القمص متياس نصر، كاهن كنيسة العذراء بعزبة النخل، هو أحد القيادات المسيحية التي كان لها تواجد كبير على الساحة السياسية بمصر بعد أحداث الثورة، وكان متواجدا في كثير من الأحداث والمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات المسيحية .. وهو أيضا المحرك الرئيسي لاعتصامات شباب اتحاد ماسبيرو والمسئول عن توجيههم ، وهو الوحيد الذي كان يملك القدرة علي فض اعتصامهم، الأنبا متياس نصر يتحدث في السطور القادمة عن رؤيته لأوضاع المسيحيين في مصر في أعياد الميلاد المجيد. كيف ترى أوضاع المسيحيين بمصر مع قدوم أول عيد ميلاد بعد الثورة ؟! يحتفل المسيحيون هذا العام بأعياد الميلاد وهم يتأثرون ب3 أمور أساسية، الأمر الأول، هو أنه بعد الثورة هناك إصابة بخيبة أمل، حيث كان من المتوقع بعد الثورة أن يكون هناك إعمال للقانون، ولكن هذا لم يحدث ، ولم يكن هناك إعمالا للقانون في الأحداث الطائفية التي حدثت بعد الثورة، وأيضا الأحداث الثورية، مثل أحداث محمد محمود وقصر العيني، وبالتالي كان لابد أن يصاب المسيحيون بخيبة أمل لأن الأعياد تأتي هذا العام والحال كما هو الحال في مصر ولا يوجد جديد. وما هو الأمر الثاني الذي يتأثر به المسيحيين؟ الأمر الثاني الذي يؤثر على المسيحيين هو انتشار أفكار متشددة يتبناها البعض خاصة في التعامل مع الأقباط، من كون أنه لا يصح تهنئة الأقباط في أعيادهم تارة، وتكفيرهم تارة أخرى، ولاشك أن هذا التيار يؤثر على الروح المصرية، ولكن بالتأكيد هذا لن يجعلنا نساوم أو نفاضل بين فساد مبارك الذي كان قبل الثورة والتشدد الإسلامي الذي ظهر بعدها ، بل هذا يجعلنا نتشبث بالثورة التي أزاحت نظام فاسد. وهل الأمر الثالث مختلف عن سابقيه؟ الأمر الثالث، هو وجود نظام سلطوي جاسم على صدور الشعب، هذا النظام لا يقبل إلا بما يقرر ويحكم به، فالمسألة قبل الثورة كانت متمثلة في شخص هو حسني مبارك، وتمت إزاحته فعلا، لكن الوضع الآن، متمثل في وجود مجلس عسكري قوي وجهاز مخابراتي قوي، وهذا لا يعطينا إحساساً أننا في بلدنا، لأن المناخ أصبح طاردا، وهو ما يدفع الكثيرين من مسلمين ومسيحيين إلى الخروج من هذا البلد. كلامك هذا يصور الوضع شديد القتامة .. أين الأمل ؟! هذا الكلام لا يدعو للتشاؤم، طالما أن هناك شباباً واعيين ومرابطين يطالبون بحرية مصر وتطهيرها ، أنا شخصيا أمسك بتلابيب مصر، ولن أترك بلدي أو أهجرها تحت أي ضغط من الضغوط. أعياد الميلاد هذه العام تشهد واقعا مختلفا يتمثل في اعتراض شباب الأقباط على دعوات الكنيسة لأعضاء المجلس العسكري وقيادات الأخوان والسلفيين لحضور القداس.. ما تعليقك؟ المناخ الآن يسمح بتعدد واختلاف الرؤى، عندما ننزل ميدان التحرير نجد العديد من القوى الثورية، وكل له توجهاته، وبالتالي فشباب الأقباط من حقهم أن يختلفوا مع وجهة نظر الكنيسة، لأنهم لا يرون أن هناك عدلا، يرون أياد ملطخة بالدماء تصافح المسيحيين في أعيادهم، الكنيسة لها رؤيتها المختلفة، وهى تفعل ذلك طوال تاريخها، فكانت ترسل دعوات للحزب الوطني وأعضائه وشخصيات سياسية تابعة لنظام مبارك، رغم فسادهم، ومما لاشك فيه أن الكنيسة في وضع حرج هل تستمر على ما كانت تقوم به في هذه الدعوات أو تستجيب لدعوات شباب الأقباط في الامتناع عن ذلك، وأنا شخصيا كنت أود أن تقتصر الأعياد على الاحتفال الديني فقط. هل هذا لتخوفات أمنية؟ لا توجد تخوفات أمنية، نحن تعودنا على هذا الوضع، ومهيئون له تماما، تعودنا على الدماء التي تسفك سواء من الأقباط أو المسلمين، وكل نقطة دم تسيل تطهر هذه الأرض الطيبة، ولكن وجهة نظري هي أنه إذا سألنا أنفسنا.. بالعقل هل يقبل المسلمون المعايدات في أثناء طقوس الصلاة في المساجد؟ الإجابة واضحة، لأن المعايدات تكون في المكاتب وفي المقرات وفي البيوت، لأن الوضع بها مختلف. المسيحيون احتفلوا بأعيادهم العام الماضي بقدوم برلمان جديد غالبيته من الحزب الوطني، أما هذا العام فالبرلمان غالبيته أخوان وسلفيين ، ما الفرق ؟ وجود تخوفات من قبل المسيحيين وتفكير بعضهم في الهجرة من مصر بسبب مناخ الخوف الذي يعيشونه، ولكن ليس بسبب سيطرة الأخوان أو السلفيين على البرلمان، فهذه السيطرة لا تقلقني، لأن الأخوان لديهم ذكاء يدفعهم لتعديل أحوال البلد وألا يتركونها تغرق في ظل الأوضاع الحالية، وذلك حتى لا يخسروا قوى سياسية عديدة في الشارع المصري، ولكن على المدى البعيد الأخوان قد يكون لهم أفكار لا تريحنا، خصوصا مع تلون الفكر الأخواني أو تحالفهم مع التيار السلفي وهو ما قد يسبب نوعاً من الهلع. في الانتخابات البرلمانية، لم يلحظ البعض أي تاثير للقوة التصويتية للمسيحيين، ولم يتمكنوا من إزاحة اي مرشح أخواني أو سلفي ، لماذا ؟ لابد أن نعرف أن هناك مسيحيين أعطوا أصواتهم للأخوان وهم قلة، وذلك بناء على وعود براقة أو علاقات شخصية مع الأخوان، بشكل عام ..المسيحيون لم يكونوا متواجدين على الساحة السياسية خلال ال60 سنة الماضية، فهذه العزلة أثرت على مشاركة المسيحيين في هذه الانتخابات، خاصة أنهم يعرفون أنه أحيانا يتم التعامل معهم بالعنف في حالة المشاركة، علاوة على المخالفات العلنية في الانتخابات، وترسيم الدوائر الانتخابية بشكل مقصود يتيح لفصيل سياسي معين السيطرة، أيضا وجود قانون انتخابي جائر، المنظومة كلها لا تجعل الأقباط فاعلين، ولكن أعتقد أنهم كانوا فاعلين في هذه الانتخابات أكثر من أي مرة سابقة.