حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في أوراق ثقافية العدد:15من مجلة بونة للبحوث والدراسات

تعنى مجلة بونة للبحوث والدراسات بالأبحاث والدراسات التراثية والأدبية واللغوية،و تصدر عن مؤسسة بونة للنشر والتوزيع بعنابةالجزائر، وهي مجلة دورية محكمة تصدر مرتين في السنة .
مؤسسها ومديرها: الأستاذ الدكتور/ سعد بوفَلاَقَة،و أمين سرها: محمد سيف الإسلام بوفلاقة، وتتكون الهيئة العلمية للمجلة من مجموعة من الأساتذة والباحثين المتميزين، نذكر من بينهم: أ.د. عبد الملك مرتاض،وأ.د.مختار نويوات،و أ.د. عبد المجيد حنون،وأ.د.محمد خان،و أ.د الربعي بن سلامة وأ.د. طاهر حجار و أ.د. عبد السلام الهراس،ود. أحمد شنة وأ.د. عبد اللطيف الصوفي وأ.د الشريف مريبعي، و أ.د. بلقاسم بلعرج و أ.د. فاطمة طحطح وأ.د. خير الله عصار، و أ.د. سعد بوفلاَقة،و أ. د. حسن كاتب،وأ.د. عبد القادر هني .
ووفق ما جاء في شروط النشر وقواعده فالمجلة:
1- تنشر الأبحاث والدراسات التراثية والأدبية واللغوية، والمتابعات النقدية في مختلف الفنون الأدبية، وعرض الكتب القيمة والرسائل الجامعية المتميزة التي تصب في باب التراث.
2- يشترط في الأبحاث والدراسات المقدمة للنشر في مجلة بونة للبحوث والدراسات أن تكون مبتكرة وأصيلة، ولم يسبق نشرها من قبل في أية وسيلة نشر أخرى.
3- يجب أن تكون المادة المرسلة للنشر في المجلة مطبوعة بوساطة الحاسوب (الكومبيوتر) ببنط 14 في المتن و12 في الهامش، وأن تكون الكتابة على وجه واحد من الورقة مع ترك هوامش (4سم) من كل جانب من جوانب الورقة وترسل المادة في ثلاث (03) نسخ مع قرص مرن.
4- توضع الهوامش (الحواشي) أسفل الصفحة داخل قوسين [(1)،(2)، (3)...إلخ] بذكر اسم الكاتب، واسم الكتاب، والصفحة، وتذكر المعلومات التفصيلية للهامش في نهاية البحث في قائمة المصادر والمراجع مرتبة ترتيبا هجائيا تبعا لاسم الكاتب، واسم الكتاب، والطبعة، وبلد الطبع، وجهة النشر وتاريخه.
5- يجب أن يراعى في الأعمال المتضمنة لنصوص شعرية أو آيات قرآنية كريمة، أو أسماء أعلام ضبطها بالشكل، وعزو الآيات القرآنية، وتخريج الشعر.
6- يجب أن لا يزيد الموضوع المقدم للنشر عن عشرين صفحة.
7- تعرض البحوث، في حال قبولها مبدئيا، على محكمين متخصصين لبيان مدى صلاحيتها للنشر، وفق المعايير المذكورة أعلاه، وتبقى عملية التحكيم سرية.
8- تحتفظ هيئة التحرير بحقها في إجراء التعديلات المناسبة على الموضوع المقدم للنشر بما يتلاءم مع أسلوبها في النشر.
9- لا ترد الموضوعات المرسلة إلى المجلة إلى أصحابها سواء أنشرت أم لم تنشر.
10- المادة المقبولة للنشر تأخذ دورها للنشر وفق صدور أعداد المجلة، ويخضع ترتيبها في المجلة لاعتبارات فنية وتقنية.
11- على الباحث أن يرفق ببحثه نبذة مختصرة عن حياته العلمية مبينا اسمه ولقبه ودرجته العلمية، ووظيفته، وعنوانه.
12- الأبحاث والدراسات المنشورة في المجلة تعبر عن آراء أصحابها ولا تعكس بالضرورة رأي المجلة.
وقد تنوعت محتويات العدد:15 من المجلة،و بدأت بافتتاحية الأستاذ الدكتور سعد بوفلاقة رئيس تحرير المجلة،وقد ارتأى أن يخصصها للاحتفاء بذكرى العلاّمة الشيخ زهير الزاهري،حيث جاء فيها:
هذه كلمة موجزة عن "العلامة الشيخ زهير الزاهري" رحمه الله، في الذكرى الثانية عشرة لوفاته.
لقد التقيت العلامة الشيخ زهير الزاهري أول ما التقيته سنة:1990م، ولقتيه آخر ما لقيته في آخر أسبوع من شهر أوت عام :1999 م قبل وفاته بشهور، ولم نكن نعلم أن اللقاء سيكون الأخير.
كان اللقاء الأول سنة تسعين وتسعمائة وألف في الملتقى الدولي عن بني هلال "سيرتهم وتاريخهم" الذي نظمه المركز الوطني للدراسات التاريخية بالجزائر العاصمة.
وكان الشيخ زهير الزاهري رحمه الله، عميد الملتقيات الوطنية والدولية، يملأ دنيا الملتقى بحضوره المتميز (بلباسه الإسلامي الجزائري التقليدي) وبحيويته ونشاطه المعتاد حتى أنه لقب بالشيخ الشاب أو الشاب الشيخ، ولكن هذا لا يعني أن الذين كانوا مشدودي الأبصار منصتي الأسماع إلى حركات الشيخ كانوا جميعا ينظرون إليه بارتياح، فقد كانت طائفة منهم ينظرون إليه "بأعين خطب في ملاحظها..... " وبخاصة طائفة "المستقورين" نسبة إلى "القاوري" أي الفرنسي، ويستعمل هذا المصطلح الصحفي سعد بو عقبة كثيرا، ويعني به الجزائريين المتيمين بفرنسا.
