رأينا فى الحلقة الأولى أن مملكة زفتى كانت تعيش أياما (سمن على عسل) فى عهد الملك (كانى مانى الزلبانى) ومن هنا جاء إسم الملك (كانى مانى) بمعنى (سمن..عسل) بلغة أهل زفتى.. وتيمنا بهذا الملك وعهده الذى يتميز بالرخاء أطلق عليه العامة لقب (الزلبانى) نسبة إلى حلوى (الزلابية) التى كانت منتشرة فى عهده.. وقد تم فى عهد الملك الزلبانى ولأول مرة فى تاريخ البشرية إستنساخ الدجاجة (فوللى) البيضاء كزهرة الفل وكانت العامة تطلق عليها (الفرخة توللى) لغياب الفل من حياتهم ولأنها تشبه الطرحة التوللى الخاصة بالأفراح والليالى الملاح.. وقد استمر حكم الملك الزلبانى ردحا كبيرا من الزمن مما جعله محبوبا ليس فقط من شعبه بل من شعوب بلاد الفرنجة التى كانت تسارع إلى الشوارع عند زيارة الملك لتلك البلاد فتحيط بموكبه هاتفة: Viva Zalabani.. Viva Zalabani ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... إستيقظ الملك (الزلبانى) حاكم مملكة (زفتى) من نومه والخوف يملأ جوانحه وبمجرد أن اعتدل فى جلسته وهو مازال على فراشه استدعى كبير الوزراء الذى أتى على الفور وكاد أن يسقط وهو يهرول نحو حجرة العرش فلم تكن عادة الملك أن يستدعى أحدا من وزرائه فى مثل هذا الوقت المبكر من الصباح وما هى إلا لحظات حتى أعلن الحراس قدوم الملك إلى حجرة العرش فجلجل صوت كبير التشريفة (ماسح الجوخ الأكبر) حتى ملأ أركان القاعة "جلالة الملك الزلبانى".. فانتصب كبير الوزراء واقفا ثم انحنى بوسطه ثلاث مرات محركا كلتا يديه بين منطقة الفخذين حتى مقدمة الرأس كعادة الكبار فى حضرة الملك... () ابحث لى فورا عن العرافة (أم قويق)! - خيرا جلالة الملك؟! () رأيت فى المنام أن ابنى الوحيد فى خطر.. - خيرا.. اللهم اجعله خيرا.. () رأيت ولدى وقد تبعثر على قارعة الطريق! خرج كبير الوزراء من باب القصر سعيا فى طلب كبير البصاصين فوجده قد انهمك فى تأمين الطريق المؤدى إلى القصر حيث تُعِد المملكة مراسم استقبال السلطان (تحفة بن خيبان) حاكم مملكة (القطران) الذى سوف يصل إلى مملكة (زفتى) بعد ثلاثة أيام!... -- النجدة ياكبير البصاصين! - ماذا وراءك ياكبير الوزراء؟! -- الملك يطلب العرافة (أم قويق) للمثول أمامه فورا.. - لماذا العرافة؟!.. هل سندخل حربا؟! -- ابحث عنها وبعدها ستعرف.. لم يستغرق عسكر السلطان الذين هم تحت إمرة كبير البصاصين وقتا كبيرا فى إحضار (أم قويق) التى كانت تلتقط رزقها مستخدمة أدواتها من أصداف القواقع وسط مجموعة من الصبايا وكلماتها التى تثير الدهشة والخوف معا فى النفوس التواقة للتعلق بالأمل حتى وإن كان أملا كاذبا فقد كانت الصبايا يتوهمن فى العرافة أنها بكلماتها المشهورة "وشوش الودع" سوف تفتح لهن بصيصا من نور نحو المستقبل المشرق الذى ينتظرهن حتى وإن بلغ بهن العمر إلى المرحلة التى يوصفن فيها بأنهن عوانس!.. ذهب الركب المكون من كبير الوزراء وكبير البصاصين مع رتل من العسكر بصحبة العرافة فى مجموعة من الحناطير الرسمية تضرب حوافر خيولها الأرض فتصدر صوتا يخلع قلوب المارة من البشر مستشعرين شيئا جلل عندما عرفوا أن طريقهم إلى ساحة القصر.. اعتلى كبير الوزراء وكبير البصاصين السلم الرخامى وفى قبضتهم "أم قويق" وفى لحظات كانوا فى حضرة الملك.. افترشت العرافة الأرض وبسطت أمامها قطعة من الخيش ومن فوقها حبات الرمل والأصداف فبدت قطعة الخيش كأنها حشرة قبيحة فوق البساط المخملى الذى تغوص فيه أرجل الحاضرين... () ماذا يقول الودع ياامرأة.. ماذا يخبئ لى القدر؟! - أطلب الأمان يامولاي! () لك مطلبك ياامرأة.. - مولاي.. أرى غيوما فى الطريق إلى المملكة! () أية غيوم ياامرأة؟ - الطامعون يقتربون من الأسوار! () أفصحى أم قويق.. ماذا عساه يصيب ولدى؟! - ولدك الذى من صلبك بخير يامولاي.. () أمتأكدة أنت أيتها العرافة؟! - هكذا يقول الودع يامولاي.. () وما بال رؤياي فى المنام وقد تبعثر ولدى على الطريق؟! - ولدك يامولاي فى المنام هو وطنك! () كيف ياامرأة؟! - الأمان يامولاي!! () سبق أن أعطيتك الأمان.. تكلمى فقد نفذ صبرى! - الوطن فى خطر يامولاي!.. ما لم...! () ما لم ماذا أم قويق؟!.. تكلمى.. - ما لم تنقذه يامولاي من الجميع!! () ومن هم هؤلاء الجميع ياامرأة؟! - الذين فى الأسفل والذين فى هم فى الأعلى!! () أتخاطبى مليكك بالألغاز ياامرأة؟! - حاشاك يامولاي.. () إذن من هم الذين فى الأسفل؟! - أراهم على الرمل وسط الودع يتسلقون!! () أين يتسلقون ياامرأة؟! - كل الجدران.. كل الجدران يامولاي!! () ومن الذين هم فى الأعلى أم قويق؟! - أراهم يقاومون ويتشبثون وبينهم عهد!! () أي عهد ياامرأة؟! - يحمى بعضهم بعضا من السقوط!! () عُدْتِ إلى الألغاز أم قويق!.. ألايوجد من هم فى الوسط؟! - غلبوا على أمرهم يامولاي! () كيف؟! - يبحثون عن الخلاص يامولاي! () مم يا امرأة؟! - الذين فى الأسفل يمتصون دماؤهم والذين فى الأعلى يمتطونهم! () ثم بعد؟! - الخواء من الداخل يامولاي!! () ثم بعد؟! - فيكون الإنهيار يامولاي!!