كتبت / جيهان السنباطى فى إحدى حفلات الصراخ والعصبية الأسرية , التى تتكرر بشكل يومى فى معظم البيوت المصرية , قال الزوج وهو مُتكأ على مقعده , يتصفح صحيفته اليومية : فين الشاى ياهانم ؟ هرولت اليه الزوجة حاضر حاضر .. اصبر عليا شوية هو كل حاجه عليا , فلم يعجبه الزوج تكرار كلمة الإستجابة ولانبرة الإعتراض فى صوت الزوجة , فقفز من على مقعده متوجهاً اليها , مغلولاً يجز على أسنانه وبكل عصبية قال : بتكرريها ليه هو أنا مش سامع , هو أنا كل ما أطلب منك حاجة تتلكعى فيها , أنا خلاص زهقت منك ومن العيشة دى ومن البيت واللى فيه , خلاص مش عايز شاى ولا عايز منك حاجه دى عيشة تقرف , ثم هب مسرعاً وكأنما لدغته أفعى سامة , ليلملم ملابسه على عجل ويرتديها , ثم توجه إلى باب المنزل وخرج ورده بعنف شديد خلفه دون حتى النظر إليها , وتركها وعلامات العجب مرسومة على ملامحها تبحث عن سبب الخلاف والعصبية أو ماذا فعلت ليكون هذا هو رد فعله على شىء بسيط صدر منها . خرج الزوج من منزله ونيران الغضب تنهشه وهو لا يدرى ما حدث , وما الذى دفعه لأن يكون بهذه العصبية , ولماذا تتكرر حالات العصبية والإكتئاب التى يشعر بها , ولماذا يصاب بالزهق والملل من البيت ومن فيه ويرغب دائما فى الخروج والإبتعاد عنه , وخيل إليه للحظات بأنه مريضاً نفسياً ويحتاج إلى طبيب نفسى فوراً , فإتصل بصديق له يطلب منه عنوان طبيب نفسى يعرفه من أجل أحد أصدقائه فلم يفصح له صراحة من المريض الذى يحتاج الى طبيب , وأخذ منه العنوان وذهب إليه . وعند لقاءه بالطبيب لأول مرة , قال له الطبيب : مما تشكو ؟ قال له أشعر بأننى لم أعد أنا , حقوقى منى تضيع , وضغوط الحياة تكبلنى , ومسئولية البيت والأسرة تخنقنى , قد بدأت أحلم أحلام تزعجنى , وأسمع أصوات آخرى أحسها من عالم آخر تهدهدنى . فقال له الطبيب : ماذا تعمل ؟ ما هى مهنتك ؟ قال له موظف , فقال له: وزوجتك ؟؟ قال له زوجتى لا تعمل فهى ربة منزل فقط , فسأله متى تستيقظ انت وزوجتك من النوم ؟ قال له زوجتى تستيقظ الساعة الخامسة صباحاً وأنا استيقظ الساعة الثامنة , فقال له : ولمَّ تستيقظ زوجتك مبكراً هكذا , قال له الزوج : كى تجهز الإفطار للأولاد وتلبسهم وتجهزهم للمدرسة , وبعدين تزل توصلهم إلى المدارس وترجع البيت ومعاها الجورنال اليومى بتاعى , تحضر لى الفطار وتصحينى من النوم , وتحضر لى كل طلباتى , أصلها ربة منزل مش بتشتغل , فقال له الطبيب : ولما انت بتنزل على شغلك هى بتعمل أيه ؟ قاله الزوج : بترتب البيت , وترتب المطبخ , وتغسل الغسيل , وتنشره , وبعدين تنزل تشترى طلبات البيت , وترجع على المطبخ تعمل الأكل بسرعه عشان الأولاد لما ترجع تلاقى الأكل جاهز , وبعدين بتنزل تانى تجيب الأولاد من المدارس وتطلع تغير لهم ملابسهم وتغسل لهم ايديهم وتأكلهم , أكون أنا وصلت البيت . فقال له الطبيب : وماذا تفعل عند وصولك البيت ؟ قال له أغير ملابسى وأتوضأ وأصلى وأجلس على الأريكة أتصفح جريدتى حتى تحضر لى زوجتى الغذاء , فقال له الطبيب : الا تبادر بمساعدتها فى شىء ؟؟ فقال له الزوج : لا أنا بكون راجع من الشغل تعبان ومهدود وهى مش وراها حاجه هى أصلا مش بتشتغل هى قاعدة فى البيت , مفيش وراها غير البيت والأولاد , قال له الطبيب : طيب وبعد مابتتغدى بتعمل ايه ؟ قال له بدخل أنام ساعتين , قال له الطبيب : وزوجتك , قاله بتدخل تغسل الأطباق وترتب المنزل , وتشيل الغسيل وتطبقه وترصه فى الدولاب , إلى أن يستيقظ الأولاد من النوم فتعمل لهم مشروب ساخن وتبدأ معهم فى المذاكرة وعمل الواجب اليومى . فقال له الطبيب وانت ؟ قال له: أنا بكون صحيت طبعا من النوم بقوم أصلى وهى تعملى كوب الشاى وتشوف طلباتى , قال له : وأنت مش بتقوم تعمله ليه ؟؟ قاله أنا شغال طول اليوم بره البيت بشقى وبتعب عشان أجيب لهم القرش اللى يتصرف عليهم وهى قاعدة مبتعملش حاجه , لأنها ربة منزل مش بتشتغل , فقال له الطبيب : طيب بعد كده زوجتك بتعمل ايه ؟؟ قال له الزوج : بعد ما الأولاد يخلصوا مذاكرة تعشيهم وتنيمهم فى سرايرهم وتدخل تانى ترتب المطبخ , وأنا فى الآخر خالص تحضر لى العشاء وترتب حجرة الجلوس من الأكواب وزجاجات المياه الفارغة وبواقى الطعام وتغسل طفاية السجاير ثم تغلق الأبواب والنوافذ والأضواء , وننام , وكده اليوم خلص . نظر الطبيب الى الزوج فى تعجب ولم يجد كلمات يرد بها عليه , وإنما قال له كلمتين مختصرتين فقط " روح بيتك وبوس إيد زوجتك " تفتكروا بعد كل هذا مين يحتاج إلى طبيب نفسى بجد الزوج وإلا الزوجة؟