بقيت " مولي " برفقة " بيني " وأمها الغامضة التي أفاقت من سنة النوم الخاطفة التي ألمت بها وأخذت تحكي لابنتها وصديقتها الكثير والكثير عن العجائب التي تكتنف حياة جنسها القديم في ( شنغريلا ) .. أولعت " مولي " بما سمعته حتى كادت لا تجد قوة إرادة كافية للاستئذان والرحيل حتى بعد أن أنتصف الليل وارتسم ظل القمر مكتملا هائلا علي الأرض الساجدة أمامه .. كانت الفتاة تصدق كل ما سمعته .. وأحست بطمأنينة هائلة وثقة من أن الغد سيحمل لها أشياء رائعة تستحق الصبر والتجلد من أجل نوالها ! لكن طمأنينتها ما لبثت أن تبددت وتناثرت بددا حين آتاها اتصال مريع .. كانت المتكلمة علي الطرف الآخر هي والدة " كالي " .. الفتاة التي شاركتها هي " وبيني " في الشرب من دماء العجوز غير البشرية وتلوثت معهما بخلاياها المتعفنة .. كانت الأم المذعورة تبكي منهارة علي الطرف الآخر وتصرخ متسائلة عما فعلوه بابنتها ! كان من العسير جدا أن تتبين " مولي " ما تعنيه الأم الغاضبة المنهارة لكنها فهمت أخيرا أن ثمة شيء مخيف قد حدث .. شيء دفع أسرة " كالي " إلي استدعاء الإسعاف فورا لتنقل ابنتهم ، التي تتقيأ بعنف وتنزف دما غزيرا من معدتها وأمعائها وشرجها ، إلي المستشفي ! كادت " مولي " تصرخ عندما فهمت حقيقة ما يجري ، لكنها أدركت ، وبعد لحظة خاطفة من التفكير ، إن إظهارها الجزع سيورطها هي و" بيني " في الأمر وسيجعل شكوك الأم الملتاعة تتجه إليهما حتما .. وربما لبقية من حضرن السهرة من البنات ! كتمت " مولي " صرخت وابتلعت ريقها وقالت بصوت حاولت تهدئة نبراته : " لا شيء يا سيدتي .. لا شيء ! " صرخت الأم من الناحية الأخرى : " ماذا فعلتم بها لتنزف هكذا ؟! هل سممتموها ؟! " " لا لا بالطبع .. لقد سهرنا معا نتحدث حديث فتيات عادي وتناولنا بعض الشطائر وعصائر .. لا شيء مما حدث يمكن أن يؤدي إلي ما تحكينه ! " تهدجت أنفاس والدة " كالي " علي الناحية الأخرى واعتصمت بالصمت منتظرة المزيد من التفسير : " لا شيء حدث هناك .. لا شيء غير عادي ! لعل " كالي " مريضة فقط قليلا ! " صرخت فيها الأم حتى كادت تري صوتها يخرج في هيئة حبل مشنقة يطوق عنقها من الهاتف : " ابنتي ليست مريضة .. كانت بخير حال قبل أن تصطحبنها في تلك السهرة المشئومة ! ولتعرفي شيئا أيتها الفتاة .. " قاطعتها " مولي " محاولة تهدئتها : " سيدتي .. أرجوك .. تمالك نفسك من أجل " كالي " ! " صاحت فيها بغل : " لا تنطقي باسم ابنتي .. لا تتحدثي عنها ثانية ! ولتعرفي فقط شيئا .. إنه إذا ثبت أي علاقة لكن بما جري لابنتي فسأحرص علي إيصالكن إلي الكرسي الكهربائي بنفسي .. وإذا لم يفعل المحلفون ذلك بأنفسهم فسأطلق النار عليكن بنفسي ! " أغلق الخط بعنف فشعرت " مولي " بالفزع وشحب وجهها .. أسرعت تطلب رقم " بيني " بيد مرتعشة لكن الأخيرة تكاسلت عن الرد عليها ست دقائق كاملة كادت روحها تزهق فيها من الفزع والرعب .. أخيرا أجابت " بيني " بصوت متناوم : " أجل إنني مس " بيني " .. " لم تفهم " مولي " ما إذا كانت الأخرى تتلاعب بها أم أنها في قبضة النعاس والنوم الفعلي .. في الحالتين صرخت فيها بذعر : " لدينا مصيبة .. لدينا مصيبة هنا ! " ضحكت " بيني " بسخرية وقالت بطريقة لا أثر للفضول فيها : " إم .. ماذا حدث ؟! " صرخت فيها " مولي " غاضبة : " كالي " مريضة .. مريضة تنزف دما في المستشفي ( ثم أخفضت صوتها خشية أن تسمعها جدتها النائمة في الغرفة المجاورة لها وتساءلت ) ماذا فعلت بها ؟! " لم تحر " بيني " جوابا وسمعت " مولي " صوت تنفسها الثقيل ثم دوي صوت ضحكة