وكان الشيخ الجليل طيب الله ثراه، هو المبادر للقائي بعد أن وجد اسمي ضمن قائمة المشاركين في الملتقى المذكور سأل عنّي وقصدني، وأخبرني بأنه يعرف بعض الأشخاص من عائلتي، وأفادني بمعلومات هامة عن نسب قبيلتي.
فقد كان، رحمه الله، حافظاً لأنساب العرب والبربر في الجزائر خاصة، والمغرب العربي عامة.
وكان في هذا الملتقى نجما ساطعا؛ وقد تناول في محاضرته جملة من القضايا، نذكر منها "مواقف المؤرخين من الهلاليين"، وصنف هذه القضايا كما يأتي:
1. الطاعنون: الافرنج وابن خلدون والمتبربرون.
2. المدافعون: مبارك الميلي والدكتور عثمان سعدي.
3. المعتدلون: عبد الرحمن الجيلالي وأحمد توفيق المدني.
وكان يدافع عن الهلاليين وكأنهم يعيشون معنا اليوم، ويرد على خصومهم الطاعنين الذين يصفونهم بالهمجية والبداوة والتخريب قائلا لهم: من خرب القلعة الحمادية؟! وطبنة؟! وتيهرت؟! ثم من خرب (التليفريك) بعنابة؟!! واتهم ابن خلدون بالعصبية القبلية لأنه من القحطانيين الذين يكنون عداوة شديدة للعدنانيين، وقد كتبت الصحافة يومئذ بعناوين بارزة: (الشيخ زهير الزاهري يحاكم ابن خلدون).
ولا يتسع المجال هنا لذكر جميع عناصر المحاضرة، وهي من الأهمية بمكان، ولعل فرصة أخرى تتاح للعودة إليها.
وكان الشيخ زهير الزاهري، طيب الله ثراه، لا يجامل ولا يحابي، يقول كلمة الحق، ولا يخاف لومة لائم، ولهذا كان (المستقورون) يخافونه، ويستفزونه أحيانا، وقد شهدت بعض هذه الاستفزازات.
كنا نتناول طعام العشاء في إحدى الليالي من أيام الملتقى المذكور سلفا، وإذا بزمرة من (المستقورين من النساء والرجال) يجلسون في الطاولة المقابلة لنا ويتناولون الخمر بطريقة استفزازية ويتغامزون، وقد شارك في الملتقى بعض اليهود والنصارى ولم يتناولوا الخمر (كالمستقورين) احتراما لمشاعر المسلمين، فنظرت إلى الشيخ، وسألته كيف نسمي هؤلاء؟
فقال: أباليس جمع إبليس، وأنشد قول الشاعر:
لو كان في العلم من دون التقى شرف لكان أشرف خلق الله إبليس
وكان طيب الله ثراه، خطيبا بليغا، وقد عمل إماما لعدة سنوات تنقل خلالها بين مدائن: القل و قالمة وعنابة، كما كان يقدم دروسا مجانية في مساجد مدينة عنابة بعد تقاعده في كل يوم جمعة.
وقد نبغ في الشعر وترك فيه قصائد ومقطعات متعددة، قالها في مناسبات مختلفة، وبخاصة في ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تنعقد في الجزائر مرة في كل سنة، ومنها قصيدته التي قالها تحية للملتقى الرابع عشر للفكر الإسلامي المنعقد في الفترة ما بين 20- 27 شوال 1400ه. نجزئ منها:
- التحيات ياسمين ووردة بيد الملتقى وشكر وحمد
- أيها الملتقون سلام عليكم فادخلوها إن الجزائر خلد
- فهنيئا لنا بأسبوع فكر فيه حرية وعقل ورشد
وخلاصة القول: إن الشيخ زهير الزاهري كان مكتبة متنقلة متعددة التخصصات، فقد كان إمام أهل التاريخ والرواية بالجزائر والمغرب العربي، كما كان أحفظ أهل زمانه لأنساب العرب والبربر، وكان خطيبا بليغا، وشاعرا خنذيذا، وهناك جوانب أخرى شيقة في حياة الشيخ عرفتها فيه من خلال ذكرياتي معه، لا يتسع المجال لذكرها جميعا في هذه العجالة، وقد نعود إليها في فرصة أخرى، إن شاء الله
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه
رئيس التحرير سعد بوفلاقة
كما تضمن العدد مقالاً لرئيس التحرير أ.د.سعد بوفلاقة وسمه ب « محمد إسماعيل الندوي: تأملات في حياته ومصنفاته »،وذكر أن مقاله يهدف إلى إلقاء الضوء على مصنّفات علم من أعلام اللغة العربية، والتاريخ، والترجمة، في عالمنا المعاصر، وهذا العلم هو: محمد إسماعيل الندوي الهندي (تلميذ العلاّمة أبي الحسن علي الندوي).
وقد تناول في الشق الأول من ورقته: حياته. وأما في شقها الثاني، فتحدث عن مصنّفاته، و تناول بالخصوص، كتابه: « تاريخ الصلات بين الهند والبلاد العربية» بالتعريف والتحليل، هذا الكتاب الذي يعد من أهم المصنّفات التي تحدّثت عن العلاقات الثقافية، والفكرية، والسياسية، والتجارية بين الهند والبلاد العربية على مرّ العصور. بذل المؤلف جهوداً كبيرة في تأليفه، فقد عكف على قراءة كتب التاريخ والأدب، والفلسفة، والحضارة في أربع لغات هي: الأردية، والعربية، والفارسية، والإنجليزية. ليجمع مادة كافية لأداء هذه المهمة الشاقة...لأن هذا العمل يعد أول محاولة في اللغة العربية، والأردية، واللغات الأجنبية...
