" إن الذين تولوا منكم يوم التقي الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم " عفوا إلهيا من الله به على من تركوا سيدنا رسول الله "ص" وفروا في غزوة أحد وكان على رأسهم ذو النورين عثمان بن عفان. وقد يسأل البعض هل فر الصحابة في أحد؟؟ ... نعم بعدما أشيع خبر وفاة الرسول "ص" فر كثيرون وثبت كثيرون...إنهم بشر لا عصمة لأحد منهم وقد تكرر الأمر في غزوة حنين حيث يقول سيدنا عبد الله بن مسعود كنت مع رسول الله "ص" يوم حنين فولي عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلا من المهاجرين والأنصار ".. ولوا عن حبيب الله في المعركة؟؟ نعم .. وماذا في ذلك أليسوا بشرا!!! سب عمار بن ياسر رسول الله "ص" وأساء إليه كثيرا بالقول بعدما شاهد أمه وأباه يقتلان علي يد المشركين وكان بين أيديهم أسيرا وطلبوا منه أن يسيء للحبيب فضعف وفعلها.. وسامحه حبيب الله "ص" بل وقال له "يا عمار إن عادوا عد" ... فالمستضعف بين أكثرية لا حرج عليه.. والضعف البشري ورهبة الموت والتعلق بالحياة لا علاقة لها بضعف العقيدة أو قلة الإيمان أو الشجاعة بل هي لحظات بشرية مشروعة ومتكررة بيننا جميعًا في الكثير من اللحظات والمواقف.
والسؤال لماذا يحاول البعض أن ينزع هذه الصفات البشرية عن رجال القوة في مصر "الشرطة والجيش" أليسوا بشرا يصيبوا ويخطئوا.. يقاتلوا ويضعفوا.. يحملون بلادهم في قلوبهم وعقولهم لكن هذا لا يمنع أن لهم أسر وأهل يفكرون فيهم ويتمنون الحياة من أجلهم.. يضعون خططا في غاية الدقة ويعتمدون على الله في التوفيق فيها لكن هذا لا يمنع أن تكون هناك أخطاء بشرية مثل تلك الواردة في أي مجال عمل وإن كانت أي غلطة لديهم سيكون ثمنها أرواحهم لذا لابد أنهم أحرص الناس على أن تقل هذه الأخطاء لدرجة الندرة. ونعود للسؤال لماذا نثقل كاهل هؤلاء الرجال بفكرة المعصومية لماذا صرخنا واستنكرنا وأهلنا التراب على أحداث استشهادهم بمجرد الاستماع إلى تسجيل مسرب أذاعه بعض المندفعين دون أن يتسنى لهم التأكد من صحته؟ ... ذهب الشهداء في مهمة لم يكونوا يبتغوا منها إلا حمايتنا من مخاطر كبيرة ستلحق بنا في أكثر من مكان يرتب الإرهابيون لضربه وفقا للمعلومات التي وردت إليهم.. لم يقصروا أو يتقاعسوا عن أداء واجبهم.. فلماذا جرح بعضنا مشاعر ذويهم بالنيل من بسالتهم ورجولتهم أمام الإرهاب؟؟ ورغم نفي وزارة الداخلية لهذا التسريب إلا أننا سنناقش محتواه الذي جعل بعض المرضي العقليين ممن أعلنوا الخصومة مع شرطة بلادهم - وليس فقط المخطئين داخلها- يشمتون في أبناء وإخوة لنا ويدنسون استشهادهم بكلماتهم الملوثة بالحقد والكراهية ويسخرون من ضابط مفقود قد يكون بين يد أعداء لا رحمة في قلوبهم ولا شفقة!! بدلا من أن نعظم دماءهم الذكية ونواسي أنفسنا قبل ذويهم في فقدهم ننهش في لحمهم وهم بين يد ربهم!! يا الله !!.. كيف وصلنا لهذا المستنقع من اللا أخلاق هذا المستنقع الذي يريد البعض أن يدفعنا إليه والحجة أن رجال القوة معصومون!! .. لا عصمة بين البشر إلا لحبيب الله "ص" كل من دونه يخطئ ويصيب وكون التسريب صحيحًا أو لا.. وكون أبنائنا ضعف بعضهم أم لا فهذا لا يغير من أمر شجاعتهم وبسالتهم شيء.. ونسأل الله لهم الرحمة والمغفرة والإحسان إليهم طالما خرجوا وهم لا يبتغوا إلا وجه الله والوطن. المعركة مع الإرهاب ممتدة والمكسب والخسارة واردة في جولاتها المتعددة وعلينا أن نتقبل المكسب والخسارة في الجولات، فقط ندعو الله أن لا نخسر المعركة نفسها وهذا لن يحدث طالما تعاملنا مع أبنائنا كبشر ودعونا لهم بالثبات في جميع المواقف وانحنينا احترامنا لتضحياتهم المقدسة بأرواحهم من أجل النصر. أتفهم غضب بعض الشباب وحماستهم بعد استشهاد شبابنا في الواحات وأثمن دعواتهم لزيادة توافر الإمكانيات لرجال الشرطة لتوفير ضمانات أكثر لحمايتهم لكني لا أستوعب أن يشطح البعض بأفكاره فنحرم شهداءنا من حقهم في الاحترام والتقدير ونمنع عن مفقود "النقيب محمد الحايس" دعوات بالعودة سالما معافي لأهله وزملائه. قد يقول البعض إذا كانت الداخلية نفت التسريب الصوتي فلماذا هذا النقاش؟؟ .. وإليهم أقول إن الأمر ليس تسريبًا أو فيديو قد يبثه مرتكبو هذا الحادث في أي لحظة قادمة بل أفكار لابد أن نطهر عقولنا منها.. وعلينا مواجهتها بكل ثبات لنستطيع أن نواصل معركتنا دون أن نهتز أو نهز معنويات شباب ولاهم الله أمر حماية هذا الوطن في لحظة شديدة القسوة والصعوبة تاريخيا... فإما أن نخرج منها معا محتفظين ببلادنا أو نسقط بعضنا البعض ووقتها لن تبقي مصر!