما، فاتفاقات الصلح التى تمت بينهم كانت أشبه بهدنات يتم خرقها مرارا فيما تزداد العمليات ضراوة كلما اتجهت جنوبا، وخصوصا في محافظة قنا التى تشهد على فترات متباعدة أزمات عنيفة بين أكبر قبيلتين فيها – الهوارة والاشراف- وبعضها أزمات استمرت ما يقرب من قرن من الزمان، وتطورت المواقف بين العائلتين فيها إلى درجة «إعلان الحرب» رسميا وكأنهما دولتان! ويختار الشخص الذى ينوي القصاص وفق تلك العادة المنبوذة ضحيته بعناية فائقة، وينطلق هذا الاختيار من اعتقاد أشبه بالقانون بأنه يجب استهداف «أكبر رأس» وأفضلها في العائلة المطلوب الثأر منها، وفى أحيان كثيرة تكون «رؤوس عدة» في مقابل رأس واحدة، على نحو ما حدث في مجزرة قرية بيت علام في سوهاج التى جرت وقائعها العام الماضي ولقي فيها 22 مصرعهم من عائلة «الحنيشات» مقابل واحد فقط من عائلة «عبدالحليم» التي تعهدت علنا برد ثأرها مضاعفا أربع مرات.
ابرز ضحايا الثأر
ويعد عبد الفتاح عزام (محافظ الجيزة الأسبق، وأحد أحفاد عبد الرحمن باشا عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية)، أبرز ضحايا الثأر فى مصر، فقد قتل الرجل داخل سيارته في العام 1982 بنحو 72 طلقة رشاش نتيجة ثأر بين عائلته وعائلة «خضر»، ولم تتقبل أسرته العزاء طيلة أربع سنوات حتى تدخل شيخ الأزهر آنذاك جاد الحق علي جاد الحق ووزير الثقافة السابق أحمد هيكل للوساطة بين الطرفين، واضطر وزير الداخلية وقتها زكي بدر الى إصدار أوامر اعتقال لأكبر عدد من أفراد العائلتين ومصادرة سلاحهما.
ويجد السلاح طريقه إلى أيدي العائلات في الصعيد عبر السرقة او التهريب من حدود الدول المجاورة وخصوصا السودان، وبعضه يكون مصنعا محليا في ورش بدائية، لا تخضع لأية رقابة لانها بعيدة عن أعين الشرطة. ولأن حائزي الاسلحة من العائلات لا يقومون بالابلاغ عنها لانها موردهم الاساسي في شراء مختلف الانواع من ثقيلة وخفيفة وبأسعار تنافسية تتراوح ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف جنيه للبندقية الآلية التي لا يخلو منها منزل بالصعيد. والبندقية بالنسبة إلى الصعيدي «عزوة ونفوذ» لا غنى عنها للأفراد والعائلات، التى تقوم بدفن سلاحها الثقيل في الأرض لإخفائه عن أعين الشرطة لو داهمت منزلا.
الثأر انتشر في انحاء الجمهورية
ولا تقتصر عملية الثأر في مصر على الصعيد وحدة وإن كان 80 في المائة من تلك الجرائم تقع في خدوده فالظاهرة تمتد ايضا إلى مدن الشمال وخصوصا محافظة المنوفية التى تشهد الكثير من الخصومات الثأرية بين العائلات المتناحرة. ويتداول المصريون في تلك المناطق قصصا مثيرة عن عمليات ثأر بعضها تم خارج حدود الوطن، وربما كان اغربها ما حدث في العام 1976 حينما طار مواطن مصري إلى الكويت أخذا بالثأر من أحد أبناء قريته الذي يعمل هناك عامل بناء.
القوات الغازية
ولا ينسى الصعايدة في مصر حتى الآن تلك الموقعة الشهيرة التى تمت في الستينات في محافظة المنيا مسقط رأس قائد الجيش المشير عبد الحكيم عامر عندما وقعت حادثة ثأر حصدت فيها الاسلحة الآلية عشرات الرءوس واتسع نطاقها، فأرادت الدولة إظهار الحسم مع طرفي الثأر، فاقتحمت فرقة من الجيش قريتهم بالأسلحة الثقيلة وبعثت بالطائرات لردعهم، فاتحد الطرفان ضد «القوات الغازية» وحين هدأت الأمور عادا لتصفية خصومة الثأر بينهما! وتزداد جرائم الثأر في مصر خلال شهري يوليو وأغسطس بنسبة 35 في المائة مع ارتفاع أعواد الذرة في الحقول وبنسبة 26 في المائة في شهر أبريل/نيسان مع بداية موسم الحصاد لأن الفلاحين يبيعون المحاصيل ويستطيعون بثمنها شراء الأسلحة الأوتوماتيكية وتوكيل أشهر المحامين للدفاع عن أبنائهم بعد ارتكاب الجريمة، فالصعيدي الحقيقي لا يقبل ب «القودة» ابدا.
مفهوم القودة
والقودة هي تلك العملية التى تتم عقب جرائم الثأر الكبيرة، وفيها يقوم القاتل بحمل كفنه بين يديه ويذهب الى اسرة القتيل طالبا منهم الصلح ووقف شلال الدماء، وعادة ما يحضر تلك الجلسات النادرة للصلح رؤساء القبائل، لكنها لا تجد اقبالا من الغالبية العظمى لأبناء الصعيد نظرا إلى ما تنطوى عليه من فضيحة واذلال للقاتل الذي يظل في حكم الاسير لأسرة القتيل، لا يتزوج الا بإذنهم ولا يغادر البلاد الا بعد موافقتهم، ويذهب الصعيدي القاتل في «القودة» حاملا كفنه بين يديه فيلقاه والد القتيل أو شقيقه وفى يده سكين، وينام القاتل على التراب فيما يذبح أحد أهل القتيل الى جوار رأس النائم تحت يديه خروفا أو ماعزا أو بقرة، كل حسب قيمته أو مدى تقبل اهل القتيل للدية التي يعرضها واعلانه الندم، غير أن الذي يذهب ل «القودة» يكون ملفوظا من أهله كونه فضحهم وتسبب في أن تلوك الالسنة سيرتهم على أنهم قبيلة لم تتحمل «أيام الجمر» التي يفرضها الدم المراق من الجانبين.
اسباب ظاهرة الثأر
إن ظاهرة الثأر تراجعت في الفترة الاخيرة إلى حد كبير، بسبب عاملين أساسيين، ابرزهما الصناعة بقيمها التي قامت على أنقاض قيم الزراعة. ويضيف استاذ علم الاجتماع الشهير: صحيح أن الصعيد لم يشهد التنمية المطلوبة خلال الفترة الاخيرة، لكن حركة الصناعة التي تسللت إليه على استحياء وبوصفها عملا جماعيا يغلب عليه التعاون والمنافسة، كان لها دور كبير في تراجع الظاهرة إلى حد كبير.
وساهمت هجرة المصريين إلى منطقة الخليج للعمل في تراجع ظاهرة الثأر، بل وأحدثت انقلابا في بنية المجتمع المصري عموما. فالعامل من هؤلاء يعود إلى وطنه محملا بأسباب المدنية والتقدم بشراء أجهزة تكنولوجية حديثة، ويريد أن يعيش حياته ويستمتع بها فيشتري أرضا ويبني منزلا، ولانه لا يريد التضحية بكل هذا النعيم، لا تشغله قضايا مثل الثأر. ويدلل المجدوب على صحة نظريته بقوله إنه لمدة ثلاثة أو أربعة عقود مضت اختفت ظاهرة الثأر من محافظة شمالية هي محافظة الشرقية، مع أن معظم قاطنيها ترجع أصولهم إلى قبائل عربية نزحت إليها واستقرت فيها، وكانت محافظة الشرقية إلى وقت قريب تشبه مثيلاتها في الجنوب المصري من حيث عادة الأخذ بالثأر
وتغليب النظرة القبلية في الحكم على الأشياء، لكن مستوى التعليم العالي والأنشطة الاقتصادية والتجارية والصناعية في المحافظة، أحدث تغييرات ثقافية وبيئية مطلوبة، وكانت النتيجة غياب ظاهرة الأخذ بالثأر أو تراجعها إلى الحد الأدنى.
