إن التسامح يمنح الإنسان فضاءاً واسعاً.. ويجعل القضايا مهما كبرت صغيرة فى نظره . الخير موجود فى داخلنا .. نحتاج فقط أن نجعل النور يصل للآخرين أن نمد الجسور بدلاً أن ننسفها عندما نمنح الحب للآخرين فنحن بطريقة مباشرة نهدى السعادة لأنفسنا . وقد أمر الله تبارك وتعالى نبيه – صلى الله عليه وسلم بأن يكون ليناً عفوا مُتسامحاً مع من حوله فخاطبه ربه ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) بل وزاد الأمر وتجلى فى وصف ربنا تبارك وتعالى للمتقين الذين أمرهم بالمسارعة إلى الخيرات والطاعات فى قوله سبحانه ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين * الذين يُنفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يُحب المحسنين) وها هى الحكمة تتجلى فى قول أبو حاتم رضي الله عنه وهو يقول : الواجب على العاقل توطين النفس على لزوم العفو عن الناس كافة، وترك الخروج لمجازاة الإساءة؛ إذ لا سبب لتسكين الإساءة أحسنُ من الإحسان، ولا سبب لنماء الإساءة وتهييجها أشدُّ من الاستعمال بمثلها ولا شك أننا طالما نعيش بين البشر على اختلاف انتماءاتهم وأفكارهم وطبائعهم فحتماً سنُظلم وربما يقع علينا أذى كثيراً ولسنا فى ذلك أفضل من رسول الله وليست لنا خصوصية تمنحنا استثناء من قول الله تبارك وتعالى ( لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من اللذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ) وليعلم كل عاقل يعمل ويجاهد ويكد ويتعب ويُحاول أنه سيُغتال ممن حوله ممن لا يريدون له الخير وهاهنا تحضرنى كلمات أؤمن بها أيما إيمان لا سيما وأن قائلها هو إمام الدُعاة وشيخ المُحللين فضيلة الشيخ الشعراوى عليه من الله تعالى سحائب الرحمة والرضوان قال : إذا لم تجد لك حاقدا فاعرف انك إنسان فاشل فيتوجب علينا هنا أن نحاول أن نكون ممن يعملون ليل نهار وإن ظهر حقد لمن حولنا فلنتخلق بأخلاق الحبيب – صلى الله عليه وسلم – ونعفو ونصفح ولا نُسئ وننتظر الأجر والثواب من الله ولله در القائل سألزمُ نفسي الصفح عن كل مذنب وإن كثرت منه إليَّ الجرائم فما الناس إلا واحد من ثلاثةٍ شريف، ومشروف، ومثلٌ مقاوم فأما الذي فوقي: فأعرف فضله وأتبع فيه الحقَّ، والحقُّ لازم وأما الذي دوني: فإن قال صنت عن إجابته عِرضي، وإن لام لائم وأما الذي مثلي: فإن زلَّ أو هفا تفضَّلتُ، إن الحلم للفضل حاكم ولعل قصة صديق الأمة أبى بكر رضى الله عنه حينما أقسم ألا ينفق على مسطح بن أثاثة وهو ابن خالته، لكنه أقسم ألا ينفق عليه؛ لا لأنه قال في ابنته؛ بل قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يليق.فلما قطع عنه النفقة نزل قول الله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )(النور: 22). (وَلا يَأْتَلِ ) إي لا يحلف، والمراد بهذا من؟ أبو بكر (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّه) من يعني بأولي القربة واليتامى والمساكين والمهاجرين؟ يعني بذلك مسطحاً، فلا ينبغي لأهل الفضل أمثال أبي بكر رضي الله عنه أن يمتنعوا عن الإنفاق على أولي القربى والمساكين والمهاجرين، وإن هم أخطئوا في بعض الأمور. ( أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(النور:22) لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر باكياً: بلى والله، نحب أن يغفر الله لنا ، فرد النفقة على مسطح. هذا الامتثال العظيم، وإلا فرجل يقول في ابنته ما يقول بل في رسول الله ما يقول، فامتثل أبو بكر هذا الامتثال العظيم، وفى نظرى أن أعيش مظلوماً ولى عند غيرى فأعفو عنه وأصفح أفضل بكثير جداً من ألا أكون ظالماً ولا أجد من يصفح عنى ولذا فإن موعد كل مظلوم وظالم على الصراط ولنتيقن أن الله تعالى ليُملى للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته وسيأتى يوم حتماً ليقتص الله تعالى فيه للمظلوم من الظالم حتى الشاة البطحاء سيقتص لها من الشاة القرناء وليعلم من ظلمنا أننا إلى الله متظلمون وبالله مستجيرون وإن قدرنا عفونا وإن ظُلمنا سامحنا لكن فى النهاية نتمنى أن لا نكون من الظالمين فهلا نعفو ونرتقى ونسمو ونتسامح .... أسأل الله تعالى أن يملأ قلوبنا بالعفو والصفح وأن يجعلنا أهلاً لكل خير والله من وراء قصد وهو الهادى إلى سواء السبيل