بهيجة ..بهيجة .. كانوا ينادونني .. إسمي لم يكن يعجبني .. لم؟...لستُ أدري.. الأسماء في تطوان كان لها تميّز خاص ففاطمة تصبح فطومة و خديجة ربما خدوج أو خدوجة و أسماء أخرى كنت أسمعها في صغري و أستغرب لها .مثل : " لاّ شوعة " و هي في الأصل "شعاع". و " لا بدورة " و "شمش الضْحا " ( شمس الضحى ) .و عدة تحريفات أخر .. أسماء بدأت أعرف معناها مع الوقت .. لكن ما كنت أجده جميلا و رائعا : هي تلك المنادات لبعض أفراد أسرتي. فخالتي " فطومة " - البكر -كنت أناديها " فْنوني ". و خالتي " آسية " كنت أناديها " فؤادي ". و خالي" الفاضل " ، " حْبيبي الفاضل ". و ابنة خالة جدتي " حياتي ". و ابنة خالة والدتي " نينا ". و الأخت البكر لجدتي " ماما عزيزة ". كان لهؤلاء معي تعامل خاص ، و كان لي معهم حب خاص . توفيت " فنوني " بعد مرض عضال .الظاهر أنه كان شائعا آنذاك .و كان عيبا كبيرا أن يصاب به فرد من أفراد الأسرة. فكان يبقى سراً . و يخفى عن كل المعارف . القليل من كان يزور الطبيب . فمباشرة يمكث بمستشفى خاص خارج مدينة تطوان قصد العلاج . "فنوني " تزوجت معلما و أنجبت منه ولدا توفي بنفس المرض .وأنجبت بعد ذلك بنتين خلال الخمس سنوات بمدينة ورزازات . تركتهما في سن الثالثة و الواحد و النصف . كان على كل أفراد الأسرة أن يُكشف عليهم للتأكد من السلامة من المرض. الحمد لله لا أحد مصاب. سلوى و سناء مكثا معنا لمدة سنين إلى أن تزوج والدهما . ذاك الصباح . أرسلتني جدتي لأخبر الجيران بوفاة " فنوني" . كيف ذات الثمان سنوات تخرج من البيت وحدها ؟؟ !!!. هرولت عند ذات اليمين و ذات اليسار و التي في آخر الدرب . لا تُفتح الأبواب إلا النساء . الرجل يفتح باب منزله بالمفتاح . لا رجل يدق باب منزله . و لا رجل يدق باب منزل جاره . أدركتُ ذلك بعد سنين طويلة .. بعدما تغير الأمر . جنازة خالتي كان أول خبر وفاة أعيشه . تألمت كثيرا لفراقها . رغم أني لم أكن أعرفها كثيرا .و ما عرفتها إلا في آخر أيامها . أخبرت الجيران . و عدت مسرعة لمنزل جدتي حيث اجتمع الكل هناك . في سرعة خيالية أعدَّ المنزل تبييضاً و تنظيفاً و تنظيماً . مراسيم الجنازة في مدينة تطوان مختلفة عن باقي المدن المغربية ..