محمد الشواربى باشا .. ولد سنة 1841، وكان سياسياً وثرياً ويملك مساحات شائعة من الاراضي ، ومن أعماله الخيرية أنشأ مستشفى قليوب الخيرى ، وتم تكريمه بعد وفاته باطلاق اسمه علي اشهر شوارع وسط البلد فى القاهرة .. هكذا كان شارع الشواربى طوال نحو 100 عام ، ونال الشارع شهرة واسعة فى السبعينيات عندما كان مقصدا لعشاق الموضة والباحثين عن الذوق المتميز والماركات الاصلية والسعر الغالي، بل اعتبره البعض رمزاً لعصر الانفتاح ، وكان الزبائن من الطبقة الراقية ومشاهير الفنانين ولاعبي الكرة ، لكن دوام الحال من المحال .. ومع تغير الأزمنة والظروف تبدلت ملامح "الشواربي"، وتحول إلى شارع يضم جميع الأصناف رخيصة الثمن ، وبعدما كانت تفوح منه روائح العطور الفرنسية المستوردة .. سكنت أرجاء الشارع القمامة والإهمال، وتوقفت حركة البيع وحل مكانها الركود التام، وأثرت ثورة 25 يناير بالسلب علي شارع الشواربي نظرا لقربه من ميدان التحرير ، وازداد الأمر سوءا خلال الشهرين الماضيين بعد نقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد ، فقد كانوا يعطون إيحاء بالزحام ويضفون علي الشارع حركة وحيوية، لكن الآن تجد بائعي المحلات القليلة منتشرين لاصطياد الزبائن والمارة بعبارات "اتفضل يا بيه خد فكرة"،"نورينا يا هانم" ، ويقول عيد محمد صاحب أحد محلات الملابس بالشارع : للاسف .. الشواربي اصبح أقل من العتبة والموسكي .. وفي ليلة العيد أغلقنا المحلات في الحادية عشرة ليلاً وهذا لم يحدث في تاريخ الشارع ، فكنا في الماضي ننهي العمل عند صلاة العيد من كثرة الزبائن ، واحيانا كنا " نطبق " باليومين من شدة الزحام ،وكان يوما الخميس والجمعة بمثابة موسم اسبوعي لنا نحقق فيه ربحاً عالياً، أما الآن فأصبح الشارع "فاضي" وننتظر بداية الأسبوع حتي نشعر بوجود حياة به نتيجة حركة الموظفين وذهابهم لعملهم ، أما عم دقدق صاحب كشك لبيع الأحذية وأحد أقدم البائعين بالشارع فيقول : أنا موجود في الشواربي منذ 40 عاماً ، وعاصرت فترة الانفتاح، وكانت "أيام الهناء والخيركله"، فكان الشارع مركزاً لتسوق الصفوة، ويكفي أن تشتري ولو مجرد شراب من هنا ليكون مصدراً للتباهي بأنك ترتدي ملابسك من الشواربي، ولكن تغيرت الأوضاع تماما، فبدأ زبائن الشواربي يذهبون لمناطق المهندسين ومصر الجديدة، ولم يعد الزبون كما كان .. ولم يعد هناك عمل ، وأكد مصطفي محمود صاحب الكشك المقابل لعم دقدق أن حالة الركود مستمرة، ويضيف : يمكن أن نبيع لزبون أو أثنين في اليوم .. وأحوال البلاد عندما تستقر اكثر يمكن أن تعود حركة البيع مرة أخري خلال عامين .