السلمي شهادة وفاة حكم العسكر التداعيات التي أدت إلى ثورة 18 نوفمبر الشعب يريد إسقاط النظام . كانت هذه العبارة هي أبرز الهتافات التي ارتجت لها أركان الميدان في الخامس والعشرين من يناير ، ليسقط الرموز ومازال النظام قائماً بكل تعنته و صلفه وغباءه المفرط في التعامل مع الأزمات . و الآن يخرج الناس في مصر يوم السبت الموافق 18 نوفمبر و بعد تسعة أشهر من إسقاط رأس النظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ، ليسقطوا الوجه الآخر لنفس النظام المشير طنطاوي و مجلسه العسكري الذي خذلنا طوال فترة كافية لتتمخض عن نظام جديد وخارطة طريق واضحة خرج المصريون للمناداة بها وعادوا أدراجهم محملين بكم هائل من التفاؤل و السعادة لأنهم أئتمنوا المجلس العسكري على مصير ثورتهم وأرواحهم التي أزهقت ولكن ماذا حدث ؟ ، عادوا أياديهم خاوية لم يحصلوا على أي شيء . الموائمة كانت شعاراً لمجلسنا العسكري طوال الفترة الماضية في البداية استفتاءاً على دستور سقط وضرب عرض الحائط بكل فقهاء القانون والدستوريون اللذين قالوا هذا استفتاءاً لن نجني منه أي شيء ، لكن المجلس كان يعرف ماذا سيجني انقساماً بين أطياف الشعب على استفتاء على اللاشيء غير مهادنته الفجة للأحزاب الإسلامية القديمة و المستحدثة متمثلة في الأخوان المسلمين و السلفيين اللذين لم يكن لهم تواجد سياسي فاعل قبل الثورة ليدعم موقف سياسة فرق تسد التي تبناها منذ البداية . ثم تبعه المجلس العسكري بعد عدة أشهر بوثيقة السلمي التي كانت وثيقة وفاة الثورة كما راهن عليها المشير تلك الوثيقة التي تعلن مباديء فوق دستورية لدستور لاوجود له حتى الآن إن قبلها الشعب أعلنت وفاة الثورة رسمياً ولاكلام عن حقوقنا وإن رفضناها قوبلنا بعنف كنا ننتظره و نعلم جميعاً مداه و نحن نريد إسقاط النظام بأكمله لأن هذه المرة قد تعلم الشعب درساً لن ينساه ، النظام ليس رموزاً بل هو أيدلوجية كاملة . ويتزرع المجلس بأن من نزل إلى الميدان من يوم السبت يعرقل خط سير عملية انتخابات مجلس الشعب القادمة ، الحقيقة أنا لا أعرف عما يتحدثون ! هذه الانتخابات لن تعبر عن إرادة الشعب بكل تأكيد بلا قوانين تمنع ترشيح الفلول ، الحد الأعلى لإنفاق الناخب على دعاية حملته الانتخابية هو ثلاثة أرباع مليون جنية ، وبمعنى أدق الثوارالحقيقيون من باتوا في الميدان و فقدوا أعينهم و أحلامهم يمتنعون ومن يمتلكون المال نحن بهم مرحبون . إلتفاف على حقوق الثورة ، محاكمات صورية لم تسفر حتى الآن عن أي شيء كانت هي الجدار الذي تخفى وراءه رموز النظام ليضمنوا بقاءهم على قيد الحياة بعد كل ما اقترفوه من جرائم تستوجب القصاص . و الأكثر من ذلك خذياً الكيل بمكيالين ، عندما يطالب الثوار بمنع زوجة الرئيس من السفر نفاجيء بأنهم لا يريدون اختراق القانون ويريدون أن تسير كل الأمور و كأن الثورة لم تقم ولا يحتكمون لقوانين الثورة التي أول نتائجها الطبيعية جداً، إجراءات استثنائية و سريعة لتحقيق مطالبها إجراءات سرعتها مستمدة من قوة الحدث وأهميته و من إرادة الشعب نفسه ، و في الوقت ذاته محاكمات عسكرية عاجلة للمدنيين وكلمة بلطجية المطاطة التي يستخدمها المجلس العسكري لقمع عدوه الجديد القوى الثورية و النشطاء السياسيون ، كما تلوح أمريكا بشعار الديموقراطية التي تمارس تحت ستاره كل أنواع العنف و القهر ضد الشعوب . أما عن الأموال المنهوبة ، فكل الدول التي وضعت فيها أسرة مبارك و فلول الوطني أموالها تؤكد أنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية لاسترداد تلك الأموال المنهوبة،ثم نفاجيء بقرار يمنع جمال مبارك من التصرف في أموالة منذ أسبوع فقط إذن ماذا كان يفعل طوال الفترة الماضية ؟! الطريقة التي يتعامل بها المجلس مع الثوار في الميدان الآن تعيدنا لنقطة الصفر أي وقت اندلاع ثورة الخامس والعشرون من يناير ، بل تكرر السيناريو في نقطة ما قبل الصفر فالقنابل المسيلة للدموع هذه المرة تفوق قدرتها خمس أضعاف قدرة القنابل المستخدمة في ثورة يناير و منتهية الصلاحية ، والثأر بين الشرطة والشعب وحشياً دامياً و المجلس العسكري الذي فقد آدميته عندما برر عنفه للبسطاء بأنه يريد أن يترك الثوار الميدان خاوياً للحاق بمثيري الشغب والبلطجية ، أي هراء هذا ؟ ، و أين كان المجلس في أفشل خطة أمنية تعمدت ترك مصر سبية في أيدي البلطجية طوال شهور مضت لخدمة الفوضى التي دعمها المجلس بتقاعصه عن أداء مهمته و أمانته وغيابه المتعمد وسياسة التخبط الذي تبناها ،فلم يخرج المشير في حديث واحد للشعب الذي خرج ليثور لاستعادة كرامته المنتهكه وكما كان متوقعاً قدم حكومة عصام شرف كبش فداء للثوار تلك الحكومة التي لم تكن لها صلاحياتها الكاملة في اتخاذ قراراتها وكانت تابعة لإرادة المجلس العسكري ، ليست هي المدانة الأمام الشعب عما حدث لأبنائه و إنما الإدانة تلقى بالدرجة الأولى على رأس النظام و المسئولية التي تلقى على عاتقها ليست مسئولية سياسية عما حدث و يحدث بل هي مسئولية جنائية مباشرة عن عدد القتلى و الجرحى الذي سقط و مازال يسقط . وكالعادة يتكرر السيناريو السابق لثورة يناير إقالة الحكومة كي يهدأ الشعب و يقول الدافئون في البيوت ماذا يريد هؤلاء الشباب بعد إقالة الحكومة ؟ ، و من ثم ندخل في نفق مظلم من المناورات التفاوضية في الوقت الضائع ، ليظهر علينا كما فعل مبارك سابقاً ، ويسأل ماذا تريدون ؟! ببساطة و بلا مناورات أيها المجلس العسكري الموقر نحن نريد إسقاط النظام . إيمان الشافعي كاتبة صحافية مصرية