وقد استعرض الدكتور سعد بوفلاقة في مقاله هذا أهم مضامين الكتاب ، و تحدث عن دوافع تأليفه، ومصادره، ثم محتواه، وقيمته العلمية والتاريخية، و ختم بحثه بالإشارة إلى القيمة التاريخية والعلمية للكتاب، حيث ذكر في هذا العنصر أن هذا العرض الوجيز عن محتويات كتاب: تاريخ الصلات بين الهند والبلاد العربية لا يعطي سوى نظرة سطحية عن قيمته الحقيقية (التاريخية والعلمية) التي ستجعل منه مرجعاً أساسياً لتاريخ الصلات السياسية والاقتصادية والثقافية والروحية بين الهند والبلاد العربية، ويستمد هذا الكتاب قيمته وأهميته من كونه يعالج موضوعاً جديداً، فهو أول محاولة جادة «لا في اللغة العربية وحدها، بل وأيضاً في اللغة الأردية، واللغات الأجنبية التي تعالج هذا الموضوع بهذا الشكل».
فهو لا يترك مسألة من المسائل التي عالجها دون تعليل، وقد سلك في دراسته مسلك الحياد العلمي، ممّا جعل الكتاب هاماً قيّماً لا يستغني عنه أي مهتم بتاريخ الهند والبلاد العربية، خصوصاً وقد أضفى عليه المؤلف جمالاً ورونقاً بأسلوبه الممتع الشيق، حيث توخّى فيه السهولة والسلاسة الشيء الذي جعل الكتاب ذا قيمة علمية، وتاريخية، وأدبية، وهو يذكر المصادر والمراجع بكل دقة، ويتعمق في البحث مما جعل الكتاب صالحاً للجمهور والباحثين معاً.
وكتب الدكتور عاطي عبيدات من جامعة رازي، محافظة كرمانشاه، من الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن« المقدمة الطللية: نشأتها وتطورها في الشعر العربي».
وقد أشار في ملخصه إلى أن بنية القصيدة العربية لم تكن يوماً ما، تقتصر على شكل أو نوع معين مِن المقدمات، بل تنوعت المقدمات في فضائها ولكنَّ اللوحة الفنية التي ذاع صيتها ورافقت القصيدة العربية في رحلتها، هي اللوحة الطللية التي كثُرَ استخدامها مِن قبل الشعراء الجاهليين الذين أصلّوها واقتدى الشعراء فيما بعد بهم وأخذوا يحرصون على افتتاح قصائدهم بالتقليد الفني المتوارث إلا أن هناك بعض التيارات التي برزت و جابهتها وحاولت إضعافها، وقد تَمثلّت في أبي نواس ورفاقه ورغم تلك المحاولات استطاعت اجتياز التحديات إلى أن عانقت منتصف القرن التاسع عشر وشهدت المقدمة الطللية في هذه الفترة الطويلة ازدهاراً وانكماشاً وشَدّاً وجذباً كثيراً.
يشير الدكتور عاطي عبيدات في مستهل هذا المقال إلى محاولات الكثير من الدارسين الوقوف أمام ظاهرة الطلل الفنية ومحاولة تأصيلها، باذلين في ذلك جهدا مشكورا ومضيفين إلى التراث الادبي لبنات خصبة ومضيئين لكثير من جوانب هذه القضية والمحاولة التي تقوم بها هذه الدراسة لا تعدو أن تكون وجهة نظر مجتهدة في تفسير هذه الظاهرة، وتعترف بجهود السابقين وتقدرها حق قدرها. ولكنّها تنبعث من الظن بأنّ مجال الدراسات الادبية يتسع لأكثر من وجهة نظر، لأنه لا يعرف التفسير الوحيد أمام قضاياه المثارة. فكل وجهات النظر حول موضوع معين تعتبر نوافذ متعددة يمكن النظر من خلالها إليه من زوايا مختلفة، تساعد على بلورته وانضاجه. ومن أهم الدراسات في هذا المجال دراسة للدكتور عبد الملك مرتاض بعنوان: «المعلقات السبع مقاربة سيمائية أنثروبولوجية لنصوصها» ودراسة للدكتور حبيب مؤنس تحت عنوان «فلسفة المكان في الشعر الجاهلي» التي ركزت على الطلل ومفهومه داخل نص القصيدة. ودراسة للدكتور يوسف خليف بعنوان « مقدمة القصيدة الجاهلية» ودراسة أخرى قام بها الدكتور محمد صادق حسن عبدالله بعنوان «خصوبة القصيدة الجاهلية» فهذه الدراسة المتواضعة التي نحن بصددها ما هي إلاّ محاولة حديثة لقراءة متأنية للمقدمة الطللية في مسيرتها الطويلة، والكشف عن منطلقات الشعراء في تناولها في العصور المختلفة، فضلاً عن تركيزنا في بيان التأثيرات والرواسب التي خلّفتها المقدمة الطللية على الأدب الفارسي وشعرائه ونحن على قناعة بأن دراسة حركة المقدمة الطللية وما آلت اليه تستوجب قراءة فاحصة أو كفاءة معرفية لتحليل أبعادها وتجلياتها.
