العرب بين لبس العقال و قتل الرجال. قديما قالت البسوس،بعدما صاحت وا ذلاه : لعمرك لو أصبحت في دار مُنْقِذٍ ... لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي ولكنّني أصبحت في دار غربة ... متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي فيا سعدُ لا تُغْرَرْ بنفسك وارتحل ... فإنَّك في قوم عن الجار أموات ودونك أذْوَادِي فإني عنهم ... لراحلة لا يفقدني بنيّاتي فقامت حرب تحدث عنها التاريخ ولازال وسيبقى. وقديما قال قُرَيطُ بنُ أُنَيف أحد بني العنبر: لَوْ كُنْتِ مِنْ مَازِنٍ لَمْ تَسْتَبحْ إِبِلِي ... بَنُو اللَّقِيطَةِ مِنْ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانا إذًا لَقامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنٌ ... عِنْدَ الْحَفِيظَةِ إِنْ ذُو لُوثَةٍ لاَنا قَوْمٌ إذا الشَّرُّ أبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ ... طَارُوا إلَيْهِ زَرَافاتٍ وَوُحْدَانا لاَ يَسْأَلُونَ أخَاهُمْ حِينَ يَنْدُبُهُمْ ... فِي النَّائِبَاتِ عَلى ما قالَ بُرْهانَا لَكِنَّ قَوْمِي وَإنْ كانُوا ذَوِي عَدَدٍ ... لَيْسُوا مِنَ الشَّرِ فِي شَيءٍ وَإنْ هانَا يَجْزُونَ مِنْ ظلَمْ أهْلِ الظُّلْمِ مَغْفِرَةً ... وَمنْ إساءة أهْلِ السُّوءِ إِحْسَانَا كأَنَّ رَبَكَ لَمْ يَخْلُقْ لِخَشْيَتِهِ ... سِوَاهُمُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِنْسَانا فَلَيْتَ لِي بِهِمِ قَوْمًا إذَا رَكِبُوا ... شَدُّوا الإِغَارَةَ فُرْسَانًا وَرُكْبانَا إذا قرأ المرء هذه الأبيات وجدها أكثر انطباقا على واقع اليوم، وصرنا نحن أولى بالبسوس من الصراخ بأعلى الصوت : واذلاه، واذلاه؛ واعاراه، واعاراه؛ واخزياه، واخزياه؛ لأن البسوس وجدت من يجيبها من أجل ناقة، ونحن لا مجيب لنا من أجل رجال و نساء و أطفال و شيوخ و شعوب. ونحن أولى بأبيات قريط منه، فإنه وإن لم يستجب له قومه لم يكونوا كحالنا الآن، نقيم حربا طويلة من أجل أتفه الأسباب، و لعل آخرها هو موضوع لبس العقال في السعودية. أفتى الشيخ عائض القرني بأن لبس اعقال لا بأس به ولم يرد فيه نص على التحريم أو التحليل، فقامت الدنيا ولم تقعد بعد في السعودية، وكتبت آلاف الأحرف في الموضوع على" التويتر" ما بين مؤيد و معارض. وفي نفس الوقت، وغير بعيد عن السعودية يقتّل الشعب بالعشرات كل يوم، وكأن شيئا لم يحدث. والعرب في غيهم سادرون، يقيمون المؤتمرات والمهرجانات، والدنيا بألف خير و"قولوا العام زين". بالله عليكم ياعرب: ألا تستحون؟ ألا تخجلون؟ ماذا سيكتب عنا التاريخ؟ ماذا سيقول عنا الأحفاد؟ ماذا ستحكي عنا الأجيال القادمة؟ ألا تتحرك مشاعركم و تهتز عواطفكم و أنتم تقرؤون مثل الأبيات السابقة؟ إننا نحن العرب و المسلمون غائبون عن مسرح الأحداث، وعندما نحضر نأخذ دور المفعول به الذي يقال له انطق فينطق، و يقال له اخرس فيخرس، لذا نرجع فندفن أنفسنا بين كتب التاريخ نتغنى بأمجاد الماضي وانتصارات الماضي و فتوحات الماضي. وقد صدق الأستاذ عبد الحليم قنديل ف وصف الأمة حيث قال: "300 مليون عربي ميت بامتياز، تراهم يأكلون، ويشربون، ويمشون في الأسواق، ويملأون الشوارع كغثاء السيل، ويذهبون إلى الفراش كالبعير آخر الليل، أحياء كالموتى، أو موتى يقلدون تصرفات الأحياء، كائنات من ورق، لا تكاد تسمع لأحدهم نفسا، ولا ذرة صوت، كأنهم مومياوات في متاحف، أو شواهد حجرية في مقبرة آثار". وقالها بعضهم شعرا : لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ... ولكن لا حياةَ لمن تنادي ولو ناراً نفختَ بها أضاءتْ ... ولكن أنتَ تنفخُ في رمادِ. محمد الضاوي.