p style=\"text-align: justify;\"اشتريتُ سيارتي القديمة منذ خمس سنوات، سيارة (سوزوكي سويفت موديل 2003). p style=\"text-align: justify;\"رغم أنّ السيارة قديمة، إلا أنها خدمتنى لمدة خمس سنوات؛ اقتصادية في استهلاك الوقود، عاشت معي بداياتى المُرهقةَ في مشروعي التجاري، وعثراتي المادية، لم تخذلني؛ فلم أضطر إلى شراء سيارة جديدة، تجتاز دائمًا (اختبار الصلاحية السنوي للسيرعلي الطريق). p style=\"text-align: justify;\" أعتمد علي سيارتي في العمل، أقودها أكثر من عشر ساعات في اليوم، فيها أشرب قهوتي، أكتب خربشاتي، أدخن سجائري، أنام متمددًا، مرهقًا، (كعِرش) بطاطا يستريح علي التربة، بكيتُ فيها كثيراً -أخجل من البكاء أمام الناس- ضحكتُ فيها، وأنا أتحدث الى شهرزاد٫ عبد العزيز حبيب، الجنتل محمد مصطفي، ضحكتُ فيها عندما أنحت صورة أدبية جديدة، حلمتُ معها بمستقبل ما، غامض، ضبابي، شفيف، ولكنه جميل كانسكاب الضوء الأبيض، علي الأشجار، البحار، الحدائق العامة، أقبية المنازل؛ في غبش الفجر. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"تهشمت واجهة السيارة، عندما ضغطت دواسة الوقود، صاعدًا شارعًا منحدرًا، مغطى بثلج صخريّ أملسَ، تطوّحتِ السيارة، فاصطدمتْ بثلاث سيارات في جانب الطريق، أحدثت صوتًا كتقوُّض مبنى مكون من ثلاثة أدوار، طرررررخ طرررررخ طرررررخ... وضعتُ رأسي علي مقود السيارة، منتظرًا قدوم أي شخص، أو سيارة البوليس، مرت دقيقة، لم يأتِ أحد، فكرتُ في ترك ورقة بها رقم هاتفي الجوال، معتذرًا، و مستعدًا لإعطاء بيانات شركة التأمين، لتصليح ما سببته من خبطات، لكنّ عدم ظهور أحد، وخلو الشارع من كاميرات مراقبة، وحسبة إصلاح ثلاث سيارات هشمتُها، واستعجالي العودةَ إلى العمل، تفاجأتُ أنني أدير السيارة بهدوء، ظللت أتلفتُ في المرآة، وقلبي يدق، حتى ابتعدتُ، رغم البرد الشديد، فتحت زجاج السيارة، لأتنفس!. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"كُسِرتْ مرآة السيارة الشمال، في إشارة مرور زحمة، بحثتُ عن مرآة في أكثر من مجمع للسيارات المنتهية الصلاحية، فلم أجدها، تسوقتُ مرآةَ أخرى من الانترنت. كسرَ أحد العمال، (أكرة الباب الداخلي)، فاستعضنا عنها باستعمال (الأكرة) الخارجية، مع الوقت؛ انفصل جزء من (رفرف) السيارة الأمامي - بعد حادث الثلج- فتدلى، كأنه لسان كلب، لم أجد ضرورة لتغييره، فكنتُ أثبته بمسامير، من وقتِ لآخر!. تعطلتْ ماكينة رفع زجاج شباك السائق، فكان علي أن أمسكه بيدي لاحكام غلقه. سألتُ جاري الميكانيكىّ، قال جادًا: شراء ماكينة لرفع الزجاج غالية الثمن!. ثبتهُ من الداخل بدعامة، مع الوقت اعتدت الأمر، فلم أهتم بإصلاحه! p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"زجاج السيارة الأمامي تغبش، لم يعد شفّافًا، أصبح مرهقًا لعينيَّ في القيادة، لكنّ فكرة تغيير الزجاج الأمامي تبدو فى ذلك الوقت فكرة ترفيهية، إنه علي الأقل سليم، ليس به شرخ!. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"أكثر ما أرهقني؛ هو تعطل (جهاز التدفئة) في الأجواء الباردة هنا، دفعت فاتورة غالية الثمن للميكانيكي للكشف وتحديد العطل فقط، نصحني؛ بعدم شراء جهاز تدفئة جديد، غالى الثمن لسيارة قديمة! فكنتُ أضطر لارتداء جواربَ ثقيلة، وأربطة طبية لتدفئة مفاصل (الركبة)، غطاء رأس، وقفازات شتوية ثقيلة!. