منحة عيد الأضحى 2024 للموظفين.. اعرف قيمتها وموعد صرفها    اعرف الجديد في أسعار العملات اليوم 2 يونيو.. بعد الإجازة المطولة    شعبة المخابز تنفي تغيير سعر رغيف العيش السياحي (فيديو)    الهيئة القومية لعلوم الفضاء تشارك في مؤتمر أفريقيا لمكونات التصنيع الغذائي    البرلمان العربي يستنكر محاولة الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية" وتجريم أنشطتها    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب جزر كرماديك قبالة سواحل نيوزيلندا    حزب الله يعلن استهداف كتيبة إسرائيلية في الجولان بمسيرات انقضاضية    كاتب صحفي: الرؤية الأمريكية تنسجم مع ما طرحته القاهرة لوقف القتال في غزة    جدول مباريات اليوم.. مواجهة في كأس مصر.. وصدام جديد للتأهل للدوري الممتاز    الزمالك يستأنف تدريباته اليوم في غياب 12 لاعبا    أماكن مبادرة كلنا واحد 2024 في محافظة الجيزة.. مجمعات استهلاكية وشوادر    «لو خرجت من البيت».. 5 نصائح من «الأرصاد» للتعامل مع موجة الحر الشديدة    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    مواعيد قطارات عيد الأضحى المقرر تشغيلها لتخفيف الزحام    "قفز من الرابع".. القبض على المتهمين بالتسبب في إصابة نقاش في أكتوبر    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. كم عدد أيامها؟    قيادات «المتحدة» تبحث مع البابا تواضروس إنتاج أعمال عن التاريخ القبطي    جامعة حلوان تحصد العديد من الجوائز في مهرجان إبداع    مي عز الدين تعلن تعرض والدتها لوعكه صحية: «ادعوا لها بالشفاء»    ما هي محظورات الحج المتعلقة بالنساء والرجال؟.. أبرزها «ارتداء النقاب»    «الإفتاء» توضح حكم التصوير أثناء الحج والعمرة.. مشروط    جامعة المنيا تفوز بثلاثة مراكز متقدمة على مستوى الجامعات المصرية    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    إحالة تشكيل عصابي للمحاكمة بتهمة سرقة الدراجات النارية بالقطامية    بسبب سيجارة.. اندلاع حريق فى حي طرة يودى بحياة مواطن    مواعيد مباريات اليوم الأحد 2-6 - 2024 والقنوات الناقلة لها    خبير: يجب وقف قرار رفع سعر الخبز لهذا السبب    سعر الريال السعودي اليوم الأحد 2 يونيو 2024 في بنك الأهلي والقاهرة ومصر (التحديث الصباحي)    وزير خارجية الإمارات: مقترحات «بايدن» بشأن غزة «بناءة وواقعية وقابلة للتطبيق»    للمرة الثانية.. كوريا الشمالية تطلق بالونات قمامة تجاه جارتها الجنوبية    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    "الأهلي يظهر".. كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تتويج ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا؟    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصورة الشعرية وما تحمله في السردية التعبيرية للشعر العربي
نشر في شموس يوم 02 - 08 - 2015


ا .
إن القصيدة الشعرية منذ لحظة إطلقها ليست ملك للشاعر ولا للناقد أنما هي رسالة جمالية بكل ما تعني و روحية فكرية أدبية إصلاحية , تدور في أروقة العالم
وتوصل ما تحمله من مضمون استوحاه الشاعر , أو كتب نتاجه الشعري ضمن رؤاه الشعرية الخاصة , التي رأها
وبالتالي القصيدة رسالة , يجب أن تصل لتسمو بالروح البشرية ومن حق أي ناقد تناول أي قصيدة حسب النظرية النقدية التي يتبناها أو يبدعها ..
1 ما الذي تحمله القصيدة من رسائل وبالذات القصيدة التعبيرية ؟ !
