إن العمل يُعد مصداق الإيمان آونة، ومعيار الثواب والعقاب آونة أخرى، وقد يُقدم عن الذكر على التوحيد ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ وقد يكتفي بالإشارة إليه ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وأوصى الرسل بالعمل ﴿ يأيها الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ ومن ضمن أهمية العمل دلالة قوله تعالى ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾. فلا شيء أصرح من هذا في أن الله تعالى جعل هذه الحياة الدنيا امتحانا يدور حول العمل. وترك العمل أو الانقطاع عنه جريمة في حق المجتمع، فلا داعى لأن نلجأ للعصيان بما يضر مع مصالح الوطن والمواطنين لأن الله عز وجل سيحاسب كل أصحاب تلك الدعوات الخبيثة التي تزيد الفقراء فقرا وتنشر الفوضي والفساد في المجتمع ومن يبحث فى الأسس التى أقيمت عليها الشريعة الإسلامية من القرآن والسنة لا يجد أبداً مبررا واحداً لترك العمل أو الانقطاع عنه بل حث الله تعالى على العمل فى كل مقام ومكان وحتى فى صلاة الجمعة أمر ربنا تبارك وتعالى بترك العمل والذهاب للصلاة وذكر الله تعالى ثم العودة إلى العمل مرة أخرى فقال تعالى ( يأيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله ...) وفى السنة النبوية المطهرة عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله "طلب كسب الحلال فريضة بعد الفريضة". وعن أبي هريرة أن النبي قال "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأمولهم وزاد البيهقي في شعب الإيمان برواية فضاله "والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب" وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لأن أموت بين شعبتى رحلى أضرب في الأرض ابتغي من فضل الله أحب إلى من أن أقتل مجاهدا في سبيل الله" وقد ذكر هذه الرواية أحد الفقهاء والأساتذة في السعودية على أساس أنها تقديم من عمر بن الخطاب للكسب على الجهاد استنادا على تقديم القرآن الذين يضربون في الأرض لكسب الرزق على المجاهدين في سبيل الله ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إن أفضل ما نحتاج إليه فى مصر فى هذه المرحلة الحرجة أن نتكاتف وأن نوحد الصف لأجل مصرنا الغالية وأن نتعامل مع الوضع الراهن بمفهوم القرآن فننظر إلى المستقبل لننجح ولا ننظر إلى الماضى فنقرأ فى صفحات الفشل وحتى لا نطيل النظر فى الماضى فلنعمل ونجتهد ونقرأ من القرآن قوله تبارك وتعالى ( تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) ولنتضرع إلى الله بالدعاء لننال نفس النجاح الذى كان ينتظر مريم عليها وعلى نبينا الصلاة والسلام حينما أمرهات ربها أن تأخذ بالأسباب وهى فى المخاض فقال لها ( وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينا ....) ولنحصل على كامل حقوقنا بتكاتفنا ووقوفنا إلى جوار الحق وخلفه ندعم الحق ونتواصل فيه ومعه بكل الطرق السلمية الحلال إن الوطن يحتاج إلى المخلصين فى هذه المرحلة والإخلاص يظهر فى العمل وقد هدد الله تبارك وتعالى القرى التى هلكت بأن أهلها عطلوا العمل فيها فكان الهلاك والدمار لهذه القرى المعطلة وبين ربنا تبارك وتعالى قيمة العمل وتعليم الأعمال والصناعات فبين انه سبحانه علم نبيه داود ( وعلمناه صنعة لبوس لكم ) أى صناعة الدروع وهكذا فللعمل مكانة عظيمة وقيمة كبيرة ظهرت فى مدلولات ذكر العمل بمفهوم ومعنى الكلمة ومشتقاتها فأشار إلى عمل (19 مرة) وعملوا (73 مرة) وتعملون (83 مرة) ويعملون (56 مرة) وأعمالهم (27 مرة) ويعمل (14 مرة) فضلا عن بقية المشتقات التي ذكرت مرات أقل مثل عملت – أعمل – يعمل – عملا – عملكم – أعمالكم – أعمالنا – عامل – عاملون– عاملين.. ويصل مجموع هذه الإشارات إلى ما يقارب 330 مرة. وبالإضافة إلى هذه الإشارات إلى كلمة "العمل" ومشتقاتها على وجه التعيين فهناك إشارات أخرى عديدة إلى "مضمون" العمل مما يدخل في مترادفات كلمة العمل مثل "فعل" ويفعلون و"صنع" و"يصنعون" ومثل الأمر بالسير وأكل الطيبات واستباق الخيرات ألخ.. مما يكاد يضاعف الرقم السابق. ولإيضاح دلالة هذا الرقم نقول أن الإشارات إلى الصلاة ومشتقاتها في القرآن الكريم تقارب المائة وفي أغلبية الإشارات ذكرت الصلاة مقرونة بالزكاة ومعنى هذا أن إشارات القرآن الكريم إلى العمل هي أضعاف إشاراته إلى الصلاة. ولننظر سوياً إلى حال الصقر فى قصة تأخذنا إلى كثير من التفكير بعمق فى حياتنا وما يطرأ عليها من تغييرات ماذا يفعل الصقر ندما يصل للأربعين ( سبحان الله مالك المًلك ) ... يعيش الصقر إلى (70 عاماً) ولكن ليصل إلى هذا العمر يجب عليه اتخاذ قراراً صعباً جداً فماذا يفعل؟؟؟؟ ... * عندما يصل إلى سن الأربعين أظافره ......تفقد مرونتها وتعجز عن الإمساك بالفريسة وهي مصدر غذائه *يصبح منقاره القوي الحاد معقوفاً شديد الانحناء * بسبب تقدمه في العمر تصبح أجنحته ثقيلة بسبب ثقل وزن ريشها وتلتصق بالصدر ويصبح الطيران في غاية الصعوبة بالنسبة له هذه الظروف تضع الصقر في خيار صعب إما أن يستسلم للموت أو يقوم بعملية تغيير مؤلمة جدااااااااا لمدة (150 يوم) فماذا يفعل ؟ فلنرى عجائب الله في خلقه *تتطلب العملية أن يقوم الصقر بالتحليق إلى قمة الجبل حيث يكون عشه هناك *أولا يقوم الصقر بضرب منقاره المعقوف بشدة على الصخرة حتى ينكسر * ثانياً عندما يتم العملية ينتظر حتى ينمو منقاره ثم يقوم بكسر أظافره أيضا * ثالثاً بعد كسر مخالبه ينتظر حتى تنمو من جديد ثم يقوم بنتف ريشه كله .. وبعد هذه المعاناة بخمسة اشهر يقوم الصقر بالتحليق من جديد في السماء وكأنه ولد من جديد ويعيش لمدة (30 سنة أخرى) . فسبحان من علمه ذلك وقدره عليه ( الحكمة) من هذا أننا في بعض الأحيان يجب علينا تغيير حياتنا حتى نستمر في أفضل حال حتي و إن كان التغيير صعب