مازال يعلق فى ذهنى تلك الاحتفاليه المصغره على شاشة احدى القنوات الفضائيه بعد يومين تقريبا من تنحى الرئيس السابق عن الحكم والتى شارك فيها بعض شباب الثوره بالاشتراك مع الداعية الاعلامى عمرو خالد ......وكان اكثر ماعلق بذهنى هو اقتراحه بعمل دعوه تحت شعار اوعنوان ثورة الاخلاق ثم صححت له السيدة زوجته الفكره هاتفيا باقتراح ان يكون (اخلاق الثوره ) ..... شغل تفكيرى هذين الشعارين خاصة واننى عاصرت مقتل الرئيس الراحل انور السادات وكان عمرى وقتها 22 عاما اى اننى عاصرت طوال فترة الرئيس السابق مبارك وكيف تم فيها من افساد للاخلاق بطريقه ممنهجه ومنظمه ومنتظمه كجريمه كاملة الاركان لاصابة الشعب المصرى فى مقتل والقضاء على اهم معالم شخصيته وحيويته الانسانيه . تمعنت الشعارين ووجدت ان كلاهما غير مؤدى للمراد منهما فالثوره هى حالة انفلات عن الوضع القائم اوانفجار للمشاعر والافكار والارادات كانفجار الحمم والبراكين تستطيع ان تصهر كل مايقابلها ولكنها تبقى انفجارا فى كل اتجاه وخارج كل سيطره ..... واذا اخذنا بهذا المفهوم فانه لايمكن ان يقترن بالاخلاق كلمة ثوره فلايمكن ان يكون المعنى هو انفجار الاخلاق او اخلاق الانفجار فانا اعتبر ان الروح التى ظهرت اثناء وبعد ثورة 25 يناير هى من المعادن الاصيله فى شخصية الشعب المصرى والتى فجرها بركان الثوره حيث كانت قابعه تحت السطح الذى كان مشبعا بكل ماهو فاسد ...... عندما حدث انفجار الثوره خرج هذا المعدن الاصيل ليثبت انه مازال موجودا كخامة ثريه نستطيع ان نعيد بها بناء الاخلاق الذى هدمته عشرات السنوات من التقويض والتدمير ولااقصد هنا فترة الرئيس السابق فقط بل الى ابعد من ذلك من سنوات بنى فيها النظام قصر حكمه على شفا جرف هار فانهار به. من هذا المنطلق فاننى اقترح ان نطرح شعارا آخر ربما يناسب مانريده وهو البناء الاخلاقى مستندا الى كل ثروة المجتمع المصرى الاخلاقيه ومفردات تاريخه الزاخر بهذا المعدن الاصيل والذى جاءت الاديان السماويه لترسخه وتقومه وتبنى له بناءا عظيما على مدى التاريخ وربما يتناسب هذا الشعار مع محتواه حيث ان البناء دائما هو من علامات الخير والنماء ولاشك ان اعادة المنظومة الاخلاقيه الى حياتنا اليوميه هى بمثابة الدماء التى ستجرى فى عروق كل اصلاح وتطور وتنقلنا الى المستقبل بخطوات مثمره وواثقه. قد يرى البعض انى اعرض موضوعا فلسفيا او انى احاول المزايده على الاخرين بانى ابصرت بما لم يبصروا به او انى احاول تجنيد الحروف والكلمات والعبارات لجلب الاهتمام او لتصدر الصوره الصالحة النقيه ....... بالعكس فانا اعتبر سطورى نوع من المحاسبة للذات بل لمحاكمتها فكلنا تقريبا مذنب ان لم يكن بالفعل فبالصمت فبالعجز فبالاستسلام وان كنت اطمع فى شىء فهو الااكون كذرات التراب التى اتت للوجود ثم انجلت دون ان تترك اى اثر فى هذه الدنيا بل ان هذا التراب ربما يكون افضل منى لانه فى نهاية الامر سيحتوينى بذلاتى وعسراتى وتخاذلى وخوفى ولهوى فهو ادى ماخلق من اجله ولم اؤدى ماخلقت من اجله . وهنا ارى ان اسال واتسائل ؟ ......... ما الذى اعلى قيمة المال واهدر قيمة الفرد ؟ .... ما الذى جعل الراشى يرتشى والمسئول يخون ويفسد فى الارض ؟ ..........ما الذى جعل كل مجرم يستحل اموال واعراض ودماء الاخرين ؟ ........