قصيرة عصبية وردت " بيني " وهي تتثاءب : " لم أفعل بها شيئا حتما ! لقد كنت موجودة وحضرت كل شيء .. أم أنك لم تكوني هنا معنا ؟! " غضبت " مولي " من لهجة صديقتها غير المبالية ومن سخريتها منها فقالت لها مهددة : " خذيني بحملك لو حدث شيء للفتاة يا " بيني " فأنت وأنت سنكون في ورطة حقيقية ! " ضحكت " بيني " ثانية وهتفت ساخرة : " لماذا ؟! هل نحن قطعنا شرايينها ؟! " " إنها تنزف يا " بيني " تنزف بعنف .. " صمتت " مولي " قليلا ثم سألت السؤال الذي يؤرقها منذ أن تلقت اتصال والدة " كالي " الذي أصابها بالهلع : " هل تلك الدماء .. دماء والدتك مسممة ؟! " رنت ضحكة عالية مثيرة للغيظ علي الطرف الآخر وقالت " بيني " وكأنها تحادث طفلا مغوليا : " وهل أنت مريضة الآن يا طفلتي ؟! ألم تلعقيه معنا .. هل أنت مريضة يا قطعة السكر الهشة ؟! " تحيرت " مولي " فيما يجب عليها أن تجيب به .. هل تنفي مرضها لتطمئن صديقتها وتطمئن نفسها ، أم تعاتبها علي لهجتها المستهينة السخيفة التي جرحتها شخصيا : " إنني بخير حال .. لكن ما الذي ألم ب" كالي " ؟! " صرخت فيها الأخري : " وما أدراني أنا ؟! أثمة من أخبرك بأن " بيني كينجا " تدرس الطب ؟! لعلها أكلت شيئا مقرفا بعد أن خرجت من هنا .. أو لعل والدها ضربها ضربا مبرحا وسبب لها نزيفا داخليا كعادته .. ألا تعرفين أنه دائم التعدي عليها وعلي أمها بالضرب ؟! " لم تكن " مولي " تعرف شيئا كهذا فشعرت بالدهشة الشديدة : " أحق هذا ؟! لكن أمها لم تذكر سوي أنها نزفت ولم تقل شيئا عن ضرب أو اعتداء من الأب ؟!" بسخرية أجابت عليها الأخرى : " وهل تعتقدين أنها ستورط نفسها أو زوجها في الأمر ! " " ولم تلومنا نحن إذن ؟! " " أفهمي يا فتاة .. لو كان ما أتصوره هو ما حدث فعلا فتلك المرأة بحاجة إلي كبش فداء يتحمل حياة ابنتها .. وليس هناك أصلح من مجموعة فتيات صغيرات حمقاوات لتورطهن بالأمر ! " زمت " مولي " ، التي اقتنعت تماما تقريبا ، وقالت بمرارة : " يا لها من لئيمة ! " قالت " بيني " بعنف وإصرار كامل : " فلتذهب إلي الجحيم ! " ترددت " مولي " للحظة ثم أجابت : " نعم .. فلتذهب ! " أغلقت كلا الفتاتين هاتفها .. آوت " بيني " إلي فراشها لتنام نوما عميقا بلا أحلام بينما نامت " مولي " نوما متقطعا تخللته الكثير من الأحلام المزعجة .. أحلام غريبة كثيرة متداخلة لكن موضوعها كلها كان منصبا علي " كالي " التي رأتها في نومها في مختلفة أوضاع الموت والخطر والاحتضار ومشاهد التمزق المؤلمة المخيفة ! ما فحوي هذه الأحلام ؟! إن " مولي " لم تعرف أبدا .. ولم يبدو أنه سيكون بوسعها ذلك .. ففي السادسة صباحا أيقظها صوت اتصال مزعج علي هاتفها الذي نسيته مفتوحا .. كانت المتحدثة هي " تيرالا " .. لم تعطها " تيرالا " أي فرصة أو تمنحها تمهيد مناسب للصدمة التي تحملها لها .. بل صرخت فيها بقوة أن " كالي " قد ماتت ! لفظت آخر أنفاسها فجر اليوم وأن والدتها وأسرتها مصرة علي التقدم باتهام رسمي ضدها هي و" بيني " وجميع الفتيات اللائي حضرن سهرة الأمس المشئومة ! " أرأيت أية ورطة علقنا فيها بسبب جرينا وراء تلك الفتاة المخبولة .. لن أذهب إلي السجن بسببك يا " مولي " .. أتسمعين ! لن أذهب إلي السج... " لم تعطها " مولي " الفرصة لاستكمال صراخها وهذيانها فأغلقت الهاتف بوجهها بحدة .. ثم اتصلت ب" بيني " فورا لتبلغها الأخبار الصباحية السيئة .. لكن الأخيرة كانت نائمة فيما يبدو فلم تجيب علي الهاتف مطلقا ! أنتظروا حلقات كأس الدم يوما بعد يوم في العاشرة مساء بالتبادل مع يوميات كاتب رعب