«إن هذه العادة لا تقتصر على مجتمع أو بلد بعينه، فقد كان الثأر موجودا -مثلا- في أسبانيا التي أقام فيها العرب لخمسة قرون كاملة، لكنه اختفى من هناك، وكان موجودا أيضا في جزيرة صقلية، وتحدث حالات الثأر الشهيرة بين عائلات عصابات المافيا «الكابوني» و«دلنجر»، وانتقلت الظاهرة عبر العائلتين بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأميركية، ومارسه بعض افرادها على أراضيها ببشاعة منقطعة النظير على نحو ما شاهدنا في الأفلام وقرأنا في الصحف.
جهود الدولة المصرية
وحديثا بدأت الحكومة المصرية في تنفيذ حملات سنوية لجمع الاسلحة من ايدي الجنوبيين، لكن بعضهم يقول انها حملات وهمية تتم باتفاق الطرفين ذرا للرماد في العيون، ويضيفون «على فرض ان عمليات (لمّ السلاح) حقيقة، فإن ذلك الاجراء لا يمنع شراء غيرها بيسر وسهولة، فتجار الاسلحة ينتشرون في صعيد مصر يبيعون اخطرها وأفتكها على رؤوس الاشهاد بداية من البنادق والمسدسات حتى المدافع والاسلحة الآلية سريعة الطلقات المحظورة بأمر القانون، ما يعني أن الظاهرة لن تنتهي طالما ظل الصعيد مهملا على الهامش ليس كل ثأر يدور حول القتل أو يُطوى بإراقة الدماء، فبعض الثأر كما في حكاية "مزيونة" كان ثأر صفعات، وبعض الثأر كذلك يكون كحكاية "ثأر الشوارب" التي شهدتها قنا عام 2007 بعد أن اختطفتْ عائلةٌ فردا من عائلة أخرى في تسوية لخصومة بينهما فحلقت شاربيه ورأسه وحواجبه تأديبا، فردت العائلة الأخرى بالمثل لتنتهي الحكاية بتدخل الأمن ومصادرة كميات من الأسلحة وعقد مصالحة ثأرية لم يُقدّم فيها كفن على يدي البادئ بالاعتداء…بل ماكينة حلاقة على صينية! وكما يعد الصراع بين عائلتي "النواصر " و"زناتي" من اقدم صراعات الثأر في مركز البداري حيث يعود لعام 1947 في ظل اعتبار العائلتين الثار رداً للكرامة ورفضهما لادراج كلمة "مصالحة" في قاموسهما حتي الان رغم وصول عدد ضحايا إلي 27 قتيلاً.
فيما سجلت عائلات العسيرات بابنوب رقماً قياسياً اخر في عدد ضحايا الصراعات الثأرية التي نشبت بينهم ليصل الي 200 قتيل منذ بداية الخصومة في عام 1950 . فيما نجحت اجهزة الامن بالاشتراك مع القيادات الشعبية والتنفيذية بمحافظة سوهاج في إنهاء 60خصومة ثأرية واتمام الصلح بين العائلات المتخاصمة والتي كان اشهرها الخصومة بين عائلتي الحناشات وعبد الحليم في قرية بيت علام وراح ضحيتها 22 شخصاً.
وشهدت الاسابيع الاخيرة تجدد الثأر بين عائلتي العطيفي والسماعنة بقريتي الغنايم والاغانة الواقعتين علي حدود محافظتي سوهاج واسيوط بعد ان قام احد افراد العائلة الاولي بقتل اخر من عائلة "السماعنة" بسبب النزاع علي الحدود بالرغم من وجود جهود للصلح بين العائلتين منذ عام.
ولم تتوقف حوادث الثأر بين ابناء المحافظتين عند هذا الحادث فهناك خصومات ممتدة بين قريتي الخزندارية التابعة لمركز طهطا بسوهاج وقاو والنواورة بمركز البداري في اسيوط منذ عام 1947 وتجددت أواخر ستينيات القرن مما دفع البسيوني علي ابراهيم عمدة احد كبراء قرية الكتكاتة الي تجهيز 4 مراكب في النيل والابحار شمالا والاستيلاء علي 4 نجوع في قاو.
وآخر حوادث الثأر بين القريتين كانت سنة 1995 وراح ضحيته قتيلان ولم تتوقف المعركة إلا عندما هدد الدكتور عاطف صدقي رئيس مجلس الوزراء الاسبق واللواء حسن الالفي وزير الداخلية السابق باستخدام القوة في ارغام القريتين علي وقف اطلاق النار. أكد مصدر أمني مسئول في مديرية أمن سوهاج ان اجمالي عدد الخصومات الثأرية في قري سوهاج تبلغ 85 خصومة ثأرية خلال العامين الماضي والحالي.
جهود الاتحاد الدولي في انهاء بعض من الصراعات الثأرية في صعيد مصر
إن المشكلة ترجع الي ترجيح الاهالي دائما الي كفة الثأر حفاظاً علي عرفهم السائد الذي يدفعهم الي انكار عائلة المجني عليه معرفتهم بالجناة بهدف اصطيادهم بعيداً عن ايدي العدالة. ورغم جهود المصالحات لإنهاء الخصومات الثأرية بقنا والتي نجحت في انهاء 10 خصومات في 4 اشهر إلا ان المحافظة مازالت تعاني من 13 صراعاً لم يتوصل فيه الي صلح حتي الآن.
في مركز قوص توجد 3 خصومات بين عائلتي "الديك" و"الدحو" بقرية المسير وابناء العمومة من عائلة العبايدة في قرية خزام وعائلتي العروات والقرنات بقرية حجازة. كما تشتعل 3 خصومات اخري بقرية الحجيرات التابعة لمركز قنا بين عائلتي شحات وعبد القادر وكذلك العمارنة وعبد المطلب والثالثة بين عائلتي ابو جودة وعبد الباقي.
وامتدت خصومات عائلة "العبايدة" الي قرية البراهمة في قفط بعد ثأرها من ابناء عائلة "ابو عليقي" بالاضافة الي 6 صراعات اخري بين عائلات قري الوقف والسمطا والمحارزة وابو حزام ونجع خربة.
وشهدت المحافظة خلال الاشهر الاخيرة نقض 3 مصالحات بقري الحجيرات وحمرة دوم والمحارزة. وفي المنيا تواصل الاجهزة الامنية والشعبية جهودها لحقن الدماء بين عائلتي "أنور" و"عبد المجيد" بعد مقتل محمد عبد المجيد عن طريق الخطأ في مشاجرة بموقف السيارات في قرية تلة علي يد محيي انور والذي قضي ثلاث سنوات بالسجن و بعد خروجه عقدت جلسة صلح بين الطرفين بشرط جزائي 300 ألف جنيه لمن يخل بالاتفاق وتم تقديم الكفن في حضور أهالي القرية ولم يمض طويلا حيث فوجئ "محيي" اثناء ذهابه الي عمله في السادسة صباحا بأولاد عبد المجيد الذين قاموا بقتل محيي ومثلوا بجثته في الطريق العام. كما شهدت مدينة ملوي خصومة ثأرية بين عائلة الجبابرة وعائلة صابر عبد العال راح ضحيتها شاب طعنا بمطواة اثناء تداخله لفض مشادة كلامية بين سمكري وطالب بكلية الشريعة والقانون في عام 2002 .