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"انشغالي بدفع وانجاح مشروعي التجاري، وأنني لا أملك ثمن شراء سيارة جديدة؛ يجعلني أتقبل هذه المنغصات، يهمس لي بعضهم: ياباشا، أنت تحتاج سيارة جديدة. أبتسم: هي جديّة، لم تخذلني، موفرة في الوقود، الموتور جيد، اهاااا... لا يجب أن نهتم بالشكل. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"كنتُ أنظف سيارتي، أغسلها، أطبطب عليها، ممتنًا وشاكرًا لها، أنها مازالتْ تعمل، ولم تتعطل، كنتُ أدرك، أن سيارة قديمة، مثل سيارتي، لو ركبها أي شخص آخر، ستتعطل وتصبح (خردة) بعد أسبوع!. p style=\"text-align: justify;\" معظم أصدقائي تعطلت سياراتهم المستعملة، واضطُروا لشراء أكثر من سيارة، وأنا أشعر بسعادة ما، أن سيارتي، تلك السيارة القديمة، المهشمة مقدمتُها، المليئة بالخبطات من كل جانب، التي تحتاج لضبط الزوايا، التى تهتز علي الطريق السريع؛ كأنها دولاب مكسور؛ تعمل، بشكل بدا لي جيدًا!. p style=\"text-align: justify;\"دفعني أخي لشراء سيارة (بيجو موديل 2004)، نحتاجها فى العمل، كبيرة لنقل كمية أكبر من البضاعة، وهذا يوفر بعض المال؛ فألغيتُ التأمين علي سيارتي القديمة، وركنتها، تمهيدا لبيعها. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"بعد فترةِ؛ علاها الغبار، ونامتِ العجلات الخلفية، فبدتْ كسيدة عجوز كسيحة!. p style=\"text-align: justify;\" السيارة (البيجو) الجديدة، لونها أزرق فاتح، بها كل الكماليات، شبابيك كهربائية، جهاز التدفئة يعمل بشكل جيد، (power steering)، واسعة، مريحة، شعرت بالرفاهية والسعادة، وأعطتني بعض (الوجاهة). p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"حقيقة وأنا أقود سيارتي القديمة، لم أهتم بفكرة، أن هناك سيارة أخرى (مثل سيارتي الجديدة) أفضل وأكثر راحة، لم أفكر في الأمر، كنتُ فقط سعيدًا بالسيارة التي أمتلكها، لدرجة أنه لو لم أكن مضطرًا لتغيير سيارتي القديمة (التي هلكت) ما غيرتها، ولظللت ملتصقا بها، ولكن مع استعمال سيارتي الجديدة المريحة، استغربتُ كيف تحملتُ كل هذه السنوات، مع سيارتي القديمة؟!. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"كنتُ سعيدًا بسيارتي (البيجو) الجديدة، أقودها ساعات طويلة، دون أن أشعر بالتعب، أخذت بعض الوقت لتغيير (عاداتي)، فالسيارة القديمة كانت (بنزين) تحتاج ضغطًا خفيفًا علي (دواسة الوقود)، أما السيارة الجديدة (سولار) لا يزعجها أن تكون قدمي (ثقيلة)!. p style=\"text-align: justify;\" سيارتي القديمة صغيرة، أركنها في الطريق العام أمام البيت، أدخل وأخرج بها في الشوارع الضيقة بسهولة، أما السيارة الجديدة، كبيرة، أتمهل في قيادتها، وتغيير الاتجاه في الشوارع الضيقة، أضطر الي (ركنها) في الموقف الواسع المخصص للسيارات، في الغالب كان يصعب عليّ (ركنها) في الطريق العام، أو (حشرها) بين سيارتين؛ مثل سيارتي القديمة! p style=\"text-align: justify;\" الراحة والسعادة، مع سيارتي الجديدة، لم تدم طويلًا، عندما اضطُررت لإيقافها فجأة؛ حتي لا أصطدم بسيارة مقابلة، خانتني الفرامل (فتدحرجت) العجلات بضعة أمتار، فمِلتُ بعجلة القيادة لتصطدم بشجرة علي جانب الطريق؛ فتوقفتْ، أُصبتُ ببعض الكدمات، لاصطدام رأسي بمقود السيارة، وتسلخات خفيفة؛ من ضغط حزام الأمان. p style=\"text-align: justify;\" برغم تهالك سيارتي القديمة، كانت الفرامل تعمل بشكل جيد، ربما هذا الإحساس بالأمان وحده؛ كان كافيًا لأحتفظ بها كل هذه المدة!. p style=\"text-align: justify;\"بعد - حادث الشجرة- تخليت بسهولة عن سيارتي (البيجو) الجديدة! p style=\"text-align: justify;\" اشتريتُ متعجلًا، سيارة (فيات) من المزاد، اضطُررت لبيعها بعد شهر!