عيار 21 بالمصنعية بكام الآن؟.. أسعار الذهب اليوم الأحد 2 يونيو 2024 بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    وزير التموين يرد على منتقدي تصريحاته بشأن الدعم: تكلفة القمح تضاعفت 5 مرات منذ 2006    عاجل - "داخلية غزة" ستظل تدير معبر رفح الفلسطيني بعد الحرب    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    أنشيلوتي يدخل تاريخ ريال مدريد من أوسع أبوابه    تطورات جديدة بشأن أزمة فك قيد نادي الزمالك    وزير التموين: أنا مقتنع أن كيس السكر اللي ب12 جنيه لازم يبقى ب18    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    وزير التموين: صندوق النقد الدولي لم يطلب من مصر خفض الدعم    هزة أرضية تضرب إقليم تطوان بالمغرب    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    مصر في 24 ساعة| تصريحات جديدة من وزير التموين بشأن الخبز المدعم.. وانهيار الرصيف الأمريكي العائم للمساعدات بغزة    وزير التموين: لم نتلق أية شكاوى في أول أيام تطبيق السعر الجديد للخبز    إيهاب الكومي يكشف ما حدث عقب مران المنتخب بين صلاح والتوأم    الزمالك يكشف آخر مستجدات قضية خالد بوطيب وأزمة القيد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    عمرو السولية يوضح سبب فوز الأهلي بأربع بطولات خلال 5 سنوات    معلول أبرزهم.. رحيل 5 نجوم أجانب عن الأهلي في الصيف (تفاصيل)    السولية: هذه حقيقة الإصابة المزمنة.. وما فعله كولر قبل نهائي إفريقيا ضد الوداد    قريبًا - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024، انتهاء عمليات التصحيح والمراجعة بمحافظة الإسكندرية    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    غرق طفل داخل حمام سباحة في الغربية    بالصور.. البابا تواضروس يشهد احتفالية «أم الدنيا» في عيد دخول المسيح أرض مصر    الشرقية تحتفل بمرور العائلة المقدسة من تل بسطا فى الزقازيق.. فيديو    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    مصرع شاب تناول حبة الغلال السامة في دمياط    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    بعد تغيبها منذ 3 أيام.. العثور على جثة طفلة داخل ترعة بقنا    برلماني: الرئيس السيسي وجه رسائل وتحذيرات مهمة بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    سعر الموز والعنب والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 2 يونيو 2024    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    أسامة حمدان: وزارة الداخلية في غزة كانت تدير معبر رفح قبل الحرب وستظل تديره بعد وقف إطلاق النار.    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    حظك اليوم برج السرطان الأحد 2-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    المستشار محمود فوزي: نرحب بطلب رئيس الوزراء إدراج مناقشة مقترحات تحويل الدعم العيني لنقدي    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    «أمن الجيزة» يحبط ترويج كمية كبيرة من مخدر «الكبتاجون» في 6 أكتوبر (خاص)    الفنان أحمد عبد القوي يقدم استئناف على حبسه بقضية مخدرات    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم مركبتي توك توك بقنا    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين تنعدم المساحة
نشر في شموس يوم 23 - 03 - 2012

لستُ أدري كيف أنني ذات صدفة حاولت أن أفتح نوافذ عينيّ, لأطلّ على شرفات الضوء, وأشمّ رائحة الفجر.. فتصدّعت الرؤية في أزقة العتمة, وتاهت في سواد الستائر.
أردت أن أمدّ يديّ بوصلة تحدد اتجاهاتي, فضحك قيدٌّ, وجلجلت نواقيس الخطر. رحت أختلج مثل سمكة تحاول إفلاتاً من شبكة, فإذا جسدي قطعة من طين متحجر, والدماء بركة ألمّ متخثّر.
الليل مشرعةٌ أبوابه, والظلام أفعى تلتف حول عنقي. الصمت يطبع قبلة باردة على فمي ويختمه بشمع الموت. الخوف مضغة استعمرت أحشائي, رضعت بقايا دفء, فانتشت وتمردت وحشاً يبتلع صوتي, يئد صداه ويزيدني اختناقاً. حرذاسٌ على الدروب يقيسون المسافة بين الخطوة والخطوة.
يحاصرني المكان كقبر.. لكنني حيّة! أسمع زقزقة النبض. أصرخ دون صوت, والدمع طيور تتأهب للتحليق, تجوب سماء الأحداق, ثم تبني أعشاشها عند سواحل العينين.
حين تنعدم المساحة حولي, أنقلب إلى داخلي وعميقاً أغوص. تبدو أعماقي طليقة كنورس مهاجر يجتاز فضاءات مفتوحة من كلّ اتجاه, أفقاً لأفقٍ يأتي. مرساة حزن مخمور مخنوق البوح تتوسد رمال زمن مرّ مكبل اللحظات, وأكوام من كلمات لم تقل.
