شرّفنى قلمكم بمروره .. وجميل حرصكم على تعبير رأيتموه لايليق بالمخاطبة البشرية لرب معبود بالاشارة الى أنه لايليق أن نخاطب الرب بأسماء ينازعه فيها المخلوقون كلفظة(حبيبى ) صوناً لتنزهه سبحانه بالتفرد بصفاته عن صفات المخلوقين وكم أسعدنى منك هذا الحرص لكننى لى توجه ورؤية أخرى كانت شريكتى فى قناعتى بماذكرت واننى أشرف باحاطتك بها وانتى القارئة الكاتبة الذكية المثقفة والمتبصرة.. وأقول : لايعنى مخاطبة الرب بمسميات الاستدلال عن القرب تناول أمر تنزهه وتفرده بصفاته عن غيره ممن دونه من سائر خلقه .. كما وأنه هناك من الصفات مالاتندرج تحت اجمال صفاته المتواترة لكننا لانمتنع عن مناجاته بها وكلٌ بما قصد رهين .. ألم يقل رسول الله ياسادتى فى تعبيره عن فرحة الرب بعبده وتوبته.. غفرانه تعالى تعبيره حتى ولوأخطأ لفظاً وقال (أنا ربى وأنت عبدى ) لكونه يعلم صحيح قوله وصحيح ماقصد .. بينما فخطأه انما ليس الا خطأ لفظ لايقابله قصد .. ومن ثم غفر له اللفظ بجميل القصد .. أما عن لفظة حبيبى كما ولفظة أنيسى ومؤنسى وغيرها من الصفات التى ليست من ضمن صفات التواتر لكنها لاتمتنع على العبد ان ناجى بها ساعة وجده سبب وجده ووجوده .. فساعة التباكى لايردد اللسان ماجال فى القلب عند الوصل وتجليات الموصول .. وكم انخرط العارفون فى دائرة الحب وفقدوا سيطرة العقل فى التعبير عن مفردات الوجد على ألسنتهم .. ولاأدعى أننى منهم فليتنى من صغارهم أونجبائهم .. لكنها لحظات لايحكم فيها العقل على مدارج السالكين بالقول جحوداً وتصويبا.. لكننى ولاحترامى لجميل قصدك سيدتى فاننى سأضع أية قرأنية لاتنكر على مفردة الحب استعمالها للمحبين فى التعبير عن فرط مشاعرهم عند وصالهم مع المستحق لأطهر عشق وأعظم حب عرفه الواصلون وتذوقه السالكون على مدارج العارفين .. قال تعالى:(( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) )) وسؤالى هنا الى صاحبة القلم والتدبر معاً: ألم يقل الله فى امره القرأنى لنبيه محمد (ص) أن يسأل المؤمنين .. انهم ان كانوا يحبون الله فليتبعوه حتى يحبهم الله فيغفر لهم .. وهذا يعنى أن لفظة حب كاسم ومحب كاسم فاعل ومحبوب كاسم مفعول انما هى روافد من الفعل يحب فأحب قد أمرنا الله بها ولا ينكر علينا أن نخاطبه فى خلواتنا وأسحارنا بحبييبنا وحبيبى وان كانت ليست من الأسماء الحسنى المتواترة .. كما ورسول الله (ص) عندما عدد من يظلهم الله فى ظله يوم لاظل الا ظله ذكر (( رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه )) ألا يُعد ضمن حبهما فى الله اضافة الى اشتراكهما فى كل مايرضاه الرب كذلك أيضاً فى حب ذات الرب سبحانه .. وأليس حب المرء لله ضمن استعمال تلك المفردة ومن ثم ليس مجحودا استعمالها فى التناجى عند الانفراد بالتواصل مع رب الملك والملكوت سبحانه وتعالى .. ان انكار استخدام المحب لذات حبيبه لفظة حب هو انكار لاستخدام عنوان المناجاة ذاتها (بصاحب الحضرة ) لكننى قد رأيت سيدتى استخدام الدلالة على المتفرد من غير احاطة من غير خطأ فى الوصف أو التوصيف فهو المحبوب الى قلوب المحبين .. وحبه تعالى لايشابهه حب أخر لأنه الحب الالاهى الاسمى الذى لايشعر المحب معه باللوعة ولا بالوجد ولا بألام جحد المحبوب .. انما هو الحب الالاهى الذى ماان يحدث الا وتتالت اللذات والضحكات والسعادات والتجليات .. كما وأن المحبوب الأسمى منزه هنا عن التخلى عن حبيبه فلو تقرب منه شبرا تقرب منه باعاً بينما فغيره من المحبوبين فيُقابلون الحب بالجفاء والمشاعر بالنكران .. وليس للمقارنة بين الأمرين مجال وقبول .. فالمحبوب الخالق هو المحبوب الدائم الحريص على استدامة هذا الحب واستمراره واستزادته وأما من هم دونه من المحبوبين المخلوقين فانهم أغيار ومتقلبون لايمكن الاطمئنان اليهم وادامة مؤانستهم .. ومن ثم فلا محبوب الا الله وان من دونه فليسوا بمحبوبين لكنهم محض سكن ورحمة هما لازمتان لزوم الحياة واستدامة العشرة .. لقوله تعالى فى سورة الروم : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً.. اذاً الحب وان عبّرنا به مجازاً على علاقة الجنسين فى الدنيا انما هو ليس حباً بالمعنى الحقيقى للكلمة انما هو موجب للسكن والمودة اللازمان لاستمرار الحياة .. بينما الحب فى معناه الحقيقى هو المتنزه عن مقاصد الهوى والوصول الى الغايات الدنيا والارتواء الجسدى .. انما الحب الالاهى هو فيوضات لاتنقطع وروحانيات لاتنتهى بلا مقصد من المحب من وراء حبه لحبيبه غير الحب ذاته بالاستمتاع بلذة الرضا ومتعة القبول .. فلا تأخذوا علينا سادتى تولهنا بجمال خالق الجمال وحب خالق الحب السامى المنزه من النواقص والمثالب .. وكم أتمنى أن يذوق كل عباده متعة الحب الحقيقى ولذة العشق الحقيقى كذلك عند الانزواء الى رحابه بأوقات السحر والناس قد نامت والتجليات قد أمطرها الرب أرواح المستغفرين والعائدين الى رحابه .. وختاما لكم كل التحية والدعاء بموفور الصحة ودوام التوفيق ..