الجبلاوي: الرئيس السيسي حافظ على سيناء بالنهضة والتعمير ومحاربة الإرهاب    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    استمرار انعقاد الجلسات العلمية لمؤتمر كلية الطب البيطري بجامعة كفر الشيخ    البداية من فجر الجمعة.. تعرف على مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024    محافظ القليوبية يوجه باستغلال الجزر الوسطى بإقامة أنشطة استثمارية للشباب    برلماني: مصر تبنت خطة تنموية شاملة ومتكاملة في سيناء    وزير التنمية المحلية يتابع مع البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    انقطاع الاتصالات والإنترنت عن وسط وجنوب غزة    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال يستخدم أساليبًا إجرامية بحق المدنيين العزل    عمارة: كلمة الرئيس فى ذكري تحرير سيناء حملت رسائل قوية من أجل الاستقرار والسلام    صحيفة: ليفربول يعلن سلوت مديرًا فنيًا للفريق نهاية الأسبوع    النيابة تأمر بتفريغ كاميرات المراقبة فى ضبط عصابة سرقة الشقق السكنية ببدر    إهناسيا التعليمية ببني سويف تنظم مراجعات شاملة لطلاب الثالث الثانوي (تفاصيل)    «بنات ألفة» يحصد جائزة أفضل فيلم طويل ب«أسوان لسينما المرأة» في دورته الثامنة    إيهاب فهمي عن أشرف عبدالغفور: أسعد أجيالًا وخلد ذكراه في قلوب محبيه    تامر حسني وأنغام نجوم حفل عيد تحرير سيناء بالعاصمة الإدارية    «الرعاية الصحية» تستعرض إنجازات منظومة التأمين الصحي الشامل بجنوب سيناء «انفوجراف»    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    السيطرة على حريق نشب أمام ديوان عام محافظة بني سويف    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    «المحامين» تعلن موعد جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بجميع الفرعيات    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي للفصل الدراسي الثاني 2024 محافظة القاهرة    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة يكتب عن مجلة«الحياة الثقافية» تحتفي بقضايا الرواية العربية
نشر في شباب مصر يوم 11 - 01 - 2017

الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة-قسم الأدب العربي-جامعة عنابة
تعد مجلة«الحياة الثقافية»التي تصدر عن وزارة الثقافة التونسية واحدة من المجلات العربية العريقة،وهي مجلة شهرية تُعنى بالفكر والإبداع،وقد أسسها الأديب الكبير الأستاذ محمود المسعدي سنة:1975م، ويشرف على التنسيق والمتابعة بها حالياً الأديب يونس سلطاني .
وقد خصص محور العدد الجديد الذي حمل رقم:228 لمناقشة قضايا«الرواية العربية بين النظرية والتطبيق»،وقد جاءت الأبحاث التي رصدت هذا المحور في قسم الدراسات،الذي افتتح بمقال الباحث التونسي أحمد الناوي بدري الموسوم ب: «سرديات الانهزام-موت الفوات-لمحمد الهجابي نموذجاً»،وقد سعى في هذا المقال إلى تقديم قراءة ثقافية ضمن دائرة سرديات الانهزام لرواية محمد الهجابي،كما حاول فهم هذه الرواية –كما ذكر-وهي مندرجة في سياقها الثقافي الذي أحدثها،وفي إطار وعي ملازم بضرورة توسيع المقام السردي،وقد ألفى أن الانهزامية هي مدار جامع لمختلف أوجه الحضور فيها،على مستوى عناصر المروي،وعلى مستوى فعل الكتابة الروائية ذاته.
وأما الأديب العراقي الكبير عبد الرحمن مجيد الربيعي فقد خصص مقاله للحديث عن صديقه الأديب الطاهر وطار،وإضافته لحداثة الرواية العربية من خلال رواية«تجربة في العشق»،وقد افتتح مقاله باستعادة ذكرياته مع الأديب الطاهر وطار حيث جاء في بداية مقاله قوله: «كان لقائي الأول بالعزيز الطاهر وطار عام:1976 في الجزائر العاصمة حيث دعيت للمشاركة في ندوة-الأدب والثورة- نظمها المركز الثقافي الجامعي الذي كان يديره أحد أعلام المسرح الجزائري المرحوم مصطفى كاتب...».
