وزير الخارجية يلتقي الجالية المصرية في أوغندا    "القومي للمرأة" يواصل ورشة عمل "نظام عمل الوحدة المجمعة لحماية المرأة من العنف"    القوات المسلحة تنفي بشكل قاطع مزاعم مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية    وزير الخارجية يعقد لقاءً مع رجال أعمال أوغنديين    بدء تركيب قضبان السكة الحديد لمسار الخط الأول للقطار الكهربي السريع    محافظ القاهرة: توفير 100 أتوبيس منها 15 لذوي الهمم بالمنتدى الحضري العالمي    الجيش الأردني يعلن سقوط مسيرة مجهولة المصدر في محافظة جرش    الانتخابات الأمريكية.. فانس: التصويت لترامب يمنع نشوب حرب عالمية ثالثة    أحمد عبد القادر يسجل في فوز قطر على الخور بالدوري القطري (فيديو)    بعد اتهامه بضرب شقيق محمد رجب.. مصادر تكشف مصير ابن مجدي عبد الغني    بعد انفصاله عن فريق "أيامنا الحلوة".. كريم حراجي يطرح كليب أغنية "رغم حزنك"    خبير آثار يكشف حقيقة إخلاء دير سانت كاترين وهدمه وطرد الرهبان    بالفيديو.. ما هى الفريضة الغائبة عن المسلمين؟.. خالد الجندى يجيب    هل وجود النمل فى البيت دليل حسد؟.. أمين الفتوى يجيب    بلغة الإشارة..الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي بعنوان"ما كان لله بقي"    نصائح مهمة من الصحة قبل تطبيق التوقيت الشتوي    مصر تحصد ذهبية وفضية اليوم في البطولة الدولية للناشئين لتنس الطاولة    بلينكن: يجب التركيز على إنهاء الحرب فى قطاع غزة    إجراء 3120 حالة منظار بوحدة المناظير بمستشفيات جامعة بني سويف    إسرائيل تحقق فى خرق أمنى كبير تسبب فى تسريب معلومات مهمة    خبير استراتيجي: شروط إسرائيل لوقف إطلاق النار قاسية    الاتحاد السكندري يكشف عن تصميم حافلته الجديدة (صور)    غدا.. افتتاح 4 مساجد جديدة في كفر الشيخ    هل يحق للأجنبي تسجيل وحدة سكنية باسمه في الشهر العقاري؟    الشعب الجمهوري ينظم صالونًا بعنوان "دعم صحة المرأة المصرية"    إياك وشرب القهوة في هذا الوقت.. خطر يهدد نشاطك طوال اليوم    «التعليم» تحدد موانع التقدم لأعمال امتحانات الدبلومات الفنية 2025    حبس قاتل تاجر الأسمدة وسرقته فى الشرقية    "مخاطر الزواج المبكر" ندوة في البحيرة.. صور    وزير الأوقاف يعلن عن خطة دعوية توعوية واسعة للواعظات لتعزيز التماسك الأسرى    موسيالا يحدد موعد حسم مستقبله    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 694 ألفا و950 جنديا منذ بداية الحرب    مفيد عاشور يعلن عن مسابقة مسرح الشارع بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    إقبال مواطنى البحيرة على تلقى لقاح الأنفلونزا الموسمية داخل المراكز الطبية    وكيل الصحة بشمال سيناء يتابع مبادرة 1000 يوم الذهبية    المشدد 15 سنة للمتهم بق.تل شخص بالخصوص في القليوبية    إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين بقنا (صور)    الطبيبة الشرعية تؤكد: لا دليل على تناقض مقتل "نورا" بواسطة رابطة عنق في قضية "سفاح التجمع"    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين جراء العاصفة الاستوائية "ترامي" في فيتنام    البورصة المصرية تستضيف مسئولي الشركات الأعضاء لمناقشة أحدث المستجدات    الزمالك في ورطة.. باتشكيو يحسم موقف القيد في القلعة البيضاء    المترو يعمل ساعة إضافية اليوم بسبب تغيير التوقيت    محافظ الفيوم: تطور مذهل في نمو يرقات الجمبري ببحيرة قارون    وكيل "تعليم مطروح" تؤكد أهمية مركز التطوير التكنولوجي لخدمة العملية التعليمية    بليغ أبوعايد: رمضان أعاد الانضباط إلى غرفة ملابس الأهلي    «الداخلية»: تحرير 572 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1491 رخصة بسبب الملصق الإلكتروني    محمد فاروق: قدمت استقالتى وتراجعت عنها بعد جلسة مسئولى الجبلاية    وزيرا الإسكان والعمل يستعرضان سبل تعزيز التعاون المشترك    أمين الفتوى عمرو الورداني: 5 أنواع للآباء يتسببون فى دمار الأسرة    المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان يبدأ جولة إقليمية    مواعيد أهم مباريات اليوم الخميس في كأس ملك إسبانيا والقنوات الناقلة    لهذا السبب.. محمد منير يتصدر تريند "جوجل"    الجمعة.. مواقيت الصلاة الجديدة بالمحافظات مع بداية التوقيت الشتوي 2024 في مصر    برج القوس حظك اليوم الخميس 31 أكتوبر.. تخدمك حكمتك المالية    آسر ياسين وأسماء جلال أبرز الحضور بحفل منصة شاهد    فلسطين.. شهيد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم طولكرم    جوتيريش: هناك رغبة لدى الدول لاتخاذ إجراءات بشأن تلوث البلاستيك    نسرين طافش تتألق على ريد كاربت مهرجان الجونة السينمائي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد صبحي منصور يكتب : كتاب المكي والمدني في التنزيل القرآني ( الجزء التاسع )
نشر في شباب مصر يوم 27 - 03 - 2016


د. أحمد صبحي منصور
ما زال الحديث موصول بعون الله تعالي حول كتاب (المكي والمدني في التنزيل القرآني) للدكتور أحمد صبحي منصور ونقول الأتي
في التعامل مع المشركين الكافرين سلوكيا بالاعتداء :
1 جاء لهم عرض الهي لهم بالانتهاء عن العدوان مقابل أن يغفر لهم ما سبق من عدوان ، وإذا رفضوا العرض فالأمر بقتالهم لوضع حد للفتنة أو الإكراه فى الدين ، يقول جل وعلا فى إلتفات مركب ، المُخاطب فيه هو النبي مع إشارة الى الغائب وهم الكافرون : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (38) ثم إلتفات مركب بمخاطب هو المؤمنون مع إشارة الى غائب وهم الكفار المعتدون الذين يرتكبون الاضطهاد الدينى أو الفتنة فى ( الدين ) الذى ينبغى أن يكون حرا ، المرجعية فيه لرب العزة يوم الدين : ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) ثم إلتفات الى المشركين ( فَإِنْ انتَهَوْا ) ثم إلتفات الى الحديث عن رب العزة جل علا : ( فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)، وإلتفات فى الآية التالية من الغائب وهم المشركون :( وَإِنْ تَوَلَّوْا ) إلى المخاطب وهم المؤمنون :
( فَاعْلَمُوا ) إلى الحديث عن رب العزة جل وعلا : ( أَنَّ اللَّهَ ) إلى المخاطب وهم المؤمنون :(مَوْلاكُمْ ) إلى الحديث عن رب العزة جل وعلا :( نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)
فى التعامل مع ( شر الدواب )
1 عبارة (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ ) جاءت مرتين فقط فى القرآن الكريم ، وفى سورة الأنفال تحديدا، وصفا لنوعين من الكافرين ( الكفار قلبيا فقط ) أو ( الكفار قلبيا وسلوكيا معا ) . وقلنا أن هناك الكافر بقلبه ولكنه مؤمن سلوكيا مأمون الجانب مسالما فيتمتع بلقب الذين آمنوا حسب الظاهر ، ولكن يظل محتاجا للوعظ حتى يهتدى قلبه ، ويظل أيضا محتاجا إلى الوعظ والتهديد والترهيب حتى لا يتحول الى الكفر السلوكي يجمع بينه وبين كفره القلبى .وهذا كان حال بعض الصحابة من المهاجرين والذين ظلوا يعبدون الأنصاب حتى أواخر ما نزل من القرآن الكريم دون أن ينتهوا عن عبادتها ( التوبة 90 : 92 ) .
2 يقول جل وعلا للمؤمنين سلوكيا
( بمعنى الأمن والسلام ) ولكن لا يطيعون الله ورسوله ويخونون الله ورسوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) .
