المشهد الأول : " وجوه كريهة " وجوه كريهة هنا وهناك .. تملىء الغرف المغلقة .. والزنازين الضيقة .. خلف أبواب السجون .. وأخرى خارج الأسوار تائهة فى الزحام .. من وراء قضبان النوافذ يقبعون .. ولأول مرة خائفون .. بوجوه صفراء شاحبة .. مكفهرة مستنفرة .. تتساءل بأى ذنب سجنت .. !! ووجوه مسودة ماجنة .. قبيحة سافرة .. فاغرة الفم .. تجحظ عيناها من الذهول .. وأخرى ممتعضة متكبرة .. بعيون حمراء ماكرة .. تهدد وتتوعد قائلة : " ويلكم منى أيها الخونة .. أنتم لا تعرفون من أكون .. !! " .. ووجوه أخرى .. مخزية مخيفة .. خبيثة غادرة .. خاوية لا تنطق .. تظهر لأول مرة .. فى عيونها حصوات من الدموع .. قد تحجرت منذ الصغر .. وأخرى وجوه سقيمة مرعبة .. دميمة قاسية .. تنفجر من الغيظ والغضب .. تسب وتلعن .. فتتجعد وجوهها وتشيب رؤوسها .. وترجع الى أعمارها الحقيقية .. هؤلاء الوجوه .. وجوه السيرك السياسى .. وجوه مافيا السلطة والمال .. وجوه سقطت عنها الأقنعة .. وفرت منها هلعا وفزعا .. بل سخطا وكرها .. المشهد الثانى : " أشباح فى الظلام " وجوه تتسكع فى أروقة السجون .. تبدو وكأنها أشباح متعثرة فى الظلام .. مغلولة مكبلة .. تترنح من هول الصدمة .. تتساءل فى صمت .. أهذا حلم أم حقيقة .. ؟ انها حقيقة .. بل انه الحق الذى أخمد الباطل .. وأسقطه فى الهاوية .. وجوه الباطل سقطت فى قاع دنياها .. دنيا الفحشاء والمنكر والبغى .. دنيا المعاصى والفسق والفجور .. دنيا المال والثروة والجاه .. دنيا النهب والسرقة والفساد .. وجوه كانت أسياد .. تتحكم فى تكية من العباد .. حكموهم كالعبيد على مدى عشرات السنين .. فعميت قلوبهم التى فى الصدور .. وغشيت أبصارهم وبصائرهم .. بل هم الذين صاروا عبيدا لدنياهم .. نسوا الله فأنساهم أنفسهم .. نسوا القبور وبنوا القصور .. نسوا أن القبر بلا بطاقات ائتمان .. وبلا أرقام سرية للخزائن .. لا شىء سوى .. أكفان توارى الثرى .. وجثامين يأكل فيها الدود .. وظلمة لا ونيس فيها ولا جليس .. وعذاب لا شفيع له الا العمل الصالح .. لا شىء سوى قبر .. لا يفرق بين أمير وفقير .. قبر اما أن يكون روضة من رياض الجنة .. أو حفرة من حفر النار .. نار جهنم وبئس المصير .. وعبيد المال لا يزالون عبيدا للمال .. لا يزالون عبيدا لشهواتهم وغرائزهم ومطامعهم .. لا يدركون أن كل شىء له آخر .. والدنيا لها آخرة .. و كل ظالم له نهاية .. وان الظلم ظلمات يوم القيامة .. وأن الله لشديد العقاب .. المشهد الثالث : " أقنعة خلف الأسوار " وجوه ترقد على أسرّة السجون .. بملابس بيضاء .. دنس بياضها من الذنوب .. أين الفخامة والرفاهية .. ؟ أين الترف والبذخ .. ؟ أين القصور .. ؟ وحياة الملوك .. ؟ أين السلطة والجاه .. ؟ أين الشهرة والأضواء .. ؟ أين الخدم والحشم .. ؟ فى لمح البصر .. كل شىء يزول .. ؟؟ كل شىء يزول .. !! .. سبحان الله المعز المذل .. وهو على كل شىء قدير .. وتصير الوجوه عارية .. بلا أقنعة .. فالأقنعة متراصة خلف الأسوار .. تصرخ .. تستغيث .. وهل من مغيث .. ؟! .. وها هى عصابة الأقنعة السوداء .. كل منها يلقى اللوم على الآخر ..؟! القناع الحديدى .. وقناع ولى العهد .. وقناع مالك الديوان .. وقناع الجوكر الشريف .. وقناع رئيس متحف الشعب ..وقناع رئيس مافيا الأعمال .. وأقنعة مافيا الأعمال .. وغيرها من الأقنعة .. الخائفة المذعورة .. المشوهه المطرودة .. المسجونة خلف القضبان.. القناع الحديدى: " لقد أغرقناهم بالسيارات والمكيفات والمنتجعات .. وفى آخر الأمر يكون هذا جزاؤنا .. لن نتركهم يفلتون منا " قناع ولى العهد : " لا يستحقوا الزيادة فى منحنيات النمو الاقتصادى ومعدلات التنمية .. لم يفهموا السياسات .. خسرونى الأغبياء ..!! " قناع مالك الديوان : " أنا ليس لى شأن .. أنا مجرد موظف .. ؟! " قناع الجوكرالشريف : " نحن سنظل شامخين .. محتويين .. محبوسين .. " قناع رئيس متحف الشعب :" محبسنا هذا سيد قراره .. ونحن هنا أغلبية .. اذا موافقة " قناع رئيس مافيا الأعمال : " أنا لست معكم .. أنا ليس لى دخل بالسياسة .. انتم السبب .. انتم السبب .. " تتداخل أصوات الأقنعة .. وتختنق .. فتصمت .. كصمت القبور .. ثم يعلو صراخها .. كدخان أسود كثيف .. يتصاعد من ألسنة اللهب .. لتحترق بلا عودة .. أقنعة الحاشية الملعونة .. خلف الأسوار .. لاحول لها ولا قوة .. يسيل من أنيابها .. دماء الشهداء الشرفاء الأبرياء .. ويفوح من أفواهها رائحة عفنة .. رائحة جيف الكبائر والمعاصى .. تطفح العذاب .. وتجلد بأسواطه .. كما جلدت به ملايين البشر .. اللهم لا شماتة .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .. أسدل الستار قال تعالي : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) صدق الله العظيم سورة لقمان33