وأشار إلى لقائه بالطاهر وطار فقال: «كنا نلتقي طيلة أيام الملتقى في فترات الاستراحة أو على مائدة الطعام،أو في دعوة صديق مازلت أذكر ذلك اللقاء الذي تم على مائدة غداء في منزل صديق عراقي إذ أن اللقاء ضم المناضل المغربي المعروف الفقيه البصري،ووطار،والصديق العراقي وأنا،تلك كانت فرصة لا تنسى،وحواراً شاملاً أخذت منه شخصياً الكثير».
وأكد على أن معرفته توثقت بالطاهر وطار من خلال قراءته لأعماله في فترة كان فيها منبهراً ببطولات الشعب الجزائري،وبالأعمال الأدبية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية،وأشار إلى أن وطار ينتمي إلى جيل مختلف من الكتاب الجزائريين الذين آمنوا باللغة العربية،وكتبوا بها،شأنه شأن دودو، بن هدوقة وغيرهم،كما ذكر أن مساحة وطار في الكتابة هي الجزائر،والثورة الجزائرية بكل ما تعنيه في وجدان كل عربي،وذكر الربيعي أن وطار يجمع في شخصه النقيضين فهو الزيتوني الذي درس في جامع الزيتونة المعمور بتونس على يد علماء أجلاء مروا بهذا المعهد العريق الذي حفظ العربية وتراثها في أصعب المراحل،وقد عشق العربية إلى أبعد الحدود،وصار أحد أكبر المدافعين عنها،والدعوة إلى الكتابة بها،وقد كانت له معارك كثيرة في هذا المجال،أما النقيض الثاني للزيتوني فهو وطار الماركسي،وعن هذا الوصف الذي أطلقه قال الربيعي:«أقول هذا وقد لا أكون دقيقاً عندما أجد الأمرين متناقضين،فالمبدعون الكبار تذوب في مصهرهم كل التناقضات وطاهر هوهو في تجانسه مع نفسه...».
وأما عن رواية«تجربة في العشق»،فقد رأى أنها ممتلئة بالكثير من المفارقات،وكلها مستوحاة من معاناة السيد المستشار عندما كان مسؤولاً في وزارة الثقافة،وربما كان أطرفها ما جرى عند دعوة الشاعر اليمني الضرير عبد الله البردوني...،وأشار إلى أن من ملامحها الفنتازيا الخرافية التي تمثلت في تصوره لحل القضية الفلسطينية،واستحضاره لشخصيات قياداتها،وعلى رأسهم أبو عمار،وقدم ملاحظة رأى أنها مهمة،وهي أن قارئ الرواية قد يخرج بأنها رواية غير متماسكة،أو مشتتة اعتمدت الفوضى في تعبئة المتن بالأمثال سواءً الشعبية الجزائرية،أو العربية الفصحى.
وذهب إلى أن رواية«تجربة في العشق»أحد أمثلة الرواية الحديثة،وهي طليقة،ولا تخضع لتعليب شكلي،ووصفها بأنها كون مفتوح يلجه كل روائي من بوابته الخاصة،كما أنها تعكس التعدد إلى حد التناقض في أفكار وطار وشواغله.
وكتب الأديب العراقي علي القاسمي عن رواية«أحلام إينشتاين وتبسيط العلم والأدب»،إذ لفت انتباهه أن هذه الرواية التي كتبها ألن لايتمن تبسط النظرية النسبية لأينشتاين في شكل سردي بديع،فلغته تتميز بالوضوح،والبساطة،والإشراق،والخلو من الألفاظ الحوشية،والتراكيب المعقدة التي قد تحجب المعنى،وقد ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة،وألهمت الكتّاب،والسينمائيين،والموسيقيين،والمسرحيين،والرسامين في جميع أنحاء العام.
