"فَكُلي واشْرَبي وقرّي عينًا فإما ترينَ من البشرِ أحدًا فقولي إني نذرتُ للرحمنِ صومًا فلنْ أكلمُ اليومَ إنسيًا".صدق الله العظيم. حين نتأمل في كلام الخالق جلّ وعلا ،لا نجد أجمل وأعظم من كلامه لمواساةِ البشر،ولا أيسر وأنسب من حلول لمشاكلنا كلّها سوى من خلال طاعته ،والصبر على قضائِه. ففي مخاطبته للسيدة مريم العذراء رضي الله عنها،في وقتِ شدتها،وابتلائها ببلاءٍ لا يتحمله بشرًا!،أمرها بأن تأكل وتشرب من خيراته،وبأن تطيب نفسها وتفرح بمولودها ،والذي جعل منه سبحانه وتعالى نبيًا يحمل رسالة لسائر البشر،ويعلمهم ويهديهم. يُحب الله عبيده،ويأمرهم دومًا بما يكون لصالحهم،وبما يجعل أنفسهم مسرورةً راضية..لكن البشر أحيانًا يتذمروا..يحزنوا..لا يصبروا !. حين تجلس مع أحد أصدقائك أو زملائك في العمل شاردًا حزينًا ،فيطلب منك بأن تدعْ الحزن والهم جانبًا،وأن تصبر وترضى ،فتطيعه على مضضٍ..وحين يتفنن أحدهم في إضحاكك ،وإدخالِ السرور على روحك التي أنهكها الحزن والضيق،فتستسلم لما يحدث أمامك وتضحك وتفرح؛ إما لأنك بالفعل قد بدأت تتغلب على بعض الضيقِ العالق بروحك،أو لأنك تجامل صديقك ولا تود أن تحرجه وتضيع مجهودهِ في إسعادك هباءًا،حتى ولو كان بسيطًا!. فكيف لك أن لا تصبر،وترضى بكل ما يفعله الخالق لأجلك،هو لم يخلقك لتحزن..ولم يخلقك لتتمرد على حياة هو سخرها بكل ما فيها لأجلك،فنحن البشر ..لسنا ملائكة،ولن نكتمل يومًا ما ؛لأن الكمال لله وحده،ولكن يجب أن نرضى بما يأمرنا به المولى،فلا يجب أن نجعل أحزاننا تقودنا للقاع فنضيع ،ونُضيع دنيانا وآخرتنا،ولا يجوز أن نجعل فرحتنا تُلهينا عن أننا دومًا في أشد الحاجة للخالق وحده.