قصة حياة الفنان السويسي إسماعيل ياسين .. يرويها مؤرخ السويس حسين العشى .. بمناسبة الذكرى إل 43 لرحيل أعظم ما أنجبت السينما المصرية والعربية مرت الذكرى إل 43 على رحيل الفنان السويسي المصري إسماعيل ياسين أعظم ما أنجبت السينما العربية على مر العصور.. وبهذه المناسبة العطرة قال الكاتب الصحفي والمؤرخ السويسي حسين العشى في كتابة :- ( رجال صنعوا تاريخ السويس ) إن إسماعيل ياسين لاشك انه أعظم المضحكين في عالمنا العربي على مدى التاريخ ولا توجد أسرة عربية سواء كانت من سكان القصور أو الخيام الا أن تأثرت بأفلامه واسعدتها ضحكات الفنان الأسطورة ( إسماعيل ياسين ) منذ أن عرضت أفلامه عام 1939 .. وقال ( العشى ) على الرغم من كل هذا التاريخ والمجد إلا أن إسماعيل ياسين عاش حياة وبائسة في أخر أيامه بعد أن عانى من عوائد الزمن والحاجة لانحسار الأضواء عنة ولفقده كل موارد دخلة لدرجة انه كان لا يستطيع دفع إيجار الشقة التي انتقل إليها بعد قيام الضرائب ببيع عمارته .. ويقول ( العشى ) إن القدر شاء أن يلتقي به قبل وفاته بشهور في مبنى التليفزيون المصري ماسبيرو.. حينما كان مرتبطا بميعاد بالأستاذ محمد عروق مدير إذاعة صوت العرب في ذلك الوقت لافتا انه فؤجىء بالفنان الأسطورة وقد أصبح عجوزا منهكا محطما يرتدى ملابس تبعث على الرثاء .. قال لم اصدق ان ه1ا الكهل المحطم هو نفسه الفنان العظيم الذي اضحك مئات الملايين .. قال ( العشى ) فؤجئت بالفنان الأسطورة يطلب من محمد عروق أن يتيح له الفرصة للمشاركة في مسلسل إذاعي في شهر رمضان من تأليف الكاتب الساخر محمود السعدني لمساعدته على مواجهة نفقات الحياة . يقول ( العشى ) لقد أبكاني حال إسماعيل ياسين بعد ان أضحكني عشرات السنين ويسرد الكاتب الصحفي والمؤرخ السويسي حسين العشى تاريخ الفنان الأسطورة فيقول ولد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر من عام 1912 في ميدان الكسارة بمنطقة الغريب بالسويس هو من أسرة ميسورة الحال . وكان والدة احد الصاغة المعروفين في شارع السوق العمومي بالمدينة إلا انه واجه ظروفا مادية صعبة بعد وفاة زوجته الأولى “أم إسماعيل” .. وزواجه من أخرى كانت تنفق بشكل لا يتناسب مع دخل الزوج وتراكمت علية الديون ودخل السجن لفترة بسيطة ثم خرج منه ليجلس على رصيف الشارع بعد أن عجز عن الحفاظ على محل الذهب وقال كنا نراه في صبانا على ترابيزة خشبية صغيرة يبيع الخواتم والمشغولات الذهبية.. وكان إسماعيل هو الابن الوحيد لأبية منطويا على نفسه ولم يكن له هواية سوى ترديد أغاني عبد الوهاب القديمة إلا أن شكله وفمه الكبير كان عائقا كبيرا امامة حيث كانت ملامح الوجه والفم يثيران الضحك بشكل كبير يقول ( العشى ) ترك إسماعيل ياسين السويس وعمرة 17 عاما وذلك عام 1929 ليبدأ رحلة حياة صعبة للغاية حيث عمل في إحدى فرق العوالم بشارع محمد على ثم في كازينو ” بديعة مصابني ” وهى راقصة استعراضية لبنانية كانت من رائدات المسرح الاستعراضي يغنى المنولوجات التي كان يكتبها له صديق عمرة أبو السعود الابيارى .. وامتدت هذه الحياة الصعبة عشر سنوات كاملة قبل أن يجد أول فرصة للتمثيل السينمائي عام 1939 في فيلم فؤاد الجزايرلى ( خلف الحبايب ) ويصبح ( إسماعيل ياسين ) قنبلة سينمائية تفجر الضحكات وتشيع البسمات لمدة عشرين سنة متواصلة قدم خلالها 500 فيلم وهو رقم لم يصل إلية أي ممثل في العالم في تاريخ السينما – وكان أحيانا يرتبط بتمثيل اكتر من سبعة أفلام في وقت واحد .. ومثل