وعالج الباحث التونسي عبد الدائم السلامي في مقاله قضية«الرواية العربية وتجريب-اللامعقول-»،وذهب إلى أن مفهوم –اللامعقول- من المفاهيم التي ارتأى الروائي العربي تحويله ،وذلك بجعله تقنية كتابية في إبداعاته،وتقنية سردية منفتحة على كل ما يجد في مجال السرد أسلوباً،ومضموناً،وهذا ما ساعد على توصيف هذه التقنية بالحداثية وقابلية التنوع،ومخالفة المعهود السائد في النتاج النثري العربي السائد.
وكتب الباحث حسن كرومي عن«شعرية المكان في رواية-الدقلة في عراجينها-لبشير خريف:مقاربة سيميائية »،ورأى أن هذا العمل مستهله،ومفتتحه،وعنوانه مترع بالدلالة المكانية،فهو أيقون يتضمن شحنة دلالية خاصة مستقاة من صميم البيئة الصحراوية،والنص موغل في خصوصيته المحلية،ومليء بأسرارها،ودثارها،وقد شكلت منطقة الجريد الفضاء الرحب الذي استقطب اهتمام الكاتب،وذلك دون إهمال كلي لمناطق أخرى كالمتلوي،وتونس،وصفاقس،وقفصة.
ورصدت الباحثة التونسية فوزية سعيد في مقالها العناصر التراثية في رواية«عرس الزين»للطيب صالح،وأكدت على أن الرواية حفلت بتراث البيئة الشعبية السودانية بما فيها من ثراء عاداتها،وتقاليدها،
وكتبت فاطمة بن محمود،وهي باحثة تونسية عن رواية«باب الحيرة للروائي الأردني يحيى القيسي بين أسئلة الإنسان وعبث الحياة»،ووفق رؤيتها فالروائي الأردني يحيى القيسي يكتب من وحي علاقته بالحياة، و هو يستنطق أيامه لتنز بأفكار،وتلد شخوص نصوصه القصصية والروائية،وخلصت في ختام بحثها إلى أنه من خلال رواية-باب الحيرة-ينحت لنفسه اسمه الخاص في المشهد الروائي العربي.
أما دراسة إلهام عبد الرزاق الباسطي من تونس،فقد رصدت فيها«تعدد الرواة في رواية-البحث عن وليد مسعود-لجبرا إبراهيم جبرا»،وعنون الدكتور أحمد الحمروني دراسته بسؤال«الروائي والمؤرخ:شاهدان هل يلتقيان في نماذج تونسية معاصرة؟»،وذكر في ختامها أن الأولى بالروائيين،وخاصة منهم الذي ينزعون إلى نزعتي التاريخية،والواقعية أن يتواصلوا مع التاريخ في مصادره ومراجعه ليرسموا صورة دقيقة لتاريخهم،ولواقعهم،وهذا هو المطلوب كحد أدنى من الانضباط، والالتزام، لأجل المصالحة بين الروائي، والمؤرخ.
واختتم محور العدد بمقال الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة عضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة عنابة،والذي خصصه لمناقشة الأفكار التي وردت في كتاب الناقد المغربي الدكتور محمد برادة المعنون ب:«الرواية العربية ورهان التجديد»،وقد ذكر في بداية بحثه أن الدكتور محمد برادة يقدم مجموعة من الرؤى،والأفكار الجادة،والمتميزة، التي تهدف إلى استقراء واقع الرواية العربية،واستشراف آفاقها المستقبلية،وتعقب رهانات التغيير في تقنياتها السردية،وطرائق بنائها،وموضوعاتها،كما أشار عند حديثه عن التجدد الروائي إلى أن المؤلف قد التزم برؤية تحليلية شاملة ومعمقة لإشكالية التجدد،والتجديد الروائي،حيث تتبع أسئلة الكتابة الروائية بعد سنة:1967م،وختم مقاله بالقول إن كتاب:«الرواية العربية ورهان التجديد» هو عبارة عن معالجة متميزة لإشكالية التجديد في الرواية العربية،وذلك باعتبارها قضية رئيسة،وجديرة بالبحث، والتنقيب كونها ضرورية لفهم واقع،وحاضر،ومستقبل الرواية العربية،وكذلك فهي لم تحظ باهتمام كبير من لدن مختلف الباحثين،والدارسين،فهو يعد استجابة موفقة،ومتميزة لمتطلبات المكتبة العربية،ولحاجة الباحث العربي، والقارئ الذي هو بحاجة ماسة لتقديم رؤى، وأفكار معمقة عن رهانات التجديد في الرواية العربية.
