مازالت اعتصامات المعلمين مستمرة تهدأ تارة وتعود لتشتعل تارة أخرى بل وتتصاعد المطالب الواحدة تلو الأخرى. برغم عودة بعضهم إلى مدارسه واستأنف البعض الآخر الدروس الخصوصية ولكن ما يزالون في اعتصامات مستمرة. يقول الدكتور محمد زهران صاحب دعوة الإضراب إنه لا عودة عن الإضراب حتى يعود للمعلم هيبته ومكانته، وأضاف: "نطالب باحترام المعلم وبإقالة وزير التربية والتعليم ليأتي وزير متخصص من وسط المعلمين". وأكد زهران أن الطلاب لم ولن يتضرروا من هذا الإضراب فالمدرسة أصبحت طاردة للتلاميذ، ودلل على ذلك بان العامين الماضيين شهدت ارتفاع نتائج الثانوية العامة مع أن الطلاب اضطروا للبقاء في منازلهم أغلب الوقت بسبب انفلونزا الخنازير وأثناء ثورة 25 يناير لإغلاق المدارس. وأضاف أن الطلاب أصبحوا أكثر اعتمادا على الدروس الخصوصية نتيجة لسوء حالة المدارس وصعوبة الكتاب المدرسي والمناهج وطريقة الامتحان العقيمة. طارق مسعود أستاذ اللغة الانجليزية بمدرسة عبد الله النديم بالإسكندرية قال إن المعلم المصري يتعرض إلى ظلم كبير مما يستدعي معه إعلانه الإضراب لكن على أن يكون هذا أعلى ما يمكن الوصول إليه بعد نفاذ كل السبل، ويضيف: "البلد الآن بحاجة إلى العمل والكد.. ننتج أولا ثم نعلن الإضراب في وقت لا يضر البلد." ويرى انه يمكن الاكتفاء بوعود بتحسين أحوال المدرس ، حيث إن الأوضاع الاقتصادية الحالية في البلد يصعب معها تنفيذ الزيادات المرجوة. ويقول طارق: مطلب 3 آلاف جنية مقبول لمرتب المدرس المبتدئ على ألا يكون لديه أعباء عائلية لكن يجب أن يقابلها ثواب وعقاب تتعلق بالتزامه وعدم مغالاته في الدروس الخصوصية.. ويؤكد أن نظم التعليم الحالية لا تعمل على منع من الدروس الخصوصية والسبيل الوحيد لذلك يكون بإتباع سياسة تعليم تعتمد على المهارات وليس الحفظ والتلقين. إلا أن ابتسام بكير المدير السابق بإدارة الجيزة التعليمية ترفض اعتصامات وإضراب المدرسين معتبرة أنهم يطالبوا بالكثير وتقول: "المدرسون افتروا.. لقد زادت المرتبات نتيجة للكادر زيادة رهيبة..فماذا يريدون بعد ذلك؟" وتضيف: "البلد فيها حالة من الجشع والطمع الكل عايز ينهش فيها"، وتؤكد أنه مهما زادت المرتبات ستظل الدروس الخصوصية باقية.. السبيل الوحيد للقضاء عليها لن يكون إلا بإحياء الضمير وزيادة المدارس وقلة كثافة الطلاب في الفصل الواحد بحيث لا تزيد عن 25 طالب". وتعلن ابتسام، ومعها رابطة معلمين الجيزة بالمعاش، تبرؤها من هؤلاء المدرسين المنادين بالإضراب والقائمين عليه، وتقول: "تقدم أعضاء الرابطة إلى الوزارة في اليوم الأول للدراسة بطلب النزول إلى المدارس لسد العجز بسبب إضراب المدرسين بدون مقابل لكن لم يجاب طلبنا". وترى أن سبب عدول بعض المضربين من المدرسين وعودتهم للمدارس لم تكن إلا لرغبتهم في جمع اكبر عدد من الطلبة للدروس الخصوصية وبخاصة طلبة الثانوية العامة. ومن ناحية أخرى أكد الدكتور محمود كامل الناقة رئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريس أن المعلم بدون مرتب يكفيه ويرضيه لن يُحدث تغييرا في العملية التعليمية ولك ينبغي أن نحاسبه عندها على أي تقصير يحدث..ولكنه في الوقت نفسه رفض كل أنواع الإضراب مهما كفلها الدستور والقانون أيا كان سببها موضحا أن "لدينا وسائل حضارية أخرى لنتوصل إلى حلول المشكلات." وأضاف: "البلد الآن في ثورة وهي في هذه المرحلة غير ثابتة الأركان تحتاج الهدوء والركون إلى العمل لنثبت دعائم الدولة الثائرة." وطالب إرجاء جميع المطالب الفئوية إلى أن تستقر الأمور في الدولة بانتخاب برلمان ورئيس وتكوين حكومة مدنية. وأكد أن الدروس الخصوصية مرض متوطن ليس له علاج سريع وقال: "علاجها خطة طويلة الأجل ترفع قدر المعلم ماديا وأدبيا وتجعل المعلم الحق الذي يقوم بواجبه في رأس قائمة مرتبات الدولة، عندها نستطيع محاسبته قانونيا إذا اتجه للدروس الخصوصية." وأكد أن تغيير أسلوب الامتحانات الذي يعتمد على التلقين سيكون وسيلة للقضاء على الدروس الخصوصية حيث أن الاعتماد الأساسي في الدرس الخاص يكون على المدرس الذي "يعرف شكل الامتحان فيدرب التلاميذ عليه". ويضيف: "يجب ان نعيد النظر في الامتحانات لتقيس ما تعلمه الطالب وليس ما تلقاه من معلمه". وطالب د. محمود تشكيل لجنة قومية تقوم في خلال شهران بدراسة ووضع خطة منظمة يبدأ تنفيذها على مدار عامين أو ثلاثة أعوام ولتطوير المناهج والمنظومة التعليمية بوجه عام عندها نستطيع التخلص من مرض الدروس الخصوصية خلال 5 أعوام على الأكثر. ويوافقه في الرأي الدكتور طارق الحصري مساعد وزير التربية والتعليم للتطوير الإداري الذي يؤكد أن المعلم وان اضرب أو اعتصم هو احد أبناء الوزارة وهم أداة التطوير للوزارة فلا يجب أن أعاديهم . مطالب المعلمين مشروعة وكل ما يبغونه إصلاح وتقدير لهم وإذا أعطيناه مرتب مناسب ووضعه الإداري يتم تحسينه عندها أستطيع أن أوقع به اشد أنواع العقاب إذا اخفق في عمله أو تراخى أو لجأ إلى الدروس الخاصة، فيقول: "كيف اطلب من المدرس أن يركز في الفصل ويكون قدوه لتلاميذه وهو مثقل بالأعباء العائلية يسعى لتوفير مصاريف بيته وأولاده". ويوضح د. طارق انه لابد من إصلاح منظومة التعليم أولا فيجب زيادة عدد المدارس لتقليل الكثافة في الفصول وتحسين المناهج وان تكون الامتحانات جيدة والمدرس يكون قد تم تدريبه ليرتقي به بالإضافة إلى زيادة مرتبة ليضمن له حياة كريمة. ويضيف: "عندما يتم إصلاح هذه الأشياء كلها في وقت واحد تنتهي ظاهرة الدروس الخاصة ويعلو شأن المدرس في مصر".