* بينما حُجرتي تمتلئ بالأدخنة المتصاعدة من تلك الشيشة التي كثيراً ما يحترق عليها المئات من قطع الفحم السوداء في الليلة الواحدة !! وأنا أحتضن كوب الشاي الذي إعتدت علي تناوله وملازمته لي ، وإعتاد هو أيضاً علي ملازمتي كثيراً. داخل تلك الحجرة المليئة بالأدخنة ...أجعل من ذلك الكوب مؤنساً لي في ظلمتي الحالكة التي إعتدت عليها دوماً. كل ما يدور في مخيلتي في وقتها ...مع كل رشفةً أرتشفها من كوب الشاي ....نوائب الدهر التي حدثت لي في عمري البائد ...وتأخذني الذاكرة إلي ما كنت صغيراً ، حينما كنت لا أحمل هماً أو حزناً. حيث كانت أكبر همومي هو حفظ جدول الضرب الخاص بالعمليات الحسابية البسيطة ...وعمل الواجب المدرسي خوفاً من عقاب المُدرس لي في المدرسة ... أوعقاب والدي لي في البيت . لكنّ اليوم ...أجلس منفرداً ومُتخذاً وضع القرفصاء من جِلستي في تلك الحجرة اللعينة ، المظلمة ...المحاطة بأربعٍ حوائط وهي مغلقةً تماماً ما عدا نافذة صغيرة ذات مصبعات نحاسية ...فهي كمثل السجن أو المعتقل ، ولا تختلف كثيراً عن ذلك . وفي تلك الأثناء ومع تناولي البعض من كوب الشاي ..ويمتزج ذلك مع البعض من دخان الشيشة المحترق ...والذي يسلك مسلكه ليذهب ليرتطم بالرئتين . - إن مثل هذا الوضع يمثل الروتين الحياتي للبؤساء الذين فقدوا الأمل في الحياة ...ومن ثم الهروب من كل شيئ ...وترك الحياة بشكلٍ عام . نعم بكل تأكيد أن مثل هذا الوضع يعتبر حياة بائسة غير ناجحة بالمرة ! لكن ماذا أفعل كي أخرج من تلك البوتقة والحجرة اللعينة ؟! وكيف أن ينفذ ضوءاً حتي لو خافتاً ...إلي الحجرة ...وأنا لا أحرك ساكناً ؟! ولما أنا أقبل ذلك الوضع اللعين ...وأرتضي أن أعيش في ظلام دامس ، مليئ بالأدخنة ؟! - تلك الأسئلة التي أوردتها ...لم تكن نُصب عيناي وفي مداركي في البداية ، لكنها لم تجوب عقلي إلا بعد أن تيقنت تمام اليقين ، أن التغيير إن لم يكن من داخلك ...فلن ولن تتغير إلي الأفضل . - فمهما قيل وقيل لك ...فلن ولن يحدث لك أي تغيير ... - أما الآن ...إترك الماضي بكل تفاصيله ...ونوائبه...وإنطلق إلي عالمٍ مشرقٍ نقيٍ غير ملوثٍ ... وتحرر من تلك القيود التي تبقيك تعيساً ...غير سعيداً. فحينما تقرر من داخلك أن تترك تلك الحجرة الضيقة المغلقة المظلمة ، تيقن تمام اليقين بأن قيودك سوف تتفكك ...وسرعان ما سوف تصبح إنساناً ...ناحجاً ...نافعاً لنفسه أولاً ..وممن حوله ثانياً. وأما أن تبقي هنالك في تلك الحجرة اللعينة المظلمة ، وتحتضن كوب الشاي ، والشيشة ودخانها السام الذي يرتطم بالرئتين محدثاً بها خللاً ...ويكون مصدراً بعد فترة قصيرة لمرضٍ مزمنٍ ..مثل سرطان الرئة . تبقي هكذا حتي ينقض عليك المرض الفتاك ملتهماً ومفترساً ، ويجعل منك جثة هامدة لا تقوي علي أن تحرك ساكناً، هذا من ناحية ...وقد يصل بك الإحساس بالفشل ، وبالضعف إلي أن تفكر فعلياً في الإنتحار ..هذا من ناحية أخري. وتترك الحياة دون أن تترك شيئاً واحداً مميزاً ...يتحدث عنك بعد ذلك. عزيزي القارئ : عليك من اليوم أن تدرك بأنك في مفترق طرق ...فعليك أن تقرر من داخلك دربٍ سوف تسلكه ... - ضع الأمل والنجاح نُصب عيناك ، أهدافك وأحلامك ...إجعل منها الطاقة التي تبقيك والتي تلازمك حتي الوصول للهدف المرجو والغاية المطلوبة ...وتيقن تمام اليقين أن قطار النجاح لن ولن ينتظرك أكثر من ذلك ...لذا يجب عليك أن تسرع كي تلحق بركب حافلة وقطار النجاح .