وكانت جلسات المصالحة قد نجحت خلال السنوات الاخيرة في انهاء خصومات عديدة اخرها خصومة قرية معصرة حجاج التي راح ضحيتها 35 قتيلاً واستمرت لاكثر من 12 عاماً حيث قدمت 19 عائلة 18 كفناً لانهائها. وتعتبر قرية "نزلة شادي" في سمالوط مسرحاً لجرائم الثأر لاستمرار الصراع بين افراد عائلة "الازهري" وابناء عمومتهم لاكثر من 25 عاماً. ولم تختلف محافظة بني سويف عن مثيلاتها في جنوب الصعيد حيث شهدت 10 حوادث ثأرية متفرقة في اقل من عامين وتم عقد جلسات صلح بين العائلات المتنازعة وتسوية الخلافات باستثناء حادثتين احداهما بمركز الواسطي والاخري بمركز سمسطا.
ففي مركز سمسطا تم الصلح بين عائلتي طافش والشعايبة وقبول الدية قدرها 150 الف جنيه الا ان والد القتيل عطا يونس 62 عاما خادم مسجد بقرية قفطان الشرقية قرر الانتقام لنجله وقام بالتربص لاحد ابناء العائلة الثانية وليد قرني 16 عاما الطالب بكلية الحقوق واطلق عليه الاعيرة النارية.
اما الحادث الثاني فوقع في قرية زاوية المصلوب مركز الواسطي بين عائلتي الشوشة والعرب فبعد قبول اهل قتيل العائلة الاولي للدية قاموا بقتل عمدة القرية احد افراد عائلة "العرب".ويعد "الفشن" نقطة تمركز الحوادث الثأرية في المحافظة حيث شهد خلال عام 3 حوادث فكان اخرها في شهر مارس الماضي بين عائلتين "المازوري" و"الضبع".وفي الفيوم نجحت الأجهزة الأمنية والتنفيذية في إنهاء 12 خصومة ثأرية من إجمالي 14 خلال عام ، بينما نقضت عائلة "حويحي" الصلح مع عائلة "زيدان" بقرية الكعابي التابعة لمركز سنورس وقامت بأخذ ثأرها بعد ثلاثة أشهر من تقديم ثلاثة أكفنة وحصولها علي مبلغ دية يصل الي 200 ألف جنيه.
كما تكثف أجهزة الأمن جهودها لإنهاء الخصومة الثأرية القائمة حاليا بين عائلتي سعيد وأبو ذريعة والتي بدأت منذ 5 أشهر عندما وقع أحد أفراد العائلة الثانية قتيلا بسبب الحد الفاصل علي الأراضي الزراعية.لكن مهما تعددت صور الثأر، يظل الثأر مؤسسة بشرية قديمة، غير قاصرة على إقليم دون سواه، وإن كانت تزدهر في أقاليم أكثر من أخرى، وهو مؤسسة نازعة إلى العنف نائيةٌ ببنائها وطقوسها ومبررات استمراريتها عن التطور الحضاري للبِنى السياسية والتشريعية التي ارتضاها الإنسان كإطار للتعايش في العصر الحديث.
وإذا ركزنا النظر على صعيد مصر، فربما نعترف لأنفسنا بأن ظاهرة الثأر أكثر خفوتا من عقود مضت، لكنها تظل كذلك تُطل برأسها القبيح بين حين وآخر فتجثم كالوحش الخرافي على صدور القُرى الجنوبية لسنوات وتشيع الهلع بين أبناء الأُسر التي تنزلق إلى الصراع الثأري ربما دون تخطيط ولا اعتزام حقيقي على التورط! ومما يزيد الأمر فداحة أن ترتبط ممارسة الثأر في الوجدان الجمعي الصعيدي بالشرف والبطولة، فيما يُنظر إلى من يسعى في المصالحة الثأرية، التي تعتبر "القودة" أقوى صورها وأكثرها رمزية و سنيمائية، على أنه مطأطئ الرأس ما عاش…أو كما قالت لي شابة صعيدية شهدت قريتها حكاية ثأر تأججت لسنوات في التسعينيات من القرن الماضي إن من يسير بكفنه طالبا الصلح "يبقى علّم على نفسه"! أي حمل العار إلى الأبد.فقد ألقى الاتحاد الدولي للازهر والصوفية الكثير من الإضاءات على المصالحات الثأرية في كتابه "القربان البديل"، وتحديدا على طقس "القودة"..والقودة هي طقسٌ للقتل الرمزي (أو القرباني كما يشير عبد السميع) الذي يُخلّص القاتل من نجس الجريمة لكن دون أن يُزهق روحه، وذلك بأن يُقاد القاتل قودا، حاملا كفنه، لأهل القتيل على أن يكون حافي القدمين وحاسر الرأس واضعا عنقه بين يدي أولياء الدم لينظروا كيف يكون القصاص، راجيا عفوهم عنه…والغالب هنا أن يتقبل أولياء الدم هذا الإذعان بقبول العافي الصافح حفظا للدماء، مكتفين بذل "القودة الحافية" التي تظل محفورة في الذاكرة لأجيال. ولا يستطيع عبد السميع الجزم، بعد أن قضى عدة سنوات يتتبع الظاهرة الثأرية إن كان إنفاذ الثأر أو إعمال القودة كمفهوم للقتل القرباني البديل، طقوسا وافدة مع وفود الثقافة العربية الإسلامية إلى أرض مصر أم موروثة عن الحضارة المصرية القديمة. لكنه أميلُ وفقا لما جمعه ووثقه من معلومات إلى كون المؤسسة الثأرية بتجلياتها هي موروث فرعوني.
فالثابت مبدئيا أن لوحة "نارمر" الشهيرة تُظهر في جانب منها الإله المصري القديم حورس، الذي يوازي "قاضي الدم" في الصعيد، وهو الشخص المرجوع إليه للاحتكام العُرفي في قضايا الثأر، بينما يمسك بالمحكوم عليهم لارتكاب خطيئة القتل و هم حفاة حاسرو الرؤوس، قبل أن يعفو الملك الفرعون عنهم قائما بدور "ولي الدم" في المفهوم الصعيدي.شارك الاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية اتمام عملية الصلح بين عائلتي الشلاتيت والشاذلية بقرية النخيلة التابعة لمركز أبوتيج على خلفية خصومة ثأرية بينهما بحضور المهندس ياسر الدسوقي محافظ أسيوط واللواء عبد الباسط دنقل مدير أمن أسيوط واللواء مجدي القمري مساعد وزير الداخلية مدير فرع الأمن العام واللواء اسعد الذكير مدير المباحث الجنائية والعميد اشرف رياض رئيس فرع الأمن العام والشيخ محمد العجمي وكيل وزارة الاوقاف بالمحافظة.والآلاف من أعضاء وقيادات الاتحاد الدولي بأسيوط ومحافظات الصعيدوقال الدكتور نعمان عبدالعظيم نائب رئيس الاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية لشؤون محافظات الصعيد "نقف اجلالا واحتراما لكل من ساهم في مباركة هذا الصلح بين العائلتين " مشيرا الى ضرورة التصدي لهذه الموروثات البالية التي تساهم في تأخير عملية التنمية الشاملة التي تبدأ من الانسان.