قد تكون هذه الرسائل , عبارة عن إشارات واضحة , أو إيقونات شعرية , تخفي خلفها ما تخفي , أو مرمزات تعبيرية قوية توصل الفكرة أو إيحاءات ظاهرة أو خفية , أحدثها النتاج الخارجي من العوامل المشتركة منصباً في أعماق الشاعر , ومن ثم أطلقها , بعد أن تفاعل معها وأحدثت معه كل تلك التأثيرات , التي أنتجت العمل الشعري , سواء كانت هذه التأثيرات سلبية أم إيجابية , وبالتالي ستكون القصيدة منعكسا قويا للماحول وللداخل , وكل حسب بلاغته الشعرية ,واللغوية , ورهافة رؤاه وتوهجه , وإن كان كثير من الشعراء يكتب بصورة شخصية , في المقابل كثير من الشعراء يكتبون بصورة شخصية مبطنة خارجها عام وداخلها المستوى الشخصي جدا , وقد يكون العكس وقد تكون قصائد لقضايا عامة أو إنسانية أو كونية .. إذا قد تختلف أشكال الدالة على المدلول من حيث المعنى والمبنى والتشكيل والدالة في غياب المدلول
2 ما الذي أوجدته التعبيرية السردية , في الشعر العربي الحديث هذه المدرسة , التي ينطلق بها عدد جميل من الشعراء تربطهم ببعض علائقية فكرية متقاربة نوعا ما , في تصوير الأحداث المحيطة
إن نظرية النقد التقليدي تقول : " أن الشاعر أو الأديب هو من يودع نصه الفكرة التي يريد "
أم النقاد المحدثين فتقول أن الجمهور .. " هو صاحب السلطة في رؤية النص "
لكن في الحقيقة أقول frown‎ رمز تعبيري قد يستطيع الجمهور رؤية فهم يرده في النص , لكن حتما لن يغير مما ضمنه الشاعر لقصيدته أو نصه لن يغير من إرساليته الخاصة للكون , هناك شيء محدد وثابت يريد إيصاله ضمن نصه بطريقة شعرية ما )
فإذا النص : رؤية للشاعر يوصلها للكون حسب توهجه وثقافته ورؤاه وأسلوبه الشعري ضمن دالة معينة
وبالرغم من جهود ((ومسات)) الكبيرة في إيضاح هذه المسألة فإن آراءه قد تعرضت للكثير من الردود . وقد حذر زملاءه النقاد الجدد من الوقوع في دائرة الخلط والغموض. إذ يقول: ((نحن نبحث هنا لا عن الأصول ولا عن التأثيرات ، وإنما عن العمل ، طالما أمكن اعتباره في حد ذاته هيكلاً ذا معنى . يجب أن لا تختلط السمات العقلية للمؤلف ولا تأثيرات القصيدة في ذهن القارئ بالسمة الأخلاقية للمعنى الذي تعبر عنه القصيدة نفسها )) . وهذا الرأي الذي ذهب إليه ((ومسات)) يعد رفضاً واضحاً للفكرة المثالية القائلة بأن المعنى يسبح في مملكة مترفة في الرمزية تستطون في أذهان الناس.. وهي مستقلة عن اللغة.
لكني أرى أن العمل له مضمون ثابت غير متحرك , وأن كان له عدة أتجاهات للتفسير والقراءة والاستنباط , مهما فسره الجمهور والنقاد , فهناك رسالة موجهة ومحتوى محدد .
3 ما الذي تحمله القصيدة التعبيرية في أرجاءها من إرسالية .. وهل هذه الرسائل واضحة أم إنها إشارة أو مرمز عميق يشير لمساحة كبيرة تختزل في صور وتراكيب مجازية , بمستو لوني وسردي يحمل الكثير مما يحمله الواقع , منصبا داخل الشاعر ؟!
أن الجملة المجازية التعبيرية , في القصيدة التعبيرية يجب أن تكون رشيقة قوية تصب في الداخل منا , وأن بدت للوهلة الأولى سردية تعبيرية بسيطة , لكن ما أن نمعن النظر حتى نجدها احتوت الكثير من معنى خيالي وجمالي و سيكلوجي وفكري وشعري أو اجتماعي , أو أي معنى يريده الشاعر , وبالتالي هي تحمل الكثير مما يبتغيه الشاعر من رؤى للتأثير في الجمهور , أو لإيصال إرساليته التي وصلته ضمن الرؤى أو استنباط الوقع القريب أو البعيد , وبالتالي سنجد أن الشعر سيكون له التأثير الكبير في المجتمع , لما يحمله من قيم جمالية و رؤى مستقبلية , وإصلاحية وانتقادية لكل ما هو سلبي في المجتمع نرفضه رفضاً تاماً وقاطعاً أو قيم روحية وأخلاقية تسمو بالعقول لدى الجمهور .. إذا العميلة تتدخل في التأثير العام الجماهيري سواء قصد أم لم يقصد الشاعر ذاك
فقد رأى الإنكليزي " ريتشاردز" .. تحديد عملية الخيال وتأثيرات الشعر على القارئ , منطلقاً في ذلك من إيمانه الذي استقاه من " آرنولد ( القائل بأن الضمير المتحضر سيعتمد على الشعر مثلما اعتمد ذات مرة على الدين ) .