في عصره الذهبي خاصة أعوام 52 و53 و54 أكثر من 16 فيلما على العام الواحد .. وفى عام 1954 كون إسماعيل ياسين مع صديق عمرة أبو السعود الابيارى فرقة مسرحية تحمل اسمه ظلت تعمل حتى عام 1966 وقدمت حوالي 50 مسرحية .. واشتهر إسماعيل ياسين بتقديم سلسلة أفلام تحمل اسمه مثل ( إسماعيل ياسين في الطيران – والجيش – والبوليس – والبحرية –ومستشفى المجانين – وطرزان – وإسماعيل ياسين للبيع – وإسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينا وغيرها من الأفلام الكوميديا ) أما عن مأساة إسماعيل ياسين ..فيرويها حسين العشى قائلا :بدأت النهاية ترسم ملامحها في حياة إسماعيل ياسين اعتبارا من عام 1961 حيث لم يمثل سوى فيلمين بعد ان كان يقدم عشرات الأفلام على الأقل كل سنة .. وصل الأمر إلى انه من عام 1962 حتى عام 1965 لم يقدم سوى فيلم واحد .. واختلفت الآراء حول هذا التراجع المتوالي في تواجده الفني والسينمائي وهل يعود ذلك إلى الجمود وعدم مجاراته للأساليب الجديدة .. أم أن ظهور جيل جديد من المضحكين تجاوزه بأعمالهم الفنية من خلال الكوميديا التي تعتمد على الموقف وليس مجرد الألفاظ أو تحريك قسمات الوجه .. إلا أن المؤكد انه واجه حربا ضارية من بعض المسئولين عن أجهزة الإعلام والذين دفعوا بوجوه كوميدية جديدة وفروا لها كل الإمكانيات للقضاء على ظاهرة إسماعيل ياسين .. ويقول ( العشى ) رغم الاختلاف على أسباب هذه الحرب الشرسة والتي ارجع البعض أسبابها إلى أحساس عدد من المسئولين عن الثقافة والآلام وقتها بعدم تأييد إسماعيل ياسين للثورة بالقدر الكافي بل أن البعض الصقوا به انتشار عدد من النكات المناهضة للثورة ورموزها لوطنية .. وأيا كانت صحة هذه الاتهامات من عدمه إلا أنها كانت بالطبع معركة غير متكافئة أثرت بشكل عنيف على الفنان العظيم بعد أن تم محاصرة فرص العمل امامة ولدفع بالعديد من المنافسين وإزالة أي عقبات من أمامهم .. قول ” العشى ” كان من الطبيعي بعد كل هذه الحروب التي اتسمت بأبعاد غير أخلاقية من جوانب عديدة ان تصيبه العديد من الإمراض أبرزها مرض القلب وتراكمت علية الدون وخاصة من الضرائب التي حجزت على العمارة التي بناها من سنوات عملة وباعتها الضرائب في مزاد علني أمام عينية ليزداد علية المرض ولا يجد حتى ثمن الدواء والعلاج مما دفعة إلى ترك مصر كلها وسافر إلى دولة لبنان ليعمل في بعض الأفلام اللبنانية المتواضعة ووصل به الأمر إلى قيامة بتقديم أفلام دعائية ( إعلانات ) عن السلع المختلفة وأفلام بلا مستوى فني مثل ( فرسان الغرام – وكرم الهوى- ولقاء الغرباء – وعصابة النساء ) وهى كلها أفلام لا ترقى لمستواه الفني ولا يذكرها تاريخ السينما بأي حال من الأحوال .. وعاد إسماعيل ياسين محطما وحزينا إلى مصر في بداية عام 1970 يبحث عن أي فرصة عمل لكن الأضواء كانت قد انحسرت عنة وبدأ جيل جديد من الفنانين يأخذ مكانه في السينما المصرية مثل فؤاد المهندس – عبد المنعم مدبولي – وعادل الإمام – وأمين الهنيدي وغيرهم .. وتتحالف علية كل هذه الظروف العامة مع ظروفه الأسرية الصعبة خاصة مشاكله وخلافاته م ابنة الوحيد ” ياسين ” والتي وصل بعضها إلى حد التشاحن في مواجهات كان فيها هو الطرف الأضعف لدرجة إن البعض يرجع الأزمة القلبية التي تسببت في وفاته إلى شجار عنيف وقع بينة وبين ابنه ” ياسين ” ولم يتحمله ” إسماعيل ” وكانت الأزمة القلبية الحادة التي اسلم لها الروح بعدها في 24 مايو من عام 1972 عن واحد وستون عاما .. أما عن