تقرير أقل ما يوصف به أنه كارثي، ففي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل اعتداءاتها على الفلسطينيين، وتواصل ممارسات ألعن ضد االمدنيين العزل، وتصدر قوانينها الغبية، مثل منع الآذان، نجد أن هناك عرب يزورون إسرائيل، وتحديدا مقر الخارجية الإسرائيلية، وكيف تتواصل إسرائيل مع الشباب العربي، وتحاول النجاح في تحسين صورتها أمامهم، هذا الكلام اعترفت به إسرائيل نفسها في تقرير نشره موقع "المصدر" الإسرائيلي تحت عنوان "التراسل مع دولة إسرائيل في فيسبوك".. المصيبة الأكبر في التقرير هو ما قاله المتحدث الإعلامي للخارجية الإسرائيلية عندما قال "قبل 10 سنوات لم تكن تربطنا أية علاقة مع الناسف ي العالم العربي. ولكن اليوم نحن قادرون على الوصول إلى كل مواطن... تصلنا تعليقات من أشخاص يغيّرون رأيهم عن إسرائيل". في البداية تحدث التقرير عن قسم "الدبلوماسية الرقمية" العربية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وقال التقرير إنه في مبنى كبير في وزارة الخارجية الإسرائيلية، يجلس شباب إسرائيليون، ويتواصلون مع شباب عرب، حيث يعمل نحو عشرة مسؤولين عن كتابة المنشورات، نشر الصور، ترجمة المواد من العبرية إلى العربية، وكتابة تعليقات للمتصفحين، على التواصل بين دولة إسرائيل والشباب في العالم العربي. ونقل التقرير تصريحات على لسان حسن كعبية ،الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية، والذي أكد أن قسم "الدبلوماسية الرقمية" افتُتح منذ 5 سنوات فقط، حينها أدركت وزارة الخارجية أنّ هناك فرصا جديدة للتأثير في الرأي العام. وأشار أنه قبل 10 سنوات عمل في السفارة الإسرائيلية في مصر وعاش في القاهرة"، وقال: كنت أتجول في المقاهي، وأرى كل الشباب يجلسون ومعهم "اللاب توب"، ويتصفّحون في الإنترنت. فأدركت أنّ هذه هي الطريقة التي يتواصل عبرها الشباب اليوم مع الإعلام". أما حسن كعبية ،الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية فقال في التقرير "يعيش في الشرق الأوسط 250 مليون مواطن عربي، من بينهم 145 مليون يستخدمون الإنترنت، ويستخدم 80 مليون الفيس بوك"،وأضاف "بدأ القسم بالعمل عام 2011، عندما أدركنا أن الطريقة الأفضل للتوجه إلى الشباب العرب هي الفيس بوك. أصبحت اليوم هذه الطريقة الأفضل للتأثير في الرأي العام". التقرير مليء بالمعلومات والحقائق التي تؤكد أن اسرائيل تتابع كل صغيرة وكبيرة في الوطن العربي، وتحاول جذب الشباب العربي ومعرفة أفكارهم ونواياهم تجاه الدولة العبرية، حيث أشار التقرير أن عدد متابعي صفحة الفيس بوك التي يديرها قسم الدبلوماسية الرقمية أكثر من 910 ألف متابع، معظمهم من الشباب في سنّ 18 حتى 24 عاما، يعيش معظم المتابعين في مصر، ولكن يتابعها عراقيون، مغاربة، أردنيون وفلسطينيون أيضًا، ويكتبون تعليقات في صفحتهم. وفي تويتر هناك في صفحة وزارة الخارجية أكثر من 83 ألف متابع، الكثير منهم