إذا هي تضيف لمعنى الشعر الإعتيادي ,معنى آخر المرمزم التعبيري في غياب المدلول , وحضور الرمز الهام أو الدالة
والتي تسمح للقارىء في الغوص في المعنى البعيد والظاهر معا , وإعطائه أكثر من معنى حتى يصل لحقيقة المرمز الموجه
* الصورة التعبيرية
1 أن الصورة التعبيرية صورة تختلف عما سواها من الصور التشكيلية المنفردة أوالإيحائية المنفردة أيضا أوالتصويرية لمجرد التصوير .. أوالدرامية لمجرد تصوير حدث درامي معين .. أو الصورة السينمائية أنها صورة تجمع كل ذاك في وعاء سردي تشكيلي رؤيوي متباثق من الذاتية العميقة بإيحائية لونية لغوية لرؤى الشاعر الحاضرة والمستقبلية , تخدم الغرض المراد منها فهي بانوراما حية تفرد داخلها بقوة كل ما سبق .. لو دخلنا لنص الشاعرة رشا السيد أحمد
النجمة الوردية
سألت النجمة البعيدة .. كيف أفك عن قلبي عصب يعصره . كيف تقسو قلوب الحجارة
كيف تصير قلوب بعض الأشجار الندية .. كقلوب الحجارة و أشد
هل للريح المسافرة أوجاع .. ؟!
تنهد القمر وأشاح بصره لذكريات ضوئية مضت
وقال لها قبيل منتصف الليل أجلسي قرب كهف الأسرار و ارهفي الروح جيدا وحين تفضي الريح بكل ما أرهق جسدها .
أسأليها فهي تمر كل الظواهر والخوافي .. حتى الأبار السبعة تعرف سر ضياؤها
ترقبت ترقب الوجع يخز الخاصرة
……
….
*
سألت النجمة البعيدة كيف أفك عن قلبي عصب يعصره
هنا المرمز أخذ عدة مواقع في سردية , تدخلنا معها لقلب السرد والحدث
بداية ما الذي تتسأل عنه النجمة ( المرمز الأول ) ثم .. قلب وعصب يلتف حوله يعصره بشكل مؤلم مرمز وصورة توقفنا نطالع الداخل من المعنى العميق المراد إيصاله للخارج بسردية رهيفة أظهره المرمز عن المدلول الغائب بسردية بصورة مجازية تتناسب والسرد الشعري التعبيري وما يريد .
..
هذه اللوحة الأولى هي ليست رسالة خاصة فقط , أنما رسالة تحمل الهم العام فالنجمة كائن كوني , الجميع يراه ويلمس ضياؤه في نفسه كل حسب حسه , إذا ففي الماحول هم عام يقطن قلب الضياء منا , ترفضه الشاعرة من داخلها على المستوى الشخصي والعام
هناك اجتذاب للقارىء في السردية , تأخذنا للسؤال العميق ما هو ذاك الذي حزم قلب النجمة أو الشاعرة وترفضه .. هنا فتح لباب التأؤيل صورة تعبيرية تضرب في الداخل وهي الصورة الأولى في اللوحة رغم سلاستها
نجد الصورة التعبيرية هنا لوحة كاملة من مرمز ومساحة احتوت الحدث الأول ثم المرمز الثاني وهو الألم والذي رمت له وتتابع السرد اللين الانسيابي المحمل بتساؤل يجتذبنا لنكون معها في داخل القصيدة نتسأل معها ((
كيف تصير قلوب بعض الاشجار الندية كقلوب الحجارة و أشد
هل للريح المسافرة أوجاع .. ؟))
الصورة تبدو واضحة جلية أنها ليانة التعبيرية القارصة التي تجعلك تقف , وتتأمل ما داخل اللوحة , وما مغزى اللون وخطوطه أدبية وكيف تتشكل , وإلى أين ترمي فالمعنى العميق هو الأشمل وهو القوة الضاربة على أوتار الحس والتي تريد إيصال ما في الأعماق محملة برسالة
" ضمن صورة شعرية محددة " من طرف ثاني , قد تحمل معنى مفتوح التأويل وقد يكون بتأويل خاص ومحدد
2 أن الصورة الشعرية " منذ وجدت ما هي إلا تعبيراً عن الإحساس الداخلي منصبا في قالب اللغة , حسب بلاغة الشاعر لتروي حسا داخليا بمكون لغوي جمالي يصور ما داخلنا ويتواصل مع الخارج بأرقى الطرق الحسية اللغوية والوجدانية العميقة منها والفلسفية والسيكلوجيا وقد تتناصص مع شعر لشعراء تاريخيون أو مع الميثالوجيا والتاريخ والدين وغيرها.
