محمد شعبان – ميرفت عبد الرحمن الشخصية النكدية تعيش دور الضحية وتستمتع بتصيد الأخطاء ولا ترى شيئا جميلا حولها النكدي يترك كافة مساحات البياض ليركز فقط على النقطة السوداء فترة الخطوبة .. فرصة ذهبية لاكتشاف الطرف النكدي من خلال سلوكياته خبير علاقات أسرية: بعض الأشخاص يتحولون إلى نكديين بغير إرادتهم تحت تأثير الضغوط أستاذ علم نفس: النكد هو الطريق السريع للانفصال بين الزوجين .. وممارسة الرياضة أفضل حل! الحب أفضل علاج للنكد.. وتأخير "الخناقات" لأوقات مناسبة يساهم في منع الأزمات دراسة : المرأة تبتسم 62 مرة والرجل 8 مرات فقط في اليوم! مثلما توجد زوجة نكدية، هناك أيضا زوج نكدي.. حيث يمثل النكد عادة يومية سلبية تخيم على الحياة الزوجية وتصيب العلاقات الأسرية بالملل والخلافات المستمرة.. وخلال الأيام الماضية تحول"النكدالأسري"لسجال بين الأزواج والزوجات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بعدما أشارت دراسات عديدة إلى ارتفاع معدلات هذه الظاهرة بشكل ينبئ بالخطر، ومن مؤشرات ذلك البيان الصادم الذي أصدرته وزارة الداخلية حول مذبحة كفر الشيخ والتي راح ضحيتها زوجة وثلاثة أطفال من أسرة واحدة وكان القاتل هو الأب، وذكرت الداخلية في البيان أن الدافع الرئيسي وراء الجريمة هو "النكد".. فماذا عن طبيعة هذه الظاهرة؟ ومن المسئول بشكل أكبر عنها: الزوج أم الزوجة؟ وما هي مفاتيح الحب والسعادة الزوجية التي يمكن أن تساهم في حل هذه المشكلة؟ التفاصيل في سياق التحقيق التالي: الشخصية النكدية! في البداية، انتقلت حلبة الصراع بين الأزواج والزوجات إلى مواقع التواصل الاجتماعي، فعلى موقع تويتر دشن نشطاء "هاشتاج" ساخر باسم "النكدي"، ورصد نشطاء عدة صفات للشخصية النكدية بشكل عام، وهي الشخصية التي تعيش دور الضحية في كل أمور حياتها، وتستمتع بتصيدالأخطاء، وانتقاد الآخرين، وتذكيرهم بما ينتقصهم في حياتهم، ورمي الكلمات السلبية، ومع كل هذا لا يرى أذاه، ويعدّ نفسه (مصلحا)و(راقيا)، وقال ناشط آخر أن هذه الحالة تسمى"أنهيدونيا" Anhedonia بمعنى أن الشخص المصاب بالنكد لا يستطيع الاستمتاع بمتع الحياة المختلفة ولا شيء يسعده أبداً، ومن صفاته أيضا أنه يترك كل مساحات البياض ليرى نقطة سوداء! ثم يشغل الناس ويقلقهم بها. وذكر تعليق آخر أنه وفقا لدراسة أمريكية فإن ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺗﺒﺘﺴﻢ ﺑﻤﻌﺪﻝ 62 ﻣﺮﺓ في اليوم ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺒتﺴﻢ الرجل ﺑﻤﻌﺪﻝ 8 ﻣﺮﺍﺕ وبالتالي فإن الأزواج هم الأكثر مسئولية عن النكد الأسري أكثر من الزوجات. وتذكر تعليقات أخرى أن النكد يعني التدقيق والوقوف عند كل صغيرة وكبيرة، وإذا دخل النكد من الباب هرب الحب من الشباك. ومن جانب آخر ذكرت دراسة أمريكية أن الزوجات أكثر ميلا للنكد من الأزواج، حيث كشفت دراسة أمريكية أجراها معهد Amen Clinics الأميركي واعتمدت على تصوير المخ ومقارنة نحو 64 ألف صورة مقطعية بين الرجل والمرأة، أن مخ المرأة يعتبر أكثر نشاطاً من مخ الرجل في مناطق عدة، وهو السبب الذي يفرز شعوراً بالتعب والأرق لدى النساء عامةً.