بالأمس وأنا في طريق عودتي للمنزل، تقريبا في الثانية عشر بعد منتصف الليل، لاحظت وجود شاب في الميكروباص عمره لا يتجاوز 16 عاما، غريب في حركاته ونظراته، فهو يشبه لحد ما أطفال الشوارع، في هيئته وملابسه. بعدها ركب الميكروباص شخصان غير مريحان لا في شكلهما ولا حتى في كلامهما وألفاظهما البذيئة، وأيضا طريقة تعاملهما مع من حولهما، أحدهما سنطلق عليه حرامي والآخر بلطجي. الوضع ظل هادئا لفترة، بعدها انتقل البلطجي وجلس بجوار "الشحات" وسأله "لميت قد أيه النهارده ياااد"، فقال له الشحات "مالكش دعوه"، ولم تفلح تهديدات البلطجي وإخراجه المطواه في أن ينتزع اعترافات من "الشحات"، وعلى الفور تدخل شاب ملتح حاول تهدئة الموقف وطلب من البلطجي أن يترك "الشحات" وحاله، فكان رد البلطجي عنيفا وكاد الأمر يتحول لمشاجرة، فما كان من الشاب الملتحي إلا أن ابتعد عن المشكلة. وفجأة ودون أن يشعر "الشحات" سرق "الحرامي" من جيبه مبلغا من المال قال بعد أن عده إنه 1450 جنيها، في هذه اللحظة انضم للمشكلة طرف ثالث وهو سائق الميكروباص والذي سال لعابه وحاول اقتسام الغنيمة، وتحول الأمر لمشاجرة بين الأربعة، البلطجي والحرامي وسائق الميكروباص والشحات. في النهاية توصلوا إلى أن يعطوا "الشحات" 200 جنيه، فأخذها وانصرف دون أن يتكلم لأنه الطرف الضعيف، بعدها تحول الأمر لمعركة أظهر فيها سائق الميكروباص فرد خرطوش وضرب طلقة في الهواء بعد أن وصلنا لموقف سيارات إمبابة، وأخرج البلطجي المطواه، واجتمع سائقو الميكروباص وبعض الناس، واختفى الحرامي بباقي المبلغ، لينتهي المشهد، وباقي ركاب الميكروباص وأنا منهم نشاهد ما يحدث، دون أن نتدخل. والسؤال الآن: هل هذا هو ملخص ما يحدث في مصر؟، مصر هي الميكروباص، وركاب الميكروباص هم عينة من الشعب، والحرامي والبلطجي وسائق الميكروباص والشحات هم القوى السياسية التي تتعارك على الكعكة، وفي النهاية الخاسر مصر، أما باقى الركاب الذين ظلوا يشاهدون المعركة، فهم الأغلبية الصامتة التي تنأى بنفسها عن أي شيء وتبحث فقط عن لقمة عيشها، ولكنها مستاءة مما يحدث، ولكن صمتها هذا لن يطول، ولن يستمر، ووقتها سينقلب الميكروباص بالجميع. حواش منتصر