شباب يكسبون الذهب من "إعادة التدوير" الإليكتروني * " ريسيكلوبيكيا" من أفضل 20 شركة في مسابقة" ابدأ مع جوجل" .. وحصلت على" FedEx Access Award" * مصطفى حمدان: بدأنا في منزل والدي.. وهدفنا الحفاظ على البيئة وخلق فرص عمل وإدخال العملة الصعبة للبلاد * متولي مجدي: بدأنا نشعر بالنجاح منذ 3 سنوات.. والمبيعات بمليوني دولار شاملة المصروفات والإيرادات خبراء الاقتصاد يتوقعون أن يبلغ حجم سوق إعادة تدوير المواد الإلكترونية نحو 14.7 مليار دولار التفكير خارج الصندوق هو أولى خطوات النجاح.. هذا ما فعله مجموعة من الشباب خريجي كلية الهندسة جامعة طنطا بعد أن اختاروا مجالا غير تقليدي للعمل به بدلا من الوقوف في طابور البطالة.. واستطاعوا أن يؤسسوا شركة" ريسيكلوبيكيا" وهي الأولى من نوعها في مصر المتخصصة في جمع النفايات الالكترونية.. فتقدم خدمات إعادة تدوير صديقة للبيئة وتدمير للبيانات، تتوسطهما عملية تجديد المنتجات الإلكترونية.. وتهدف إلى بناء جيش إعادة تدوير يعمل على إنقاذ كوكب الأرض من التلوث، والحفاظ على موارده الطبيعية.. وتحويل تلك النفايات إلى معادن منها الذهب والفضة.. وحقق المشروع أرباحاً كبيرة، بجانب التعامل مع شركات عالمية، وهي تعتبر أولى شركات إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في الشرق الأوسط، قصة هذا النجاح نتعرف عليه في السطور التالية.. بداية المشوار مصطفى حمدان- بكالوريوس هندسة اتصالات والكترونيات- شاب في العشرينيات من عمره هو صاحب الفكرة.. ويقول: الشركة بدأت ب 20 طالبا في كلية هندسة كانوا عبارة عن طلاب يشاركون في مشاريع ومسابقات الكترونية، وسمعنا عن شركة إنجاز مصر وأنها تنظم مسابقة عن كيفية بدء الشركات الخاصة، واشتركنا فيها وبدأنا نفكر في فكرة، وكنا نعمل في مجال الالكترونيات، وكنت أشاهد فيلما وثائقيا عن إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، وأدركت وجود كثير من الإمكانيات في استخلاص المعادن من اللوحات الرئيسية لأجهزة الكمبيوتر (مازر بورد) -الذهب والفضة والنحاس والبلاتينيوم، وهذه الصناعة مزدهرة في أوروبا والولايات المتحدة، لكن لم يكن يزاولها أحد في الشرق الأوسط، وعرضت الفكرة على أصدقائي، ونفذناها، وبدأنا منذ خمس سنوات في منزل والدي في طنطا، وعلى مدار أعوام استطعت التغلب على بعض الصعوبات، من بينها عدم القدرة على الإيفاء بتوفير الطلبيات، والتوسع الزائد، بجانب الظروف التي مرت بها مصر خلال تلك السنوات، والصفقة الأولى قمنا بها عام 2011، وبدأنا بالترويج لهذا التجارة بنشر إعلان في قسم الشركات بموقع التجارة الالكترونية الشهير علي بابا، وجاء أول أمر توريد لريسيكلوبيكيا عندما طلب مشتر في هونج كونج 10 أطنان من نفايات الأقراص الصلبة (هارد ديسك)، في ذلك الوقت لم أكن لأعلم حتى من أين سأجمع مثل هذه الكمية، فانتقلت إلى القاهرة، واستطعت الوفاء بأول طلبيات الشركة المطلوب إرسالها إلى هونج كونج، حينها أدركت أني بحاجة إلى جمع 15 ألف دولار، فجمعنا من بعض 6 ألاف جنيه، وأقنعنا أستاذا جامعيا لإقراضنا بالمال مقابل 40% من أرباح الصفقة الأولى، وذلك لتأمين المال الضروري وبعد أشهر تمت أولى شحنات الصفقة، ثم سافرت إلى هونج كونج لدراسة نشاط شركات إعادة تدوير النفايات في المنطقة الصينية، ومن هنا بدأ المشوار، ويعمل معنا حاليا 25 موظفا. جوائز الفكرة حصلت على جوائز عديدة.. ويضيف مصطفى: حصلنا على جائزة" FedEx Access Award" بمسابقة إنجاز العرب عام 2012، وذلك بعد حصول الشركة على المركز الأول بمسابقة إنجاز مصر عام 2011، كما تأهلنا لنهائي أفضل 20 شركة في مسابقة" ابدأ مع جوجل"، وبعد الفوز بالجائزة الكبرى في مسابقة إنجاز والحصول على تمويل تأسيسي، انضممنا إلى برنامج "انطلاقتي الريادية"، وحصلنا على فرصة احتضان مُقدَّمة من شركة أبراج كابيتال، واحتضان مشروعنا من قبل إنجاز مصر وشركة أبراج ساعدتنا كثيرًا، ووسَّع خلفيتنا في مجال الأعمال، فقد أدركنا أن شركتنا تحتاج للمزيد من المال لتنفيذ خطة أعمالها، لذلك بدأنا نفكر في فرص الاستثمار، وقد كان يلح على أذهاننا تحدي إيجاد مستثمر يثق في مجموعة من الطلاب يطلبون استثمارا في تلك المرحلة المبكرة، علما بأنهم مازالوا يحاولون النمو