وهو ما يفسر أن المرأة تملك حساسية أعلى من الرجل، قد تنعكس سلباً أحياناً على تصرفاتها. ملوك العكننة ويبدو أن المشكلة متبادلة بين الأزواج والزوجات.. وما يدور في كواليس العلاقات الزوجية يكشف عن ذلك، حيث تقول "مروة"أنا متزوجة منذ خمس سنوات, وزوجي إنسان طيب وحنون لا أنكر هذا, وكانت فترة الخطوبة من أجمل أيام حياتى , وكذلك بداية فترة زواجى, وبعد حملي بطفلي الأول بدأت أشعر بتغيير كبير في شخصية زوجى, من زوج مثالي يحب الضحك والهزاروالسفر, الي شخص عبوث كئيب بمجرد دخولة المنزل يتعمد اختلاق المشاكل علي أبسط الأمور, في حين أنه أثناء تعامله مع الآخرين لا يخلو حديثه معهم من المزاح وخفة الدم, ويتحول الي شخص ضاحك, مبتسم, خفيف الظل, وبالتالي أصبحت دائما مكتئبة لا تفارقني ال"تكشيرة ",أهتم بشئون المنزل ورعاية الأولاد, حتى أنسى ضيقي من تصرفاته, وهو إما يسخر مني أو يبتعد منعزلا عنى داخل غرفة مكتبة مع تليفونه المحمول واللاب توب والغريب أننى كلما راقبته من بعيد أجد الابتسامة لا تفارق وجهه أما اذا سألته تساقطت الابتسامة عن وجهه وعاد إلى طبيعته معى. ويضيف"عمرو" أنا متزوج وأب لثلاثة أبناء، ومشكلتى الرئيسية بدأت منذ بداية زواجى حين حولت زوجتى حياتى إلى جحيم بسبب الشكوى المستمرة من كل شيء, فمن سوء الأحوال المادية إلى مشكلات العائلة, ثم مشكلات الأولاد إلى إهمالي لها, ولشئون البيت, إلى والدتى التي ترى زوجتي أنها تحشر أنفها في شئوننا على غير الواقع, وبدلا من أن تستقبلنى بابتسامة مشرقة ويدا حانية وصوتا رقيقا بعد عناء يوم شاق لي كى أحاول توفير مستوى معيشي جيد لها ولاولادنا, تستقبلنى بوابل من الأخبار السيئة ومشكلات الأولاد والجيران والأقارب, فحولت بيتى من بيت هادئ وسعيد الي بيت تعيس . شخصية اكتئابية من الناحية النفسية، الدكتورمحمد أنور حجاب،أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس: أن الشخصية النكدية علمياً تعرف بالشخصية "الاكتئابية", ونمط هذه الشخصية هو شخص سودوى لا يرى إلا السلبيات في كل شيء حوله, ولا يرى أى شيء إيجابي, ويكون لديه استعداد كبير للحزن والتعب النفسي, فنراه يتعب نفسه بالتدقيق على كل حركة, فهو لا ينسى الإساءة بسرعة, ويستدعيها وقت غضبه من الشخص نفسه فلا يستطيع أن يهنأ بحياته, ولا يهدأ له بال لكثرة تفكيره وحديث نفسه الذي يتهم به الناس,ولكثرة حساسيته من النظرات والكلمات والتصرفات الموجهة إليه. أما بالنسبة للنكد داخل الأسرة فهو آفة الزواج, والطريق الأمثل نحو الانفصال الأبدي. اوفي بعض الأحيان قد يحدث للزوج حالة من "التناقض الوجدانى"تجاه طفله الأول,لأنه يشعر أنه السبب الرئيس وراء إهمال زوجته له, بالرغم من حبه الشديد للطفل, ولكن قد يكون من ضمن الأسباب التى تؤدى لشعور الزوج بالاكتئاب ويجعله في حاله غضب دائم عند عودته للمنزل. ومن الأمور الهامة التي يجب على الزوجين الحفاظ عليها هو تقبل كل منهما طباع الآخر والتأقلم معها, والحفاظ علي علاقة الصداقة بينهم والاهتمام ببعض والصراحة والوضوح في شئون الحياة كافة, كما يجب أن يدرك كل من الرجل والمرأة أن الحياة الزوجية مسؤولية كبيرة وتتطلب التعامل معها بهدوء وعقلانية , حتى يهنأ بحياة سعيدة. ويضيف حجاب أنه يجب علي الزوجين ممارسة نشاط رياضي معا بشكل منتظم فهو يساعد علي التخفيف من حدة الكآبة أو القلق الذى يصيب كلا الطرفين, وفي دراسة علي تأثير الرياضة علي الحالة النفسية أظهرت أن الانخراط في التمارين الرياضية الخفيفة ثلاث مرات في الأسبوع, يعطي نفس مفعول الأدوية المضادة للاكتئاب. فالرياضة تؤثر على المواد الكيميائية في الدماغ وتحسن من تدفق الدم إلى المخ, والمشي لمدة 30 دقيقة على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع يساعد في تحسين المزاج. ونصيحة أخيرة يجب أن تقام العلاقة الزوجية علي الحوار والاحترام المتبادل بين الزوجين, وأن نلتزم بأخلاق الإسلام فالأحاديث النبوية تؤكد مرة بعد أخرى أن ابتسامتك في وجه أخيك صدقة فما بالك بزوجك أو زوجتك, وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ }. الوصايا