يقول د . عبد الرزاق عبد الوهاب
" الى الحلاج 2
—————
متاريس من الحلم
بيني وبين الرصاص
ورأس من الغيم
فوق المقصلة .
ان سرديته هنا لتي ناصصها مع اسم الحلاج الشاعر الصوفي منتهى الاختزال بكل ما يحتوي فكره وعقيدته وشعره .. أجدها سردية رشيقة جدا تقافزت لجمل فوق السطور كما الفراش لتعطيني سردية تعبيرية قاتلة في كلمات , لنا أن نتصور اللوحة الصغيرة أمامنا وكأن الأحلام تمترست بينه وبين الرصاص كثير من الاختزال التصويري والإيحائي ثم هنا من بداية العنونة ودخولا للوحة الشعرية الصغيرة المكتظة بالرمز والإيحاء وذاك الرأس الذي رأه فوق المقصلة أشبه بغيمة يا لجمال التعبيرية الحديثة .. لم تعد تلك التعبيرية التي تمسخ الواقع لصورة قبيحة أو مشوهة مقصودة , ولون يضرب في عين الدهش منا , كما كانت في بداية نشأتها بل أنها تحولت في الحاضر لتلك اللوحة الحسية التعبيرية الجميلة , التي تخاطب الإنسان العميق فينا
أنه تعبير عما يجول في أعماقنا بجمال
قال : " رأس من الغيم
فوق المقصلة "
ولم يقل مثلا تل من الدم فوق المقصلة , نجد في المدرسة التعبيرية الصورة .. قد بلغت مبلغاً سامقا وهي ترتدي ثوبا ً تشكيليا أدبياً رؤيويا حديثاً , تعكس التأثير الخارجي القوي المنصب في المستويات الشعورية منعسكة بصورة تتلائم وهذا لتكوين الداخلي للحالة الحسية والشعرية , بصورة جمالية قوية جدا لدى الشاعر
يقول الناقد جيرالد ويلز " بأن المذهب التعبيرى هو أكثر مذهب فنى متأثر بالذاتية المفرطة "
وأرها تتشكل من عدة أجزاء
1 شكل الدالة التي يأخذها الشاعر للتعبير عن مكنونه .
لدينا هنا سرد تعبيري نقي دون المزج بالحوارية , وهذا السرد الشعري يحتاج لمقدرة تعبيرية وأدبية كبيرة توظف مرمزات القصيدة بسردية نقية لا تدخلنا بأية حوارية وألا ستتحول لبليفونية
(( يقول عبد الرزاق .. حيث الكثير من النساء المتعبات
والرجال ذوي الأقدام الكبيرة
حيث الكلاب السائبة
والقطط المولعة بالإنجاب )
أنها سلاسة سردية نقية وأن قالوا أن السردية النقية احتمال أن توجد , لتداخل أي نوع معها دون قصد الشاعر أو بقصده
أما الدالة هنا في تعبيريته أخذت رموزا واقعية , شكلت بداية أجزاء اللوحة السردية اللوحة في إيحائية شاسعة , فهي تبدو للوهلة الأولى تبدو واضحة جلية غير مبالغ بها , حتى الآن شآن التعبيرية الحديثة .. نستمر معه داخل السردية .. حيث يقول
" والرجال ذوي الأقدام الكبيرة "
هنا كان اختلاف العبارة , أنها التعبيرية الصورية حيث رأى متعبي الأرض ذووي أرجل كبيرة .. جاءت العبارة بالمفارقة الصورية الغير متوقعة .. كناية عن التعب الشديد والشقاء الكبير كنقطة صادمة
أما د . أنور غني الموسوي .. فيقول ( البركة الجريحة )
في بوليفونية التعبيرية ..
