زيفُ الفراغ المُحيطُ بك حقيقة بينما فماتراهُ حقيقة ليست سوى زيف .. الألوانُ ليست مطلقة الحقيقة فتتعدد درجاتها ولو بنسبٍ غايةٍ فى الضئالة بينما فنحسب انفسنا جميعاً نتفق على رؤية الدرجة الواحدة منها .. حتى زمن وصول الصورة لعيوننا كى ندركها يؤثر فى موعد الادراك لدينا لها ومن ثم تتباين المدركات لها بأزمان الوصول والادراك .. وهذا قياساً على سرعة الضوء ونسبية آينشتاين .. وهذا يعنى أنه مادامت صورة الشمس تصل لنا فى ثمان دقائق كما والنجم تصل صورته لنا فى عدد من ملايين السنوات الضوئية بالحد اللذى قد يكون فيه قد فنى بينما نراهُ نحنُ الآن لتوِّه .. فلو قللنا الزمن والمدرك لكانت صورة باب الحجرة فى نفس الجزء من النانو ثانية كمدرك ليست حقيقية بل زيف لكننا نظنهُ حقيقة .. حتى مانراهُ على الحواسيب من صور للبحار والمنتجعات والشواطى والجماليات الكونية ماهى الا صورة كاذبة غير حقيقية اذ هى ليست سوى تفاعل وحدتى البايت الموجب والبايت السالب .. وهى عملية حسابية اليكترونية مادية ليس الا .. بينما نتج عن هذا التفاعل تلك الصورة الجمالية الزائفة والتى حسبناها حقيقية .. ذات صورة الجنين على جهاز السونار ليست حقيقية كما نحسبها بل هى ليست اكثر من نقاط تمثل ارتداد الموجات فوق الصوتية على جهاز الاستقبال فتتعدد النقاط حسب طول الموجة وقصرها لترسم صورة لها عُمق وارتفاع بل وذات ابعادٍ ثلاثية فنراهُ جنيناً حسب ترجمة الصورة لكنها ليست صورة بل مجموعة من النقاط متباينة العمق صنعتها اصطدامات الموجات ليس إلَّا ومن ثم هى ليست صورة حقيقية بل زائفة .. حتى حياتنا زاتها لايمكن وصفها بالحقيقة المطلقة .. فلايمكن لشىء فى الحياة باطلاق وصف المطلق عليه من دون احتمال اجتزائه او احتمالية عكسه الا كلمة الحقيقة نفسها .. والحقيقة هى الاسم الوحيد اللذى يتصف بالمطلق .. ولاحقيقة يمكن وصفها كذلك غير الله فهو الحقيقةِ المطلقة .. أما من هم دونه وكل ماهو دونه كذلك يحتمل العكس ولايقبل الاطلاق فى الادراك والجزم باطلاقية حقيقته .. الدنيا نفسها التى نحيها ليست ثابتة التصور فى عقولنا جميعاً فصورتها فى وجدان كل منا تختلف عنها فى وجدان الآخر فالآخر من بيننا وذلك بتعدد البشر وخبراتهم الحياتية ودوائرهم المعرفية .. فمثلاً صورة العالم لدى القروى تختلفُ عنها لدى عمال المصانع .. كما ولدى العلماء تختلف عن صورتها لدى العوام عنها لدى الجاهلين .. كما ولدى السياسيين عنها لدى أهل الإجتماع والفن ولاعبى الكُرة .. كما ولدى الأصحَّاء عنهم لدى مدمنى المخدرات مثلاً وهكذا .. كما وأن صورتها لدى حاكم نيبال أو الفاتيكان عنها لدى حاكم مصر عنها لدى حاكم النيجر عنها لدى حاكم الصين او روسيا او الامريكان .. فالدوائر تتعدد ومن ثم صور الدنيا تتعدد ومن ثم ومادامت ليست الدوائر متطابقة فصورة الدنيا فى خيالاتنا وتصوراتنا ليست هى بذات المقاييس والعمق .. فبدو الصحراء يرون الدنيا غير مايرونها اهل الحضر او اهل السواحل وهكذا .. ومن ثم فالدنيا صورتها غير ثابتة ومن ثم هى غير مطلقة الحقيقة فزائفة .. تلك الدنيا نغادرها بالنوم فننتقل الى عالمٍ مدرك آخر سهل الانتقال فيه ومن دون ثمة عوائق وفى ثوانٍ معدودة حتى نتقابل مع اناسٍ من كافة البلدان والقارات فى لحظةٍ واحدة بل ويحتمل صور جمالية خالبة او قد نطير فيه بما لايمكن تصوره فى العالم اللذى نحياه من بعد صحونا ونعتبرهُ حقيقياً .. لكن السؤال .. وقت النوم ماذا كان ذلك العالم اللذى كنا نراه الم يكن لدينا ساعتها هو