إنَّ المقدمات الطللية تعدُ من أهم الموضوعات التي تردد في القصيدة الجاهلية، ويشكل الطلل بالنسبة لها بداية الحقبة الشعورية التي من خلالها تمر أحاسيس الشاعر وتجاربه الخاصة، وقد كان سبب اهتمام الشاعر بتلك المقدمات نتيجة للروابط الوطيدة المتصلة بإنسانية الشاعر وصراعها مع ميولا ته وعواطفه وما يخلج في داخله من نزعات ضد مؤثرات الطبيعة القاسية والاوضاع الخاصة التي يعيشها، ولهذا فإنَّ هذه المقدمات أخذت حيزاً من حياة الانسان العربي الجاهلي لأنها تقوم أساساً على مبدأ صراع الانسان ضد الطبيعة للتقلب على هذه الحياة والبقاء فيها [حسين الحاج، 1998، ص ص54-56] عموماً فإنَّ المقدمة الطللية هي أعرق مقدمة أو استهلال أو افتتاحية شعرية في تاريخ بناء القصيدة العربية، ويلازمها الغزل في عراقته على طول تاريخه أيضا، وما سوى ذلك من المقدمات انما هو خروج وانزياح عن هذا الاصل، وتجديد للصيغ القديمة. «فانَّ المقدمة الاستهلالية في أي غرض كانت، ينبغي أن تكون اللمحة الدالة على مضمون القصيدة، والشرارة الأولى لتوصيل الشحنة الوجدانية المثيرة للمتلقي ويكون لها تكثيفها الخاص في استدرار العاطفة واستجلاب الاهتمام أو تحفيز الأذهان للإنصات والمتابعة على الاستمرار والتدرج حتى ينتهي الشاعر إلى مراده. [البياتي، 1986، 59].
وقد توصل الباحث في الأخير إلى استنتاج مفاده:
تعتبر مقدمة القصيدة العربية ظاهرة فنية نشأت مع ظهور القصيدة في العصر الجاهلي ورافقت القصيدة في رحلتها الطويلة، فالشاعر الجاهلي كما يقال لم يكن قط يصدر قصائده بالمقدمات الطللية أو غيرها،إلاّ مِن حيث إنّها وجدانية بين المبدع والمتلقي ثم من حيث هي ضرب من التقاليد الفنية تتجلى مِن خلالها صيرورة كليهما إلى ميراث من الأعراف الشعرية المشتركة. فهذه الظاهرة لم تتخذ شكلاً واحداً بعينه، بل تنوعت صورها وأشكالها، التي أصلّها شعراء الجاهلية فعالجوا فيها مشكلات إنسانية كبرى مثل الحياة والموت والزمان والمكان ولكن أشهرها على الاطلاق التي أثارت زوبعة من النقاشات والدراسات هي المقدمة الطللية واكتسبت أهمية قصوى في الجانب الشكلي والمعنوي. وقلد شعراء صدر الاسلام والعصر الأموي شعراء الجاهلية في كثرة التقليد وقلة الابداع، بينما شعراء العصر العباسي اختلفوا فيما بينهم، فمنهم من حافظ على معظم المقدمات الموروثة، والبعض الآخر حَوَّر الكثير مِن عناصرها البدوية، فقدم طابعاً حضارياً بدوياً، وطائفة منهم قاموا بمناهضتها وسخريتها وازدرائها كما فَعَلَ أبو نواس وغيره، واعتبروها غير ملائمة لزمانهم ومكانهم، فاستحدثوا مكانها أنواعاً جديدةً مِن الفواتح استمدوها من بيئتهم المتحضرة وحياتهم المترفة. ورغم تلك الاجراءات التي اعتبرها البعض تعسفية بحق المقدمة الطللية، لكنّها لم تفتقد بريقها ولم تنزل من صهوة جوادها واستطاعت اجتياز التحديات إلى أن عانقت منتصف القرن التاسع عشر.
وقد اعتمد الباحث في دراسته هذه على مصادر ثمينة قديمة وحديثة ،نذكر من بينها:
ابراهيم، عبدالرحمن [1979]: الشعرالجاهلي وقضاياه الفنية، بيروت، لبنان.
- ابن ابي ربيعة، عمر [1991]: ديوان، العراق، بغداد، دار الحكمة.
- ابن سلام الجمحي [1989]: طبقات فحول الشعراء، بيروت، لبنان.
- ابن العبد، طرفه [2004]: ديوان، بيروت، دار الجيل.
- ابن الورد، عروة [1992]: ديوان، بيروت، دار الكتب العلمية.
- ابن رشيق [لا.ت]: العمدة في محاسن الشعر والأدب، بيروت، لبنان.
- ابن قتيبة [1992]: الشعر والشعراء، بيروت، دارالثقافة.
- ابن مبارك [1994]: منتهى الطلب من أشعار العرب،تحقيق عادل سيلمان، مكتبة الخانجي.
- أبوسليم، أنور [1991]: دراسات في الشعر الجاهلي، بيروت، دارالجيل.
- أبو نواس [1997]: ديوان، بغداد، العراق.
- إسماعيل عزالدين [1973]: روح العصر دراسات نقدية في الشعروالمسرح والقصة، القاهرة.
- إسماعيل، عزّالدين [1975]: في الأدب العباسي الرؤية والفن، بيروت، دارالنهضة العربية.
- إسماعيل، عزالدين [1964]: «النسيب في مقدمة القصيدة الجاهلية في ضوء التفسيرالنفسي» مجلة الشعر المصرية، العدد 2.
- الأصفهاني ، أبوالفرج [1990]: الاغاني، لبنان، دار الثقافة.
- الأكبر المرقش [1987]: ديوان، بيروت، دار الحياة.
- امرؤ القيس [2002]: ديوان، لبنان، دارالشروق.
- الباقلاني [1963]: إعجاز القرآن، القاهرة، دارالمعارف.