والبوليفونية : تعني السردية المكونة من عدة أصوت و هذا المفهوم نشأ في عالم الموسيقى في تداخل عدة أصوات مختلفة في اللحن الواحد وانتقل للسرد الروائي وبعدها للسردية الشعرية الحديثة العربية )
ظلّ أنا و مرآة شاحبة ، أنثر ألمه المرّ في كلمات غريبة ، ذلك النحيل الذي تدمي الصخور ركبتيه ، لقد اعتاد السير عليهما نحو البركة الجريحة . في الطريق تلقاه الأعمدة الحجرية القديمة ، تحدّثه عن الذين مرّوا من هناك ، و أيضا عن الارواح التي ملأت أعماق البركة بالنداء و الأغنيات الشجيّة ، و عن صندوقها الخشبي ، الذي تخرجه كل مساء و بحبرها الاحمر تدوّن جراحها ، ما فعلته أيدي أبنائها الغالين .
أولا الصوت الأول في البوليفونية هو شخص الشاعر
وثانيا الصوت الثاني الألم .. أما الثالث فهي البركة الجريحة
والرابع الأعمدة الحجرية .. وهكذا
أنه توظيف حديث لتداخل الرموز الشعرية في حوارية تتلاقى فيها الأصوات بكل ما تريد أن ترمز إليه وتخبر عنه
أن سرديته النقية هنا قد ترمزت المعاني بشكل كبير جدا فهي غير ما تظهر هذه المسميات الظاهرة ففي كل مسمى ترمز جزءا منه وجزء من أجزاء الوطن وأبناؤه وما حدث به وشخص الشاعر السارد .. كل هذه الأصوات تخرج نغما واحدا يشكل معنا اللوحة بنغم أدبي واحد .
2 بلاغة الصورة الحسية والبنائية والتشكيلية في السردية العربية الحديثة .. أن دراسة الصورة الشعرية بدأت من عهد أرسطو لكنها في التعبيرية التي نشأت في ألمانيا كانت مغايرة للواقعية الأرسطية تماما
فهي تعكس ما تريده الذات أن يكون , أو ما تحتج عليه وتريد نفيه , فهي تتشكل في الداخل وتطفو للخارج تشكيلا مفرطا بالذات كما سبق وتقدم
" يقول د . عبد الرزاق عبد الوهاب حسين
حيث الكلاب السائبة
والقطط المولعة بالإنجاب
حيث الأزقة تصحو
على شتائم معمرة
حتى انها ترمي بيوتنا بالوحل
والشوارع بالأبقار
."
أنها صورة موغلة بالبلاغة الكلاب السائبة بكل ما تعنيه من واسع المعنى ..
هنا الإيحائية الرمزية لعبت دورا كبيرا في بلاغة الصورة المقدمة , والتي تنفذ لداخل المتلقي لتفتح له مجالات التأويل بصورة كبيرة جدا
يستكمل اجزاء اللوحة السردية
" والقطط المولعة بالأنجاب "
أن الرمزية للدالة تفتح أفق المتلقي للمقارنة بين المحيط الواقعي واللوحة المرسومة , ومن هنا تكون المقارنة بما هو بين يديه من طرح شعري حسي يفتح الأفق العمودي والمستوى الأفقي للمتلقي , والتأثير به على أوسع المستويات .. فهو يخلص لأعماقنا بقوة
فهذا التأثير هو من غابر الأزمان , كما تأثرنا بالدين ينفذ للداخل فالشاعر رسالة تعبر لداخل النفوس , بكل ما تحمل الصورة والإيحاء السيكلوجي الشعري
" حيث الأزقة تصحو
على شتائم معمرة
حتى انها ترمي بيوتنا بالوحل
والشوارع بالأبقار "
كأن هذه الأزقة في هذا الوطن الجريح لا تصحو إلا على الوجع الأزلي , كأن صحوتها لا تكون إلا على الشتائم المنصبة من حيث لا يعلمون .. هي وحل يتناثر على المدن ممن يردون حتلاالوطن بصورة أخرى
أنه الحس الموغل بصعوبة الإشراقات , التي تتأتى محملة بجراح الوطن .. لنا أن نتصور أزقة بأهلها وأناسها تستقبل اليوم بالألم " إذا هو . تشكيل مغاير في تكوينه للواقعية " التي يجب أن تكون صورة تتضح جليا في السياق الشعري .. أنها التعبيرية الحديثة بمفارقتها
أنها نفس الشاعر المكونة للصورة حيث ترسمها , ضاجة باللون قوية بالخطوط واضحة بالرؤى الخارجية , مبطنة بالمعنى الهادر والمستتر تحت التشكيل الخارجي
وهي التي تدفع بالمتلقي لرفض هذا الواقع كما يرفضه الشاعر .