ما الذى جعل بعض المسئولين يستغلون سلطاتهم التى اعطاها لهم الشعب ليتسلطوا عليه فيعذبوه ويقهروه ويقتلوه ؟ .........ما الذى جعل الاغنياء يستغلون غناهم والفقراء يركعون لاموالهم بسبب فقرهم فبيعت القيم والاخلاق والشرف بل الاولاد وحتى الاعضاء البشريه ؟ ..........ما الذى جعل اناس يطلقون الرصاص الحى والمطاطى على جموع ثورة 25 يناير دون ان يهتز لهم جفن او يردعهم ضميرهم ؟ اسئله واسئله كثيره اخرى واجابات واضحه ولكنها مترنحه وربما واراها الناس فى مقبرة النسيان حتى لاتفجعهم الحقيقة المريره .......اننى اتهم الجميع بانهم مشاركون فى هذا الفساد ولن يكون هناك 15 يوم على ذمة التحقيق فسجن النفوس والقلوب اشد واسرع عداله من كل المحاكمات....... اننى اتهم الاب والام والمدرس والموظف والعامل والفلاح وكل من تطأ قدماه هذا البلد الطيب واضع على راس قائمة الاتهام رجال الدين ورجال القانون واعضاء المجالس النيابيه والمفكرين والمبدعين والاعلاميين وكل من وهب الله له قلما مقروءا او جعله راعيا لمسجد او كنيسه او لاى جمع او اجتماع او ندوه او منتدى او برنامج اعلامى وارانى اطالبهم جميعا بان يكفر الجميع عن ذنبه وان يقوم بدوره فى اعادة بناء اخلاق المجتمع ..... ان ماسيقال فى الجامع هو ما سيقال فى الكنيسه هو ماسيقال فى البيت والعمل والمدرسه وعلى شاشات التلفزيون وفى الصحف وفى كل مكان وهو ماكان يميزنا عن باقى الامم وصنع منا اقواها اجتماعيا على مدار التاريخ . ان مانشاهده من احداث الفتنه الطائفيه المستعره لهو نتاج لتخلى المؤسسات الدينيه والمؤسسات التربويه والتثقيفيه ووسائل الاعلام عن وظيفتها الرئيسيه فى بناء الاخلاق والمساهمه بقصد او بغير قصد فى حرب بين الطوائف فالمسجد والكنيسه اصبحوا مصنع للتوترات وتركوا الساحه للجهلاء من الجانبين ان يتصدروا الساحه ويشيعوا روح الفتنه والبغضاء متخليين عن دورهم الذى فضلهم الله به فى ان يقوموا بافشاء روح الامن والسلام وتعليم الناس مكارم الاخلاق وثقافة المحبه والحكمه ...... ان العنف هو النتاج الطبيعى للانحلال الاخلاقى والاخفاق فى بناء العقول والضمائر وهو ما افسح الساحه للمضللين والبلطجيه واذناب الشياطين لان يتسيدوا الموقف وينشروا افكارهم وسمومهم بين الناس حتى صار الرعاع والاقل حكمه والمنحرفين هم الذين ينظرون ويوجهون بل ويحكمون حركة المجتمع . كلنا مسئولون امام الله عن ماوصلنا اليه من هذا التدنى والتخاذل وارى ان يتدارك كل منا اخطاءه وان يتم تكوين منظومه بين جميع طوائف المجتمع وجميع مؤسساته التعليميه والدينيه والاجتماعيه والاعلاميه لرسم خارطة طريق لاعادة بناء الاخلاق وان يتم الحوار بين الجميع للوصول الى اهداف ومسارات وخطط وفعاليات ثم يلتزم الجميع بدوره لانجاز ماتم الاتفاق عليه متجاوزين كل النعرات والعداوات والفتن ووضع هذا الهدف على انه مسألة حياه اوموت لنا جميعا مسلحين بصبرنا وعزمنا واخلاصنا لله وللوطن وارى ان تبدأ البذره لهذا المشروع من بيت العائله الذى اقره الازهر والكنيسه فكما ان الاسلام والمسيحيه هما عصب هذه الامه فان البناء الاخلاقى للمجتمع سيكون هو عصب كل تقدم وامان وسلام وسيعود على المجتمع كله فى كل نواحى الحياه وسيعيدنا الى سيرتنا الاولى كاقوى دوله على مر التاريخ اجتماعيا وانسانيا.