- البنا، حسن [1989]: الكلمات والأشياء بحث في التقاليد الفنية للقصيدة الجاهلية، القاهرة.
- البهيبتي، نجيب [1961]: تاريخ الشعر العربي، دار الايمان، القاهرة.
- البياتي، عادل جاسم [1986]: دراسات في الادب الجاهلي منطلقاته العربية وآفاقه الانسانية، المغرب، دارالبيضاء
- الجاحظ [1989]: الحيوان، بيروت، لبنان، دار العربية.
- الجبوري، يحيي [1993]: الشعر الجاهلي، خصائصه وفنونه، بنغازي، جامعة قار يونس.
- جرير [1996]: ديوان، لبنان، دارالآفاق.
- حسنين، سيد حنفي [1971]: الشعر الجاهلي، القاهرة، الهيئة العامة.
- حسين، الحاج [1998]: في تاريخ الادب الجاهلي، بيروت، دارالعلم
- حسين، طه [لا.ت]: حديث الأربعاء، مصر، دارالمعارف.
- حفني، عبد الحليم [1987]: شعر الصعاليك منهجه وخصائصه، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
- الحوفي [1961]: تاريخ الشعر العربي، القاهرة.
- الحيني، محمد جابر [1963]: أنوار في دراسات وأبحاث، بيروت، لبنان.
- خشروم، عبد الرزاق [1982]: الغربة في الشعر الجاهلي، بيروت.
- خليف، يوسف [1965]: «مقدمة القصيدة الجاهلية محاولة جديدة لتفسيرها» مجلة المجلة، 98.
- خليف، يوسف [1968]: حياة الشعر في الكوفة، القاهرة.
- خليف، يوسف [لا.ت]:الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، القاهرة، دار المعارف.
- خواجه، ابراهيم [1987]: عروة ابن الورد :حياته وشعره، نابلس، مكتبة النصر التجارية.
- د.عبيس، سعد [1992]: تيارات معاصرة في الشعر الجاهلي، دارالكتب العلمية، لبنان.
- ذوالرمة [1993]: ديوان، بيروت، دار الجيل.
- ريتا،عوض [1978]: اسطورة الموت والانبعاث، لبنان، بيروت.
- زكريا، ابراهيم [2006]: مشكلة الحياة، مكتبة مصر.
- زكي، أحمد كمال [1969]: شعر الهذليين في العصرين الجاهلي والاسلامي، القاهرة.
- زكي، أحمد كمال [1981]: التفسير الأسطوري للشعر القديم، بيروت، لبنان.
- زكي، أحمدكمال [1961]: الحياة الأدبية في البصرة، بيروت.
- زهير بن أبي سلمي [1998]: ديوان، بيروت، لبنان.
- سرباز، حسن [1389ه.ش]: «الصعاليك وشعرهم في العصر الجاهلي» مجلة آفاق الحضارة الاسلامية، العدد 25، طهران.
- سويدان، سامي [1989]: في النص الشعري العربي مقاربات منهجية، بيروت، دارالآداب.
- شكري، فيصل [2008]: تطور الغزل بين الجاهلية والاسلام، بيروت، دار الجيل.
- صادق، محمد حسن عبدالله [2003]: مقدمة القصيدة الجاهلية، لبنان.
- صادق، محمد عبد الله [1994]: المعاني المتجددة في الشعر الجاهلي، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية.
- الضبي، المفضل [1979]: المفضليات، ت أحمد شاكر، القاهرة، دارالمعارف.
- الطائي، حاتم [2006]: ديوان، الكويت.
- الطيب، عبدالله [1970]: المرشد إلى فهم أشعار العرب، بيروت، دار الفكر.
- عبد الحافظ، صلاح [1982]: الزمان والمكان في الشعر الجاهلي، بيروت، دار العلم.
- عبد الحافظ، صلاح [1982]: الزمان والمكان في الشعر العربي وأثرهما في حياة لشاعر الجاهلي وشعره، دار المعارف، مصر.
- عبد العزيز، محمد شمادة [1996]: الزمن في الشعر الجاهلي، بيروت.
- العبدي، المثقب [1987]: ديوان، القاهرة، دار المعارف.
- عطوان، حسين [1984]: مقدمة القصيدة في العصر الأموي، مصر، دارالمعارف.
- علىمات، يوسف [2004]: جماليات التحليل الثقافي في الشعر الجاهلي نموذجاً، الأردن، دارالفارس، ط 1.
- عمرو بن قيمة [1997]: ديوان، بيروت، لبنان.
- عوض، ريتا [2008]: بنية القصيدة الجاهلية، الصورة الشعرية لدى القيس، بيروت، لبنان، دارالآداب، ط2.
- غزوان، عناد [1974]: المراثي الغزلية في الشعر العربي، بيروت.
- فاضلي، محمد [بي تا]: «ادبيات قديم در نگاه نو- سير تاريخي قصيدة» مجلة دانشكده أدبيات وعلوم انساني، دانشگاه فردوسي مشهد.
- فالتر براونة [1963]: «الوجودية في الجاهلية» مجلة المعرفة.
- القلماوي، سهير [1961]: «تراثنا القديم في أضواء حديثة» مجلة الكاتب المصري، العدد2.
- المتلمس [2003]: ديوان، بيروت، دارالجيل.
- محمد، فتوح احمد [1981]: «توظيف المقدمة في القصيدة الحديثة» مجلة الفصول.
- مندور، محمد [1984]: النقد المنهجي عند العرب، مصر، دار الكتاب.
- ناصف، مصطفى [1964]: «مجلة الشعر»، فبراير، العدد الثاني.
