(هى: أنا مقبلش الطريقة دى طلقنى .. هو: روحى وانتى طالق) حوار أصبح معتادا مع الأسف فى حياتنا اليومية، بعد أن أصبحت الحياة الزوجية على حافة الهاوية.. فى الماضى كان الطلاق من مفردات "العيب" الممنوعة فى المجتمع، أما اليوم فقد تجاوزت مصر النسب العالمية المعتادة فى معدلات الانفصال بين الزوجين فى السنوات الأولى للزواج .. فقد كشفت أحدث الإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن حدوث حالة طلاق كل 6 دقائق فى مصر بما ينذر بكارثة أكيدة .. فما هى- إذن- أسباب تصاعد معدلات الطلاق فى السنوات الأخيرة .. ومن المسئول: الرجل أم المرأة؟ التحقيق التالى يسعى لكشف بعض ملامح الأزمة .. فى البداية تدق العديد من الدراسات ناقوس الخطر حيث تحذر من الارتفاع الكبير فى معدلات الطلاق المبكر، فقد كشف دراسة حديثة أصدرها المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية عن وقوع 49% من حالات الطلاق خلال أول عامين بالزواج، بينما وصلت النسبة إلى 18% فى الفترة من 4 إلى 6 سنوات، و19% خلال الفترة من 7 إلى 10 سنوات، و14% فقط من حالات الطلاق كانت بين من استمر الزواج بينهما لأكثر من 10 سنوات. وكشفت دراسة أخرى صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن مصر تصدرت قائمة دول العالم فيما يخص معدلات الطلاق، كما أوضحت الدراسة ارتفاع معدلات الطلاق خلال الخمسين عاماً الماضية من 7% إلى 40% ووصل عدد المطلقات فى مصر تقريباً إلى 2.5 مليون مطلقة. خبراء العلاقات الأسرية لديهم تفسيرات عديدة حول هذه المعدلات المرتفعة، حيث تقول شيماء محمود إسماعيل- خبيرة العلاقات الأسرية-: آخر إحصائية اطلعت عليها كانت صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، حيث أفادت بأن هناك 240 حالة طلاق فى اليوم الواحد، أى كل 6 دقائق تقع حالة طلاق، وهو بلاشك مؤشر خطير لأن النسبة مرتفعة للغاية مما يهدد كيان الأسرة، لأن الانفصال بين الزوجين يدفع ثمنه الأبناء، بل ويصابون بمشاكل سلوكية جراء الطلاق، بمعنى أن الطفل بعد الطلاق يكون إما مع الأب أو فى حضانة الأم أو الجد، وفى حالة عدم وجود من يرعاه يصبح فى الشارع.. وهنا أتحدث أيضا عن الانفصال العاطفى، حيث لم تعد هناك لغة حوار بين الأب والأم، فهما يعيشان سويا دون مشاركة وجدانية وعندما يتربي الأبناء فى هذا الجو تنشأ لديهم حالة من عدم الانتماء فى البيت؛ وبالتالى يتجه هؤلاء الأبناء نحو المخدرات أو أصدقاء السوء ليصبحوا فى النهاية أطفال شوارع، وهنا تقع الكارثة. وتضيف خبيرة العلاقات الأسرية أن هناك قواعد لاختيار شريك الحياة يجب الالتفات إليها وهى: التقبل، أى أننى أتقبل هذا الشخص وأحبه كما هو بتصرفاته دون محاولة تغييره، ثانيا التكافؤ الاجتماعى والثقافى بين الطرفين، وهى مسألة فى غاية الأهمية، وعندنا نموذج حدث مؤخرا لغياب التكافؤ الثقافى، عندما أقدم شاب يعمل "كبابجى" على قتل زوجته الصحفية فهناك غيرة لأن قيمتها العلمية والاجتماعية أعلى منه؛ فأوجد لنفسه مبررا لأن يشك فى سلوكها وانتقم منها، فالرجل الشرقى عامة لا يحب أن تكون زوجته أعلى منه، والغيرة كامنة بداخله فيبدأ يعارضها فى النزول لشغلها ثم تبدأ المشكلات فيما بينهما وقد تدفع فى النهاية للطلاق، وهى تقريبا أقل الكوارث التى يمكن أن تحدث فى هذه الحالة، ثالثا التكافؤ العمرى، بحيث يجب ألا يزيد الفارق السنى بين الطرفين على 10 سنوات، ورابعا التوافق بين العائلتين، فإذا تزوج الشاب الفتاة رغما عن إرادة أهلها فسيكون لديها الحنين لأهلها وستنسحب منه شيئا فشيئا، وأخيرا التوافق الأخلاقى، لذلك فإن فترة الخطوبة مهمة جدا للاستكشاف والتعارف وليس لتبادل "الدباديب" فقط. وتذكر شيماء إسماعيل أن