وقد ذكر الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة في سياق مقاله متحدثاً عن شخصية الناقد محمد برادة،بالقول يعد الدكتور محمد برادة من الأسماء الروائية،والنقدية المؤثرة بشكل بارز في المشهد الأدبي العربي،فهو واحد من الباحثين المتميزين الذين جمعوا بين الإبداع الأدبي، والبحث الأكاديمي،والترجمة، أثرى المشهد الثقافي العربي بغزارة إنتاجه،وتعدد اهتماماته في مجالات شتى من بينها: البحث التربوي، ومناهج التدريس،وقضايا النقد الحديث،إضافة إلى انشغاله بقضايا الرواية العربية،والمناهج النقدية الحديثة،وكتابته للقصة القصيرة،والرواية.
وبالنسبة إلى القسم الأول من دراسة محمد برادة،فالدكتور سيف الإسلام بوفلاقة يرى أنه اتسم بمنهجية سليمة،حيث يذكر في هذا الصدد أن الدكتور محمد برادة يستهل كتابه بمدخل متميز تحت عنوان:«الفورة والتراجع في الإبداع العربي الحديث:نحو إعادة صوغ الإشكالية»،قدم فيه رؤي تحليلية عميقة تتصل بإشكالية حجم الإبداع، وعلاقته بأسئلة المجتمعات العربية،حيث يشير إلى عدم توفر تخصصات تهتم بسوسيولوجيا الأدب والفن في الحقل الأكاديمي،والثقافي،ولاسيما فيما يتعلق بالإنتاج،والاستهلاك،وتقديم نسب،وإحصائيات عن عدد المتلقين،والقراء،وكذلك عن الموضوعات التي تحظى بالاهتمام،والرواج،وتثير الجدل،فعدم وجود هذه الدراسات يقود الباحث إلى نزعة افتراضية،ويفتح المجال لإثارة جملة من الأسئلة الانطباعية،التي قد تذهب إلى المبالغة والتضخيم في حجم ودور الإنتاج الفكري، والإبداعي،أو تنزع نحو التقليل،وذلك ارتكازاً إلى مقاييس مضنية، وغير واضحة المعالم،ويذكر الدكتور برادة أنها غالباً ما يكون وراءها مقارنات غير مبررة مع إنتاجات عالمية.
والجانب الآخر الذي يذكره الدكتور محمد برادة ترديد أسئلة تكون صادرة عن افتراضية شبه مسلم بها،ترى أن الوظيفة التي ينهض بها الإبداع، والأدب، والفكر بصفة عامة هي التعبير عن قضايا،وتحولات المجتمع العربي في جميع المجالات،وهذا الطرح التقليدي يؤدي إلى ضياع المفاهيم والمصطلحات،مما ينجم عنه اللجوء إلى تقديرات وتخمينات انطباعية.
يشير المؤلف إلى أن غرضه من هذا التحليل ليس تقديم إجابات،أو تصويب الانطباعات المنتشرة،وإنما هدفه السعي إلى إعادة صوغ إشكالية حجم الإبداع، وعلاقته بأسئلة المجتمعات العربية،وذلك حتى يتم تأطير هذا الموضوع،وتفكيك الأحكام شبه الجاهزة التي تظهر كلما طرحت معضلة الإبداع للنقاش.
ولتحليل هذه القضية ركز المؤلف على ثلاث قضايا رئيسة هي:
-كيف نقيس الانخفاض والفورة.
-الإبداع والتعبير عن المجتمع.
-إعادة صوغ الإشكالية.