- ناصف، مصطفى [1981]: قراءة ثانية لشعرنا القديم، دارالأندلس.
- نصر [2005]: الصورة الفنية في الشعر الجاهلي، بيروت، لبنان، دار النشر.
- هدارة، محمد مصطفى [1963]: اتجاهات في الشعر العربي في القرن الثاني الهجري، دارالمعارف.
- يوسف، اليوسف [1985]: مقالات في الشعر الجاهلي، مجلة المجلة.
وقد استعرض الباحث الدكتور عبد الباقي مفتاح من المغرب الأقصى في مقاله« علم الحروف عند الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي».
حيث كتب مدخلاً ذكر فيه: أنه من الصعب جدا الكلام عن علم الحروف عند الشيخ الأكبر ابن العربي (560– 638 ه / 1165 – 1240 م) لسببين؛ أولهما: بُعد وغرابة المفاهيم المتعلقة به عن العقلية الحديثة المنحصرة في تصورات نحتتها من النظريات المادية أو الفكرية المنقطعة عن المبادئ الميتافيزيقية والتعاليم الإلهية؛ والسبب الثاني: هو أن هذا العلم يصح عليه حقا وصف «محيط بلا ساحل»، إذ أنّ مجرد المدخل إلى مبادئه الأولى يحتاج بيانه إلى مجلد ضخم مستقل. ولإعطاء فكرة عن وسع هذا العلم يقول الشيخ الأكبر عن أحد فصوله أنه يتضمن 3540 مسألة وتحت كل مسألة مسائل كثيرة متشعبة . وقد افتتح موسوعته العرفانية الكبرى، أي "الفتوحات المكية "ببيان بعض مظاهر هذا العلم، وذلك في الباب الثاني منه، إعلاما بأن الرسوخ فيه من الشروط الأساسية لفتح كنوز المعارف الإلهية العليا المخصوصة بأولياء الرحمن وقد عبر فيه عن حقائق تبدو غريبة لمن ليس له ألفة بالمعارف العميقة، كقوله مثلا: "إن الحروف أمة من الأمم: مخاطَبون ومكلَفون وفيهم رسل من جنسهم، ولهم أسماء من حيث هم، ولا يعرف هذا إلا أهل الكشف من طريقنا، وهم على أقسام كأقسام العالم، فمنهم عالم الجبروت والعظمة، وعالم الملكوت الأعلى، وعالم الجبروت الأوسط، وعالم الملك والشهادة الأسفل، ولهم شريعة تعبدوا بها، ولهم لطائف و كثائف، وفيهم عوام وخواص ».
خصص الباحث الدكتور عبد الفتاح أحمد يوسف بحثه لمعالجة موضوع- سيميائيات العُزْلَة في خطاب السّرد القديم -رسالة (حي بن يقظان) لابن طُفيل نموذجًا-،وتساءل في البدء: لماذا السيميائية؟!
وأجاب عن تساؤله هذا بالقول:إذا كان الهدف من الدراسة السيميائية، هو الكشف عن المعنى في الخطاب عبر طريقة منهجية في تحليله، فإن عملية تحليله في سياق سيميائي، تطمح إلى إبرازٍ نوعيٍّ لموضوع الخطاب الذي تستهدفه الدارسة، حيث تسعى هذه الممارسات النقدية إلى إعادة فهم الموضوع ضمن أفق إبستمولوجي يكشف عن خصوصية الخطاب وأهميته. لهذا السبب اخترنا أن ندرس موضوع العُزلة - كما تناولها ابن طُفيل- ضمن أفق إبستمولجي خاص. فدراسة العزلة سيميائيا قد تختلف عن دراستها في سياقات أخرى تخرج بها عن خطاب ابن طُفيل، وهو أمر طبيعي في السيميائية عمومًا، إذ تهتم بمستوى تحليل الموضوع داخل الخطاب، مع الوضع في الاعتبار تواصلها مع مقاربات أخرى للموضوع نفسه في سياقات أخرى مرجعية، أو معاصرة ترتبط معها بعلاقة تفاعليّة. فيمكن على سبيل المثال دراسة (المطر) بطرائق مختلفة ومتنوعة، فدراسته كظاهرة ظاهرة طبيعية - في سياق علم الفيزياء- تُعطيه معنى ما لدى الباحث في علوم الطبيعة، وهي تختلف بطبيعة الحال عن دراسته لدى الناقد - في مجال تحليل الخطاب الأدبي- في مقدمة لقصيدة عربية تقليدية يتساقط على أطلال المحبوبة، ويختلف معناه بالنسبة إلى البدوي عندما يتحول إلى سيل جارف يأتي على الأخضر واليابس. فالسيميائية من وجهة نظرنا تعني إضفاء معنى مختلف على العلامة في سياق ما، تحدّده فلسفة الخطاب، والعلامة هنا هي (العُزلة) وما يتعلق بها من ممارسات داخل برنامج السرد في رسالة ابن طُفيل.
من المعروف أن دلالات الخطاب تتنوع بتنوّع سياقاته، خاصة حينما يتناول الخطاب موضوعات إبستمولوجية نوعيّة، مثل موضوع العُزلة. وهو ما يفعله ابن طُفيل في رسالته كموضوع، بحيث تحيل العزلة عنده على دلالات نوعيّة حول مصير الإنسان وعلاقته بنفسه وجسده، وعلاقته بالطبيعة والآخر، باعتبار ذلك كله من المصادر المهمة للمعرفة، تزيد من شُحنة الخطاب الدلالية/ الإبستولوجية؛ ومن ثمّة يمكننا دراسة موضوع العُزلة بصفتها فعلا سيميائيا يكشف عن نوعيّة المعارف التي يطرحها الخطاب، ويراهن على إحداث تغيّرات جوهريّة في تقدير الإنسان لذاته، وعلاقته بالآخرين. وهذا الإجراء سيمهّد الطريق لدراسة ما يُعرف بسيميائيات الأفكار، وفهم آليّات اشتغالها، ودراسة علائقها المولّدة للدلالة داخل الخطاب، وحركيتها الخارجية/ أثرها في المتلقي، بما يمنحها بُعدها التداولي - إلى جانب بُعدها السيميائي- بوصفها إخبارًا عن معرفة جديدة أو دليلاً عليها.