هناك زوجا حضريا وآخر حجريا وهناك الزوج العنيد والغيور والبخيل والكذاب، وتستطيع الفتاة معرفة شخصية خطيبها من خلال بعض الاختبارات الخفيفة، وعليه يجب ألا تقل الخطوبة عن سنة، كذلك ليس المطلوب التفتيش فى الماضى، وذلك لأن فترة الخطوبة تكشف عن ملامح شخصية الطرفين وتجعلهما يتخذان قرارا مبكرا، إما باستكمال التجربة أو الانفصال المبكر قبل الزواج، وأنا أعتقد أن ارتفاع معدلات الطلاق فى السنوات الأولى يعود لهذه المشكلة، حيث إن الطرفين لا يدرسان بعضهما البعض جيدا أثناء فترة الخطوبة، ومن هنا يستمر الطرفان فى هذه العلاقة غير المتكافئة منذ البداية، ومن ثم يصبح الطلاق نتيجة طبيعية فى السنوات الأولى للزواج.. ولذلك يجب أن تكشف الفتاة عن ملامح خطيبها؛ لأن هناك صفات بالفعل تهدد باستمرار العلاقة، فهناك صفات فى الرجل لا تتغير مثل الكذب والبخل و"العين الزايغة"، أيضا إذا حدثت مشكلة بين الطرفين أثناء الخطوبة لا نؤجل مناقشتها لليوم التالى فنحن نريد تبسيط العلاقة ووضع النقاط على الحروف مبكرا .. فهذه العوامل تقلل جدا من مخاطر الطلاق المبكر، وعلينا أن نأخذ فى الاعتبار أن من أهم أسباب حالات الطلاق قصر فترة الخطوبة حيث تصل فى بعض الأحيان إلى شهر ثم يعقد القران ثم يصطدم الطرفان بالواقع، والزواج يحتاج لأن نعيش على أرض الواقع ونتخلى بعض الشىء عن أحلامنا؛ لذا أغلب حالات الطلاق تقع لمن أعمارهم تتراوح ما بين 21-30 عاما، والطريف حقا أن زواج الصالونات ينجح بنسبة 80% عن الزواج عن حب فى فترة الخطوبة، حيث يسمى بزواج العائلات الذى تدخل فيه معايير وتوافق من نواحٍ كبيرة ولا يعتمد على الجانب العاطفى فقط.
أيضا أحب أن أوضح أن من أسباب الطلاق أيضا زواج القاصرات، وهذا يتضح جليا عندما نجد ارتفاع نسبة الطلاق عند الفتيات وهن فى سن ال18 عاما، حيث تكون الفتاة فى مرحلة المراهقة التى تتسم بالتخبط والعناد وعدم اتخاذ القرار الصحيح، وفى المقابل يتعامل معها الرجل بالعنف اللفظى والجسدى؛ لأنها تتصرف تصرفات طفولية وأغلب الفتيات القاصرات دون المستوى التعليمى، ثم يطلقها الرجل بعدما يحصل على ما شاء منها. ويحلل الدكتور محمد أنور حجاب- أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس- أسباب ارتفاع معدلات الطلاق، قائلا: لا أستطيع أن أحمل طرفا دون الآخر المسئولية، وذلك لأن الشاب والفتاة يعيشان معا فى واقع اجتماعى وثقافى مختلف عما مضى، حيث أصبح التسرع فى اختيار الزوج أو الزوجة السبب الأساسى لحدوث الطلاق، وبعد الزواج لا يوجد تحمل للمسئولية ولا بناء أسرة ولا بذل مجهود .. فالعيب فى الجيل نفسه حيث يختار الانفصال عند حدوث أول مشكلة تواجهه، وأغلب الطلاق يحدث فى سن ما بين 25 – 35 عاما، وأحيانا بعد شهر واحد فقط من الزواج. وحول الحلول المطروحة يواصل حجاب حديثه قائلا: دور الأسرة هو الأساس، حيث إنه من الواجب على الآباء والأمهات أن يغرسوا فى الشاب والفتاة الشعور بالمسئولية ودقة الاختيار والجانب الدينى المعتدل، والنصيحة من الأم لابنتها والأب لابنه أصبحت مطلوبة فى هذا العصر الذى اختلطت فيه المعايير والحقائق، بحيث أصبح الجيل الجديد تائها لا يجد من يقوده للطريق الصحيح، وبالتالى فلن يحل هذه الأزمة إلا أصحابها وليس الاستشاريون، فعلى كل طرف تقريب وجهات نظره، وفى كثير من الأحيان لا ينجح الزواج لأن الطرفين لديهم إصرار على الطلاق، من منطلق شعورهم أنه الحل لكل مشكلاتهم، ثم يكتشف الطرفان أنهما خسرا كل شيء بعد فوات الأوان.. ولذلك على الزوجين أن يعرفا أن الزواج "ميثاق غليظ" وليس لعبة أو نزهة. وفى الأساس يجب الاهتمام بالتوعية الدينية من حيث الحث على حسن اختيار الزوج والزوجة وإدراك المعنى الحقيقى للزواج.