منذ بداية الفترة الرئاسية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي وكانت تجربة المؤتمرات الوطنية للشباب مميزة وغير مسبوقة في التاريخ السياسي المصرى، فلأول مرة نشاهد رئيس الجمهورية وهو يجلس وبجانبه كبار المسئولين في الدولة ومن حولهم شباب مصر بمختلف أفكارهم، الكل يتناقش بكل حرية والرئيس يستمع ويشرح ويستقبل ملاحظات الشباب ويجيب عن كل أسئلتهم بمنتهي الشفافية والبساطة، وعلى مدى 5 مؤتمرات سابقة شهدنا مناقشات رائعة وأفكاراً متميزة ومبادرات غير مسبوقة وقرارات حاسمة، واكتشفنا نماذج مبهرة من شباب مصريين ناجحين في كل المجالات، وجاء المؤتمر السادس للشباب، والذي عقد على مدار يومين بمشاركة 3 آلاف شاب وشابة وشهد 7 جلسات داخل جامعة القاهرة يومي 28 و29 يوليو الماضي، ليؤكد أن مصر تفتح ذراعيها من جديد لأفكار وعقول ومبادرات شبابها، وأن الدولة ورئيسها يرسخان لمكانة العلم وأهميته في صناعة مستقبل وطننا. دلالة المكان اختيار جامعة القاهرة كمكان لعقد المؤتمر هذه المرة كان رائعاً ومناسباً للموضوعات التي ناقشتها جلساته، وكما أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي فإن «هذا المعهد العلمي العريق يجمع بين أصالة التاريخ وعراقة العلم، هو إحدى منارات الوطن المضيئة»، وبعد أداء الرئيس السيسي اليمين الدستورية في يونيو الماضي، يأتي اختيار قبة جامعة القاهرة كمحطة أولي لمؤتمرات الشباب في فترته الرئاسية الثانية، وهو يؤكد على اهتمام الرئيس بعنصري «العلم» و«الشباب» وعلى إصراره بتحقيق ما وعد به من وضع «بناء الإنسان المصري» على رأس أولوياته خلال تلك المرحلة، كما يعكس إدراك الرئيس بأن تعريف الهوية المصرية من جديد يبدأ من محراب العلم وبسواعد وعقول وأحلام الشباب، وكانت مشاهد الفيلم التسجيلي «أهل العلم» الذي تم عرضه في بداية المؤتمر تدعو كل مصري للفخر بالشخصيات الفارقة في تاريخنا منذ 100 عام وحتى يومنا هذا، وكذلك كان لافتاً مشاركة الرئيس في جلسة المجلس الأعلى للجامعات بقاعة أحمد لطفى السيد بمبني القبة، وهو تأكيد لاهتمامه بدور الجامعات المصرية والمنظومة التعليمية فى خدمة التنمية الشاملة وبناء الإنسان المصرى، والمثير للإعجاب أن مؤتمر الشباب السادس شارك فى إعداده الكثير من الشباب أكبرهم كان لا يتعدى 30 عاماً. رسائل الرئيس الرئيس السيسي يضع فئة الشباب على رأس أولوياته، وهذا ليس مجرد شعار بل هو واقع يؤكده حرصه الدائم على إقامة المؤتمر الوطنى للشباب بشكل دورى، وهذه المؤتمرات تخرج بتوصيات يتم تنفيذها ومتابعتها من مؤسسات الدولة والجهات التنفيذية، وقد أكد الرئيس منذ توليه السلطة في يونيو 2014 أهمية تفعيل دور الشباب في رسم مستقبل مصر، وقد وجه الرئيس عدة رسائل خلال المؤتمر كانت واضحة، منها تأكيده الدائم على دور الشباب وأن مصر ستحيا وتتقدم بعقولهم وسواعدهم، وكذلك أهمية التحرك السريع لبناء الإنسان وإعادة صياغة الشخصية المصرية التي تم استهدافها على مدى سنوات مما أثر بشكل كبير على مجتمعنا، وأن بناء الإنسان المصري هى مهمة المجتمع وليس الحكومة بمفردها، لافتا إلى أن إصلاح الخطاب الديني مهم وضروري، وكذلك شدد الرئيس على ضرورة أن نقتحم مشكلاتنا ولا نرضي بأنصاف الحلول حينما قال: «إحنا مستعدين ندفع فاتورة إصلاح ده ولا لا؟ إنتم عايزين تعليم حقيقي ولا عايزين ولادكم يبقى معاهم شهادات وبس؟ لو عايزين تعليم حقيقي دي رحلة طويلة وقاسية، وفيها معاناة مش على قد الدارس أو الطالب.. لا ده أسرته كمان»، كما أعاد الرئيس الحديث عن «الخيط الرفيع» الذي يفصل بين حرية الإبداع والضوابط الأخلاقية، خاصة مع بروز بعض السلوكيات التي لا تليق فى السينما والتليفزيون والمسرح، كما أشار الرئيس إلى أن الحوار والتواصل هما الطريق لبناء مجتمع قوي، وأيضاً من الرسائل المهمة التي وجهها الرئيس تأكيده على أن تماسك المجتمع يحميه من الضياع، وأنه فعل كل ما بوسعه ليقيم الترابط الوطنى بين أبناء المجتمع، وفي النهاية كان لافتاً أيضاً أن الرئيس أصدر قرارات مهمة خلال مؤتمر الشباب ليؤكد أهمية الحدث وتقديره له، ومنها قرار ترقية وزير الدفاع بل وقيام مجموعة من الشباب المنظمين لمؤتمر الشباب بتعليق رتبة الفريق أول على كتفي الوزير أمام الرئيس السيسي والحضور في مشهد غير مسبوق في تاريخ مصر.
بنك الابتكار من أبرز نتائج المؤتمر السادس للشباب ما أعلنه الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى من إطلاق بنك الابتكار المصري من أكاديمية البحث العلمي للعلوم والتكنولوجيا، وهو أكبر منصة حكومية للابتكار المصري، وهو ما يعني أن الوزارة مهتمة بتأهيل الجامعات الحكومية لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة ومناسبة سوق العمل، واللافت أن هذا جاء مع استعراض الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم خلال المؤتمر لإستراتيجية الدولة لتطوير نظام التعليم مع استعداد الدولة لإطلاق النظام التعليمي الجديد، في سبتمبر 2018 بدءًا من مرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، بالإضافة لتعديل نظام الثانوية العامة والذي ستكون من أبرز ملامحه إلغاء الامتحان القومي الموحد واستبداله ب12 امتحانًا خلال المرحلة، أيضاً أطلقت وزارة التنمية المحلية مبادرة لتأهيل الشباب والانضمام لبرنامج قيادات المستقبل في الإدارة المحلية، وكذلك كان مهماً جداً ما تحدث فيه الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة عن دور الوزارة فى إستراتيجية بناء الشباب المصرى، وتأكيده أن اختيار القيادات أصبح مبنيًا على الاجتهاد وكيف نقلت مؤتمرات الشباب صورة إيجابية عن مصر فى العالم، وكذلك مطالبته للشباب بأن يكون طموحا ولا يستمع للشائعات لأن التطوير سيأتى من خلال خلق إنسان يحافظ على الرياضة ويتذوق الفن ويهتم بالثقافة والاطلاع ويشارك فى المجتمع وقادر على مواجهة التحديات. اسأل الرئيس لأول مرة شهد المؤتمر الوطني للشباب حضور هذا الكم من المدعوين، وجاء أغلبهم من شباب الجامعات المصرية وأساتذتها وممثلين عن جميع محافظات مصر والأحزاب السياسية المختلفة، وأوائل الثانوية العامة، وأوائل التعليم الفني، إلى جانب وجود نخبة من رجال الدولة المصرية والشخصيات العامة والبرلمان، وكالمعتاد في مؤتمرات شبابية