العالم الحقيقى بينما فعالمنا هذا كان لدينا هو عالم الزيف ؟! .. بالقطع كنا نعده عالماً حقيقياً وعالمنا هذا هو الزائف وحتى صحونا من رقادنا فانقلب امره الى عالم زائف بينما عالمنا هذا صار لدينا هو العالم الحقيقى .. ذات الأمر العالم اللذى يحيا به الطفل فى رحم امه هو عالمه الحقيقى بينما عالمنا هذا يباتُ لديه عالماً زائفاً وافتراضياً يؤرقه فى كل لحظة .. ولو أمكن وعُرِض عليه ان يغادره لماوافق .. إذ كيف يختار الزيف على الحقيقة وعالم الرحم لديه هو الحقيقة ساعتها .. بينما متى تمت ولادته وبرغم بكائه لمغادرة عالمه الحقيقى هذا الى عالمنا الزائف اللذى قدم اليه متى عرض عليه العودة بالافتراض الجدلى لما قبل أن يعود لرحم أمه وقد صار عالماً زائفاً لايُصدِّق يوماً أنهُ كان يحيا فيه كعالم حقيقى بل ولايرتضى الرجوعُ إليه إن خُيِّر بين العالمينِ جدلاً .. وهذا كلهُ يؤكد أن من يموتون بإنتقالهم الى عوالم اخرى ستكون هى لهم عالمهم الحقيقى بينما عالمنا هذا هو الزيف بعينه فيرفضون العودة له متى عُرض عليهم بالافتراض الجدلى العودة .. والسؤال اللذى فرض نفسه من خلال كل هذا الاسهاب فى التفكير علىَّ فى مرحلة دراستى الثانوية وقد تعرضت فى حينِها لحادث صعقٍ كهربائى ماكان يفرقنى عن الموت سوى ثوانٍ معدودة رأيت فيها الموت عياناً فتساءلت : وماذا أدرانى أنى لم أمت بينما الحياة التى أحياها الآن إن هى الا حياةً أخرى ؟! .. والآن أكرر ذات السؤال عليكم ثانيةً علينا جميعاً : من منا لم يتعرض لحادث موتٍ قاتل وانجاه الله فلم يمت ماذا أدراهُ أنه لم يمت بينما فحياته تلك ان هى الا حياةً أخرى بينما الناسُ من حولِه هم جزء من هذا العالم الآخر الجديد عليه من بعد موته كطورٍ آخر للحياة .. ؟! أعلم أن السؤال فانتازيا وضرب من الجنون الا أنهُ لايمكن اطلاق عبثيته بإطلاقها من دون حاجة لإعمال فلسفةٍ قد توصلنا لحقيقةٍ فحواها أن هذا العالم اللذى نحياه يقبل القول عنه بانه عالمٌ زائف غير حقيقى ومشكوك فى حقيقته بالمُدرك الحسى الكاذب واللذى يمكن التشكيك فيه لمن اراد متى اراد .. طِعامُُ يَفقِدُ مذاقَه لمجرَّدِ عبورِهِ من فمِك إلى المرىء .. لايستحِقَّ أن تعبأ بزخرفتِه ولا تشكيلِه ولا حتى عظيمَ إعدادِه .. بل هو لنقتاتَ به كى نحيا لا أكثر .. كلمة ملكك ليست حقيقية فأنت لاتملك شىء .. فاللذى تملكه هو ماتصاحبه حتماً وقت رحيلِك .. ومالاتصاحبه معك فليس بملكك بل هو رفيقٌ قد تغادره فى كل لحظة لايستحِق الإستماتة عليه او الاعتزاز به حدود التولُّه .. بنينٌ وحفَدة كما وقُصورٌ وسيَّاراتٍ فارِهة ومنتجعاتٍ سياحيةٍ وأرصدة بنوكٍ خياليَة وهِندامٌ مُزخرَف وقِنِّيناتَ عِطرٍ شذيَّة .. كل هذا وأولئك ليس بمقدورِك أن تصحبهم معك لمدى زمنى تتحكَّم أنت به من دون تهديد الموت لك بأنَّك راحل وبكُلَّ ثانيةٍ هى تمُرُّ عليكَ .. فكيفَ تركَنَ إليها أدوات غِنَى تتعاظمُ بها على من هُم دونِكَ وسِوَاك .. عالمٌ من حولِك لايستطيع البَشر رسم صورةٍ واحدةٍ له من خلال إتحاد وجادينِهِم تكون هى محل إتفاق على وحدة المُدرَكِ فيه .. هو عالَمٌ لايمكن وصفهُ بالحقيقة المُطلقة لكنهُ يحتمِلُ الزيف .. فهل تركنُ إلى زيفٍ لاتملُك مجرد البقاء فيه .. دُنيا وبرغم إتساعها يحتويها قبرٌ .. لاتُوصَفُ فى نظرى الا بكونها ليست سوى قبر .. نتخذهُ مروراً إلى عالمٍ سرمدىٍّ تتعاظمُ فيه العدالةُ تحت عرش الله الواحد سبحانه وهو الحقيقة المطلقة .. حرىٌّ بنا لأجلِهِ أن نتأهَّب ومن فورنا لاريب !!!