ومثل حلم هارب رأيتها تطوف. مثل روح هجرت تابوت الجسد, تحتطب العتمة بفأس الصبح. كنت أعرفها, ولطالما شعرت بوجودها هنا في أعماقي. إنّها هي.. إنّها أنا! إنّها .. لست أدري!
اتكأتْ دهشتي على ذراعين مشلولتين, ولم تقو على الاستغراب. امتدت يدها إلى رأسي ترفعه إلى أعلى.. إلى أعلى.. كراية يغرسها المنتصر في أرض حرّرها للتوّ. راحت نظراتي تتسكع على طرقات من بهاء, والأفكار تتراكض في ذهني:
لعلّها إلهة الحب أو الخصب! ولربما كانت إلهة الخير أو الجمال!
كانت تقفو آثار أفكاري, فابتسمت وقد أدركتْ حيرتي:
-ما الحبّ والخصب والخير والجمال إلا بضع مفردات في قاموسي!
رمقتني بحنان, وابتلعت غصّة تنزّ دمعاً, وقالتك
-أين أنا قيكِ؟ أين وجودك؟!
-ابتلعوه!
-من تعنين؟ الرجل!
-والموروث!
-ومن أيضاً؟
- الخوف!
-ثمّ!
-الحياء!
-ممّ؟
-منكِ.. من أنوثتي!
-وماذا فعلتِ ليُرمى بك فتاتاً للخفافيش؟
-أردت لأفقي مدى! أردت لصوتي صدى! أردت حدوداً تنطبق على حدودهم.. رفضتُ الاحتواء.. أردت مساحة تعادل مساحتهم.. فالمساحة حرية!
-وأين صباكِ؟
-كان مهراً يعطّر البراري بالصهيل, أجبروه على تعاطي المزارع الضيقة, فأدمن الانطواء!
-والقلب؟
-حفرة في الصدر تجترّ دماءها!
-والقلم؟
-امتدّ اسفنج أسود, وامتص النسغ حتى آخر قطرة!
-والذاكرة؟
-أرشيف لنزف الأيام غارق في متاهة النسيان والرطوبة, وطحالب الصدأ تدبّ على الجذوع تعلنها مملكة على كلّ التفاصيل!
-والرغبة؟
-وجبة سريعة نزدردها على عجل خلف أسوار الليل التي تغتال كلّ نسمة تشي بعطر الحبّ!
-والأحلام؟
-أفرغوا جيوب غدي من أي حلم.. جمعوها وسمّروها على صليب من وجع, لتُحرق حية كالساحرات!
هزّت رأسها بأسى وقالت:
-كيف لقراصنة الضعف أن تحاصر قبطان العطاء
-الضعف عرافة عجوز تسوّر خصرها بالتمائم, تنفث الوهن دخاناً ليقتات أنفاسك, ويسدّ كلّ طرقاتك بضباب اليأس. والسقوط ينتظر إشارتها ليبدأ طقوس الرقص العشوائي على جسدك!
-ليس للينبوع أن يشكو جفافاً! ليس للجذور أن تلعن ظلمة ينبغي أن تفجّرها خضرة! وليس للبداية أن تعلن النهاية إلا لتبدأ من جديد!
رشف الذهول كلماتي, فرحت أتعقب أنفاسها, وأقطف ندى حروفها:
-الانثى حبة قمح تمتلك إرادة التلاشي في جوف الأرض, لتبعث من قاع الموت, وتكون أكثر امتداداً, وتختزن في خلاياها عبق الخلود. في البدء كانت الأنثى, والكون طفل بلا ذاكرة يحبو بين ذراعيها, فعلّمته أبجدية التاريخ, وكانت الأرض لوحة بيضاء, فنثرت ذاتها ألواناً وتضاريس وفصولاً.
طافت حولي وأشارت إلى الركام:
-ما هذا إلا غيمة تحاول العبث بوجه الشمس, والشمس تلاطفها, لكنذها حين تضيق بها ذرعاً تمدّ يدها, تعصر الغيمة, وتمسح بمائها مرايا الأفق لتتألق عيون الصفاء. الأنوثة يا طفلتي رداء من كلمات يعجز عن الإحاطة بجسد المعنى, وينحني ظهر الحروف تحت ثقله. تخجلين من أنوثتك!! أيخجل فجر من نوره؟! أتخجل دالية من عناقيدها؟1
كان الندى المتهاطل من كلماتها ينعش ذاكرتي, فإذا عبير النشوة يخترق مساماتي, وإذا قطار الصحو يعلن سفر كلّ الخلايا إلى مدن الشمس.. يجتاز مساحة وجودي مسرعاً, فأحسست بزلزال يسري عصياناً في جسدي, في كلّ شراييني. تنطلق الذات المتشرنقة فراشةً تنفض عنها بقايا خيوط, وتطلق جناحيها للمدى ينابيع لونٍ تصبّ في بحار الغد.
من المجموعة القصصية : حين يأتي زمن الحب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.