سابقة، كانت الفقرة الخاصة بمبادرة «اسأل الرئيس» ترسيخاً ديمقراطياً يؤكد مكانة الشباب في فكر الرئيس، واستمعنا لأسئلة تشغلهم عن نتائج إجراءات الإصلاح الاقتصادي والحلول المطروحة لمواجهة البطالة وإستراتيجية الدولة للقضاء على الدروس الخصوصية وطبيعة نظام التعليم الجديد ومحاربة الفساد وعودة الجماهير إلى الملاعب وقوائم العفو الرئاسية وملف توظيف الشباب في المشروعات القومية ودمجهم فى سوق العمل وخطة الدولة لمواجهة موجة غلاء الأسعار وتشديد الرقابة والمشكلات التى تواجه رواد الأعمال وإجراءات الحماية الاجتماعية من آثار برنامج الإصلاح الاقتصادي وتفعيل دور الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب خلال الفترة المقبلة، والمدهش أن الموقع الرسمى للمؤتمر تلقى أكثر من 600 ألف سؤال من المواطنين ضمن مبادرة «اسأل الرئيس»، وكلها أسئلة تنوعت في كل المجالات، سياسيًا وتعليميًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وهي توضح مدى نضج وثقافة ووعي شباب مصر، ومما أثار الإعجاب أيضاً الاختيار الدقيق -في كل مؤتمر- للشباب الذين يجلسون في الصف الأول بجانب الرئيس، وهذه المرة لفتت انتباه الجميع فتاة رائعة وهي غادة والي والتي اختارتها مجلة «فوربس» العالمية كواحدة من أفضل 30 مصمم جرافيك في أوروبا تحت سن الثلاثين. حلقات من التواصل «مصر ليست مجرد نهر وبحر وصحراء بل تلك الحالة المتفردة التي تسكن النفس فيتحول حب الوطن إلى جزء لا يتجزأ من نسيج الروح» بهذه الكلمات السابقة بدأ الرئيس السيسي كلمته في 9 يناير 2016 احتفالا بيوم الشباب المصري، ويومها تم إعلان 2016 عاماً للشباب وتم تدشين عدد من المشروعات المهمة التي تهدف إلى تمكين الشباب والارتقاء بهم، وكان من بينهم مشروع بنك المعرفة وإطلاق برنامج تأهيل الشباب للقيادة، وفى أكتوبر من العام نفسه، عقد الرئيس السيسي المؤتمر الوطني الأول للشباب بحضور أكثر من 3000 شاب بمدينة شرم الشيخ للتواصل بشكل مباشر معهم، وأثمر المؤتمر عن عدة توصيات وقرارات أبرزها تشكيل لجنة وطنية من الشباب بإشراف رئاسة الجمهورية لإجراء فحص شامل ومراجعة موقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا ولم تصدر بحقهم أحكام قضائية، وفى يناير 2017، أطلق الرئيس شارة انطلاق المؤتمر الدوري الثاني للشباب من الصعيد لإعلان دعم الدولة له على كافة المستويات والقطاعات، وفى ابريل 2017 اختار الرئيس السيسي الإسماعيلية لتكون محطة انطلاق المؤتمر الوطني الدوري الثالث، وفى إبريل من نفس العام أعلن الرئيس تدشين البرنامج الرئاسي الثاني لتأهيل الشباب وتنمية قدراتهم والذي يضم الشباب الحاصلين على درجة الماجستير والدكتوراه، وفى يوليو 2017 انطلق المؤتمر الدوري الرابع للشباب من محافظة الإسكندرية.. وبعده بشهر أصدر الرئيس قراراً بإنشاء الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، وفى نوفمبر 2017 تم تنظيم منتدى شباب العالم فى مدينة شرم الشيخ، وفى مايو 2018، انطلقت فعاليات المؤتمر الوطني الخامس للشباب بالقاهرة وكان تحت عنوان «رؤية شبابية لتحليل المشهد السياسي في مصر».