ويندرج هذا البحث ضمن موضوع سيميائيات العمل، وليس ضمن سيميائيات الهوى أو الكلام؛ لأنه يبحث في الشروط التي تتوفّر عليها الذات لإنجاز فعلها الإبستمولوجي الخاص، لاسيما فيما يتعلّق بأدوارها المختلفة في الحياة، وأنماط وجودها، ومنزلتها عندما تقع أسيرة للعُزلة؛ ومن ثمّة ينطلق البحث من دراسة موضوع العُزلة بوصفه فضاءً معرفيًّا يسبق فعل إنتاج الخطاب، ويُعد هذا الفضاء شرطًا من شروط إنتاجه، ويمكن دراسته بوصفه علامة رمزيّة على موضوع العُزلة (تكون العلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية - عُرفيّة- وغير معلّلة). ويُمكن دراسة العُزلة - في هذا الخطاب-باعتبارها إشارة/علامة إبستمولوجيّة على رغبة الذّات في إعادة اكتشاف المعرفة من خلال العُزلة (تكون العلاقة بين الدال والمدلول علاقة سببيّة ومنطقيّة).
لقد خاض ابن طُفيل معركة حقيقية لكي يُقنع القارئ بالقيمة الإبستمولوجية لموضوع العُزلة، وبانتصار للعقل على نمط الحياة الثقافي المؤدلج، وتقديم إجابة لسؤال جوهري: إلى أي مدى يمكن أن تؤثّر الاكتشافات الجديدة على علاقتنا بأنفسنا؟! أملاً في لفت انتباه القارئ إلى أهمية التقارب بين الإنسان وذاته من خلال العُزلة.
وبالنسبة إلى أهداف البحث ذكر الباحث الدكتور عبد الفتاح أحمد يوسف :
• التساؤل حول جدوى المقاربات السيميائية في الكشف عن جوانب نوعيّة لموضوعات الخطاب السردي العربي القديم تُعدّ إضافة إلى اكتشافات المقاربات المنهجيّة الأخرى.
• تفكيك العلامات الخطابية الفارقة في رسالة ( حي بن يقظان) وإعادة صياغتها في خطاب نقدي يكشف عن آفاقها المعرفيّة، ويناقش تحوّلات الذات وقدراتها على إنتاج خطاب معرفي عندما تقع أسيرة محنة العزل.
• الكشف عن الإيحاءات الإبستمولوجيّة للخطاب وإحالاته الثقافيّة على المرجعيّات المختلفة.
تُعدّ سيميائيات العُزلة في رسالة ابن طُفيل علامةً على أنموذج خطابي يستوعب قدرات الذّات المعرفيّة على اختراق الحدود الفاصلة لعدد من الثنائيات المعرفيّة مثل: النقل/ العقل، الانفصال/ الاتصال، الموت/ الحياة.. حيث تقوم الذّات بفعلها المعرفي في هذا الفضاء بما يمكّنها من العيش خارج إطار العُزلة؛ ويجيب البحث عن التساؤلات التالية:
1. كيف يمكننا فهم علامات الخطاب بوصفها حضورًا (لغة) يُضمر غيابًا (معرفة)؟ وتفسير إحالات الغياب على الحضور من خلال دراسة الحضور بوصفه علامات إبستمولوجية على هذا الغياب؟
2. هل ثمّة علاقة خاصة بين الكلمات بوصفها حضورًا، والأشياء بوصفها غيابًا في خطاب السرد العربي القديم لاختلاف مرجعياته؟!
3. كيف يمكننا فهم جماليّات خطاب العُزلة من خلال دراسة ثنائياته المعرفيّة سيميائيًّا؟
وتمكننا الإجابة عن هذه الأسئلة كلها عبر المحاور التالية:
المحور الأول: العُزلة وسيميائية الممارسات المعرفية.
المحور الثاني: البُعد السيميائي للثنائيات المعرفيّة.
المحور الثالث: سيميائية اللغة.
تركز بحث الدكتور مبارك تريكي من جامعة المدية على موضوع- الطرق الصوفية والقضايا المعاصرة-،وقد تناول في بحثه هذا مجموعة من الإشكاليات التي تتصل بهذا الموضوع الذي نال قدراً كبيراً من الاهتمام من لدن مختلف الباحثين والدارسين، و ذكر في ملخصه أن الطرق الصوفية باعتبارها مؤسسة اجتماعية دينية روحية ذات قيمة اجتماعية كبيرة، كانت محل عناية مركزة في الآونة الأخيرة، سياسيا وإعلاميا وعلميا، ومن ثم فقد نظمت المؤتمرات العلمية والفكرية لدراستها والتعريف بها، والنهوض بوظائفها، كما رعت الحكومات العربية الكثير من الطرق الصوفية والزوايا التابعة لها ماديا ومعنويا، وكتبت عنها وسائل الإعلام مشيدة بفضائلها ومآثرها الأمر الذي جعل الدارسين يتساءلون عن الدوافع التي جعلت الحكومات تتوجه إلى هذه المؤسسة ورعايتها؟ وهل هي رعاية بريئة يتساءل بعضهم؟ وما موقف الطرق الصوفية من هذا؟ ثم ما موقف الطرق الصوفية من القضايا المعاصرة التي تواجه العالم الإسلامي؟ وما دورها في كل ذلك؟
من هذا المنطلق تأتي مقالتنا التي نطمح فيها إلى محاولة الكشف عن دور الخطاب الطرقي وكذا الطرق الصوفية في معالجة القضايا المعاصرة التي تواجه العالم الإسلامي، على اعتبار أن هذه الطرق معنية بصورة مباشرة بهذه القضايا التي تقف في وجه العالم الإسلامي بكل أطيافه وجماعاته، ولا يعقل-في نظرنا- أن تكون الطرق الصوفية خارج الصراع الحضاري القائم. من هنا تسعى مقالتنا وعبر محاورة الفكر الطرقي التصوفي من خلال خطابه وممارسات مؤسساته -الطرق- بغية معرفة مدى استجابة هذا الخطاب وتفاعله مع التغيرات الحاصلة فكريا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، ومن ثم معرفة مدى مساهمة هذه الطرق في إيجاد حلول للمشكلات المعاصرة.