وأضاف " نائب رئيس الاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية لشؤون محافظات الصعيد بان قرية النخيلة التي خرج منها رجال ساهموا في تاريخ مصر من بينهم مؤلف النشيد الوطني محمد يونس القاضي والشاعر الكبير محمود حسن اسماعيل والتي تعتبر من القرى التي تتميز بنخبة متعلمة قادرة على ان تكون بداية انهاء هذه العادة السيئةولفت الاتحاد الدولي الى انه مستعد لحضور اي صلح يتم التوفيق فيه بين العائلات في محافظة أسيوط. ومحافظات الصعيد وأشار المهندس عوض الخليلي مساعد رئيس الاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية لشؤون العائلات والقبائل الى ان التنسيق جاري مع لجنة المصالحات بالاتحاد الدولي لعقد اي مصالحة على مستوى محافظات الجمهورية مشيدا برجال العائلتين الذين سعوا لاتمام الصلح
وقال ان الخصومات الثارية المنتشرة في الصعيد يجب ان تنتهي ويتم وضع حد لها باعتبارها من عادات الجاهلية التي نهانا عنها الاسلام مؤكدا على تطبيق القانون وتحقيق الأمن. فيما أكد الدكتور خليفة العزب رئيس لجنة المصالحات بمحافظات الصعيد ان كافة اعضاء وقيادات الاتحاد الدولي يدعمون كافة التوجهات نحو اتمام المصالحات في المحافظات والمدن والنجوع والقري لافتا الى حضور الاتحاد الدولي صلحا منذ يومين بين قريتي الغريب والخوالد بساحل سليم ورعاية الاتحاد الدولي لصلح يتم في ديروط اليوم.
في حضور المحكمين العرفين ومشايخ العرب والعائلات والقبائل والمصالحات العرفية وقضايا الدم بمحافظة الجيزة شارك تحالف الاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية برعاية العميد علاء عابد عضو الهيئة العليا بالاتحاد الدولي إنهاء الخصومة الثأرية بين عائلتي الهري وابوشلبى بديوان أل عابد بعرب الحصار بمركز الصف
وقال "الكاتب الصحفي والإعلامي محسن داوود عضو المجلس الاعلي بالاتحاد الدولي لشؤون الإعلام والعلاقات العامة أن إنهاء الصلح كان ابيضا بدون تقديم كفن او دفع ديه محتسبا ذلك لعائله الهرى التى ضربت مثالا حيا فى العفو بعد أن رفضت ديه بمليون جنيه في سياق متصل " أفاد "داوود " أن التحكيم العرفى له دستور وتاريخ وأهم ما فى العرف هو احترام الذات والنفس واحترام اموال الناس وأعراضهم ، مضيفا أن أول من سن أن " الدية " قيمتها مائة ناقة هو الخزاعى ابن خزاع قبل ظهور الاسلام ، وأول من سن يمين القسامة هم بنوا هاشم ، مؤكدا أن يمين القسامة هو أنه اذا كان هناك قتيل وكان القاتل مجهولا وأهل القتيل شكوا فى قبيلة او عائلة معينة فعلى هذه العائلة او القبيلة أن تأتى بخمسين فردا منها يقومون بحلف يمين القسامة أمام عائلات المركز كله بانهم ابرياء من دماء هذا القتيل. واضاف عضو المجلس الاعلي بالاتحاد الدولي لشؤون الاعلام والعلاقات العامة "أن " السايرة " في التحكيم العرفي معناها هو قيام مجموعة من الناس مشهود لهم بباع طويل فى العرف او من وجهاء الخير فى القرية والسايرة لا تقل عن ثلاثة اشخاص ولابد ان تزيد الى خمسة او 10 او اكثر وكلما زادت كلما كانت افضل ، وبعد السايرة يبدأ الاتفاق بين العائلتين على الجلسة العرفي.
كما عرف "داوود " معنى " التغريب " فى التحكيم العرفى قائلا أن التغريب حدث فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم فى استشهاد سيدنا حمزة رضى الله عنه بعدما أتى الحبشى القاتل واغرب النبى وجهه عنه ، فجاء من هنا التغريب من خلال الطرف المعتدى وهو لو كان المعتدى عليه لا يقبل بوجود قاتل ابنه فهنا يحكم على القاتل بتغريبه خارج القرية نهائيا لفترة من الزمن حفاظا على دمه وازالة الهموم والاحزان وارضاء اهل القتيل واتمام الصلح بينهم
وأضاف " أن " التشميس " هو اذا كان شخص ما يقوم بعمل مشاكل كثيرة ويرتكب جائم كثيرة فتقوم قبيلته بالكامل أو عائلته بالاجتماع فى مقر ديوان العائلة ويقومون بكتابة ورقة رسمية يمضى فيها كل افراد العائلة او القبيلة انهم تبرأوا بالكامل من هذا الشخص وانهم ليس لهم علاقة بينهم وبين هذا الشخص نهائيا ولا يأخذون عنه فى الدم او الهم او العزاء ويقومون باعلان هذا القرار فى كل المساجد بكل قرى المركز او المدينة التى هو تابع لهاجح الاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية برئاسة الدكتور محمد عبد العاطي النوبي، رئيس الإتحاد رئيس النادي الدولي لسفراء السلام في توقيع هدنة بين قبيلتي الدابودية والهلايل بأسوان مدتها 7 أيام لحين الاتفاق علي بنود التصالح التي يجريها الاتحاد بالاتفاق مع القيادات الأمنية والدينية والشعبية بالمحافظة.
وقال "النوبي إنه بعد أيام متواصلة من العنف والتوتر بين الجانبين أسهم في ترك عدد من الضحايا، أرسل وفدا رفيع المستوى من مسئولين الاتحاد وقياداته بالقاهرة الى أسوان بالتعاون مع قيادات الاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية بأسوان وأستطاع الوفد جمع رموز من الدابودية والهلايل بالتنسيق مع اللواء مصطفى يسري، محافظ اسوان اللواء، بهدف تقريب وجهات النظر بين الطرفين وفرض حالة من السكون والسماح للمسؤولين بتطبيق القانون على المخالفين عقب نتائج التحقيقات القانونية التي تم الاتفاق على أن يشارك رموز من القبيلتين فيها ليكونوا على إطلاع أولا بأول بما توصلت اليه جهة التحقيقات.
وأضاف رئيس اتحاد شباب الأزهر أن أطراف القبيلتين اقتنعوا بما طرحه ممثلوا الاتحاد من ضرورة تفويت الفرصة على الراغبين في إشعال الموقف بين أهالي النوبة ونقلها الى الصراع والتوتر بعدما كانت مثالا للهدوء والاستقرار.
وأوضح "النوبي" إن الدكتور عبدالله احمد ابراهيم، أمين عام اتحاد شباب الأزهر والصوفية بأسوان، والشريف محمد الامين الهاشمي رئيس أمانة القبائل والعائلات بالاتحاد بأسوان، رئيس لجنة المصالحات بالاتحاد والدكتور جابر عوض سيد عضو المكتب العام للاتحاد ، وابراهيم عبدالجواد مدير مكتب الامانة العامة للقبائل والعشائر بأسوان بمبني محافظة أسوان، شرحوا المخاطر المرتقبة على أسوان بصفة كاملة خاصة الأضرار الاقتصادية بعدما اصبحت المدينة حديث الإعلام المحلى والدولي بما يسهم في تقليص الفرص السياحية بالمدينة بما يترك اثره على مستقبل المدينة، ويقلل فرص العمل.
وقال الدكتور محمد المختار، رئيس اللجنة الإعلامية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية، إن وفد الاتحاد نجح في لقائه رموز القبلتين في عقد الهدنة، لوجود قيادات به من المحافظة يعلمون جيدا طبيعة القبيلتين وكيفية العلاقة بينهما أكد اللواء عامر الخطيب عضو المكتب العام للشئون الاجتماعية والانسانية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية أنه تم ذبح 600 عجل داخل قرى ومدن محافظات مصر وتم توزيعها على الحالات المستحقه من الفقراء والايتام و الأرامل ومحدودي الدخل.
