كان لابد أن تصمت المحكمة الدستورية ثلاثين عاما من التزوير والعوار البيِّن لكل المجالس البرلمانية المش .. منتخبة ؛ حتى يأتي ذلك اليوم الذي يسبق تسليم المجلس العسكري لسلطة الشعب الشرعية لتخرج عن صمتها وتحكم بعدم دستورية القواعد القانونية التي تمت على أساسها عملية انتخابات مجلس الشعب المصري المنتخب لأول مرة بعد ثورة 25 يناير .. !! انتخابات مجلس الشعب التي شهد لها العالم كأول انتخابات برلمانية نزيهة بعد عقودٍ من تزوير إرادة الشعب المصري من قِبَل نظام مبارك البائد في ظل صمت كالموات من معظم مؤسسات الدولة القضائية آنذاك !! إنني أسائل المحكمة الدستورية كأعظم بناء قضائي في مصر : هل ثورة 25 يناير نفسها شرعية؟! وما هو النص الدستوري لديكم في هذا الخصوص ؟! بل هل في ظل قوانين الطواريء التي كانت مطبقة على مدى 30 عاما؛ هل كان التظاهر شرعياً؟ هل كان شرعياً أن يجتمع حتى 3 أشخاص في مكان وزمان واحد دون ترخيص بذلك من الجهات المختصة ؟! إن تردّ عليّ المحكمة الموقرة في أي وقتً ( من ساعة تاريخه وحتى يوم قيام الساعة) ؛ فأنا كلي آذان مصغية .. وحتى تردّ عليَّ المحكمة بالكلمة أو بالصمت؛ دعوني أؤكد على بديهيات لا تحتاج لجهابزة قانون هم في الأساس مختلفين على أنفسهم في فهم القوانين والقرارات وتكييفها مع الدستور الوضعي السابق والحالي الذي ثار عليه ثوار يناير في مقدمة ما ثاروا عليه : أول البديهيات : عندما يثور الشعب يا أساتذتنا يا فطاحل القضاة ويسقط النظام ؛ فإلى أي جهة أو مؤسسة تتجه السلطة والشرعية ؟ ألا تكون الشرعية عندئذ منطقاً و بداهة للثوار (الذين هم هنا الشريحة العريضة الحية من الشعب المصري)؟! وعندما يرتضى الثوار عقب الثورة بأن تؤول السلطة لمجلس العسكر لفترة انتقالية محددة باليوم والساعة أليست هذه هي الشرعية التي يمنحها الثوار (الشعب) لمن يشاؤون، ويبادرون بسحبها ممن يشاؤون، في الوقت الذي يشاؤون؟ قد تسألوننا عن الآلية .. والإجابة أيضاً كما أسلفنا بديهية ؛ حيث كانت دائما آليات منح الثوار السلطة لمن يشاؤون؛ هي بإحدى وسيلتين : الأولى : الإنتخابات أو الإستفتاءات . الثانية: عندما تعز أو تستحيل عملية إجراء تلك الإنتخابات أو الإستفتاءات كانت الآلية هي المليونيات . وهكذا و كما ترون .. ارتضى الثوار والشعب (أصحاب السلطة) ببرلمانهم المنتخب بمجلسيه الشعب والشورى ، ولقد تمثل هذا الرضا بنزول أكثر من 50% من أصحاب الحق في التصويت للمشاركة في العملية الإنتخابية. وهدأت المليونيات تماما وفي كل الميادين؛ في مؤشر آخر لتوافق القوى الثورية، ورضاهم عن تشكيلة المجالس المنتخبة .. ونزل الشعب من بعدها غير مرة لإنتخاب السيد رئيس الجمهورية؛ وارتضوا به رضى صبغ عليه شرعية فوق شرعية ( ثورية فوق دستورية) . وها هو برنامج عمل الثورة والثوار يذهب في هذه الأيام نحو تشكيل لجنة تأسيسية من أجل دستورٍ آخرَ جديد ، نرجو أنا يكون واضحاً وقاطعاً، حتى لا تعودوا لإستخدامه كفزاعة أو فخ تستخدمونه متى شئتم وأين وكيف شئتم .. !! البديهية الأخيرة هنا .. أنَّ عودة مجلس شعب مصر المنتخب شرعياً للإنعقاد الآن بقرار من السيد رئيس الجمهورية يُعدُّ من أكثر قرارات الثورة حكمة وحرصاً على أمن البلاد؛ ومليئاً لفراغ دستوريّ حاصل، وحفظا لأموال الشعب من كل منافذ صرف جديدة على إجراء انتخابات برلمانية جديدة بديلة ! الأساتذة قضاة الدستورية العليا : إن كان قرار السيد رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب المصري إلى أداء دوره ومهامه هو قراراً دستورياً بفهمكم وتكييفكم الدستوري له؛ فعليكم وعلى مصر وشعبها التحية و السلام .. وإن كان غير ذلك .. فآخر الكلام حتماً .. وبداهةً هو للميدان .. ولكن الكلام هذه المرة سيكون غير الكلام ..! وسيعلم الذين ظلموا (طوال 30 عاما) لمن تكون الشرعية اليوم : للشعب والثورة والشهداء والثوار .. أم للموظفين الحكوميين في المحكمة الدستورية التي سقط (بفعل الثورة) النظام الذي قام بتوظيفهم لأداء فريضة الطاعة أو الصمت على مدى 30 عاماً ***