صحفيون، دبلوماسيون وقادة رأي عام.. أما الجملة الأخطر في التقرير فهي "عندما يشارك مثل هؤلاء الأشخاص تغريداتنا، فنحن نعلم أنّ رسالتنا تصل إلى عدد كبير جدا من الأشخاص". وأشار التقرير إلى أن صفحات الفيس بوك هذه تسمح لممثلي وزارة الخارجية بالتوجه مباشرة إلى القراء العرب، ويحاولون عبرها تحسين صورة إسرائيل. وزعم التقرير مضللا بكلام غير حقيقي "لا يعرف الناس في العالم العربي إسرائيل. فهم يعبّرون عن رأي سلبي تجاهها تلقائيا، دون أن يعرفوا حقائق عنها، وكل ما يرونه في الإعلام هو الجنود، المستوطنون، وتعابير الكراهية. نحاول عرض صورة أعمق، تعكس مجتمعا إسرائيليا بأكمله، وحسناته". وأضاف حسن كعبية ، الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية "قبل 10 سنوات لم تربطنا أية علاقة بالناس في العالم العربي. لم نكن نعلم حتى ماذا يُكتب في صحفهم. ومن المثيرة للدهشة كيف أصبحت تربطنا علاقة مباشرة مع الناس اليوم، فنحن نتجاوز الحكومات والإعلام ونصل مباشرة إلى المواطن العربي"، وتتضمن المواد التي يشاركها المسؤولون في قسم الدبلوماسية الرقمية معلومات أساسية عن إسرائيل، مقاطع فيديو وأغان لمطربين إسرائيليين، ومواضيع "حساسة" وجادّة مثل الديمقراطية الإسرائيلية وقرارات الحكومة. وأضاف، إن التحدّي الذي يواجهه العاملون في قسم الدبلوماسية الرقمية ليس سهلا. فالحديث يدور عن أشخاص ترعرعوا على كراهية إسرائيل. وفي الواقع، يمكن العثور على الكثير جدا من الشتائم في صفحتهم على فيس بوك. ورغم ذلك، فهم يردّون على معظم التعليقات، ولا يحظرون المستخدمين، أو يخفون التعليقات. "في السابق كنا نردّ عليهم بالشتائم. واليوم نحن نردّ بصورة دبلوماسية ومؤدّبة، ونجلب أيضًا حقائق تدحض ادعاءاتهم. وأحيانا نردّ بفكاهة أيضًا. على سبيل المثال عندما يكتبون لا يوجد شيء اسمه إسرائيل، نردّ: "صحيح، نحن نكتب لكم من أرض الخيال". وواصل كعيبة التقرير كلامه المزيف وتضليله للحقائق التاريخية قائلا "هدفنا هو عرض صورة إسرائيل الحقيقية، حتى لو كان الواقع أحيانا صعبا وليس لطيفا، فنحن نتحدث عن كل المواضيع"، نتحدث عن حقوق المرأة في إسرائيل، ونروّج لقصص عن التعايش، ونوضح أنّه يعيش في إسرائيل عرب ويهود بمحبة معا أيضا. يتفاجأ الناس في العادة جدا عندما يرون ذلك. يندهشون أيضًا عندما يسمعون عن مدى التشابه بين اليهودية والإسلام وبين اللغتين العربية والعبرية، ويُكتب في الكثير من التعليقات إلى أي مدى غيّرنا تصوّر المواطنين في العالم العربي تجاه إسرائيل. بالمناسبة، معظم التعليقات والتوجّهات التي نتلقاها هي لأشخاص كانوا يرغبون كثيرا في زيارة إسرائيل، ولكن لا تسمح لهم حكومتهم بذلك". وأشار التقرير إلى أن القصص الأكثر إثارة للاهتمام، هي القصص التي لا يمكن لوزارة الخارجية حقا أن تشارك بها المتصفّحين. "نرغب جدا في مشاركة علاقاتنا مع أشخاص من الدول العربية، وزيارات صحفيين وأشخاص إلينا، ولكن هناك الكثير من الأشياء التي إذا كتبناها عنهم، فستشكّل خطرا على حياتهم، وعلى الأشخاص الذين يشاركون في ذلك ويوقف التعاون بيننا. تحدث أمور كثيرة يحظر علينا التحدث عنها".