علاقة إسماعيل ياسين بأسرته في السويس فيقول ” حسين العشى ” عاش إسماعيل ياسين حياة شخصية بائسة على عكس ما يعتقد الكثير.. فقد مر بتجربة الزواج 3 مرات ولم ينجب سوى ابن وحيد هو ” ياسين ” الذي أصبح فيما بعد مخرجا سينمائيا محدودا ولم يكن حظه أفضل من أبية وواجه العديد من المشكلات الاجتماعية والصحية وتوفى هو أيضا اثر نوبة قلبية .. ظل إسماعيل ياسين محافظا على علاقته بأبية طوال حياته رغم بعض الألم النفسي الذي كان يحس به تجاه بعض مواقف الأب واختياره لزوجته الثانية ويقول ” العشى ” كنت أراه يحضر إلى السويس بشكل شبه منتظم إلى أن توفى الأب في أوائل الستينات ويقول كنت شخصيا أرى الأب الذي كان يجلس في شارع الشيخ محمد عبده يرتدى عباءة وجبة وقفطان ويبيع المشغولات الفضية الموجودة على منضدة خشبية موجودة أمامه .. ويقول ” العشى ” إسماعيل ياسين لم يشارك في بأي عمل فني يخص السويس باستثناء بعض الأفلام التي صورت في المدينة مثل فيلم ” ابن حميدو ” لكنة كان يفخر بانتسابه إلى السويس في مختلف أحاديثه الصحفية وربما كان السبب في عدم ارتباطه بالمدينة من خلال أي عمل فني واجتماعي هو افتقاد أي مبادرة لذلك على الرغم من وجود حركة فنية ومسرحية متقدمة في السويس طوال فترة الأربعينات والخمسينات بالإضافة إلى انه مشغولا بالطبع بإعماله السينمائية التي لم تكن تترك له وقتا للتفكير أو الراحة .. وقول ” العشى ” ظل إسماعيل ياسين منذ وفاته عام 1970 بلا أي تكريم حقيقي من السويس إلى أن قام اللواء تحسين شنن محافظ السويس في الفترة من 1987 حتى 1990 بإطلاق اسمه على المسرح الرئيسي بالمحافظة والذي كان يجرى إنشائه وللأمانة فقد كان ذلك بناء على ملاحظة الكاتب والأديب أنيس منصور الذي كان في السويس بدعوة منى لحضور ندوة عن حرب أكتوبر عام 1987 وابدي أنيس منصور وقتها دهشته من عدم وجود أي شارع أو مبنى أو مسرح في السويس يحمل اسم “إسماعيل ياسين ” على الرغم ن انتمائه لها وسارع ” تحسين شنن ” بإطلاق اسم ” إسماعيل ياسين ” على المسرح الذي قارب على الانتهاء وعند تحويل المسرح إلى مجمع لدور سينما عام 2001 أصر محافظ السويس وقتها ” سيف الدين جلال ” على ضرورة وضع اسم إسماعيل ياسين على المجمع الذي يضم عدة دور لعرض السينما على الرغم من قيام ابنه ياسين بالاعتراض لاعتقاده أن إطلاق اسم أبية على مجمع دور السينما ” سمة تجارية ” تحتاج إلى دفع مقابل مادي نتيجة وضع اسم أبية إلا أن اللواء سيف جلال محافظ السويس أقنعه بأن وضع اسم أبية ما هو إلا تكريم ادبى ولا يمثل أي عائد مادي على الإطلاق وعن النهاية المأساوية للأسطورة إسماعيل ياسين يقول كاتبنا ” حسين العشى ” : كانت نهاية حياة إسماعيل ياسين مأساوية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان ولا أريد الخوض في تفاصيل ليلة الوفاة لأنها توجع القلب وتدمى النفس .. فقدت شهدت تلك الليلة شجارا معتادا بينة وبين ابنه الوحيد لكنه كان عنيفا بدرجة اكبر من أي ليلة .. ويبدوا أن قلبه لم يتحمل أن تمتد إلية يد اقرب الناس إليه فتوقف عن الخفقان في تلك الليلة التي باتها وحيدا مكلوما ولم يطلع علية فجر 24 مايو 1972 الا وقد فارق الدنيا التي أضحكها كثيرا لكنها يا الغرابة أبكته كما لم يبكى من قبل تلك مأساة أعظم المضحكين .. إسماعيل ياسين التي تحل ذكراه إل 42 يوم 25 مايو 2015 رحم الله الفنان إسماعيل يس رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته. حسين بيومي كاتب وباحث وصحفي مصري