دكتور / عبد العزيز أبو مندور أنا فى غاية العجب من شماتة الناس فيما يحدث ظنا منهم أن الله ينتقم من أمريكا .. الإعصار الذى حدث مثل غيره فى أمريكا وغيرها من بلاد الله .. فأمريكا كل عام من المعتاد كغيرها من الدول التى تغرقها .. الأعاصير .. والسيول .. نعم ، لعل تلك الكوارث البيئية نذير لكل طغاة العالم من المصير المحتوم بسبب غفلتهم واغترارهم بما عندهم من التقدم العلمي والتكنولوجي المذهل .. وإلحادهم .. ومحاربتهم وتحديهم لقدرة الله تعالى – حاشا وكلا . قال عز من قائل : " وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " ( النمل : 93 ) جاء فى تفسير الآية عند ابن كثير وغيره أن الحمد لله الذي هو شهيد على كل شيء فلا يُعَذِبُ أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه ، والإعذار إليه ؛ ولهذا قال: " سيريكم آياته فتعرفونها " كما قال تعالى: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " ( فصلت: 53 ) و قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس، لا يغترن أحدكم بالله ؛ فإن الله لو كان غافلا شيئا لأغفل البعوضة والخردلة والذرة " وكان الإمام أحمد رحمه الله ينشد بيتين إما له أو لغيره وهما : إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أن ما يخفى عليه يغيب والآن أطالب كل المتواكلين .. والسلبيين .. والمتبطلين من حكام وشعوب .. أطالبكم جميعا أن تقولوا لنا سبب وعلة الكوارث التى تحاصر العالم العربي والإسلامي منذ سقوط الأندلس إلى اليوم .. مرورا بهزيمة محمد على.. والثورة العربية المزعومة بقيادة الشريف حسين .. وسقوط الدولة العثمانية .. وزرع أتاتورك والعلمانية التى تعانى منها تركيا حتى اليوم .. واتفاقية سيكس بيكو وتقسيم العالم العربي بين المستعمر الأوربي .. ثم زرع إسرائيل فى قلب العالم العربي .. وهزيمة 5 يونيو 1967م .. فمازالنا نرزح تحت آثارها حتى اليوم .. من احتلال معظم البلاد العربية مرة أخرى .. واحتلال القدس .. وحصار غزة .. وتدنيس الأقصى .. ودماء العرب والمسلمين التى تسيل منذ سنوات بلا ثمن حتى الآن .. وبلا انقطاع .. كل ذلك .. وغيره من تعطل عجلة الإنتاج .. وتدهور الاقتصاد .... والتعليم والصحة والإسكان .. يرجع كغيره بسبب تناحر العرب والمسلمين .. وداعش وأخواتها .. وتقاتلهم بما لا يحقق إلا الدمار لبلادنا .. ويحقق فى ذات الوقت السلامة لإسرائيل عدونا الأول .. ؟! وكأن التاريخ يعيد نفسه بما لا يحمد عقباه .. ! ألا تعلم أن المسلمين جاءوا إلى أسبانيا فى القرن السابع الميلادي .. حكموها 800 سنة .. وشادوا بها حضارة زاهرة .. باقية حتى الآن ، فهم مثلا من بنوا قصر الحامرا بغرناطة . وما بين يوم وليلة حتى أصبحت غرناطة تحت حكم النصارى سنة 1492م واضطر المسلمون إلى : 1- إما التحول إلى المسيحية . 2- وإما مواجهة الأخطار وآلام التعذيب. والعديد ممن تحولوا كانوا يمارسون شعائر الإسلام سرا. وبحلول 1501م لم يبق أي مسلم رسميا في غرناطة. هل سأل أحدكم نفسه أو ذوى الاختصاص ما سبب سقوط الأندلس ؟ نفس الشئ مما يحدث اليوم بين حكام العرب والمسلمين .. إنها حياة الترف التى كان يعيشها حكام العرب والمسلمين .. ناهيك عن الفرقة والتناحر بينهم .. ! قولوا لنا .. علام تفرحون .. ؟ إن فرحتكم بما يحدث من كوارث لأعدائنا لا يحل المشكلة .. ولن تتحرر بلادنا .. بل إن فرحتكم فى مصلحة عدونا .. ! إن فرحتكم لو عرفتم .. دعوة إلى التبطل والسلبية .. والتخفف من الأمانة الملقاة على عاتقكم .. وإزاحة المسئولية عن كاهلكم ... ! ألا تعلمون أنكم بذلك الموقف الكسول .. والمتراخي .. والمتواكل .. تقولون كما قال اليهود لموسى عليه السلام : " قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ " ( المائدة : 24 ) ( والله غالب على أمره ) [email protected]