ويشير الباحث سيف الإسلام بوفلاقة إلى أن الدكتور محمد برادة ينطلق عند مناقشته للقضية الأولى من سؤال عام،وهو:هل انخفضت فورة الإبداع العربي في مجال الفكر بشكل عام،والإبداع بشكل خاص؟
ولتوضيح هذه المسألة استحضر لحظات بارزة في مسار الفكر والإبداع خلال الستينيات،والسبعينيات من القرن الماضي،وأشار إلى ثلاث منارات جاذبة في تلك الفترة كانت لها أصداء واسعة في الحقل الفكري،والإبداعي العربي هي الماركسية،ووجودية سارتر،وكتاب:«معذبو الأرض»لفرانز فانون،الذي اقترن بالثورة الجزائرية،وكشف عن تفكير جديد.
وقد عرفت الفترة الممتدة مابين:1950و1970م تنامياً في حجم الإنتاج الفكري، والإبداعي،واقترن التلقي بخطاب نقدي واسع،كما توطدت الصلة بين الهم الأدبي،والاهتمامات السياسية،في حين أن إنتاجات ما بعد سنة:1967م،بلورت عدة تحولات،وتغيرات في المسار الإبداعي،والفكري،وفي العلائق بين الثقافي والسياسي،كما أن هناك لحظات أخرى لفورة الإبداع العربي منذ الثمانينيات ظهرت في دفق إنتاج روايات الشباب،وقصيدة النثر،وكتابات المرأة الجريئة وغيرها.
عند معالجة المؤلف لقضية الإبداع والتعبير عن المجتمع العربي لفت الانتباه إلى غياب إحصائيات تفيد القارئ،وتجعله يكون فكرة عن الطريقة التي يتم بها تلقي مختلف أشكال الإبداع،وما يمكن الاعتماد عليه هي القراءات النقدية التي تقدم ردود فعل عما أثاره الإبداع لدى المتلقي العربي الممارس لنقد الأدب،والفنون،ويعرض المؤلف رؤية المفكر الدكتور عبد الله العروي،على اعتبار أنه قدم انتقاداً هاماً للإبداع العربي المعاصر انطلاقاً من تصور فلسفي نقدي متكامل،وذلك في كتابه:«الإيديولوجيا العربية المعاصرة»الذي صدر سنة:1967م،رأى فيه أن قصور التعبير الأدبي بعيداً عن الشعر ناتج عن غياب وعي نقدي للأشكال التعبيرية الجديدة،ويرى المؤلف أن الإبداع العربي خلال الأربعين سنة المنصرمة تجدر أكثر في المجتمع المدني،وذلك على اعتبار أنه يعبر عن النزعة التحررية الانتقادية،كما أنه يوصل صوت الذات المتمردة، ويكشف النقاب عن تناقضات السلطة،ويذهب المؤلف إلى أن منجزات الإبداع الأدبي تسجل تحولاً نوعياً على مستويين:
-الحرص على توفير عناصر شكلية وفنية تحقق خصوصية الخطاب الأدبي،وتميزه عن الخطاب البلاغي المتخشب المستخدم في غسل الأدمغة،وتسطيح العقول.
-ارتياد مجالات، وفضاءات كانت شبه محرمة،وإعادة بناء عوالم شعرية،وتخيلية،وسردية تبعث وعياً نقدياً عميقاً وجريئاً.
وبالتالي فإن الإبداع العربي يندرج في إطار عوامل فاعلة تسعى إلى مجاوزة الوعي القائم،وتعويضه بوعي ممكن يوجد في قوى المجتمع المدني،وطلائعه المختلفة.
وقد رأى المؤلف عند معالجته للقضية الثالثة أن الإشكالية في العالم العربي مزدوجة الحدين،حالة التداعي،والتدهور السياسي والاجتماعي،وحالة توغل العالم في أزمة اقتصاد،وقيم وثقافة،وهذا ما يقتضي وجود حركة اجتماعية تاريخية تقوم بقلب تربة المجتمعات العربية،وتبني مشروعاً للمستقبل يحرر المواطن،ويحمي حقوقه،ويؤهله لمجابهة الغد.
الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة
عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية بجامعة عنابة
العنوان:
الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة
MOUHAMED SAIF ALISLAM BOUFALAKA
ص ب:76 A ( وادي القبة) -عنابةالجزائر
Èالمحمول: 775858028 (213) 00
أو 559884600 (213)00
الناسوخ (الفاكس) : 35155438 (213)00
البريد الإلكتروني : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.