بعد أن عرف الباحث بالطريقة لغوياً ذكر أن التعريفات تعددت في رصد هذا المفهوم اصطلاحاً حتى أنه يصعب على الدارس حصرها، ومع ذلك فنحن نحاول أن نسرد بعضا منها ليستأنس بها القارئ لمقالتنا فقد عرفت الطريقة بأنها (السيرة المختصة بالسالكين إلى الله منقطع المنازل أو الترقي في المقامات) وعرفت أيضا بأنها (شكل من أشكال التنظيم الديني السياسي والثقافي يغلب عليها طابع الغموض والسرية وتتصف في علاقتها بالسلطة بالاضطراب والتمرد في كثير من الأحيان والمساندة والمؤازرة في بعض الأحيان) وهو التعريف الذي نراه ينطبق على مرحلة من مراحل الطرق الصوفية التاريخية كما عرفت أيضا بأنها (أسلوب عملي لرعاية المريد وتوجيهه عن طريق اقتفاء اثر طريقة معينة في التفكير والشعور والذكر والتعلم والعمل تؤدى من خلال تعاقب مراحل المقامات وتصاعدها في ارتباط متكامل مع التجارب السيكولوجية أو النفسية المسماة أحوالا) وعرفت بأنها (ذلك المنهج التدريجي للتصوف التأملي وتحرير الروح والذكر المتواصل بالتجمع حول شيخ معترف به طلبا للتدريب خلال الاتصال أو الصحب) كما عرفت أيضا بأنها (سلطة قوية بما تملك من أتباع وأموال مختلفة وسلطة روحية معنوية على الناس من خلال مشايخها) كما عرفت بأنها (اعتراف المريد بالولاء التام والإيمان الكامل والانقياد المطلق لشيخ الطريقة الذي يعد من الأولياء الصالحين في نظر المؤمنين به والذي يستمد نفوذه على أتباعه من القدرة الخارقة للطبيعة والإتيان بما يعجز عنه البشر عادة والاستمداد من العلم اللدني) هذا ما يتعلق بالطريقة أما الخطاب فيمكننا أن نكتفي في تعريفه بأنه (وحدة إبلاغية تواصلية ناتجة عن مخاطب معين وموجهة إلى مخاطب معين في مقام وسياق معينين) أو هو (كل تلفظ يفترض متكلما ومستمعا وعند الأول هدف التأثير على الثاني) أو هو (ما تكون من ملفوظ وموقف تواصلي وان الملفوظ يستلزم استعمالا لغويا عليه إجماع) أو هو (مجموع قواعد تسلسل الجمل المكونة للتعبير) كما يمكننا تعريفه بأنه (كل منطوق به موجه إلى الغير بغرض إفهامه مقصودا مخصوصا) ونكتفي بهذا فنحن هنا لا نعنى بتتبع التعريفات المتنوعة للخطاب وعلاقته بالنص وما الفرق بينهما، إذ نرى كل خطاب الآن سيصبح بعد لحظات نصا فالخطاب مرتبط بلحظة إنتاجه بينما النص له ديمومة الكتابة، كما يرى بشير إبرير، ومع ذلك فنحن نرى كل نص خطابا وكل خطاب نصا أيضا فلا نفرق بين المصطلحين في دراستنا هذه، ومن هنا فالمقصود بالخطاب الطرقي هو تلك الملفوظات التي أنتجت، وتنتج من قبل شيوخ الطرق الصوفية وموجهة إلى متلق مفترض إنه متنوع المشارب والثقافات، ويفترض في هذا الخطاب أن تكون له سلطة، لأنه خطاب ديني والخطاب الديني يتميز بسلطة نافذة على ما يقرر الدارسون ومن هنا فالخطاب الطرقي مصطلح مركب تركيبا وصفيا أردنا به الخطابات (النصوص) الصادرة من شيوخ الطرق الصوفية إلى مريديهم وأتباعهم، لتوجيههم وتربيتهم وتهذيبهم، وانطلاقا من أن الطرق الصوفية هي عبارة عن منهج شامل كامل كما توصف فإنني أتصور أن أجد خطابات تشمل كل مناحي الحياة للمسلم المعاصر، خطابات تتجاوز الأتباع (الفقراء والمريدون) وتشمل الحياة الروحية بكل أبعادها والحياة المادية بكل متطلباتها، فما هي أغراض الخطاب الطرقي، وما هي أدواره في هذه الحياة ؟ وهل هو فعلا خطاب شامل كامل؟ وما هو دوره في القضايا المعاصرة التي تواجه المسلم المعاصر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.