ليبيا يدخل عليها رمضان هذا العام وبها أزمة كبيرة بين النظام الحاكم والشعب الليبي الأمر الذي أوجد ثغره للتدخل الدولي، وكل يوم الأمور تزداد سوءا فمازالت المعركة قوية لم ينتصر فيها الثوار، ولم ينسحب القذافي ورجاله، نتنمنى من الله أن يعم السلام في ليبيا ببركة هذا الشهر الكريم. وفي مدينة مصراته الليبية التي تسيطر عليها المعارضة أصبح نصف سوق الخضر خاليا والمتسوقون يشكون من نقص السلع وارتفاع الأسعار، و في زلتين التي يسيطر عليها معمر القذافي يشعر الليبيون بالقلق من العقوبات وغارات حلف الأطلسي. ومع امتداد الصراع في ليبيا إلى شهر رمضان دون نهاية تلوح في الأفق يقول الليبيون على طرفي الصراع إن نقص السلع وإرتفاع الأسعار وحرارة الصيف الشديدة والقلق على أحبائهم الذين يقاتلون على جبهات بعيدة عوامل ستؤرقهم خلال شهر الصيام. وقال ليبيون لوسائل الإعلام أن التمر لا يظل صالحا لفترة طويلة، وأفضل تمورنا في الجنوب"، وهذا بعيد عنا ولا يمكن أن يصلنا عن طريق البحر. السيارات ووسائل النقل لا تصل إلى هنا". وعلى بعد بضعة كيلومترات غربي مصراته في مدينة زلتين التي يسيطر عليها القذافي قال سكان إن العقوبات والغارات الجوية التي يشنها حلف شمال الأطلسي مؤلمة، واصطحبت الحكومة الليبية في الآونة الأخيرة الصحفيين الأجانب إلى زليتن ليروا ما قالوا إنها مخازن حكومية للأغذية قصفتها طائرات الحلف الذي يقول إنه لا يضرب إلا أهدافا عسكرية، واحترقت أجولة الدقيق والأرز وصناديق الطماطم المعلبة والزيت المفترض بيعها لليبيين بأسعار مخفضة أو أحاطت بها الأنقاض. ويقول أحد الليبيين نستخدم هذه الأغذية من أجل رمضان والآن أتلفت... يريدون تجويعنا"، ويشعر أفراد المعارضة المسلحة الذين يقاتلون في منطقة الجبل الغربي قرب حدود ليبيا مع تونس بالقلق من القتال دون طعام وماء في الحرارة الشديدة. وقال أحد مقاتلي المعارضة في الجبل الغربي "رمضان سيكون صعبا جدا علينا. نحن نكافح بالفعل الآن. الطقس سيكون شديد الحرارة ولن تكون لدينا طاقة للقتال ونحن صائمون"، وأضاف "أصبحت مساعدة حلف الأطلسي لنا لنهزم القذافي أهم من أى وقت مضى. نعلم أن رجال القذافي لن يصوموا". إلى ذلك حذرت الأممالمتحدة من نقص الوقود والأموال في عشية غرة شهر رمضان. وتقف السيارات في طوابير طويلة على الطرق السريعة قرب العاصمة طرابلس. وقال احمد الكافي وهو دبلوماسي متقاعد يعيش في مدينة صبراته غربي طرابلس إن نقص الوقود سيمنعه من زيارة أقاربه وأصدقائه كما كان معتادا. وقال عبد الحفيظ الزليطني وزير مالية حكومة القذافي لشبكة (سي.إن.إن) في وقت سابق هذا الشهر إن الحكومة توفر الدعم للسيطرة على النفقات وتقوم بإصلاح أسعار السلع الرئيسية، وقال إن البلاد ما زالت لديها احتياطيا لطواريء لكن لم يتضح إلى متى ستستطيع الحكومة القيام بهذا في ظل عدم تمكنها من استخدام الأصول المجمدة في الخارج. وقال الصحفي الليبي عبد السلام بن سليمان إن شهر رمضان هذا العام ستطغى عليه الغارات الجوية التي تهز طرابلس ومناطق أخرى يوميا، وعبر عن أمله في أن يكون ما وصفه بالهوس بالموت قد انتهى بحلول عيد الفطر. وانتشرت أمس على صفحات الفيس بوك والشبكة العنكبوتية نكات على الزعيم الليبي معمر القذافي منها أنه شاهد هلال الشهر الكريم من عربة إسعاف، ومنها أنه سيلغي رمضان هذا العام ليواصل القتال، وردد البعض أن الثوار سيخالفون القذافي فإذا قال أن رمضان غدا سيصومون هم بعد غد. وتشتهر ليبيا بأنه فور الإعلان عن حلول شهر رمضان المبارك يبدأ الناس في ليبيا بالاعتكاف في المساجد وقراءة القرآن الكريم, وتدب الحركة والنشاط في شوارع وأحياء المدن الليبية، ويبدأ الليبيون بالخروج للأسواق لشراء ما تتطلبه الأسر من مواد غذائية. ومظاهر الحياة الليبية في شهر رمضان عديدة وخاصة من الناحية الدينية حيث يستقبل الليبيون هذا الشهر المبارك مثلهم مثل باقي عموم المسلمين وتعج المساجد بالمصلين . ولا تختلف العادات والتقاليد الرمضانية في ليبيا عن مثيلاتها من الدول العربية والإسلامية، وتتشابه مع العادات