أحد الأنشطة الأكثر إثارة للاهتمام مما يقوم به قسم العربية في وزارة الخارجية، هو إحضار وفود من الصحفيين من جميع أنحاء العالم العربي إلى إسرائيل. يبدأ كعبية العلاقة معهم بنفسه. أحيانا يتواصل معهم عبر الفيس بوك، وفي أحيان أخرى يكتب تعليقا على مقال لهم. هكذا تتطور العلاقة، ومن ثم تتقدم عبر المراسلة الخاصة عبر البريد الإلكتروني، وفي النهاية يُجرى تواصل هاتفي. عندما يشعر كعبية بأنّه نجح في تحقيق ثقة الصحفيين، يعرض عليهم زيارة إسرائيل والتعرّف إليها عن قرب. وزعم حسن كعبية،الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية في التقرير "يندهش الأشخاص الذين يزورونها ويشعرون أنها تختلف تماما عما تخيّلوها. وعندما يزورها صحفيون يكتبون ويؤثّرون في رأي الكثيرين، فهذا مهم جدا. هناك علاقة مباشرة بيني وبين صحفيين في كل دولة عربية تقريبا. لديّ صديقين من الكويت تعرّفت عليهما، يكتب أحدهما في "الوطن العربي". نتراسل كثيرا، وهو يكتب كل يوم عمودا، يعكس في أحيان كثيرة موقفا إسرائيليا. لم نلتقِ أبدا مباشرة، ولكني نظمت لقاء بينه وبين ممثّلة إسرائيل في الولاياتالمتحدة. بعد أن التقى بها اتصل بي وقال لي مازحا: "إنها جميلة ولطيفة، أين ذيلها؟ ظننت أنّ هناك لدى كل الإسرائيليين ذيل". وأشار التقرير "في الزيارات التي ينظّمها كعبية للبعثات العربية إلى إسرائيل، وجميعها، بالمناسبة، يحظى بخدمة VIP وتموّلها الدولة بالكامل، يتجول مع الزوار في كل الأماكن الرسمية، مثل الكنيست ومتحف الهولوكوست ياد فاشيم، ولكن الجزء الأكثر إثارة للاهتمام هو تحديدا الأماكن غير الرسمية التي يزورونها. نزور معا مزرعة التكنولوجيا الفائقة في الناصرة. يندهش الجميع دائما عندما يكتشفون تطويرا كهذا في مدينة عربية. نزور وادي عارة في طريقنا أيضا. أقول للزوال دائما انظروا جيدا عبر النافذة ومن ثم في النهاية أسألهم، ماذا رأيتم في الطريق؟ يقول الجميع "مستوطنات". عندما أقول لهم إنّ هذه قرى عربية، مع أسقف خشبية، يُصدمون. وحينها يتذكّرون أنّهم رأوا مآذن مساجد حقا. عندما نزور القدس أطلب منهم أن يتجولوا مساء في المدينة، ويتأملوها. أخبرهم أن يتجولوا وفق رغبتهم. فيرون كيف يعيش العرب واليهود معا، وكيف تكون المدينة نابضة بالحياة فيندهشون. يسألونني أين كل الجنود والدبابات التي يرونها كل يوم في الأخبار". واختتم حسن كعبية،الناطق بلسان وزارةالخارجية الإسرائيليةباللغةالعربية التقرير "حتى الآن زارت إسرائيل بعثات من العراق، مصر، المغرب، الأردن، تونس، معظمهم صحفيون، طلاب جامعيون أو محامون. والجميع، دون استثناء، عندما يعودون إلى أوطانهم، يتصلون بي ويشكرونني ويعبَرون عن دهشتهم بعد أن تعرّفوا إلى الوجه الآخر لإسرائيل"!.