عجبت لمن ظن أن تناول الجمال فلسفة .. فزعم أن الناس ليسوا كلهم فلاسفة .. ! وأقول : أولا : ليست الفلسفة فقط ما تميز فى الجمال بين أقسامه بل إن من النظريات الفلسفية ما يفسد على الناس حسهم ؛ فدراستنا الفلسفية لا تعاند دراستنا الدقيقة فى التصوف الذى يعرف للجمال قدره !.. *** ثانيا : وكان علينا أن ألا نحشر الناس فى معنى واحد وذوق واحد ؛ فالمعلم والمعرفة فى زيادة واطراد فلا نتركهم لمن يشوهون الجمال ليل نهار فى التلفزيون وأفلام الأطفال والكرتون وسينما العري للكبار .. وكل ما يفقد الناس حاسة تذوق الفن الرفيع والجمال المحبوب والمطلوب . إنهم يحاربون الجمال بكل ما يملكون من وسائل قديمة و حديثة فغايتهم صرغ الناس عن الحق والعدل والجمال يستخدمون كل ما هو متاح من الصور ورقية كانت أوإلكترونية وغير ذلك من ثقافة التشويه المتعمد فى القنوات وبرامج التوك - شو . *** أما نحن فلم يتركنا الله جل ذكره لغيره فقد هدانا سبلنا فى كل معنى من معانى الوجود ؛ فالآيات الكونية والنصوص القرآنية والنبوية تخاطب محبى الجمال بما يفهمونه وذلك فى قوله تعالى : " وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ " ( النحل : 6 ) وقوله تعالى : " أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ " (النمل : 60 ) ومن أراد المزيد فليقرأ سورة الرحمن . وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس." ( صحيح مسلم - عن عبد الله بن مسعود). *** ومن هنا كان علينا أن نفرق فى الجمال بين مرتبتين ، هما : 1- الجمال المطلق . 2- الجمال النسبي. **** 1- *** الجمال المطلق : وهو ما لا يدرك ؛ فلا نعرفه ونتذوقه إلا بآثاره ومظاهره ، وما نعرفه منه ونتذوقه منه مظاهره وهى لا تحصى .. فهذا هو الجمال النسبي ! 2- *** الجمال النسبي : فهو مظاهر الجمال المطلق وآثاره فى الوجود ؛ فما نعرفه منه ونتذوقه منه مظاهره وهى لا تحصى .. وهو الجمال الذى يختلف عليه الناس لأنه ظاهر لهم كل بحسبه .. فمظاهره فى الخلق لا تحصى .. وهى ظاهرة لمن وقعت عليه حواسه .. فيلمسها .. ويحسها .. ويشمها .. ونتذوقها .. ونسمعها .. ونراها .. كل بحسب معرفته واكتمال حواسه وسلامة قلبه .. فقط يجب التمييز فى الحواس بين الظاهرة منها والباطنة .. فلكل حاسة بحسبها .. ويتفاوت لناس فى ذلك تفاوتا كبيرا .. ! 3- وللعارفين أذواق ليست لغيرهم .. ! ( وعلى الله قصد السبيل ) دكتور / عبد العزيز أبو مندور