3 ونلاحظ الآتي :
3 / 1 عدم وصفهم صراحة بالكفر بل بأنهم الصُّم البكم الذين لا يعقلون الذين يتولون عن الرسول معرضين عنه شأن الذين قالوا سمعنا بالأذُن وهم لا يسمعون أي لا يطيعون . وأنه لا فائدة منهم ولا خير فيهم .
3 / 2 أن هذه الأوصاف جاءت فى سياق خطاب الهي مباشر للذين آمنوا أو الصحابة المؤمنين سلوكيا ظاهريا دون إيمان قلبي . أي مؤمنون مأمون الجانب مسالمون سلوكيا ولكن قلوبهم كافرة ترفض سماع الحق،وهم متصفون بنفس صفات الكافرين الذين لا يعقلون ، وأنهم شر الدواب ، والدابة هى كل كائن حى يدبُّ ويتحرك بحركة مقصودة من الحشرة إلى الفيل والخيل والبغال والحمير ..
3 / 3 وجرى في الآيات السابقة أسلوب الالتفات على النحو التالى : المُخاطب هو المؤمنون سلوكيا وليس قلبيا ، وهو إلتفات مركب بإشارة الى الله جل وعلا والرسول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا ) ثم إلتفات من المخاطب الى الغائب، وهم الكفار الصُّرحاء فى ( كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) ( واستمرار في وصف هؤلاء الكفار قلبيا :
( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23). ثم إلتفات من الغيبة الى المخاطب للذين آمنوا سلوكيا فقط ، وهو إلتفات مركب لأنه يحوى إشارة لله جل وعلا وللرسول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28).
4 عبارة (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ ) جاءت أيضا فى نفس السورة وصفا للكافرين قلبيا وسلوكيا بالاعتداء ونكث العهود ، يقول جل وعلا : ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56)) . كان الحديث عنهم بالغائب ، ثم بعده إلتفات إلى المخاطب وهو النبي في تشريع بالتعامل مع أولئك الكافرين المعتدين ناكثى العهود ( فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ( 58 )
5 الخطورة هنا أن يتعاون ( شر الدواب ) داخل المدينة مع ( شر الدواب ) خارجها . الصنفان معا يصفهم رب العزة بالخيانة (الأنفال 27 ، 58). ولو تحالف الفريقان الخائنان ( من شر الدواب ) ضد النبي والمؤمنين الحقيقيين لتم تدميرهم المسلمين ودولتهم الإسلامية ، خصوصا وأن شر الدواب خارج المدينة موصفون بأنهم (يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ ). لذا كان التشريع للنبي عليه السلام فى التعامل مع ( شر الدواب خارج المدينة ) أنهم إذا اعتدوا فليحاربهم بقوة تُرهب من هم خلفهم ، اى شر الدواب فى المدينة : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ). وإنه بسبب تكرار حنثهم ونقضهم للعهود فإذا خاف خيانتهم أعلن لهم وقف العمل بالعهد معهم بكل استقامة كي لا يعطيهم فرصة الخداع والمكر:
(وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ) .
فى الاستعداد الحربى لردع العدو المعتدى
1 هنا المخاطب هم المؤمنون قلبيا وحقيقيا مع إشارة للغائب وهم الكفار المعتدون ، فى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) أولئك الذين لا يعلمونهم هم
( شر الدواب ) من المؤمنين سلوكيا بينما قلوبهم تطفح بتقديس الأنصاب والقبور المقدسة.
2 قوة الدولة الإسلامية المسالمة هى التي ترهب العدو الظاهر والعدو المحتمل المستتر الذي لا يعلمونه والذي يعلمه رب العزة جل وعلا . الإرهاب هنا فى مصطلح القرآن هو لحقن الدماء ، دماء العدو ودماء المسلمين أيضا . الدولة الإسلامية المسالمة التي لا تعتدي على أحد لو كانت ضعيفة فسيتشجع العدو المعتدى على غزوها ، لهذا لا بد أن تتقوى بكل استطاعتها لتردع أو لترهب هذا العدو المعتدى .
3 وهذا الاستعداد الحربي يتطلب نفقة مالية ، لذا يستمر الخطاب للمؤمنين :
( وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60).