يقول الشاعر الناقد سعد غلام ..
قطرة دم مزقت بكارة الصفوان
فطرت الصوان ،
شتته جذاذات بين ؛
اوزبكستان والشام "
أن السردية تدخل في لوحة تعبيرية تضم صورا مقتضبة بمرمزها و عميقة في تشكيلها وفي تكوينها العام .. أنه يلخص الدم السوري والعراقي ترمزت بقطرة دم تناثرت في الكون بعد كل ذاك القتل الذي غطى الجهات ..
أن الشعرية العميقة والرشيقة الصور , كانت تتنقل بنا برشاقة من صورة لأخرى تستجمع كثيرا من مخزون الغليان الشعري والذي طفا للأعلى , بعد أن تناسق بصور مرتبة تتدافقت مشتعلة , أنه انتضاض الشاعر الرافض للوضع المؤلم في الماحول يذكرني , ذلك بلوحة الغرونيكا بأجزاءها التجريدية التعبيرية المتناثرة في اللوحة بمرمزاتها الواسعة والتي اشتملت على عناصر المجتمع وقوة الثور , وما فعلته الحرب البشعة بالبنية التحتية كاملة .
3 فلسفة الصورة في تقديمها نفسها وفي استخدامها الفلسفة الهادئة
ندخل لقصيدة الشاعرة رشا السيد أحمد
أنا لست أنا "
حين أحلق في الأكوان البعيدة
أنا هو الذي يماشيني في الهنا والهناك
أنا هو الذي يتلو أنغامه فأستمعه بحب
أنا هي التي تمضي لسموات علا فيلوح هو لي بيمينه
وغمزة روحه بينما يتلاشى ظلي "
أن القصيدة فلسفية من أول تركيب مجازي تقول :" أنا لست أنا حين أحلق في الأكوان البعيدة "
إنه نفي للذات تأخذنا معها داخل النص لا تجعلنا نقرأ فقط من الخارج أنه جمال التعبيرية الحديثة , يحركنا من الداخل لسيل من الأسئلة والايحاءات والاستنتاجات .. تأثير يدخلنا دون قصد منا
ونجد سؤال ينتض للأعلى
أنا هو الذي يماشيني في الهنا والهناك
أنا هو الذي يتلو أنغامه فأستمعه بحب
أنا هي التي تمضي لسموات علا فيلوح هو لي بيمينه
وغمزة روحه بينما يتلاشى ظلي "بقوة إذا من تكون هيا
تقول "
اذا ظل يسكن ظل يشاركه الروح ( يماشيني في الهنا والهناك ) في البعد والقرب .. بلاغة فلسفية تتبدى بقوة في كل مجاز تقدم يستوقفنا لديه .
4 طريقة رسم الصورة وطريقة تشكيلها وتضافرها مع بقية أجزاء العمل الشعري .
