الحسين عبدالرازق غريب على باب الرجاء طريح .. يناديك موصول الجوى وينوح يهون عذاب الجسم والروح سالم .. فكيف وروح المستهام جروح مع اقتراب شهر رمضان , بكل مايحمله من نفحات إيمانية ومشاعر روحانية , إسمحوا لي أن أنحي جانباً الحديث في السياسة وعن السياسة , وأن أترك لقلمي حرية التحليق في عالم الإنشاد والمدائح النبوية , سأقوم بإذنكم وسماحكم بالحديث عن واحداًمن عظماء دولة الإنشاد الديني في مصر ,, عن الشيخ ياسين التهامي أتحدث . في البدأ كان جدي , أوبالأحري جهازالتسجيل في بيت جدي ' الذي ومن خلاله كان كانت إطلالتي الأولي علي ذلك العالم البديع , فقد كان جدي الحاج إسماعيل عليه رحمة الله شديد التعلق بي , كوني حفيده الأول من الذكور ... وبحكم ذلك التعلق , كان دائم الحنو شديد الكرم علي , الأمر الذي جعلني أداوم علي زيارته بصورة يومية تقريبا ً, مؤثراً للجلوس برفقته علي اللهو واللعب بين أقراني من الأطفال !! كان جدي متصوفاً خالصاً صفوا ً, شديد التعلق بآل بيت رسول الله ( ص ) , يواظب علي حضور الإحتفالات بمولد الأمام الحسين والسيدة زينب والسيد البدوي , وغيرهم من أولياء الله الصالحين , كان بالطبع يصطحبني معه خلال الذهاب إلي كل تلك الأماكن , فضلاً عن إقامة حلقات الذكر في مختلف المناسبات الإسلامية بمنزله , شأنه في ذلك شأن غالبية أهلنا في الريف , إضافة ألي امتلاكه لجهاز تسجيل يقوم من خلاله بالإستماع إلي القرآن الكريم بصوت قراء ثلاثة , لايمكن أن يخلو من أشرطتهم لا جهاز التسجيل ولا درج مكتبه الذي يعلوه جهاز المسجل , حيث نجلس إلي جواره أنا والجد منصطين في خشوع إلي الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أو الشيخ أحمد صالح أو الشيخ سعيد نور , عليهم جميعاً وعلي جدي رحمة الله إلا أنه ومع بداية الثمانينات , أضاف جدي إلي أشرطة قراءه الثلاثة المفضلون شريطاً جديداً , لمنشداً شاباً من صعيد مصر , بدأت أشرطته في الإنتشار , والذي لم يكن سوي الشيخ ياسين التهامي . كانت تلك هي المرة الأولي ربما , التي أري فيها عينا جدي وقد اغرورقت بالدموع ' كانت أيضاً المرة الأولي التي أري جدي يتمايل إنتشاءاً بما يسمعه من قصائد لكبار شعراء الصوفية , والتي راحت تنساب من بين شفتي الشيخ ياسين كسلسبيلٍ من مياه الذهب !! رحل جدي في منتصف الثمانينيات , ورحلت معه الأشرطة .. كل الأشرطة , أحمد صالح وعبدالباسط وأشرطة التهامي أيضاً , قام بسرقتها أحد الأشخاص سامحه الله . لكن ومن حسن حظ محدثكم وكاتب تلك السطور , أن رحيل جدي قد جاء بعد أن ورثت عنه أمرين إثنين .. الأمر الأول هو حب آل البيت ' والأمر الثاني هو الإستماع إلي أشرطة التهامي , التي اقتنيت منها العشرات , بل والمواظبة علي حضور حفلاته في ساحة الإمام الحسين ' كلما تيسر لي ذلك , وسنحت لي الفرصة لإختلاس بعض الوقت , لأستمتع بالإستماع إلي كلمات سيدي عمر بن الفارض وسيدي ابن عربي وسيدي الحلاج وسيدي السهروردي وغيرهم من السادة , شعراء الصوفية الكبار , والتي استطاع الشيخ ياسين أن يصل بها إلي جل أبناء مصر , من الوجه البحري ابتداءاً , ووصولاً إلي أهلنا في أقاصي الصعيد السعيد , والذي شهدت إحدي قراه وبالتحديد قرية الحواتكة مركز منفلوط محافظة أسيوط , ولادة ياسين تهامي حسنين في يوم 6/12/1949 لأب وصفه كل من عرفه بأنه كان عابداً زاهداً , ولياً من أولياءالله الصالحين ,يقيم حلقات الذكر في المناسبات الإسلامية مثل المولد النبوي , وليلة الإسراء والمعراج وغيرها من المناسبات , الأمر الذي تأثر به الشيخ ياسين إلي حد تركه للدراسة , بعد أن وصل إلي الصف الثاني الثانوي الأزهري , وإعتزاله عن العالم لعامين متواصلين , قرأ خلالها مئات القصائد الصوفية وحفظها , إنطلق بعدها في عالم الإنشاد الديني , ليتربع وبعد رحلة طويلة علي عرش دولة المدح والإنشاد في مصر , ومنها إلي أغلب الدول الأوروبية , كسفيراً من الطراز الرفيع , وواحداً من أهم أعلام دولة الإنشاد ' المولعين بحب آل بيت سيدنا رسول الله "صلي الله عليه وسلم " رحم الله جدي إسماعيل , وحفظ لنا الشيخ ياسين التهامي .. رمزاً من رموز قوة مصر الناعمة .