من ناحية أخري قال اللواء محسن عطية فرج نائب رئيس الاتحاد الدولي للشئون الاجتماعية والانسانية انه تم ذبح 10 عجول لمحافظة أسوان و10 عجول لمحافظة الاقصر و20 عجلا لمحافظة قنا و19 عجلا لمحافظة سوهاج و20 عجلا لمحافظة أسيوط و13 عجلا لمحافظة المنيا و15 عجلا لمحافظة بني سويف.
و34 عجلا لمحافظة الجيزة و20 عجلا لمحافظة إسكندرية و23 عجلا لمحافظة الدقهلية و13 عجلا لمحافظة المنوفية و26 عجلا لمحافظة البحر الاحمر و25 عجلا لمحافظة الوادي الجديد و23 عجلا لمحافظة الفيوم و16 عجلا لمحافظة كفر الشيخ و13 عجلا لمحافظة دمياط وتم تخصيص ذبائح العجول والمواشي الاخري في عدد من الأماكن العشوائية بالقاهرة منها: عزبة وهبة وحكر قشقوش ومحمد على بحى الساحل، وعزبة أبو حشيش بحدائق القبة، وحكر السكاكيني بحي الشرابية، وفي الاسكندرية.
كما شملت الحملة مناطق: نجع العرب ومأوى الصيادين والطوبجية وبابور الجاز وحرم السكة الحديد وكوم الملح، وفي الجيزة مناطق: مربع ذكي مطر وعزبة الصعايدة وعزبة المطار بإمبابة ، وعزبة المفتي بحي الوراق ، ومنطقة أبو قتادة بحي بولاق الدكرور ، ومنطقتي العجوزة القديمة وأرض اللواء بحي العجوزة ، ومنطقة الطالبية القديمة بحي العمرانية ، ومناطق كفر نصار وعزبة جبريل وكفر العرب بحي الهرم ، ومنطقة الرقعة . كما تم الكشف على المواشي التي ذبحت بواسطة رؤساء مكاتب الاتحاد بالمحافظات والمدن ومسئولي القري والنجوع ورؤساء المجازر للتأكد من سلامتها وتم تسليم كل حالة نحو 3 كيلو جرام من اللحوم. وأكد نائب رئيس الاتحاد الدولي للشئون الاجتماعية والانسانية " استمرار حملات وقوافل الاتحاد الدولي لتقديم اللحوم و المواد الغذائية والدوائية إلى المناطق العشواية.
يُذكر أنه تم توزيع 15 طنًا تقريبا من لحوم الأضاحي على أكثر من 600 أسرة مكفولة مسجلين بدفاتر وسجلات مكتب الشئون الخيرية بالاتحاد الدولي وفروعه في العام الماضي. فى السنوات التى سبقت ثورة يوليو 1952، عاش الصعيد حالة انفلات أمنى، ترتب عليها وقوع جرائم قتل فى جميع القرى تقريباً ونفس الحالة يعيشها الصعيد منذ أن تحولت وزارة تحمى الحزب الوطنى والسيد رئيس الجمهورية "المخلوع مبارك" والسادة الكبار فى "السلطة"،
تجار الموت
ولما فجرت ثورة 25 يناير واستطاع تجار "الموت" إدخال ملايين قطع السلاح إلى محافظات أسوان وقنا وسوهاج وأسيوط والمنيا وبنى سويف نشطت مرة أخرى جرائم الثأر فى هذه المناطق الفقيرة المهيأة للعنف بسبب الجهل والغضب الاجتماعى الناتج عن ضيق الموارد المالية وضغوط البطالة والتناقض الطبقى الفاحش الذى جعل محافظات جنوب مصر تضم أغنياء يملكون الملايين الناتجة عن تجارة الآثار والسلاح والمخدرات وتضم فى الوقت ذاته فلاحين أجراء وصنايعية لا يجدون الأقوات الضرورية.
والفيوم التى أطلق عليها جمال حمدان اسم مصر الصغرى تنفرد عن بقية محافظات الصعيد بأنها تضم جميع الأعراق ففيها البدو والفلاحون والأقباط والغجر والحلب ومحافظة قنا تشبه الفيوم فى هذا الجانب لكن لا تطابقها، وكل عرق أو جماعة لها ثقافة تختلف عن الأخرى، ولكن يبقى الثأر دليلا على العروبة لأن العرب عاشوا فى الجزيرة العربية حياة صعبة فيها القتل أمر سهل للغاية ومن يطالع كتب التاريخ سوف يكتشف أن الحرب والقتال كانوا مورداً اقتصادياً للقبائل العربية، فالقتل هو الأداة التى تمكن قطاع الطرق من امتلاك القوافل التجارية والقتل أدارة من أدوات الصراع السياسى وقتل الخصوم السياسيين طبيعة عربية حتى النبى صلى الله عليه وسلم أمر بقتل أفراد من قريش عقب وقوعهم فى الأسر بعد انتصار المسلمين فى غزوة بدر لأن هؤلاء الأفراد كانوا يشكلون خطراً على الدعوة الإسلامية والرسالة المحمدية، وكان رأى الصحابة رضى الله عنهم أن يتم قتل جميع أسرى قريش عقب انتهاء وقائع معركة بدر، وكان الصحابى الجليل عمر بن الخطاب من أشد المتحمسين لقتلهم لأن الإسلام كان ضعيفا وكان هناك خوف من أن يتحرر هؤلاء الأسرى ويتعودوا إلى سيرتهم الأولى ويحاربون الإسلام.
الجانب الدعوي في الاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية
والإسلام وضع حدا للثأر، وليس إلغاء تماما، فهو قدم القصاص ليكون الحل الذى ينقذ الأمة من الفناء وهو يختلف عن الثأر، فالقصاص معناه توقيع العقوبة على القاتل فقط.
أما الثأر فهو الانتقام الشامل من قبيلة القاتل، والهدف منه هو إلحاق الدمار والموت بالقبيلة التى ينتمى إليها القاتل، وقد يندهش القارئ غير الصعيدى إذا علم أن الثأر فى الصعيد هو نفسه الثأر الذى عرفته العرب فى الجاهلية، ولعل الحادثة التى جعلت المولى عز وجل يشرع القصاص هى حادثة مقتل الصحابى الجليل حمزة بن عبدالمطلب فى غزوة أحد على يد العبد وحشى الذى استأجرته هند بنت عتبة زوج أبوسفيان بن حرب وطلبت منه قتل حمزة قاتل أبيها عتبة بن ربيعة فى معركة بدر، وكان وحشى هذا مشهورا بقدرته الفائقة على إصابة الهدف بالحربة، وقيل إن الحربة التى يرميها وحشى قلما تخطئ هدفها، ولم تكتف هند بمتقل حمزة بل بقرت بطنه وأكلت كبده،
وحزن النبى صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا وقرر أن يثأر لعمه أسد الله بقتل ثلاثين من قريش ولكن القرآن الكريم نزل على غير ما تمناه النبى وقرر المولى عز وجل أن يكون القصاص بديلا عن الثأر الجاهلى فكانت الآية الكريمة "ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب" ومن يتأمل معنى هذه الآية الكريمة سوف يكتشف أن القصاص إنقاذ للأرواح غير المذنبة على هلاف الثأر الذى يهدف إلى إلحاق الخسائر والحزن والدمار بالخصوم ويحمل الثأر مبالغة فى الانتقام ولكن قبائل الصعيد التى هى تؤمن بالإسلام وشريعته لم تستوعب القصاص واختارت الثأر وهناك ثقافة أو سلوك صعيدى يجعل الناس يثأرون، هذا السلوك هو المعايرة أو التنديد اللفظى بكل من يتسامح أو يقبل الدية وكل من يتقاعس عن قتل الخصم بالحق والباطل!. وقبائل الصعيد العربية
وضعت قواعد للثأر من أهمها البدء بقتل الشخصيات المؤثرة، فإذا قتل رجل من قبيلة فإن القبيلة تختار الرجل المهم الغنى القوى الرفيع المنصب أو ذا الوجاهة الاجتماعية لقتله ردا على قتل رجلها!. ولعل حادثة بيت علام التى راح ضحيتها 22 رجلا فى غمضة عين تثبت أن ثقافة الثأر الجاهلية مازالت أقوى من ثقافة القصاص الإسلامى، وأصل حكاية بيت علام أن عائلة قتلت رجلا كان يركب حمارا فقررت عائلة المقتول
أن تطبق ما أراد الرسول الكريم تطبيقه قبل نزول آية القصاص، فكما ذكرنا كان صلى الله عليه وسلم قد قرر أن يثأر لعمه حمزة بقتل ثلاثين رجلا من رجال قريش ولكن الله شرع القصاص حماية لأرواح أمة المسلمين، وبعد ما يزيد على الألف سنة مرت على تشريع القصاص قررت إحدى عائلات بيت علام الارتداد إلى التشريع الجاهلى وتعهدت بقتل عرين رجلا، عشرة مقابل الرجل وعشرة مقابل الحمار، رغم أن الثقافة البدوية قبل الإسملا وبعده لم تعرف تشريعا سوى بين البشر والحيوانات!.