، كانت تبدو بحالة جيدة، من مظهرها الخارجي، اكتشفت سريعا أنها (تتعطل) فجأة، يتوقف (الموتور) فجأة، فيتصادف أن تتعطل في الطريق السريع، أو في دوران مزدحم، مما يسهل اصطدام سيارة مندفعة من الخلف بسيارتي. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"مع الوقت، صرتُ أمتلك ثلاث سيارات في وقت واحد - حدث هذا دون ترتيب مني، أو رغبة- سيارة صغيرة لاستخدامي الشخصي، وسيارة كبيرة الحجم للتجارة، ونقل البضائع، وسيارة عائلية، لأسرتي، لتوصيل الأولاد إلى المدارس، أو ذهابنا في زيارة، أو رحلة جماعية. p style=\"text-align: justify;\" نشطت تجارتي قليلا، كبر أولادي، أصبحت حياتي مزدحمة، كأنني أنا أيضاً؛ صرتُ (عجلة سيارة)، تجري على الطريق طول الوقت! p style=\"text-align: justify;\"في زحمة حياتي تلك، كنتُ أُطلُ علي نفسي؛ من مكان عالٍ، هادئًا مبتسمًا، (روحي) شيخ عجوز، درويش، أسطوري، بلحية بيضاء، ووجه هادئ، مُشَرَب بحمرة العافية، لم أرَ نفسي، رجلًا وسيمًا، سعيدًا، شعره لامع، يُعلق سيجارة مارلبورو في فمه؛ رأيتُ نفسي؛ محمولًا علي أعناق الرجال، في دولاب خشبي، رائحته كرائحة جذع شجرة يغطيها الندي، جسدي ممدد، نحيل، جلدي، عظامي، وجهي بلون (الشمع)، هسيس المشيعين خلفي؛ مثل نقيق الضفادع، في حقل الأرز، في سكون الليل، يعلو، يخفت، يتلاشي، ثم يعلو اززز...ازززززز... زياد ابني يقف وسط المشيعين؛ رجلًا، طويلًا، مندهشًا، كأنه جاء علي عجل، من مكان بعيد، ليصبح هو الرجل الأول لأسرتي!. p style=\"text-align: justify;\" وجود ثلاث سيارات في حياتي، أرهقني، ثلاث سيارات، تحتاج وقودًا أسبوعيًا، تغيير إطارات العجل كل ستة أشهر، استخراج (شهادة الصلاحية علي الطريق)، شراء شهادة (ضريبة الطريق) والتأمين على كل سيارة سنويًا. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"في الصباح، أقود السيارة المناسبة لنشاطي الصباحي، عمل، أو عائلية، أو شخصي، مع الوقت، أصبحتُ لا أهتمّ كثيراً، فأستخدم أي سيارة جاهزة، ممتلئة بالوقود، أو ليس بها أعطال، دائماً كنت أنسى شيئا أحتاجه في السيارة الأخرى! مع سيارتي القديمة، الوحيدة؛ كانت حياتي سهلة، كنت أحتفظ بكل شيء فيها، سجائري، كتبي، (ترمس القهوة)، شاحن الهاتف، ولاعات سجائري الإضافية، بعض الفواتير، والأوراق، الهامة المستعجلة. p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"تقبلتُ هادئًا، حياتي المزدحمة، لم يعد يزعجني أنني صرتُ (عجلة) إضافية، للسيارات الثلاثة؛ التي أمتلكها، أجري علي الطريق؛ طول الوقت، وأنني (العجلة) سأصبح قريبًا (قطعة جلد بالية)، ستنتهي بائسة، في مخزن (خردة)! p style=\"text-align: justify;\" p style=\"text-align: justify;\"كل ما يحفز حواسي، في رحلتي كل صباح، عدم نسيان أشيائي البسيطة، وأن السيارة التي (أنتقيها) موجود بها كل ما أحتاجه (سجائري، ترمس القهوة، ولاعات إضافية، علبة بها بعض ثمرات الفاكهة، الأوراق والفواتير المستعجلة، شاحن الهاتف، كتبي، و دفتر صغير، سميك، أوراقه فاخرة؛ أدون فيه، أخربش فيه و أتنفس من خلاله!).