عندما بدأت المشوار الصحفى بجريدة الأحرار برئاسة تحرير الزميل الأستاذ مصطفى بكرى عام 1994م إثر نزوحى للعاصمة المصرية القاهرة كان لنا سهرات فى الإشراف على تنفيذ صفحات الجريدة وتمتد السهرات بنا حتى الرابعة فجر كل يوم . وكنت أنتهز الفرصة بعد الإشراف على التنفيذ فى إعداد التقارير والتحقيقات الصحفية والخروج لشوارع القاهرة فجر كل يوم لإنهاء المهمة .. وذات ليلة وقبل البدء فى مهمتى الصحفية إقتحم مكتب الجريدة مواطن حاملا بين يديه عامود من الكتب مرتديا نظارة تنم عن ثقافتة وجديتة وطلب مقابلة أحد مسئولى الجريدة وعندما جلس أمام المكتب قال : الكتب والمأثورات تقول أنه وفى آخر الزمان سيظهر المهدى المنتظر لينقذ البشرية وله علامات معينة فى جسده . وعندما طلبت التوضيح قال لى : أنا المهدى المنتظر وعندما ضحك منه الزملاء بالجريدة وسخروا منه ووجدت علامات الألم والإشمئزاز بدت واضحة فوق وجهة الجاد سألته بعد أن دخلت معه لمكتب جانبى : حسنا ماهى علاماتك ودلائلك وبراهينك على أنك المهدى المنتظر القادم فى آخر الزمان ؟ أجابنى : إن الله نادانى باسمى فى القرآن حيث قال " ياسين .... " سألته : وماهو إسمك ؟ أجاب : سيد لكن ماهى علاقة إسم ياسين باسم " سيد " كلمة ياسين لاتعنى الإسم إنما تعنى حرف " السين " وبعيدا عن الحوار الذى دار وقتها وأننى بحثت فى بعض الكتب التى كانت معه حول المهدى المنتظر ومناقشتى للكتب المماثلة الموجودة على الأرصفة وعما وصل له فكر هذا المواطن ونشرى لتحقيق صحفى يضم ماحدث بعنوان " المهدى المنتظر يظهر فى باب اللوق " وتفجيرى لقضية كتب الشوارع وأفكار الشباب وإنتحار سيد المهدى المنتظر المزعوم على إثر نشر التحقيق الصحفى بعد حالة الجنون التى إنتابته وتصوره أنه أصبح المهدى المنتظر فعلا . وبعيدا عن هذه الحاله تذكرت كل هذه القصة بمناسبة مرور عام على ثورة يناير . حالة الذين يدافعون عن حسنى مبارك الرئيس السابق وإنتظارهم عودتة مرة أخرى هى نفس حالة " سيد " الذى إندمج فى فكرة المهدى المنتظر القادم آخر الزمان ليخلص البشرية من الظلم والفوضى حتى تصور أنه هو نفسه المهدى المنتظر . إن عقارب الزمن أبدا لاتعود للوراء وحسنى مبارك أصبح رئيسا سابقا خلعته إرادة الشعب لافائدة من الدخول فى جدل عقيم حول أنه البديل الآمن لتخليص البلاد من حالة الفوضى فهو حكم البلاد حقبة من الزمان حقبة كان لها سلبياتها وسيطر فيها رجالاته كما لو كانوا هم فقط رجالات هذا الزمان حقبة بها مرها وحلوها حقبة لاداعى لأن ندمرها ونشطبها من تاريخنا وتاريخ مصر لأننا سواء رضينا أوأبينا هى جزء من تاريخ مصر فلايمكننا مثلا أن نشطب صفحات التاريخ المتعلقة بالإستعمار الفرنسى أوالبريطانى لمجرد أنه كان إحتلالا وإلا شطبنا تاريخنا نحن . حقبة علينا أن نستفيد منها وننظر إلى الأمام لبحث كيفية تطوير آلياتنا الديمقراطية بعد ثورة يناير وثورة يناير لايمكنها أن تكتمل إلا بعد أن نطوى هذه الصفحة بسرعة وندقق النظر فى طريقنا الذى ينتظرنا حتى نضمن أنه طريقا أفضل لأولادنا من بعدنا وإلا ضاعت ثورتنا هباء ثورة تحتم علينا ألا نشطب تاريخ حسنى مبارك لمجرد أننا أطحنا به لأن تاريخه هو جزء من تاريخ مصر يجب أن يدرس لكل الأبناء للإستفادة من هذا التاريخ حتى لاتتكرر حقبتة مثلما يتم تدريس صفحات من تاريخ هذا الوطن فى كل الازمان وإلا سيشطب الأبناء تاريخنا نحن أيضا فى حالة تذمرهم منا ومن تفكيرنا فنحن ضد إزالة إسم وتاريخ أى شخص كان له دورا فى تاريخ مصر مهما كان خلافنا وإخلافتنا معه . بمناسبة مرور عام على ثورة يناير نقول لجميع المدافعيين عن حسنى مبارك ولجميع المختلفيين معه ولكل الذين شاركوا فى الإطاحة به : إن عقارب الزمن لاتعود للوراء وحان الوقت أن ننظر للأمام ونفكر بعقلانية حفاظا على تاريخ وحاضر ومستقبل هذا الوطن .