الذي نظمته المديرية الجهوية لوزارة الثقافة لجهة طنجة - تطوان بالمكتبة العامة و المحفوظات بتطوان فى احتفالية أقامتها المكتبة العامة بتطوان لقراءة فى ديوان "صراخ الصمت" للشاعرة بهيجة البقالي القاسمي... ألقت الشاعرة كلمة جاء فيها: مساء الشعر...مساء المحبة...أيها الحضور التطواني الرائع، أنا ابنة هذه المدينة العريقة. ازددت فيها. و حين حصلت على شهادة الباكالوريا سنة 1977 ، غادرت تطوان إلى الرباط حيث قضيت 15 سنة بعيدة عن مرابع طفولتي . و حده الحنين كان يسحبني إلى هنا لقضاء بضع ساعات بين العائلة. في سنة 1992 استقر بي المطاف في طنجة لتبدأ دورة أخرى في مسار العمر المبتعد عن جذوره. ذات ليلة من ليالي هذه السنة كانت الساعة تشير الى العاشرة و النصف ليلا حين جاءني اتصال هاتفي من طرف أستاذي الرائع أحمد بولعيش وسيم الذي ما اكتفى بتهنئتي على صدور ديواني " صراخ الصمت " بل أعلن عن استعداده لتنظيم حفل توقيع و تقديم الديوان. منذ تلك الليلة و أنا محمولة على غيمة أخاف أن تذوب فأسقط ...فتحت أعيني فوجدتني في أيادي أمينة. كان عقلي يحمل عدة مفاهيم ...فجاء بعض الأشخاص و غيروا هذه القناعات لأنهم جسدوا أمامي كل قيم النبل و العطاء و جعلوني أحب لغة الضاد و أعشق الوجه الجميل للحياة ...فلكل هؤلاء النبلاء أقدم شكري العميق كما أقدم نفس الشكر للذين لم يستسيغوا شعري . طفولتي مبصومة بأجواء مدرسة "سكينة بنت الحسين" و أبرز أساتذتها "أحمد بولعيش وسيم" الذي كان قمة في السلوك الرفيع و الكفاءة المهنية حيث حبب الي اللغة الفرنسية بنطقه الباريزي وبراعة رسم حروفها ...مما جعلني أبدأ منذ ذاك التاريخ في كتابة خواطر و يوميات بلغة موليير. و كذا أستاذتين فاضلتين "بديعة ابطيو" و "نزيهة بنجلون" دون أن أنسى مديرتي رحمة الله عليها "فاطمة اليطفتي" تلك الشخصية القوية الوقورة قدوتي في مساري التربوي . لم أنس و لن أنسى "ثانوية الشريف الادريسي" و كل من تتلمذت على يدهم في المرحلة الاعدادية و أخص بالذكر الاستاذة "سعاد عزيمان" وزميلتها "ربيعة البشيري" ففي أسلوبهما التعليمي تكمن مجمل قيم الثقافة الهادفة البناءة. أستاذ آخر ترك بصمة في مساري أعني به الأستاذ الفاضل "رضوان احدادو" الذي درس لي الادب و فنونه في ثانوية "خديجة أم المؤمنين" سنة 74 و قد جسدت دور البطولة في مسرحية من تأليفه تحت عنوان " اللهم زدني علما " . ثمة الان في هذه القاعة وجوه جميلة لأصدقاء الطفولة. إنهم حاضرون بكل ثقلهم في أبهاء حنيني. لم أرهم منذ سنين. و هذه فرصة لأقول لهم: أحبكم. لا أجد الكلمات التي تفي بحق الشكر و الامتنان للمندوبية الجهوية للثقافة بتطوان، و للأساتذة المتدخلين، و للحضور التطواني الفاتن، لهم جميعا أقول: أنا عاجزة عن الشكر. في ظل هذا الاحتفاء ألسامق أجدني مدينة لزوجي و أبنائي الذين تحملوا معي شغب الكتابة في الليل و النهار، هم ليسوا معي في هذه القاعة ، لكنهم في قاعة قلبي لا يغادرون. أشتاق لتطوان و عبير زمانها المتألق.أشتاق لتطوان و قيمها الجميلة و حنينها الذي يسكنني و أسكنه. و من حدائق ورد تطوان، أقطف أجمل زهرة و أهديها للفنان الرائع الأستاذ مصطفى مزواق ، صاحب الصوت الشجي، الذي أبى إلا أن يكرمني فقام بتلحين قصيدة لي على نحو مدهش، و نقلها من العين إلا الأذن . ممتنة لحضوركم. ممتنة لدعمكم. أحبكم ... وهذه إحدى قصائد الشاعرة الكبيرة : هذيان أمر بأزقة الزمان أبحث عن عنوان أتأمل الجدران حنين إلى الماضي خطواتي تسبقني أمر بأزقة المكان أراقب الألوان أعانق الدخان تمسّكٌ بالحاضر نبراتي تُرهقني أمر بأزقة الاطمئنان دفء و أمان أبحث عن صمتي في كل زمان في كل مكان أبحث عن نفسي في كل ورقة في كل سطر أبحث عن وجداني في كل كلمة في كل حرف في كل نبضة ... صمتي سجين الخفقان و تبقى الأزقة في حاجة إلى عنوان و أتجوّل في الأزقة أتصفحها من جديد أبواب من حديد أرقام مبعثرة ملفات مدمرة خوف يسريني أجر أرجلي على لوحات الألوان على برك الأشجان أتنفس الصعداء أستنشق الكبرياء أشتاق للدفء للاطمئنان في زمن الأمان و تبقى الأزقة لوحة الأحزان و أركض في ثنايا الأزقة ألامس حيطان أحلامي أتسلق جبال آمالي أقطع وديان الذكريات الصمت يراودني الهمس يطاردني السكون يناديني أحن للمسات الأصيل لهمسات الليل الطويل لسبات النجم العليل أصمت أتأمل و تبقى الأزقة ليس لها بديل و أحن إلى صمتي إلى نسيم الزمان إلى عشقي للا مكان و تسرقني أنفاسي وأغوص ...أغوص في بهاء المعاني وأسبح في الأزقة أطفو على ضفاف الزيوت المرة بواخري احترقت ربابنتي قُتلت وأشرعتي مُزقت غير أني أفتخر كوني امرأة حرة تناديني الأزقة وأتحدى الأشواك أستسلم للأشواق على زرابي اللؤلؤ و المرجان بدءا من "فدان" الأقحوان أتناسى في "طرافين" الذهب وألهو في "غرسة" الغضب أعانق "مصداع" الأسماك و أرقص في "رياض العشاق" أمر بسبعة أبواب تغمرني "سُكينة" و أهرول الى "زيانة" أتذكر طهر الأرواح و صفاء الأبدان أتحسّر من لوعتي و أعانق لهيب شوقي حبها يخترقني يسري في شراييني بياضها يجذ بني يسحرني وأسبح في رحيق "مرتيل" أتدفأ برمال ليس لها مثيل أحلق في سماء الوجدان و تبحر سفني بلا قبطان و أنتشي في بحر الهذيان لن أنساك ما حييت يا مسقط رأسي... يا " تطوان "