العشر أما الدكتور محمد هاني، أخصائي الصحة النفسية والأسرية، فيقول: الشخصية النكدية ليست حكرا على الرجل أو المرأة، فهي عبارة عن مجموعة صفات في مكونات الشخصية، وبعض هذه الصفات تكون فطرية وبعضها يكون متكسبا بسبب الظروف أوالضغوط، والشخص النكدي هوالشخص الذي لايستطيع أن يستمتع بالحياة ويرى أن كل مشكلة ليس لها حل، وهو شخص عصبي ومتوتروتنعكس هذه الصفات على الواقع المحيط به، وعلى من حوله سواء كانت الزوجة او الأولاد أو الشغل. وفي الوقت نفسه هناك بعض الدراسات الأمريكية التي أكدت على أن المرأة أكثر ميل لهذه الصفات نتيجة نشاط الهرمونات الأنثوية لاسيما بعد الحمل والولادة فهذه الظروف تجل المرأة أكثر عرضة للاكتئاب نتيجة تغيرات خارجة عن إرادتها، ومع ذلك فالرجل مسئول هو الآخر وقد يكتسب هذه الصفات من الظروف القائمة والتي تزداد نتيجة استمرار الخلافات الزوجية وغياب التفاهم والمشاكل المتكررة والضغوط وتتسبب هذه الأوضاع في خلق حالة من "التنافر الفكري" بين الطرفين بمعنى أن الزوجين أصبحا غير قادرين على الوصول لنقطة تفاهم مشتركة.. مجموع هذه الظروف يتسبب في خلق حالة من النكد بين الزوجين، وهي الحالة التي تؤثر على علاقة الطرفين بالواقع الخارجي. وهناك بعض الأشخاص يتحولون لنكديين من كثرة المشاكل التي يتعرضون لها حيث يصبحون غير مستقرين نفسيا نتيجة التعرض لصدمات كبيرة، وكلما تزداد الضغوط مع تقدم العمر وتزايد المسئوليات كلما يصبح الإنسان أكثر ميلا للقلق والتوتر والنكد. ويضيف هاني أنه يمكن اكتشاف بعض ملامح الشخصية النكدية سواء في الرجل أو المرأة عند بداية الارتباط أو خلال فترة الخطوبة، فهذه الفترة شديدة الأهمية في اكتشاف صفات الطرفين ومدى قدرتهما على التوافق، وقد تكتشف البنت في الشاب مثلا الميل للبخل والعصبية والتوتر، أو قد يكتشف الشاب في خطيبته ميلها للنكد والعصبية وتضخيم المشاكل والتدقيق الزائد عن الحد في التفاصيل والنظرة التشاؤمية، فكل هذه الصفات يجب الحذر منها مبكرا، ومن ثم فإن فترة الخطوبة المفروض أنها فترة اختبار للطرفين. ويذكر هاني أن العلاج في هذه الحالة هو الحب المتبادل بين الطرفين، واختيارالأوقات المناسبة للنقاش وعدم تحميل الأخطاء للغير، والعودة للأصدقاء المقربين، والتخفف من الضغوط، والتفاهم والود والاحترام والشعور بالمسئولية، وأن يتفق الطرفان على تجنب الخلافات والمشكلات التي تفجر الصفات السلبية للشخصية النكدية كأن يكون هناك مثلا خلاف أو مشكلة كل أربعة أشهر في السنة، والمقصود هنا هو ترك مساحة كبيرة من الوقت للراحة والهدوء بين كل مشكلة وأخرى. زراعة البركة! من جانبه دخل الأزهر الشريف على خط الأزمة، داعيا للتسامح الأسري ونبذ الخلاف، وفي إطار ذلك أصدر المركز الإعلامي للأزهر الشريف رسالة ضمن حملة "وعاشروهن بالمعروف"، ركزت على توعية الزوجين بكيفيه تحصين أسرتهما من الخلافات والشقاق والنكد، وذلك من خلال المداومة على الطاعات والذكر والاشتراك فى الأعمال الخيرية والتطوعية. وأشارت الرسالة الجديدة، إلى أن تلك الأعمال والعبادات ترسخ روح المودة والألفة والرحمة بين الزوجين، وتساعدهما على مواجهات صعوبات الحياة ومتاعبها؛ فالأموال ومتع الحياة لا تكفي وحدها لصناعة السعادة والسكينة داخل الأسرة ، وأوضحت الحملة أن "زراعة البركة" داخل البيوت هي مسؤولية مشتركة بين جميع أفراد الأسرة، وأن البيوت الخالية من الذكر والعبادة وقراءة القرآن وعمل الخيرات هي أشبه بالمقابر، لافتة إلى أنه إذا كانت الدعوة للتعاون على البر والتقوى والمعروف هي أمر عام لجميع البشر، فإنها تكون أكثر إلحاحًا ووجوبًا بين الزوجين.