تكشف أحلام مستغانمي عن طريق واعرة تسير فيه الرواية العربية ، وهي مازلت تتخبط في نتواءات العربي القديم بفكره وبداوته ، والحكي القديم مهما جرت العصور بين الرجل والمرأة ، ولم تبرحه في ثوبها الحديث ، إذ مازلت تتعثر وتتخبط في لغة الحكي ، وتعيد نفس النغمة العازفة على وتر سيمفونية الكلمة .. من ناحية الشكل والبناء ، والمظهر الموسيقي ، وكأنها تغار من الشعر . إذ تتعثر الرواية العربية عن مثيلتها الغربية في المفهوم العربي المحصور في جغرافية مكانها ، ومايستصيغه الفكر العربي من مفاهيم ورؤية على العالم المحاط به ، ومازلت تؤثره الطبيعة بشكلها الحسي ورؤيتها من خلال أحاسيسه الخاصة ، كما المرأة في فكره .. جسدها اللين الطري وانحداراته ومرتفعاته ، وصوتها الناعس الرخيم الموسيقي ، حيث تجري أحداث الرواية العربية الحديثة في هذا المارثون الذي لا ينتهي من مخيلة مبدعيها ، والفارق الذي أحدثته الرواية الغربية وإن كانت الرواية العربية صاحبة السبق في المذاق الأدبي .أما عن أحلام وروايتها الأسود يليق بك فهي فصل من فصول رواية أحلام الأدبية الكبرى ، وان تعددت فصول روايتها الواحدة : النسيان عابر سرير ذاكرة الجسد على مرفأ الأيام كتابة في لحظة عري قلوبهم معنا قنابلهم علينا فوضى الحواس أكاذيب سمكة خاطرات تن ، ولم تنتهي بعد أحلام من هذا المنهل لهذا الصوت وهذه المعزوفة التي تؤثرها وتؤثر قرّائها ، وكأنها تعيد أصوات الماضي لفصول روايتها السابقة ، وإن كان آتي بعد مرض عضال أصابها كاد أن يخرسها عن الكتابة ، ومرحلة من التفكير في مشوارها الأدبي والجديد فيه ، ثم عادت بنفس الصوت المبحوح الذي فقد رخامته قليلا ، وكأنها تعيد إلينا أصوات أبطالها بعد شيخ ، وعباراتهم .. عباراتها المتكررة ، والجملة ذات الوقع الموسيقي والمؤثرات الأدبية .مابال الأدب يأخذ شكلا من الإختصار ، وقف على العبارات والجمل الإيقاعية السريعة ، وكأنه يعكس حال الإنسان الحديث بإيقاعه السريع المتعجل الغير متريّس ؟فظهر الشعر الحديث بعباراته الرنانة ، ومقاطعه الآخذة ، وألفاظه الجديدة وإن كانت متقنة موحية متعددة التأويل ، كما اختصرت القصة القصيرة بشكلها الكلاسيكي ، واختفى منها فن الحكي والسرد ، وأصبحت طلقة سريعة كالومضة ، محجفة في اختصرها وتكثيفها . هل التكثيف بهذا الشكل المغرق فيه يعيدنا لزمن جماليات القصة القصيرة ؟ وتقليد القصة القصيرة للشعر الحديث بحيث يكونان لونان شديدا التشابه من حيث الشكل يغنينا عن القصة القصيرة التقليدية بفن الحكاية فيها وسردها الثري ؟ وهل ما نحن نراه من كتاب جدد لم يعد لهم الخبرة الأدبية في الكتابة ، والموروث الثقافي ، والتاريخ الأدبي ، ولهثهم وجريهم وراء مايسمونه ومضة سريعة .. يعد تاريخا أدبيا لهم ؟ لأشد ما أدهشني فتاة صغيرة لم تبلغ سن الرشد بعد أرسلت لي انتاجها الأدبي المؤلف من مئة ومضة ، وتريد أن تحويهم في كتابين للحصول على عضوية الكتاب ، فرأيتني أعيد لها نصوصها ، وإن كانت نصوص جيدة فيها الإتقان ، ولكن لا لسبب في فن الكتابة ، ولكن لعجزي أن أقنعها بما يجب أن يأخذ مسارها الأدبي شكله الطبيعي ، والمراث التجريبي في كتابة القصة القصيرة التقليدية ، وهي الحاصلة على الجائزة الأولى في فن كتابة الومضة من جروب على الفيس بوك معني بفن الومضة . كل هذا مما لا شك فيه يعكس عجز الكاتب العربي الحديث على التطوير من أدواته وينزوي في السهل الذي هو في كنه الأصعب في أدواته .. السهل الممتنع ، وكلمة الممتنع هنا علما لا يملك الخبرة ، ولا التاريخ والبصمة الأدبية. على الكاتب العربي الحديث أن يعود بالتوازي للقراءة في تاريخ أدبائه القدامى ، ويتعلم منهم ويضيف عليهم ، كما يقرأ لأدباء العالم القدامى منهم والمحدثين ، حتى يطور من المضمون ، ولم يغلب عليه الشكل في التطوير لألآ يحذف ألوانا أدبية معروفة تحاكي الحياة والإنسان من تاريخ الأدب .