لا ننكر استفادة الحركات الإسلامية السياسية من الحراك المجتمعي في دول الثورات، وهذا طبيعي كونهم أكثرية المجتمع، ويعملون بشكل منظم منذ سنوات، وفوزهم متوقع , لكن هل سيتحول الصراع من صراع إسلامي قومي ليبرالي إلى صراع إسلامي إسلامي ؟ في اعتقادي أن الصراع القادم سيكون إسلاميا إسلاميا بمعنى صراع بين القوى والحركات الإسلامية مع بعضها البعض بحكم اختلاف الرؤى الإسلامية وتعدد الآراء والاتجاهات . التخوف من الإسلاميين الحركيين ليس لأسباب فكرية بحته بل لأسباب علمية فالأحزاب السياسية الإسلامية ، كانت على عداء واضح مع الديمقراطية إلى سنوات قليلة ماضية. وفي الأخير استخدمت طرق كثيرة لتصل للديمقراطية وهاهي تحاول تسخير الديمقراطية لمصالحها . يظن البعض أنني ضد وصول الإسلاميين إلى الحكم،ولا يمكن أن أكون ضد مكون هام من مكونات المجتمع بل المسألة هي في العمل الحقيقي نحو مجتمع مدني يؤمن بالتداول السلمي للسلطة والتعددية الفكرية حيث (الدين لله والوطن للجميع)، فعلى المساواة تقوم الديمقراطية وعلى مبادئ الحرية تنمو ، والسيادة للقانون وليس للأشخاص والآراء ، والمنظِّم لكل ذلك هو الدستور الذي يكون للجميع وليس لطائفة معينة وبالتالي فإن تسييس الدين يقضي على أصل من أصول الدولة الحديثة وهو المدنية فأصل الدول مدني وليس دينيا كما تزعم الأحزاب الإسلامية المؤمنة بفكرة أن الإسلام السياسي هو الحل .. مشكلة الإسلاميين الأساسية أنهم يتصورون تمثيلهم الحقيقي للدين، في حين أن السياسة تقف بحيادية تامة تجاه المسائل الدينية والعقائدية ، وبالتالي ذلك الإيمان إذا لم يتغير فإن المجتمعات سوف ترفض استبدال استبداد باستبداد آخر وسوف تخسر تلك القوى الإسلامية نفوذها وتسقط شعاراتها التي بدأ بعضها في السقوط نتيجة الإصرار على تنفيذ مواقف معينة كما هو ظاهر في الحالة المصرية . بعض الجماعات الإسلامية تؤمن بالعنف للوصول إلى السلطة وبعضها تراجع عن ذلك الإيمان بعد مراجعات ومواجهات حاسمة لكن تغليب فكرة أن الانتماء الحزبي مقدم على الكفاءة والوطنية, يؤدي لانشقاق بالجسد الحركي الواحد وبروز أصوات تدعوا للعنف والعلة الحفاظ على المكتسب الشرعي , فضلاً عن تولد حالات الاحتقان والثورة المضادة للاستبداد , مشكلة الأحزاب الإسلامية ومنذ القدم تكمن في إعادة إنتاج الاستبداد بصورة وبطريقة أخرى ذلك الإنتاج سوف يقابله إعادة إنتاج للعنف والفساد والهيمنة الشعاراتية عندئذ ستستفيق تلك الأحزاب وهي في المؤخرة تجر أذيال الهزيمة التاريخية . أمام الأحزاب الإسلامية بمختلف تياراتها ومدارسها مرحلة حاسمة وهي دراسة الواقع والتخلي عن بعض الآراء التي هي في الأساس آراء ليست من الدين بالضرورة ,و تحقيق التعايش والتنمية والمشاركة فوظيفة الأحزاب الحاكمة تطبيق الديمقراطية وليس اختزالها في شخوص وممارسات معينة .