والتقاليد في البلدان والمجتمعات العربية"، حيث ينتظر الليبيون قدوم هذا الشهر الفضيل بفارغ الصبر ويستقبلونه بالتكبير والتهليل. وتنشط خلال هذا الشهر في ليبيا الطقوس الاجتماعية المصاحبة لهذا الشهر ومنها مدفع رمضان الذي يعود إلى مدينة طرابلس وضواحيها من كل عام بداية الشهر الفضيل، كموروث تراثي عربي وإسلامي، ويتسابق الناس في هذا الشهر الكريم، على برامج التوعية والتثقيف الأسري، التي تقيمها الجمعيات الخيرية المنتشرة في ليبيا، وعن هذا الجانب "تقام في هذا الشهر الكريم موائد الرحمن في جميع مناطق الجماهيرية بمبادرات من جمعيات أهلية وبعض النوادي، هذا بالإضافة إلى الشركات من أجل إطعام المحتاجين وعابري السبيل". ويعتبر شهر رمضان بالنسبة للأسر الليبية شهر التلاقي والتسامح والبركة والإيمان ويجتمع الأولاد يجتمعون فيما يعرف ب (اللمة) في منزل الوالد لتناول طعام الإفطار سوياً مع العائلة طوال الشهر الفضيل". ويعد شهر رمضان فرصة لصلة الرحم والليبيين يحرصون في شهر رمضان على زيارة الأهل والأقارب والأصدقاء". وعلى غرار كثير من البلدان العربية والإسلامية يبدأ إفطار الليبيين على حبة التمر ولكنهم يختلفون عن باقي الدول بأنهم يشربون الحليب مع التمر حين يحين موعد الآذان وهي الوجبة الرئيسية بعد آذان المغرب. وتزخر المائدة الرمضانية الليبية بأصناف وأطباق كثيرة وتختلف الوجبة الرئيسية من أسرة إلى أخرى وتعد أكلة (البازين) وهي أكلة شعبية ليبية من الأطباق الخاصة التي يقبل عليها الليبيون في رمضان ، "هناك أكلات أخرى ومنها الكسكسي، الأرز بلحم الخروف، مكرونة المبقبقة والبوريك". ولا تخلو أية مائدة ليبية غالباً من الشوربة الليبية أما عن أشهر أطباق الحلويات التقليدية والأكثر شيوعاً في ليبيا يشير إلى وجود كثير من أطباق الحلويات في ليبيا "ولكن أشهرها الكعك، الغريبة، القرينات، والمعسلة، والبسبوسة"، كما أن هناك المشروبات الرمضانية التي تقدم على مائدة الإفطار ويعتمد الليبيون بالدرجة الأولى على العصائر الطبيعية مثل البرتقال والليمون، وتمتلئ المساجد في رمضان بالمصلين الذي تتضاعف أعدادهم في الشهر الفضيل رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً وخصوصاً لإحياء صلاة التراويح. ويؤدي معظم سكان الأحياء في ليبيا صلاة التهجد في العشر الأواخر من شهر رمضان، بالإضافة إلى الاعتناء الكبير بالروحانيات من قبل الليبيين ومنها إقامة حلقات المديح يومياً في المساجد، ويتناول أهل ليبيا عادة الحلويات بعد أداء صلاة التراويح حين تجتمع العائلة في البيت "تلتقي العائلات الليبية في المنازل لوقت متأخر يتبادلون الأحاديث، وهناك فئة أخرى تمضي أوقات الليل في قراءة القرآن وختمه على روح من توفي لهم إن وجد، ومن توفاهم الأجل من أقرب القبائل والأسر"، ويذكر في سياق آخر اهتمام الليبيين في رمضان "عكس الأشهر الأخرى" بالنشاطات الثقافية التي تقام بكثافة في كل منطقة وحي حيث البرامج الثقافية للجان الثقافة والإعلام، والأمسيات الشعرية التي تقيمها رابطة الكتاب والأدباء وأنشطة الأحياء الجماهيرية وبيوت الثقافة وندوات أدبية في القصة والشعر والفن التشكيلي. وتطوف الشوارع أحياناً حفلات الفرق والرقصات الشعبية وحفلات الفن الشعبي من خلال الرقصات وإقامة المعارض الشعبية التي تحوي التراث والأكلات الشعبية. يذكر أن الإسلام وصل ليبيا بعد فتحها من قبل عمرو بن العاص في القرن السابع, و إنتهاء المسيحية البيزنطية فيها. تعتبر ليبيا سنية المذهب على مذهب الإمام مالك، حيث أنه أكثر من 95% من الليبيين سنيين مالكيين بينما يتبع جزء من الأمازيغ الليبيين المذهب الأباضي، ولا وجود لأي جماعات غير مسلمة أو مذاهب إسلامية أخرى. وتعتبر ليبيا متجانسة دينيا مقارنة بالبلدان الأخرى بنسبة 97% من سكانها مسلمين وهم من الليبيين والعرب والأفارقة خاصة التشاديين و السودانيين و نسبة 3%من المسيحيين و خاصة الأرثوذكس الأقباط المصريين و الكاثوليك الأفارقة و الأوروبيين العاملين في الشركات الأجنبية ونسبة ضئيلة جدا من البوذيين من شرق آسيا.