عندما التقطت القلم لكتابة هذه المقالة عن مشاركة منتخب مصر في نهائيات كأس العالم, توقفت قليلا أمام حزن الجمهور وصدمته من الخروج المبكر، لاسيما في ظل سقف الطموح العالي الذي رسمه لنا اتحاد الكرة ورجاله والمدير الفني الأرجنتيني هيكتور كوبر، والذي من وجهة نظري يكفيه هذا القدر وما حققه وكان لابد من رحيله ليس بعد انتهاء مشوار الفراعنة في المونديال ولكن قبلها بعد أن تجمد تفكيره, وفرض علينا أسلوباً عقيماً في الدفاع لا يسمن ولا يغني عن الهجوم طالما نحن نبحث عن الصعود. وكنت أتمني -مثل غيري من أبناء الشعب الحالم بلحظات من السعادة الكروية النادرة في المونديال- أن نشاهد منتخبا آخر مختلفا في الأداء والمستوي في ظل هذه الكوكبة من المحترفين التي لم تعرف مصر مثلها من قبل، قادر علي مقارعة الكبار خاصة -والحق يقال- أن القدر ساعدنا في أن نتواجد ضمن مجموعة متوسطة, حيث لم تكن مثلا في شراسة مجموعة المغرب أو تونس، ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح بسبب تعنت "المستر" كوبر والطاعة العمياء للجبلاية بقيادة هاني أبو ريدة له ولكلامه دون مناقشة من قريب أو بعيد. وفي اعتقادي أن المنتخبات العربية تبذل المستحيل من أجل التأهل إلى المونديال وتعتبره إنجازاً كبيراً لكنها تشارك دون طموحات وتلعب من أجل تجنب دخول الأهداف في مرماها، ولكنها تسقط في النهاية داخل دائرة الحسرة والندم، وبات خروجها مجرد روتين"، لأن الطفرات لا تصنع المجد, وإن كان ذلك لا ينفي وجود ظاهرة تستحق الاحترام تتعلق بالتفاف الشعوب العربية خلف المنتخبات الأربعة بصورة تفوق المتوقع، وكذلك عودة العلم الوطني ليرتفع في الشوارع والميادين وعلى واجهات المنازل وضمن مفردات الحياة اليومية للمواطنين العرب، حتى في الدول التي لم يحالفها التوفيق بالوصول إلى المونديال. وبصرف النظر عن أحزان الخروج المبكر لمنتخبنا فإن هناك جانبا آخر رائعا من هذه المشاركة ليس فقط على المستوى الرياضى، وإنما هو رسالة للعالم بمناخ مصر الآمن والجاذب للاستثمار, وأن "التطور الرياضى- والذى نتج عنه وجودنا في كأس العالم بعد غياب أكثر من 28 عاما- مرتبط بما تحقق على أرض الواقع من إصلاحات تشريعية وإجرائية غير مسبوقة تحقق معها الاستقرار والأمن في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وبالتالي التقدم في معدلات النمو الاقتصادي والذى أشارت إليه بوضوح معظم تقارير المؤسسات الدولية ومؤسسات التقييم في العالم". ولاشك أن تحرك وزارة الاستثمار بقيادة الوزيرة سحر نصر بالتعاون مع وزارة السياحة في استغلال مشاركة مصر في نهائيات كأس العالم للترويج إلى مناخ وفرص الاستثمار في مصر كان أمرا جيدا، لأنه يحقق ما نادينا به من قبل بضرورة الاستفادة من مشاركة مصر في هذا الحدث العالمي لنعرض للعالم ما تشهده مصر من قفزات نوعية على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى الأمن والأمان والاستقرار. وأعتقد انه كان لابد من أن يتم تسليط الضوء على ما تملكه مصر من فرص استثمار وإمكانيات وتنوع في الفرص الاستثمارية الكبيرة في هذا المحفل الرائع الذي يمتد لحوالي شهر يجمع كافة دول العالم علي مأدبة كروية لا تتكرر سوي كل أربع سنوات. وينبغي ألا ننسي الجوائز والمكاسب المادية الضخمة التي حصدها المنتخب الوطني من التواجد في المونديال من جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، فقد نال مثل غيره من المنتخبات التي تأهلت 1.5 مليون دولار، وذلك بهدف الإعداد والتحضير، وهناك 134 مليون دولار قيمة تأمين على اللاعبين المشاركين في بطولة كأس العالم، هذا بالإضافة إلى مبلغ 209 ملايين دولار تُدفع للأندية التي يشارك لاعبوها في المونديال وهذه القيمة كانت في المونديال الأخير تبلغ 170 مليون دولار. ومن وجهة نظري لابد من الانطلاق من نقطة المونديال لتصحيح مسار الرياضة المصرية بشكل عام، والكرة بخاصة، لاسيما بعد أن تولي المسئولية شخصية علمية محترمة تتمتع بتاريخ مميز في كافة المجالات داخل الوسط , وهو د.أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة الجديد صاحب الباع الطويل والبصمة الواضحة في كل مجال تولاه من قبل، وبالتالي فإنه ليس وافدا جديدا علي أبناء الوسط بل ملم بكل كبيرة وصغيرة، وقادر علي علاج كافة الثغرات وتصحيح المسار بناء علي رؤية علمية محترمة وخبرة طيبة، فكل الأمنيات أن يحقق ما يصبو إليه الجميع ليس فقط علي مستوي الرياضة ولكن أيضا الشباب باعتبارهم نصف الحاضر وكل المستقبل.