بعدما تزايدت نسبة العنوسة فى المجتمع وأصبحت فرص زواج الفتيات ليست بالشئ الهين ؛ لجأ البعض إلى المثل الشعبى " اخطب لبنتك وما تخطبش لابنك " و أصبح الأب يعرض على الشاب أن يتزوج ابنته و لجأت بعض النساء إلى عرض الزواج على الرجل الذى تراه يتوافق معها أسوة بالسلف الصالح . فبرغم العادات والتقاليد التى تربينا عليها إلا أن البعض قد رأى أن لا جرم فى عرض المرأة الزواج على الرجل وقد تعددت الوسائل الآن ،اما عن طريق الحديث المباشر مع الرجل أو طلبه عن طريق بعض وسائل الإعلام ، لكن البعض قد رفض مثل تلك الأفكار وقال انها لا تناسب المجتمع الشرقى و على النقيض رحب بها البعض . قالت أسماء عبد الله أنها ترفض تماما مبدأ ان تعرض الفتاة نفسها على الشاب لأن المجتمع المصرى يرفض ذلك و سوف يفهم عرضها بشكل خاطئ ، و شاطرتها الرأى ريهام سمير و أضافت " مينفعش عشان كرامة البنت و ممكن يكون الرجل نفسه مش عايزها فتحرج نفسها " . وذكر محمد الدسوقى أن الفتاة لو كانت مناسبة له سوف يوافق عليها و ليس عيبا أن تعرض الفتاة الزواج على الشاب إذا كان يتقى الله . و أضافت سما العشرى أن الفتاة ممكن تعرض الزواج على الشاب فى حالتين ، لو كانت تحبه بشده وظروفه تمنعه من التقدم لها و اذا كانت متأكدة أنه لن ينظر إليها نظرة خاطئة . أما محمد عبد اللطيف فكان رأيه جملة واحدة " هاديها كارت لطبيب نفسانى " . وعن رأى الأسرة فى عرض ابنتهم الزواج على رجل تراه زوجا مناسبا لها ؛ قال سامى عرفات : لا أقبل طبعا و تجلس ابنتى فى البيت ويتقدم لها من يريدها دون أن تكون هى من تطلبه ، وأيدت رأيه سعاد مصطفى و أضافت لا يحدث ذلك هنا بل فى أوروبا وليس فى مجتمعنا الذى تحكمه العادات والتقاليد . وخالفهم الرأى محمد عبد الهادى أن لا مانع من تفعل ذلك ابنته إذا كان رجل يستحقها وهو مرحب بالأمر . وبعيدا عن التقاليد و الأعراف كان لابد من معرفة رأى الشرع فى ذلك الموضوع ؛ فأكد الشيخ إبراهيم حسن إمام وخطيب مسجد السلاب ، أنه ليس من الحرام ، ولا من العيب – عند من يعقل – أن تعرض المرأة نفسها على صاحب الخلق والدِّين ليتزوجها ، وإن أنكر ذلك أحد فإنما ينكره لا بميزان الشرع ، بل بميزان العادات والتقاليد والأعراف . و استشهد بحديث رواه الإمام البخارى فى باب " عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح " ، فعن الصحابى ثَابِت الْبُنَانِيِّ الذى قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ ، وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ ، قَالَ أَنَسٌ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَكَ بِي حَاجَةٌ ؟ . فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ : مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا ، وَا سَوْأَتَاهْ ! وَا سَوْأَتَاهْ ! قَالَ : هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا . و أيده الشيخ محمود الأبيدى إمام وخطيب مسجد الجمال بالمنصورة قائلا : نعم يجوز للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الذى تراه مناسبا لها لاسيما إذا كان الرجل خلوقا ومن أهل العلم والقرآن كما قال النبى - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير فلو رأت المرأة رجلاً حافظا لكتاب الله وعرضت عليه الزواج منها على أن يكون مهرها حفظه لكتاب الله فهى خير زيجة. وأضاف أما موضوع كرامة المرأة وغير ذلك فهو أمر عادى لأن المرأة الآن يجب أن تتوسم الصلاح والخلق وأن ترضى الدين والخُلق فى الرجل فإنه من فضائل الزواج ، وعليه فإن الفتاة فى الجامعة لو رأت مدرساً صالحا وتوسمت فيه الصلاح والتقوى فعليها أن تصلى استخارة وتستخير الله عز وجل فإن رأت خيرا فلا عيب أن تتحدث فى الأمر بحياء المرأة فى الإسلام ولا مانع من أن تشير إلى الرجل الصالح بسعادتها إذ لو ضرب الباب على أهلها وسلك الطرق الشرعية فى طلبها دون أن تُسرف فى الكلام معه أو تقيم علاقة لا يرتضيها الشرع. و أزاد ، يجوز عرض المرأة نفسها على الرجل ، وتعريفه رغبتها فيه ، لصلاحه وفضله ، أو لعلمه وشرفه ، أو لخصلة من خصال الدِّين ، ولا غضاضة عليها في ذلك ، بل ذلك يدلّ على فضلها و لكن ليس ذلك مع أى رجل . و أن من أروع القيم الحضارية في سيرة خير البرية ، عليه الصلاة والسلام ، أن خديجة بنت خويلد ، رضي الله عنها أنها هي التي خطبت الرسول صلى الله عليه وسلم لنفسها ، لا العكس ، وكان زواج الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، دليلاً عملياً على هذا الموضوع ، إذ بدت له ، رضي الله عنها ، رغبتها في الزواج به ، لما رأت من سجاياه الكريمة وشيمه النبيلة ، فقد بعثت إليه تقول : يا ابن عم ، إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك ، وحسن خلقكن وصدق حديثك ، وكانت رضي الله عنها يومئذ من أرفع نساء قريش نسباً ، وأعظمهن شرفاً، وأكثرهن مالاً ، فذكر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ذلك لأعمامه ، فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب وعمه أبو طالب حتى دخلوا على والدها خويلد ، فخطوبها إليه فزوجها ، وكانت خديجة حينها مطمحا لسادات قريش لكنها كانت ترفضهم لما كانت تعلم من كونهم يطمعون في ثروتها وإن كان الزواج شعارهم في الظاهر ( وما أكثرهم في زماننا) وهذا من رجاحة عقلها رضي الله عنها ، فقد عرفت بحكمتها كيف تختار الرجل المناسب. و يتبين لنا من هذا كله أن عرض المرأة نفسها على رجل ترى فيه الصلاح والأخلاق الفاضلة لا حرج فيه ، ولا ينقص من قدرها ، لكن ينبغي للمرأة أن تكون لبيبة ولا تعرض نفسها على كل من هب ودب ، ولتختر أهل الكرم والمروءة أخذا بقول من قال :إذا أنت أكرمت الكريم ملكته .. وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا.