رغم عودة الحياة إلى طبيعتها إلى ميدان التحرير منذ أيام عقب نهاية الأحداث الدامية التى شهدها شارع مجلس الوزراء إلا أن هناك بقية لم تقتنع بالتهدئة ورفضت الرحيل وقررت البقاء على أرض الجزيرة الوسطى بالميدان.. ولم تعد علاقة هؤلاء المعتصمين بهذا المكان مجرد علاقة تظاهر أوتعبير عن الرأى أو حتى رفض سياسات معينة وإنما تحول المكان بالفعل لما يشبه الوطن البديل للمعتصمين فالحياة بجميع خدماتها متوفرة هناك باعة للفول والطعمية وباعة للشاى والقهوة وجميع المشاريب فى أماكن تشبه المقاهى المفتوحة كما أن أرض الجزيرة الوسطى باتت آمنة فجميع المعتصمين يؤكدون أنه لن تجرؤ قوات الأمن على فض أى اعتصام مجدداً حتى لا تشتعل الأحداث.. أيضاً اعتصام الجزيرة الوسطى لا يعطل حركة المرور ولا يؤثر على حركة الانتاج فالحياة تسير بشكل طبيعى فى الميدان .. لكن الملاحظة الجديرة بالذكر فعلاً هى أن عدداً كبيراً من المعتصمين قرروا البقاء وعدم الرحيل تحت أى مسمى وإن كان الهدف المعلن هو تحقيق أهداف الثورة ورحيل العسكر لكن الحقيقة أن أغلبهم يطالبون بالعدالة الاجتماعية فى إطار مطالب جزئية مثل توفير فرص العمل والتغيير الحقيقى والسيطرة على الأسعار كما أنهم فى أحاديثهم الجانبية يؤكدون على أن شيئاً لم يتغير فى مصر بعد الثورة ولهذا ينتظرون يوم الخامس والعشرين من يناير القادم من أجل التعبير عن هذه المطالب. والآن يواصل نحو 50 شخصاً اعتصامهم على أرض "الصينية" رغم برودة الطقس حيث يصرون على أن يكونوا أول من يتصدروا المشهد يوم 25 يناير القادم، وأغلبهم من مصابى الثورة أو من المعتقلين فى أثناء الأحداث كما أن من بينهم عاطلون ومنهم من لا يجدون مأوى ومنهم من عقد مع الميدان حق لجوء إنسانى. والخيام القائمة بالجزيرة الوسطى الآن يبلغ عددها نحو 15 خيمة والعدد قابل للزيادة أو النقصان وأشهرها خيمة ثوار الحرية وهى الخيمة التى تضم شباباً من محافظات عديدة من الإسماعيلية والسويس والقاهرة وهناك أيضاً خيمة تحمل عنوان الصحفيون والإعلاميون الأحرار وخيمة أخرى تضم تجمع للمصابين من أماكن متفرقة وباقى الخيام تنتمى لمستقلين.. أما زوار الميدان فأغلبهم من شباب 25 يناير ومن المارة. والمعتصمون الآن فى الجزيرة الوسطى هم من بدأوا اعتصام يوم 11 نوفمبر من المصابين وهو الاعتصام الذى فجر الأحداث الدامية بعد ذلك وعندما عاد الهدوء عادوا للاعتصام مرة أخرى. ورغم ذلك فإن زوار الجزيرة الوسطى يأتى بعضهم للميدان حباً فى التحرير منهم أحمد على الطالب بالفرقة الأولى كلية الحقوق والذى أكد لنا أن الميدان قطعة من الجنة - حسب تعبيره - وأنه يرتاح نفسياً عندما يأتى إلى هنا وأكد أحمد أن هذه الاعتصام هو مجرد بداية أو بروفة لما سيحدث يوم 25 يناير لأنه حتما سيكون هناك اعتصام مالم تحدث مفاجآت حتى هذه الموعد وحالياً هناك محاولات كثيرة للحشد من خلال حركة 6 إبريل وحملة كاذبون ولهذا فإن الميدان لن يهدأ حتى تتحقق أهداف الثورة من خلال تحقيق مدنية الدولة ولهذا فإن الاصطدام القادم سينتهى إلى إما "السلطة وإما الثوار" . ومن المعتصمين أيضاً شريف سيف عضو مجلس أمانة الثورة والذى أكد لنا أنه لم يغادر الاعتصام ولا الميدان منذ الثمانية عشر يوماً الأولى ويذكر شريف أن شعار اعتصام الجزيرة الوسطى هو " معتصمون مرابطون صامدون.. لن يهزمنا اليأس ولن تخدعنا الوعود " للمطالبة برحيل العسكر وإلغاء المحاكمات العسكرية والقصاص والعدالة .