لماذا عادة «الشخصنة»؟! لماذا عادة ترميم المشكلات بدلا من البحث عن حلول جذرية لها؟! لماذا عادة تحويل الاختلاف إلى خلاف؟! لماذا عادة الشوبنج من أجل الشوبنج؟! لماذا عادة عمى الألوان في الحكم على الأشخاص إما ملاك وإما شيطان؟! لماذا القص واللصق مع التجويد في تناقل الأخبار والأحداث حتى وصلت أن تخللت الآراء والاعتقاد؟! لماذا ألف سؤال بديهي، إجابته تؤكد ضرورة إبادة تلك العادة أو تلك العادات، فوجودها أصبح متفاقما متراكما نتج عنه «super infection» (عدوى). تراكمت تلك العادات في السلوك والاعتقاد وربما كانت لا تنسب إلى عقل إنساني من بعيد أو قريب وربما أيضا نسبت إلى اعتقاد وهو منها براء! فهي عادات خاصة مع تراكمها وتوغلها في ثقافة الإنسان والمجتمع. ففي (الشخصنة) تحميل للنفوس وتأثير على الأحكام العقلية (بانفعالات لحظية عاطفية) ولك وقتها أن تتخيل النتيجة «كأن تغضب مثلا وحينها تتخذ قرارا ما عن اندفاع وتهور». وربما كان التصرف أو القرار صحيح ولكن بطريقة الاندفاعية العاطفية التي غالبا ما تسبب فشل العمل حتى وإن كان صحيحًا. وأما (ترميم المشكلات) التي تحولت من عادة إلى كابوس حط على العقل الجمعي وقت الأزمات. عادة إذا ما توغلت أكثر نبأت بسقوط مفاجئ. فهي كالفيروس الفكري يسبب شلل في خروج عملية التفكير من حيز التابوت فلا حلول حقيقية ولا إبداع في تغيير طريقة التفكير. حتى أصبحت كلمة «كيف» وكأنها اختفت من قاموس التفكير البديهي للعقل الإنساني. وأما عادة (الشوبنج) من أجل الشوبنج فقد أشارت إلى أعراض هطل اجتماعي. وذلك لما فيه من سلوكيات سلبية ظاهرة للجميع معترفون بها تؤثر على الظروف المادية أو العاطفة النفسية أو السلوكيات الاستهلاكية للفرد والمجتمع. فأما (الاختلاف الذي يتحول إلى خلاف) فيكفي إشارة الآية الكريمة والتي في إيجاز بليغ تخبرنا بأهمية الاختلاف للتعارف وليس للتقاتل والتناحر «يا أيهاها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»)13 الحجرات وأما («عمى الألوان») فهي عكس عمى العاطفة (أليكسيثميا). Alexithymia فهي عمى العقل أو بمعنى أدق عور في نظام التفكير. فهو رؤية بعين واحدة من جانب واحد فقط للموضوع محل النظر. رؤية للموضوع أو الشخص من جانب واحد فقط وتجاهل الجانب الآخر «مطلقا» تبعا للحالة النفسية وليس تبعا للمنطق العقلي أو المنطقي. فكل إنسان أمام تلك الرؤية إما أبيض بلا سواد أو أسود دون بياض. فإن كان حاكما نؤيده «ألهناه». وإن كان خصما «شيطنناه»! أما عن عادة (القص واللصق) في تناقل الأخبار والأحداث والتاريخ ففيها يؤخذ أو يستقطع منها ما يدعم اعتقادًا انحازت له نفسك أو هوى نفسك. ففيها تخرج الكلمة عن سياقها المذكورة فيه وتوضع في سياقات أخرى ومن ثم تتحول إلى معنى آخر فحكايات وحواديت أخرى. وربما تتطور إلى أساطير ليس فيها إلا كلمة واحد صحيحة «لذا، كل أسطورة فيها شيء من حقيقة». وبدعم تلك العملية أو العادة من خلال عادة أخرى (تستحق الإبادة أيضا) وهي حب «التجويد» فتقريبا ليس هناك من ينقل الأخبار أو الآراء من غير تجويد بالزيادة أو النقصان وكأنها إمضاء شخصي من صاحب التجويد. عادات ربما اختفت عن شاشة الملاحظة العقلية حيث تتجلي في البديهيات فأصبحت تقودنا، فلم يعد العقل يفكر أو يتأمل فيها على أساس أنها شيء عادي وبديهي يتم بطريقة غير واعية فإذا ما أعاد أي عقل إنساني (مازال يحتفظ بشيء من الذكاء البديهي) النظر لدقيقة فلن تقف أمامه ثانية، فهي ذات سلبية واضحة وأضرارها على مدى البصر بالتراكم مدمرة. كل أزمات اليوم نتيجة تراكم عادات تستحق الإبادة احتلت حيزا كبيرا من البديهيات فصارت ثقافة حين تحتل أيضا حيزا اجتماعيا كبيرا حيث تصير تحت مسمى ال«عادي» وهو في الحقيقة ليس بعادي أبدا. والحل الجذري «تغيير» أو تدمير تلك العادات. وأما الحلول الترميمية تغير أفرادًا دون تغيير أفكار وعادات! فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا مما بأنفسهم. وتلك العادات أصبحت تقبع في أعماق النفوس وتتوغل وقد أقنعت العقول بأحقية وجودها وسيطرتها! «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» الرعد 11.