الناقد الشاعر سعد غلام يقول
" استمع لسوناتا القمر
أحلق في مكتبتي : عصفورا
اسمع تهدج صوتك أهيم فراشة للقمر
سنابل الحنطة تمشط شعرك بعبيرالعنبر
اللجين
تجدله ويبقى مسدل
يكاد يسيل بعد ان يصبح الليل "
إذا تتبعنا اللوحة السردية هنا بكل أجزاءها , نجدها سلسة لينة تنساق في صورة بهية تتنقل بسهولة , من مرمزة لأخرى من لون لآخر متباثقة بأناقة صورية , تستوقفنا عند كل لقطة نتأملها لنعبر بها للصورة الأخرى , حتى تتضافر كلها مجتمعة وتشكل لنا اللوحة السردية الشعرية بعذوبة راائعة
ليصل لمقتل المقطع , وكأنه قصيدة كاملة بحد ذاته فقد تكاملت الصور مع بعضها البعض , لم أشعر لوهلة واحدة أن الشاعر تشتت فكره خارج ما يصبو إليه من سرد تعبيري شعري للوصول بنا لما داخله , أو أن أحد الصور كانت مخالفة للنص في التكوين بل عبارة عن أجزاء التصقت , ببعضها وشكلت العمل كاملا
5 وقد تكون الصورة تعبيرية تجريدية متداخلة فيما بين بعضها البعض وهذا المثال نجده بقوة في الشعر الأمريكي وهو بحاجة لمبحث خاص أما عربيا فقلة من الشعراء من أجادو هذا التمازج الجميل
أجدها عند الشاعر العراقي أيضاً كريم عبد الله
حيث يقول " فكمْ إستهلكتْ جوازات السفرِ زيّنةَ التصاوير الباهتة تتسلّى بعيونهم البنيّةِ , وفي المطاراتِ دائماً كانَ يمزّقها حنينٌ راكضٌ على منحدراتِ الأحلامِ البرّاقةِ فيشطبُ مواعيدنا أيّها المعشوقُ على حبالِ الروح كنْ سعيداً فالأيادي التي ترفعُ للسماءِ دعوات القرابين ستضيءُ أبوابَ الخراب "
أن التجريدية أن تمازجت بالتعبيرية ستكون معنا مقومات مشتركة من المدرسة التعبيرية والتجريدية التي تقدم الأشكال بأبسط ما يكون موحية بعمقها الفني
دون أن تظهر الذات المفرطة , للشاعر أنما تعنى بالماحول بتأثيره القوي , وبشكله الذي قد يكون مشابها للأصل وقد لا يكون ضمن خطوط هندسية ومساحات لونية بعيدة عن الواقع ورائد هذه المدرسة الفنية هو بيكاسو والتي انتقلت أفكاره فيما بعد للشعر
يقول الأستاذ كريم عبد الله : في مطلع تعبيريته التجردية
" فكمْ إستهلكتْ جوازات السفرِ زيّنةَ التصاوير الباهتة تتسلّى بعيونهم البنيّةِ " أنها صورة جردت مسميات الأشياء الواقعية وترمزت لها بتجريدات بسيطة أختصرت الكثير في جوازات السفر وهذه الصور (الباهتة تتسلى بعيونهم ) و التي صارت باهتة بفعل العوامل المشتعلة والبائسة بفعل الحرب التي لا تتوقف في الماحول
أنه اجتذاب المتلقى بصورة تجردية رائعة , تستوقفه عند اللون والخط والفكرة والتدرج الصوري , وتشابك المساحات مع بعضها البعض بخيال جديد وماتع كل ذلك انصب في الشعر ليكون أدبيا ينعكس على الشعرية والصورة
وهذه التجريدية مازجت التعبيرية وظهرت بلون ونكهة وتعبير وتشكيل رؤيوي تخطى الحداثة
يقول الأستاذ كريم عبد الله " وفي المطاراتِ دائماً كانَ يمزّقها حنينٌ راكضٌ على منحدراتِ الأحلامِ البرّاقةِ "
السرد مستمر يمر انسيابيا على السطور في كتلة واحدة متماسكة وحتى فكرة الكتلة المتماسكة أتت أيضا من الفن التشكيلي من النحت بالذات مبدأ الكتلة الواحدة , والذي يعطي الشكل القوة والتماسك والدعم المتبادل ..
وعلى الرغم أني أرى في هذا المنحنى , من وجوب وقفات تنفسية للنص لينة بين السطور , أو الأشطر الطويلة لتعطي فرصة التوقف والإبحار في المعنى , حتى لا يسرق كل شطر المعنى مما سبقه .. فيضيع منا تلك المتعة التذوقية والنشوة الشعرية لكل صورة , فيما نحن نسرع لمتابعة ما ألتصق من تراكيب صورية أو سردية ..
أحبتي هنا ننتهي في دراسة الصورة التعبيرية السردية وإرساليتها و ما ألت إليه و تقديمها في القصيدة السردية الشعرية الحديثة العربية والشكل الذي وصلت إليه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.