وبالفعل استطاعت عائلة القتيل أن توفى بالعهد وتقتل 22 رجلا كانوا فى طريقهم من بيت علام إلى سوهاج لحضور جلسة فى محكمة سوهاج ولم يكن أحدهم يحمل سلاحا أى أن قتل هؤلاء تم بالمخالفة لقواعد الإسلام الخاصة بقتل النفس وقواعد النخوة العربية التى تفرض لعى من يخوض معركة أن لا يحارب بسلاح بينما الخصم لا يملك أو يحمل سلاحا، وانزعج الرأى العام المصرى وانزعجت أجهزة الأمن، وتحرك الكبار من ذوى الهيبة والثقل الاجتماعى بدعم من الدولة، وأجبروا العائلتين على قبول صلح أو هدنة إجبارية وهذه الهدنة مازالت سارية منذ عدة سنوات ولكن لا نعرف متى تنتهى أو كيف تنتهى!.
والمعروف أن القتيل لا يقبل أهله فيه عزاء، فهم يدفنونه وينصرفون إلى شئون حيواتهم ولا يستقبلون معزين، وهنا يدرك المجتمع – مجتمع القرية – أن العائلة سوف تثأر لرجلها. أما إذا اختارت عائلة "القتيل" قبول العزاء، فهذا يعنى أنها لن تثأر، وإنها رضيت بما جرى واعتبرته قضاءا وقدرا من عند الله عز وجل، لكن المجتمع الذى رحب بتسامح العائلة وقبولها قضاء الله وقدره، هو نفسه المجتمع الذى يعيرها بما جرى وأشهر عبارات قيلت أو مازالت تقال فى هذا الشأن "قبل ما تعمل راجل علينا، روح خد تار أبوك الأول!"، أو "روح شوف مين قتل أبوك وبعدين اعمل راجل علينا" وهذه العباراة التى تصدر فى أوقات العراك والغضب تتحول إلى المفجر الذى يجبر العائلة المتسامحة على نقض العهد والبحث عن رجل من العائلة المعادية لتقتله حتى تنال احترام هذا المجتمع المزدوج المعايير والشخصية!.
أشهر الحوادث
ومن أشهر الحوادث التى وقعت تفاصيلها بسبب المعايرة حادثة وقعت فى سوهاج فبعد أن قتل رجل وقبل أهله الصلح وقع خلاف بين ابن القتيل وواحد من اشقاء أبيه، فعيره العم واتهمه بالتقاعس عن الثأر لوالده، الأمر الذى جعل الولد يشترى بندقية آلية ويقتل اثنين من العائلة المعادية، فانفتح باب القتل على مصراعيه، لأنه قتل اثنين وبالتالى أصبحت العائلة العادية مطالبة بالثأر لرجلها، وهكذا.. دوامة لا تنتهى وحمامات دم لا تتوقف!.
وللثأر اقتصاد وأموال يستفيد بها محركو الأحداث فاقتصاد الثأر له فروع أولها تجارة السلاح وثانيها القتل بأجر وثالثها الفساد فى مصلحة السجون وهو فساد يؤدى إلى تمكين العائلات من قتل خصومها الذين تطالهم أيدى الدولة وتضعهم فى السجون، أما تجارة السلاح فيملكها ويتحكم فيها الذين يسمحون بدخول قطع السلاح إلى القرى والنجوع المتحاربة وكان هؤلاء التجار يصلون إلى مجلس الشعب ويحملون حصانة برلمانية تسمح لهم بالحركة وتحمى سياراتهم من التفتيش وبالتالى تتحول سيارة سيادة النائب إلى أداة من أدوات تجارة السلاح وجميع المحلات التى تبيع الأسلحة تحت سمع وبصر الدولة تقوم بعمليات بيع أسلحة وذخائر بالمخالفة للقانون وهذا البيع يتم تحت رعاية ضباط كبار يضمنون الحماية لهذه التجارة المربحة مقابل عمولة!. أما القتل بأجر فهو نشاط موجود فى الصعيد،
وهو عبارة عن احتراف البعض لمهنة القتل مقابل الحصول على المال، وهذا الحل تلجأ إليه العائلات الضعيفة التى لا تملك القدرة على الثأر اعتمادا على رجالها، وهذا الحل يمثل هروبا من طائلة القانون، فالنيابة تحقق والشرطة تجمع الأدلة، ثم يموت الموضوع فى مهده لأن الفاعل مجهول!. ومن أسوأ الأعراف التى اتبعتها الشرطة فى فترات سابقة هو العرف الخاص بعدم تدخل الشرطة لفض المعارك بين العائلات المتحاربة بمعنى أن مأمور المركز أو ضابط النقطة إذا سمع أخبارا تفيد بمقتل موان أو أكثر ثم قيل له إن هذا القتل عبارة عن ثأر، فإنه يتجاهل الأمر وكأنه لم يسمع الخبر، وكذلك فى حالات قتل الفتيات والسيدات، فإذا قيل له المأمور أو الضابط إن القتل سببه جريمة شرف أو انحراف أخلاقى فإنه يتكتم الخبر وتعامل وكأنه لم يعرف ما جرى!. وقد يرى البعض أن هذا التصرف من جانب الشرطة يأتى استجابة وإدراكا لظروف المجتمع الصعيدى، لكنه على الجانب الآخر هو تصرف يغرى القاتل بمواصلة ارتكاب الجرائم وهو يعلم أن الشرطة لن تسعى للقبض عليه ومحاكمته بمعرفة القضاء الذى هو ركن من أركان الدولة!.
أما الفراع الثالث من فروع اقتصاد الثأر فهو الفساد فى مصلحة السجون الذى يؤدى إلى تمكين عائلات المقتولين من قتل خصوهم داخل أسوار السجون، وهذا الفعل يتم مقابل رشوة يقبضها القائمون على إدارة السجن أو بعض العاملين فيه، وكان القتل داخل السجون يتم أثناء عمل المساجيل فى الجبل "تكسير البازلت" وهذا العمل "الأشغال الشاقة" يعطى الفرصة للصول أو الشاويش "الحارس" لتسهيل عملية قتل "المسجون" مقابل "رشوة" معلومة القيمة يتقاضاها بمفرده أو بمشاركة آخرين!.