4 فماذا إذا جنح العدو المعتدى للسلام ، يستمر الخطاب للنبى عليه السلام بالجنوح للسلام متوكلا على ربه جل وعلا فى إلتفات من المؤمنين إلى النبى : ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) .
5 فماذا إذا كانوا يريدون الخداع فالله جل وعلا هو الذي يكفيه والذى يؤيده بنصره وبالمؤمنين ( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)) فيما سبق إلتفات مركب للمخاطب وهو النبى مع إشارة للمخادعين
6 ويأتي حديث عن رب العزة ونصره وأنه الذى ألّف بين قلوب المؤمنين الحقيقيين بما لا يستطيعه بشر :( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ )هذا حديث عن رب العزة جل وعلا ، يليه إلتفات الى المخاطب وهو النبي عليه السلام ( إلتفات مركب ) يحوى إشارة إلى المؤمنين :( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) .
7 المؤمنون سلوكيا فقط لا فائدة فيهم فى القتال لأنهم كافرون قلبيا ولأنهم مسالمون يخافون من الحرب لذا كانوا يعصون ولا يسمعون . باستبعادهم يتبقى المؤمنون الحقيقيون ، وهم أيضا مسالمون ولكن مخلصون لرب العزة دينهم . أي يحتاجون إلى التحريض على القتال لذا يستمر الخطاب للنبى مع حديث عن رب العزة جل وعلا وإلتفات إلى الغائب وهم المؤمنون الحقيقيون في : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ) ثم بعدها إلتفات إلى مخاطب آخر وهم المؤمنون الحقيقيون ونفهم أنهم وقتها أقلية ضئيلة ضعيفة لذا لا بد من التمسك بالصبر لينالوا النصر ، يخاطبهم رب العزة مباشرة فيقول :
( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)).
فى الموالاة والولاء للدولة الإسلامية :
1 انتماء المسلم الحقيقي والمؤمن الحقيقي هو للقيم العليا
( الحرية والعدل والسلام ) . وإذا تعرض للفتنة في دينه وجبت عليه الهجرة ، وإذا تخلف عنها مع استطاعته ومات ، مات كافرا
( النساء 97 : 99 ). وكانت دولة الإسلام المدنية واحة أمن للمستضعفين المؤمنين ( إيمانا سلوكيا بمعنى الأمن ) والمسلمين ( إسلاما ظاهريا بمعنى المسالمة والسلام ) . وفى داخلها تمت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار والموالاة بينهم في إطار دولتهم . وكانت الهجرة إليها مفتوحة لكل من أراد الحرية الدينية ، يمارسها كيف شاء طالما لا يرفع سلاحا ولا يضطهد أحدا في الدين .
2 وكما جاءت الآيات الأخيرة في سورة النور عن الشورى والديمقراطية المباشرة ، وجاءت الآيات الأخيرة من سورة الممتحنة عن البيعة الفردية حتى للنساء فى دخول الدولة الجديدة فإن الآيات الأخيرة من سورة الأنفال كانت عن تشريع المواطنة في هذه الدولة ، والتي هي حق لمن يعيش فيها من المهاجرين والأنصار ، وهى أيضا حق لمن هاجر إليها واستقرّ فيها ، والمؤمنون خارجها ليسوا مواطنين فيها طالما لم يهاجروا ، والمستضعفون لهم حق النُّصرة إلا إذا كان هناك عهد بعدم الحرب بين الدولة الإسلامية وتلك الدولة الفتى يعيش فيها أولئك المستضعفون . وكما أن الكفار المعتدين يوالى بعضهم بعضا فواجب المؤمنين المسالمين أن يوالى بعضهم بعضا حتى لا يكون فساد في الأرض واضطهاد أي فتنة في الدين الذين .
3 في هذا يقول جل وعلا في خطاب للغائب : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ثم إلتفات إلى من الغائب إلى المخاطب وهم المؤمنون في دولتهم الإسلامية :
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72). ثم خطاب الغائب عن الكافرين المعتدين وموالاتهم بعضهم البعض :
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ثم إلتفات إلى المؤمنين : المخاطب : يقول لهم :
( إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)، وبعده إلتفات إلى الغائب :
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) ثم إلتفات إلى المخاطب أي المؤمنون (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ . ) ثم الغائب في :
( وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)) .
وللكتاب بقية فيتبع .....
----------------
د. أحمد صبحي منصور
من علماء الأزهر سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.