يتبادر إلي الأذهان بمجرد سماع لفظة {العلمانيه} الكثير من الخلط والغلط وربما الإستنكار .. أو الجنوح مباشرة إلي تلك الثنائيه الصلبه حيث تصنيفها إلي (علمانيه شامله) و (علمانيه جزئيه) .. والتنظير فيها علي هذا الأساس ، بمنطق "لا فض فوك ولا إنطوي لك منبر". فالعلمانيه حركه التطور .. حركه لإعاده تنظيم النحن ، إذ إن الحراك العلماني يتضمن صدعا بين "أنا" والأخرين علي اساس الإختلاف بين الطرفين في الأيدولوجيا والمسالك والأهداف .. ومن ثم محاولات عبور هذا الصدع وتجاوزه وترميمه حيث المرور بالسياسي والفلسفي والإجتماعي .. وإحداث التغيير عن طريق الفحص والدرس واستبصار المشكلات والإعتراف تاره والإتئلاف تاره والإستعياب والهضم تارات ولدينا علي تصويرنا هذا { الصراع العلماني الأصولي } أنموذجا . إذ إنها يوتوبيا واقعيه يمكن تحقيقها سواء علي المستوي التنظيري أو التطبيقي .. ، العلمانيه في إنفوجرافيتها كشجره جذرها الحداثه والتنوير وبذورها الديمقراطيه والإنفتاحيه والإنتاجيه والضميريه .. شجره يتعاهدها الإجلاء والإنماء . العلمانيه بوضعها الشائك وجوهرية حراكها في أصول التغيير الأيدولوجي بتركيباتها وسياقها وبطرحها الشامل بليبراليتها وأريحيتها و"بحبوحتها" لم تسلم من الجدل السقيم وغياب الأطروحه والعصاب الفكري والتشنج والتصامم الأيدولوجي حيث محاولات خطابيه تطغي عليها الإختيارات القبليه والجاهزه المنطلقه من منظور سلفي متحجر أصولي ، مغلق ومطلق .. فقير مفاهيميا ومرفوض شعبويا . ، خطاب يرتكز علي الإدعاء والرفض للحوار والجهل المركب بعلوم الأخر وتراثه ومناهجه الإستدلاليه والإبستمولوجيه وطغيان الحماسه المتشنجه وغياب أولويه الإقرار بالإختلاف والإعتراف بالتعدد ودون أدني عناء لتفهم أطروحات الأخر ، والدخول في أدوار من التأويل والتأويل المضاد الناتج أصلا من تلك المصادرات القبليه المعتمده في الناحيه البرهانيه علي شواهد مقتطفه يتم توظيفها في سياقات ما أنزل الله بها من سلطان وهلم جرا ..وغياب النسق التاريخي وعدم مراعاة خصوصيته وعلي صعيد أخر الإستغراق الشديد في هذا النسق والدخول في ملابسات أكل عليها الدهر وشرب مؤديه بدورها إلي ما قد نسميه (التنظير المعكوس) ! حتي بذل الجهد واستفراغه لتكوين (الديالكتيك) .. وهو الركيزه التي أصبحت ضروريه لكل مشروع منتج ومتحرر في عالم السياسه والفكر والتاريخ أصبح منعدما تماما ولا يلوح ببصيص من أمل اذا تم الإستمرار علي نفس النسق .. وافتقاد المنهجيه التي هي الصخره التي انبني عليها الجدل ومن ثم البحث العلمي .... هذا الخطاب الذي لم يتمكن من تعبيد قنوات التواصل والحوار ومخالفة للعلمانيه ولجذرها الفلسفي الأول هو العقلانيه النقديه .. هذا الخطاب الموجه بالهاجس السياسي الذي تطغي عليه النزعه الذرائعيه في التحليل والفهم ... وهكذا أصبحت العلمانيه "بيد عمر لا بيدها" نقول بضرورة استيعاب جذر العلمانيه لا منطوقها .. العلمانيه المعتدله ليست تلك الأصوليه الإستعلائيه الإقصائيه التي لا تبقي ولا تذر ولا تسمن ولا تغني من جوع . ، العلمانيه التي تراعي الشأن في الحال والمأل والدنيا والدين و "كله بالأصول" !