وقديما كان هناك نشاط فنى خاص بطقوس الثأر يتمثل فى وجود سيدات يعملن فى وظيفة رثاء المقتول مقابل أجر وهؤلاء السيدات يحملن لقبا وظيفيا هو الشلاية ودور السيدة الشلاية يتلخص فى النقر على دف ونظم أبيات شعرية تتضمن ذكر محاس المقتول ووظيفتها الدعوة والتحريض على الثأر ولعل هذه الوظيفة لها سابقة جاهلية فعندما انتصر المسملون على قريش فى غزوة بدر، عاشت قريش حزنا كبيرا وأصبح فى كل بيت جنازة، الأمر الذى دعا عددا من سيدات قريش إلى الإصرار على مصاحبة الجيش فى غزوة أحد، وبالفعل وافق كبار قريش على انضمام خمس عشرة امرأة وكان دورهن فى الحرب تحميس الرجال وحثهم على الثبات فى المعركة ومن هؤلاء هند بنت عتبة التى ذكرنا قصتها مع حمزة بن عبدالمطلب فى السطور السابقة، وظلت وظيفة الشلاية موجودة فى مجتمع الصعيد حتى سبعينيات القرن الماضى،
ولما ظهرت الجماعات الإرهابية "الجهادية والسلفية" وحرمت البكاء على الموتى واعتبرته اعتراضا على قضاء الله يرقى إلى مرتبكة الشرك والكفر، تخلى الناس عن استدعاء هؤلاء الشلايات أو المعددات فانقرضت الوظيفة وتوقف أصحابها عن ممارستها لأن المجتمع لم يعد بحاجة إليها. ومن طقوس الحزن على القتلى جز الشعور أو قيام النساء بقص ضفائر شعورهن، وهى عادة موروثة من نساء العرب فى الجاهلية وهذا يدعو للتساؤل: لماذا احتفظ الصعايدة بعادة الثأر رغم أن الإسلام حرمها واستبدلها بالقصاص ولماذا بقيت صيغ وصور الحرب التى كانت تقع فى الجاهلية وعاشت رغم كل هذه المنجزات الحضارية وانتقال العرب من الجاهلية إلى الإسلام؟.. والإجابة هى أن الثأر نتيجة لظروف اجتماعية مازالت قائمة منذ الجاهلية وأنه سوف يبقى ويستمر حتى تقوم دولة القانون على أرض مصر.
الخاتمة
ومن هذا المنطلق ايمان الاتحاد بأهمية دورة في القضاء وإنهاء الصراعات الثأرية التي اودت بعدم الاستقرار الاجتماعي في صعيد مصر وإيمان الاتحاد بأهمية تغفيل قول الله تعالي "وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " صدق الله العظيم لان عادة الثأر من منظور علماء الاجتماع ، هي طبيعة من طبائع النفس البشرية ، تنتشر أو تختفي في المجتمعات حسب ثقافات الشعوب وموروثاتها التاريخية .
ففي بعض البلدان الأوروبية توجد هذه العادة ولكن بصورة فردية ، كما توجد في اليابان أيضا غير أن المجتمع الياباني أو الأوروبي يتعامل معها على أنها عادة مرفوضة وكريهة ، كما لا يخلو المجتمع الأمريكي من هذه العادة وخصوصا في الأحياء الفقيرة . لذلك هذه العادة ليست حكرا على المجتمع العربي بل في صعيد مصر، ظلت جاثمة وباقية وخاصة في القري التي تزيد فيها نسبة الامية.
فإن شبح الثأر يأتي من بعيد بيد ملوثة بالدماء ، يهدم كل بناء ويقف عائقا أمام التنمية بشتى أنواعها، فهو دائما ما يعكر صفو هذه الحياة الهادئة بأصوات الرصاص التي تشق سكون الليل مخلفة نواح النساء والأيتام،توجد عوامل كثيرة تؤثر بالسلب أو الإيجاب في ظهور هذه العادة ومن أهم هذه العوامل الفقر والجهل وغياب دور الدولة ، وهذه العوامل الثلاثة هي الأرض الخصبة لنمو هذه العادة ، فلقد عاش اهالى الصعيد سنين طويلة فى فقر وجهل ونسيان من الدولة حتى تأصلت فيهم هذه العادة وأصبحت مؤثر اجتماعي له قواعده وطرقه وقوانينه العرفية .
فالثأر معناه المطالبة بدم القتيل والطلب بثأره ، فهو عادة اجتماعية متخلفة تهدر القانون وتنافى قيم التحضر والإنسانية وهى مستقرة في معظم أرجاء الصعيد وهو الوجه الآخر لهيبة العائلة وكرامتها داخل مجتمعها، وأن العائلة بجميع أفرادها مسئولة عن الأخذ بالثأر. فهو يحدث لأسباب قد تكون شخصية أو جماعية
فأرى أنه لا يوجد سبب واحد يمكن ربطه بكل حوادث الثأر لكنها إجمالاً تكون بين عائلات وبمجرد بدايتها لا يمكن التنبؤ بما سوف تنتهي إليه، ومتى . و أن الثأر قد يشتعل نتيجة علاقة بين شاب وفتاة من عائلتين لا تنال رضي الكبار فتؤدى إلى معارك دموية انتقاماً لشرف العائلة. حتى الخلافات العادية قد تتسبب في معارك كبيرة أيضاً بين العائلات، منها على سبيل المثال أسبقية الري أو المرور بين سيارتين، أو شجار بين أطفال في القرية أو الخلافات العادية بين الجيران،
كما أن العائلات التي بينها نسب أو علاقات مصاهرة تكون من أكثر الحالات المعرضة لحوادث الثأر . وفى أحيان أخرى تؤدى حوادث القتل الخطأ إلى ثأر عائلي فمثلا يصدم شخص بسيارته احد أفراد عائله أخرى وهذا حادث يحدث عشرات المرات يوميا فيتحول إلى ثار أو إطلاق نيران في زفاف للاحتفال ويقتل واحدا فيتحول إلى ثار أو سبب أدهى وهو وجود شخص من عائله ثالثه ويقتل بالخطأ في ثار ليس له ذنب فيه من بعيد أو قريب فتتحول العائلة الثالثة للثار وهكذا تتوارث العائلات الثار حتى وان كان ليس لهم دورا فيه ولكن القدر وضعهم في طريق الثار. لذلك يمثل الثأر هماً أمنياً مخيفاً لدى كل فرد من أفراد المجتمع وهاجس قلق للدولة.
المواطنون يعيشون في حالة ذعر وخوف وعدم استقرار دائمين نتيجة جرائم القتل غير المشروعة (الثأر) التي يتوارثها الأبناء عن آبائهم جيلاً بعد جيل كما أدت إلى انقطاع الناس عن أعمالهم والأطفال عن مدارسهم وضياع اسر بأكملها نتيجة هروب عائلهم أو اختفائه وما يترتب على ذلك من عدم تربية الأبناء .
ومن هنا يلزم هذا العرف القاسي وجود السلاح الذي يعتبر في منزلة الولد عند الصعيدي ، كما يوجد في الصعيد مجموعة من التقاليد الراسخة والمتعلقة ما يسمي بالقودة وتعني أن القاتل قد اقتيد لأهل القتيل ليفعلوا به ما شاءوا.. وطقوس القودة في معظم قرى الصعيد متشابهة، وبرغم تشابه ظروف القودة في معظم قري الصعيد إلا انه تختلف الآن عن فترة سابقة حيث ظهرت في مصر طريقة جديدة للقودة منذ الثمانينيات.
