الابتسامة تفعل في النفوس مفعول السحر ، وهي شيء بسيط غير مكلف خاصة لو كانت بدون تكلف ، وهي تذيب ما بين النفوس من جفوة كما تذيب الحرارة الجليد ، ولذا وصانا نبي الرحمة ومعلم البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالابتسامة وقال " تبسمك في وجه أخيك صدقة " انظروا رحمة الإسلام وعنايته بإشاعة روح المودة والمحبة بين المجتمع حتى يعلي من قدر الابتسامة إلى هذا الحد ، وللأسف الشديد نجد الكثير في زماننا هذا لا يعطي الابتسامة قدرها ولا يوفيها حقها ويعتبر البعض أن العبوس هو من تمام الرجولة وكمال الفحولة، خاصة لو كان صاحب منصب أو جاه أو رئيس عمل ، وهو هنا وقع في خطأ شنيع وغلط فظيع ، فهو يخلط هكذا بين الابتسامة الخفيفة المريحة التي لا تنقص من هيبة الرجل ، ولا تحط من قدره ، وبين الضحك المزري المقيت الذي يميت القلب ، ويذهب بهيبة ووقار الرجل و كما قال رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه " كثرة الضحك تميت القلب " ، وقد جاء الطب الحديث بما يطابق قول النبي الكريم صل الله عليه وسلم . والابتسامة عنوان الكرم ، فكل مبتسمٍ كريم ، وكل كريمٍ مبتسم ، وقلما تجد بخيل تعلو وجهه الابتسامة ، وقالت العرب قديماً " الكرم شيءٌ هين وجه باش ، وكلام لين ".إذاً بشاشة الوجه من الكرم ، وهل هناك بشاشة دونما ابتسامة...!! فابتسموا أيها العابثون تبتسم لكم الحياة ، وتنفتح لكم الأبواب الموصدة ، وابتسموا أيها الآباء لأبنائكم ليتعودوا منكم الابتسام ، وتزرعون فيهم العطف والحنان فيبتسموا لكم عندما تحتاجون للبسمة ، وابتسمن أيتها الأمهات حتى تربين جيلاً صحيحاً لا يحمل بداخله الحقد والكراهية ، وابتسم أيها المعلم لتلاميذك حتى يقبلوا عليك ويستمعوا منك ، وحببهم في العلم بالوجه الطلق الباسم ، وأنتي أيتها الزوجة ابتسمي لزوجك لتزيحي عن كاهله تعب يومه وتغسلي عن قلبه غبار همه فتسعديه وتسعدي ، وأنت أيها المدير ابتسم لموظفيك فيقبلوا على العمل بروح ملؤها التفاؤل والحب ، وأنت أيها الموظف ابتسم في وجه زميلك ، وفي وجه مديرك فتشيع بينكم الألفة ، وتنتشر المودة ، وكما قالوا المؤمن يألف ويؤلف ولا يتأتى هذا إلا بالابتسامة الصادقة فهناك من الابتسامات أنواع ، فمنها الابتسامة المتكلفة الباهتة ، والابتسامة الصفراء الخبيثة ، والابتسامة الساخرة البغيضة ، فاحذر إلا أن تكون من أصحاب البسمة الوضاءة الجميلة . علينا أن نعمل جميعاً على زرع ثقافة الابتسام في مجتمعاتنا خاصة وأنها قيمة إسلامية حث عليها الدين والنبي الكريم ، ولما لها من مردود صحي ونافع للمجتمع خاصة وأنها شيء بسيط لا يكلفنا شيء نحتاج فقط أن نوطن أنفسنا عليه ، فتألف النفس الابتسامة ، وتصبح طبيعة من طبائعها ، وصفة من صفاتها ، وما أجملها من طبيعة ، وما أعظمها من صفة .