طبيب بدرجة إنسان، حفر مكانا له داخل قلوب المصريين فنال لقب "فارس الإنسانية"، يأتى لمصر كل ثلاثة أشهر ليعالج المرضي بالمجان، لا فرق عنده بين غنى وفقير، أو بين وزير وغفير الكل عنده "حالة" فى حاجة ل"مشرط"، بملامحه المبتسمة دائماً، يزرع الأمل فى صدور الغلابة، فتطيب قلوبهم، كرمته المانيا بمنحه جنسيتها دون أن تشترط تخليه عن جنسيته المصرية كما تقضي قوانينها والسبب كفاءته التى أبهرت الألمان ورغم ذلك كان يرى أن كل هذا لا يساوى دعوة أم مصرية أو كلمة شكر من فتاة يعود لها الأمل في الحياة، إنه هشام عاشور الجراح العالمى وأستاذ أمراض النساء وجراحتها وطب التوليد ورئيس مركز سرطان الثدى بولاية النوردراين بألمانيا ورئيس مركز غرب ألمانيا للجراحات الترميمية النسائية، والمستشار القانونى الطبى لنقابة الأطباء فى ولاية غرب ألمانيا فكان معنا فى الحوار التالي. - في البداية كيف كانت نشأتك ؟ أنا ابن قرية "محلة روح" بالغربية تخرجت من كلية طب عين شمس عام 1987، وكنت الأول علي دفعتي، وبدأت حياتي العملية كطبيب مقيم في أمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس وبعد إنتهاء إنتدابي إستقلت وذهبت إلى المانيا عام 1992، وبدأت قصة كفاح مثل كل شاب مصري ولعبت زوجتي دوراً كبيراً في حياتي وهي مصرية ووقفت كثيراً بجانبي، وتدرجت بعد ذلك في أخذ الشهادات العلمية واحدة تلو الأخرى، من بينها شهادة DEGUMII، وهى أعلى شهادة فى مجال استخدام الموجات فوق الصوتية فى أمراض النساء والتوليد، لدرجة أن كثير من المراكز العلمية في إلمانيا تهاتفت علي حتى أتولى رئاسة أحد هذه المراكز وكنت في هذا الوقت أصغر مدير مستشفى ورئيس قسم أمراض النساء في التوليد في كل المانيا وأنا عمري 38 عاماً. - ما هو تخصصك فى مجال طب الأورام؟ أنا متخصص فى جراحات أورام النساء الحميدة والخبيثة وجراحات الحوض عند السيدات فأنا رئيس مركز جراحه النساء (بمستشفى إيزالون) غرب إلمانيا لعلاج جراحات أورام النساء وهذا المركز شهرته العالمية جاءت من أن معظم مرضاه من كافة أنحاء أوروبا والعالم. - ما هو تقييمك للمنظومة الصحية فى مصر؟ وهل تتفق مع الرأى القائل بأننا فى حاجة للبدء من الصفر لبناء منظومة صحية متكاملة؟ ليس من الضرورى أن نبدأ من الصفر لإصلاح المنظومة الصحية في مصر، فلن نخترع العجلة، فمصر لديها بنية تحتية فى مجال الصحة جيدة سواء عدد المستشفيات، ألفين ونصف مستشفى، أو الأطباء، ولكنهم للأسف غير موزعين على القرى والمحافظات المختلفة، وفى رأيى يمكننا تطبيق النظام الصحى الألمانى بحذافيره لأنه قائم على التكافل الاجتماعى سواء بطيب خاطر أو بقوة القانون، فالمواطن المصري يجب أن يمتلك كارنيه التأمين الصحي الذي يمكنه من دخول أى مستشفى لتلقى العلاج الأمثل، والشعب المصرى عظيم ويستحق نظاماً صحياً يليق به ويحفظ كرامته، وعلينا أن نبدأ من الآن، فلا يوجد لدينا وقت لأن التحديات كبيرة ومصر فى مرحلة تغيرات كبرى، وأعجبت كثيراً بمقولة رددها الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنه لا يوجد لدينا رفاهية الوقت يجب أن نعمل، لذا علينا البدء فوراً بنظام صحى، والاستفادة من النظم العالمية من خلال تشكيل مجموعة خبراء لدراسة النظم الصحية المختلفة سواء الألمانى أو الإنجليزى أو الفرنساوي وتقديم مقترح بكيفية تطبيق مايتلائم منها مع طبيعة المجتمع المصري. - ماذا عن المنظومة الصحية في المانيا؟ المانيا كلها تأمين صحي لأن هناك شركة عالمية هي من تعمل في التأمين على المواطن الألماني الذي إذا إشتكى من مرض دخل أي مستشفى في المانيا لأن التأمين الصحي مغطي تكاليف العلاج فالخدمة ممتازة وتلبي كل احتياجات المواطنين. - هل يمكن للقائمين على النظام الصحى فى مصر توفير مقابل جيد للعاملين بالمنظومة فى ظل هذا الوضع الاقتصادي؟ المقابل المادى سيأتى من التمويل، كما يحدث فى ألمانيا، حيث يتشارك فى تقديم هذا التمويل المواطن وصاحب العمل والحكومة، ولكن ذلك شريطة تخلى الأطباء عن فكرة العمل بالمستشفى والعيادة فى نفس الوقت، على أن يركز فى أحدهما مع توفير المرتب الكريم له فى حال تفرغه للعمل بالمستشفى فقط، بعكس ما يحدث الآن فى بعض المستشفيات المصرية التى تخلو من وجود الطبيب، وهذا ما يجرمه القانون الألمانى وعقوبته السجن، بالإضافة أنه لابد من تغيير فكر الموظفين بمنظومة الصحة بالادارة المختلفة، ومخاطبة الضمير الإنساني، فلا يصح أن يتقابض راتبه دون اتقانه لعمله فى المقابل لنهضه هذه البلاد على أسس سليمة، فمشكلتنا أننا شعوب لا تنتج، ولن ننهض دون تضحيات، وعلى مصر أن تمر من عنق الزجاجة بسلام. - ما رأيك فى نظام التعليم في كليات الطب المصرية ؟ نظام التعليم الأساسى فى كليات الطب المصرية جيد، مع ضرورة إدخال تعديلات فى زيادة الجانب العملى عن النظرى، إلا أن مراحل تعليم التخصص الطبى ألمانيا تتفوق فيه عن مصر، فمثلاً الدراسة العامة للطب فى ألمانيا تستغرق 6 سنوات، وإذا أراد الطالب التخصص فى أمراض النساء مثلاً يقضى ما بين ثلاث إلى أربع سنوات فى الدراسة الأكاديمية المجانية، أى إن الطبيب قبل أن يمارس عمله فى تخصصه يقضى 14 سنة فى الدراسة على الأقل، وليس من حقه العمل بالمستشفيات أثناء الدراسة، بل يتفرغ فقط للدراسة، ولا يصح للدكتور المتخصص فى جراحة الأورام أن يعمل فى أى تخصص آخر. - لماذا يتميز ويتفوق المصري في الخارج؟ المصري في الخارج يلتزم ويظهر أهم ايجابيات فيه في ظل ظروف تسمح له على الإبداع والتميز وفي وجود "سيسيتم" لا يسمح إلا بظهور الكفاءات. - هل تأتى لمصر كل ثلاثة أشهر لمعالجة مرضى غير قادرين بالمجان؟ نعم ، وذلك بالتعاون مع مؤسسة "اسمعونا"، ووزارة الصحة، حيث أسعى معهم على تنفيذ مشروع الرعاية الصحية المتكاملة لغير القادرين بالتعاون مع المستشفيات الحكومية، من بينها مستشفى وادى النيل، فأنا اتمنى رد الجميل لمصر بعلاج فقرائها. - هل هناك مشاريع اخرى قائمة عليها فى مصر ؟ نعم، أعمل بالتوازى لتنفيذ مشروع آخر يهدف للكشف المبكر على مرض سرطان الثدى فى القرى الأكثر فقراً، فى مشروع يحمل اسم "حياة". - مارأيك فى مؤتمر علماء وخبراء مصر فى الخارج الذى نظمته وزارة الهجرة بالغردقة وكنت أحد المدعوين له؟ شرفني كثيرا دعوة السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج لي للمشاركة فى هذا المؤتمر، الذي بعث خلال فترة انعقاده برسائل اطمئنان للسياحة العالمية بأن مصر هي بلد الأمن والأمان، مما شجع حركة السياحة بها، كما أنه قدم رسالة أخرى للعالم وهي أن مصر تستطيع بأولادها في الداخل والخارج تبادل الخبرات في مجالات العلم بما يعود بالنفع على وطننا مصر ودول العالم أجمع. - كيف ترى إصرار الرئيس على وجود العلماء بجواره وفي مجالس إستشاريه؟ هذا شيئ جميل وتعتبر البداية الحقيقية لنهضة مصر وهذه تعد نظرة شاملة على التطور والإعتماد على العلم في كافة المجالات. - لماذا أنتشرت أمراض السرطانات حول العالم؟ العامل الأول هو التلوث البيئي وطبيعة الحياة قد تؤدي إلى السرطان فكل نوع له سبب مباشر مثل سرطان الرئة فالسبب التدخين أما سرطان عنق الرحم فلم يحدد له فيروس محدد أما سرطان الثدي فالسبب الحقيقي هو قلة الحركة والتلوث البيئي المهم أن هذه الأمراض السبب الرئيس ي هو ضغوط الحياة اليومية الشدية وأصبح مرض سرطان الثدي في اليابان مرضاً شائعاً. - كلمنا عن أحدث العلاجات لأورام النساء في العالم؟ كثير من الأمراض التى كنا نعاني من عدم وجود علاجات لها أصبح علاجها متاح خاصة سرطانات الثدي والرحم والمبيض بنسبة شفاء عالية جداً ونحن في مركزنا ندرب أناس كثيره وقمنا بإدخال تعديلات كثيرة في العمليات التقليدية بحيث أننا ننشر شخص أو آخر حول العالم لتبسيط الكثير من العمليات الجراحية وحتى يتم عملها بكفاءة أكبر وفترة تعليم أقل حتى يمكن نشر هذا التقدم حول العالم.