وهو ما يذكره العمدة غلاب ،وفضيلة الشيخ تقادم ،واغلب اعضاء لجنة المصالحات قنا متحدثين عن مدارس القودة في الصعيد قائلاين، القودة تعني الحياة التي تأخذ شكل الأمل والاستمرار في الرضوخ لإحكام من يقبل الصلح وهى هيئة الموت المتعمد الواضح وهناك أيضا في نفس الموضوع الجودة التي تكون بتعطيش الجيم و هي طريقة الموت الخطأ حين لا يستدل على القاتل الحقيقي في مشاجرة لذلك على العائلة المعتدية أن تقدم شخصا يرتضى أن يحمل ( الجوده ) ويسمى الحامل للكفن جوده لأنه أجاد بنفسه لردم الدم بين العائلتين. واكد علي أن القودة اليوم تختلف في طريقتها عن فترة سابقة وان الطريقة الحالية تسمي المدرسة الرابعة للقودة.
واشار علماء الاجتماع والانثربولوجيا الي ان المدرسة الأولي تسمي مدرسة العبابدة نسبة إلى قبائل العبابدة وهى مدرسة تجبر القاتل على أن يحمل القودة وهو عريان وان يكون ملفوفا بالكفن وان يكون حافي القدمين حليق الرأس وان يكون مجرورا من رقبته وهذه المدرسة كان لها شيوع في صعيد مصر من الأربعينيات حتى نهاية الستينيات من القرن الماضي وهى كانت مدرسة قاسية لاتراعى الوضع الانسانى للقاتل بل تجبره على أن يسير مسافة ثلاثة 3كم مشياً على الاقدام حتى وصوله إلى ديوان بيت القتيل وهى مدرسة تجبر القاتل على التخلي عن قبيلته والانضمام إلى قبيلة القتيل نظرا لأنه هو المتسبب في إخلاء القبيلة من ولدها لذلك عليه أن يملأ فراغ القتيل بل يجبرونه على الزواج منهم ويعطونه مايتعايش منه ويصبح هذا الشخص ملكهم وإذا مات يدفنونه في مقابرهم ويقيمون له سرادق العزاء بل إذا قٌتل يؤخذ بثأره.
أما المدرسة الثانية وهى مدرسة إقليم أدفو بأسوان في أقصي جنوب مصر وبعض قرى قنا الجنوبية وهى مدرسة تجبر القاتل على أن يرتدى الجلباب الأسود القصير اى فوق الركبة ويكون حافي القدمين حليق الرأس مجرور الرقبة وهذه المدرسة لايوجد فيها زواج للقاتل من أهل القتيل نظرا لأنها مدرسة أخذت حيز مكاني لقبائل لا تسمح لبناتها للزواج من غريب ولكن توجد فيها إقامة للقاتل عند أهل القتيل ولكن دون اختلاط بهم.
أما المدرسة الثالثة في مدرسة ( الأسرة الدندراوية ) وهى التي أرساها الأمير العباس الدندراوى وهى مدرسة تُجبر القاتل على أن يقدم القودة وهو مرتدي الجلباب الأسود المقلوب وان يكون مجرورا من رقبته وحافي القدمين وهذه المدرسة تقوم باعدال الجلباب الأسود للقاتل حين يقف أمام أهل القتيل وفلسفة هذه المدرسة تقوم على أساس أن اعدال الجلباب للقاتل نوع من اعدال هيئته وحاله من الممات الذي كان ينتظره إلى الحياة والأمل في البقاء في الدنيا.
واخير المدرسة الأخيرة التي أصبحت أكثر احترام للوضعية الإنسانية لمظهر القاتل الحسى الظاهر للعيان وهو يحمل القودة قطعة القماش الكفن بدلا من مظهره الذي لا يحترم إنسانية من يقدم كفنه في المدارس القديمة.
فقد سعي الاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية دائما إلي تحقيق الأمن في قنا والعمل علي تحقيق المحصلات الثأرية لضمان الأمن والأمان لكل فرد ليتسنى مع الطفرة الحضارية التي أحدثت في قنا في الفترة الأخيرة وذلك لتحقيق الأمن لمصرنا الغالية. مؤكدا أن لحظات الصلح هي لحظات إيمانية تحوطها رعاية الله والمودة والتسامح تلك القيم التي تنادى بها كافة الشرائع السماوية.
وبخاصة انة يوجد عدد 80 خصومة ثأرية على مستوى المحافظة ، منهم 18 خصومة بمركز ومدينة ابوتشت ، و11 خصومة بمركز نجع حمادي ، و13 خصومة بمركز قوص ، و 9 خصومات بمركز ومدينة قنا ، و8 خصومات بمركز دشنا ، و7 خصومات بمركز نقادة ، و4 بمركز فرشوط ، و2 بمركز فقط ، وكذلك 2 بمركز الوقف ، وخصومة واحدة بدندرة ، وتم عقد 5 مصالحات فقط .
لان الثأر ظاهرة سلبية وبحاجة إلى تضافر جهود الجميع وسنواصل بذل تلك الجهود التي حققت ثمارها ونتائجها الايجابية في مجالات البناء والتنمية وترسيخ الأمن والطمأنينة ونشر الوعي والثقافة . لذلك قاد الاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية الثورة على النزاعات الثأرية وسعيه الدءوب في إيجاد الحلول لها بمساعدة جهود رجال الأمن ولجان المصالحات ورجال الخير والبر بالمحافظة والبعد عن المعارك الجانبية .
ودعا الاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية لاحترام عادة الثأر التي تحقق القصاص وليس الثأر الذي ينشر الفوضى ويتحدى التطور والتنمية . لان عودة ظاهرة الثأر تتطلب أن يخضع المجتمع لدراسة معمقة من علماء الاجتماع والانثروبولوجى حتى لا تتفشى هذه الظاهرة وتصبح سلوكا معتادا لدى الإنسان المصري ، خاصة بعد تفشى الإحساس بالسخط العام وتحدى الحكومة وعدم احترام القانون واختفاء العادات والتقاليد الجميلة
التي كانت تحكم الحياة الاجتماعية في مصر في وقت سادت فيه الفوضى بين فئات المجتمع المختلفة . وأن المجتمع المصري معروف عنه المسالمة والطيبة طوال التاريخ ، وأن هذا العنف غريب علية . لذلك كان لابد من القضاء أولا على تجارة السلاح ، ففي غياب هذه التجارة تنحصر هذه الظاهرة كماً وكيفاً، ولابد من وجود امني مكثف لسرعة القضاء على أى خلاف ينشب بين العائلات حتى لا تتطور الأمور إلى القتل وأشار إلى الدور الفعال والايجابي لجان المصالحات التى قامت بالعديد من المصالحات فى إنحاء مراكز المحافظة ، وهى التي تتكون من كبار القبائل فى المحافظة من العمد والمشايخ كما يوجد بها رجال قضاء ورجال من الشرطة وتقوم هذه اللجان بالإشراف على عملية ( القوده ) .
لان اغلب المصالحات تنجح بنسبه كبيرة. ان ظاهرة الثأر ترتبط ارتباط وثيق بالعرف والعادات والتقاليد ويري اهل القتيل انهم اذا ارادوا الحفاظ على الكرامة بين الناس لابد ان يأخذوا بالثأر ، ولكنها عادة سيئة من الموروث الثقافي والاجتماعي ونتاج الى تناحر مجتمعات وأفكار ، ويجب ان تأخذ الشكل القانوني الذي يحفظ علي النسل وعلي الحقوق وان يقدم اهل القاتل القودة بحضور لجان المصالحات ، وبذلك نضمن الامن والامان لبلدنا ومجتمعنا ،ويعيش الناس في سعادة ورضا،وإخاء ومصالحة حتي يتفرغ الناس للانتاج والعمل.
لان ظاهرة الثأر ذادت بعد الثورة نظرا للانفلات الامني الذي كان موجود بعد الثورة مباشرة ولكن ذلك لا يمنع ان الامن عاد بعدها،واستمرت الظاهرة فى الازدياد لأن هذه الظاهرة متأصلة في نفوس الناس وأصبحت من ضمن الموروث الاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.