بقلم: الهام رحيم سحابة الحزن والألم التي تغطي حياتك لن تمطر عليك إلا الإحساس بالذنب والغضب والعار مادمت متمسكا بذكرياتك السلبية عن الآخرين الذين احتكوا بك في مواقف حياتية هامة وخذلوك أو قهروك أو حتى دهسوك وسحقوك عندما اختلفوا معك أو تعارضت مصالحكما . وبداية انقشاع هذه السحابة التي تظلم أيامك لن يكون إلا بنسيانك المتعمد والكامل لكل إساءات الآخرين لك و تقبل اختلافهم معك...لابد من التخلي عن حقيبة ذكرياتك القديمة وتنظيفها تماما من كل ما علق بها من أحاسيس كراهية وحقد وتمني الشر للغير والشماتة في مصائبه... فلا مهرب لك من التسامح والعفو عند المقدرة إذا ما أردت السعادة وراحة البال . نعيش جميعا لنتعلم يوميا من الحياة ومواقفها المتباينة دروسا قد تكون سعيدة أو مؤلمة لكن تظل اللحظات التي تسيطر علينا الرغبة فيها في الانتقام والثأر والتشفي هي الأتعس في أيامنا لأننا نقرر خلالها أن نوقف حياتنا وقدراتنا علي النمو والتطور العقلي والنفسي والإنساني لنتفرغ لإعادة تذكر المواقف السيئة ولحظات الإهانة والتحقير التي مررنا بها لا لشيء إلا لإرضاء أمراضنا العقلية التي توهمنا انه لا شيء أهم من رد الصاع صاعين للمسيئين والمخطئين في حقنا...ونظل ندور داخل هذه الدوامة من الضغينة والاحتداد التي لن تحرق أحد سوانا. نستيقظ يوميا وبعضنا يفكر كثيرا في الآخرين ماذا قالوا وماذا فعلوا وكيف سينتصر عليهم بل يدمرهم وهذا يجعل أيامه شبيهة بأفكاره مخزية وبائسة ومزرية وتصيبه الكثير من الأمراض النفسية والجسمانية نتيجة تحميل نفسه ما لا تحتمل غالبا من أفكار وسلوكيات مشينة بعد أن تصور من قسوته وفقر نفسه أنه إله يمشي علي الأرض ويملك لغيره ضرا أو نفعا والحقيقة أن الشخص البائس الذي يفكر بهذه الطريقة هو ليس إلها ولا بشرا بل شيطان رجيم فمن كان كل همه الصراعات والمنافسات والتسابق المحموم للوصول لأهدافه وعرقلة كل من يواجهه أو كان قد واجهه في السابق وتفوق عليه هو شيطان بائس أعاذنا الله وإياكم منه يعيش في ظلمة دينية وروحية تباعد بينه وبين ربه. وهذه الظلمة التي يعاني منها الكثيرون تخلط أوراقنا لاسيما الروحية حيث إنها تسبب ضبابية في الرؤية تجعل البعض يرفض الاعتراف بأن أرواحنا التي بها نفخة من روح الله هي القوة الملاحية الحقيقية الوحيدة في حياتنا ونفسنا هي الراكب..مجرد راكب وليس السائق . فأرواحنا هي المرشد لنا جميعا للوصول للصواب وتبني التفكير السليم..هذا التفكير الذي سيهدينا إلي حقيقة مفادها أن الله لا يمكن أن يخلق صراعا من أي نوع بينك وبين أحد من أقارب أو معارف أو حتى أشخاص لا تعرفهم ويكون الهدف منه القتل أو استباحة الأعراض والتنكيل بأي شكل بمن نصفهم بالخصوم والأعداء!! الله موجود معنا في جميع اللحظات يحيطنا بحبه وحفظه ورعايته وكل خطوة في حياتنا مقدرة وحبه لنا لابد أن يجعلنا نثق أنه يضعنا في هذه الاختبارات لننتصر لأرواحنا لماذا لا يفكر أحد في أن الاختلافات والخلافات بيننا المرجو منها أن نكون من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس...قد يكون مراد الله منها أن نكون من المحسنين الذين يحببهم .. لماذا نحول منحا إلهية لمحن تبعدنا عن الله بدلا من أن تزيد اقترابنا منه ليعود لمكانه الطبيعي وهو قلوبنا فلهذا الغرض خلقنا ولم نخلق لنحارب من أجل الوهم والعدم والخواء. نعم نتصارع علي اللاشيء فالمناصب والنفوذ والثروة وسحق الخصوم ليست الإجابة الصحيحة لسؤال: لماذا نعيش ونتحرك في هذا الكون المهيب...فلقاء الله سيكون حتى بدون أي ساتر للجسد كما أخبرنا رسول الله"صلى الله عليه وسلم"...فلا شيء سنحمله معنا في نهاية الرحلة إلا القلب السليم والأعمال الطيبة التي قهرنا فيها أنفسنا ووضعنا عليها قيودا أخلاقية تكرهها لكنها طوق النجاة لنا مهما رأيناها صعبة. والتسامح أحد هذه القيود التي لابد أن نروض أنفسنا عليها لأن به فقط يمكن أن تتلون دنيانا بألوان النقاء والطهارة والسكينة .. والترفع عن الإساءات ليس من شيم الضعفاء والدراويش بل هو قوة لا يملكها إلا أولو العزم الشديد... فافتح قلبك و كن مستعدا لاعتناق وجهات نظر مختلفة، وعادات مختلفة، وتقبل أشخاص مختلفين فالحياة رحلة ممتعة بالتعلم والقدرة علي التغيير للأفضل فاستمتع بها وتزود فيها بما يمكن أن تلقي الله به.