وتعزيز ثقافة جديدة غير موجودة بعد، بالإضافة إلى طموحهم للعمل على مستوى التجارة الدولية، ولحسن حظنا، تم تذليل هذا التحدي، حيث تغلبنا عليه بفضل المساعدة التي قدمتها إلينا إنجاز مصر. خطر المخلفات ويكمل مصطفى قائلا: إعادة تدوير المخلفات الالكترونية تمر بعدد من المراحل، فأجهزة الكمبيوتر والشاشات بعد أن تتوقف عن العمل ترجع مواد خام مرة أخرى، ونبدأ عملنا بمرحلة التجميع، حيث نقوم بتجميع الأجهزة من مصادرها ومن الأفراد والشركات والتجار، وبعد التجميع نقوم بمرحلة ثانوية وهي التفكيك، فلو كان الكمبيوتر كاملا نفككه، ثم ندخل على مرحلة الفصل، فنقوم بفصل اللوحات الالكترونية حسب أنواعها وأنواع المواد الموجودة بها، ثم التغليف، ثم نرسل كل ذلك بمصنع خارج مصر من أجل استخلاص المعادن، وبشكل عام هذا العمل مفيد جدا للحفاظ على البيئة، لأن هذه الأجهزة عندما تعطل تصبح ضارة للبيئة كما أنها تؤدي إلى أمراض، فهناك غاز سام يسمى الزيلين ينبعث من شاشة الكمبيوتر المكسورة وهو غاز ضار بالطبع، كما أن هناك مواد سامة في البطاريات، فالمواد الالكترونية خطر على الصحة ومن الممكن أن تؤثر عليها بشكل غير مباشر، فهذه المواد ثاني أخطر مخلفات بعد المخلفات النووية وكلها خطر، لدرجة أننا نعود من المخازن متعبين من الروائح، ولذلك فشركتنا ذات مسئولية مجتمعية، فهدفنا الرئيسي هو المساعدة في إيجاد بيئة أكثر نظافة، لذلك نسعى لأن نكون الشركة الأفضل علي مستوي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تجميع المخلفات الإلكترونية عن طريق تحقيق طفرة نوعية في ثقافة تدوير هذه المخلفات بين سكان المنطقة، ونطبق أحدث الأساليب التكنولوجية في إعادة التدوير الصديق للبيئة للحفاظ عليها، بجانب خلق فرص عمل جديدة، وإدخال العملة الصعبة للبلاد. استثمارات ضخمة هذا المجال يحتاج إلى إمكانيات كبيرة.. حيث يقول متولي مجدي- مدير التسويق بالشركة-: نتعامل مع مصنع باليابان من أجل استخلاص المعادن الأساسية، لأننا لا نملك هنا هذه التكنولوجيا, ونحتاج لاستثمارات ضخمة جدا حتى ننشء مصنعا به تلك الإمكانيات، فنحن نحتاج إلى 15 طن أجهزة في اليوم، ونجمّع شبكة تجميع من أجل أن نستطيع عمل هذا المصنع داخل مصر، واستطعنا التعامل مع المصنع الياباني عن طريق شركة وسيطة بأمريكا، فنحن نرسل إليها الأجهزة وتقوم بعمل فصل أكثر دقة، ونحن تعاملنا مع العديد من الشركات في هونج كونج وبلجيكا وألمانيا، ونحن نقوم بعملية استخلاص بطريقة صديقة للبيئة، ونبيع للشركة مباشرة ثم تدخل الأجهزة للمصنع ويبيع المعادن التي تدخل في أي صناعة أخرى أو المجوهرات، وللأسف لا يوجد سوق لهذه المعادن في مصر، ونتمنى أن يصبح لنا سوق هنا لأن هذا المجال رائع ومكاسبه عديدة تجربة ناجحة لا شك أن التجربة حققت نجاحا كبيرا.. حيث يقول متولي: الحمد لله حققنا ما نهدف إليه من نجاح، ولكننا شعرنا بهذا النجاح منذ فترة قليلة، فقد عملنا 3 سنوات من أجل النجاح في العمل، وكنا نواجه مشاكل عديدة مثل نقص التمويل والأجهزة، ووصلنا إلى أن يصبح لنا مكسب مادي، فمن الممكن أن نكسب من المخلفات الالكترونية الذهب ولكن يجب أن يكون لدينا كميات كبيرة من المخلفات، فمن الممكن أن يكون لدينا 30 طنا مخلفات وتعطينا في الآخر جرامات ذهب أو فضة أو نحاس، فتدوير المخلفات الالكترونية ليس منجم ذهب، ومن يريد تحقيق مكاسب من هذا المجال يجب أن يتعلم جيدا ويعرف كيف يجمّع المخلفات ويبني سوقا له، هذا بجانب أن BBC نشرت مقالا عن شركتنا وذكرت أننا نحقق أرباح تبلغ مليوني دولار في العام، ولكن هذا الرقم يمثّل حجم المبيعات، ويشمل المصروفات والإيرادات، فالرقم يظهر كبيرا ولكننا نشتري المخلفات بأرقام قريبة، والشركة اسمها "ريسيكلوبيكيا" ومشتقة من كلمتي (recycling) بمعنى إعادة تصنيع، وكلمة روبابكيا والتي تعني الأشياء القديمة منجم الذهب يذكر أن إعادة تدوير المخلفات الالكترونية بالخارج يطلق عليها لقب" منجم الذهب" نظرا لحجم المكاسب التي تحققها الشركات العاملة في هذا المجال، فكشفت دراسة أمريكية أن هذه النفايات تحتوي على مواد ثمينة، تشجع على إعادة تدويرها رغم صعوبتها، إذ تحتوى الأجهزة الإلكترونية القديمة والتالفة على كميات مختلفة من المعادن المتنوعة، فخلاف الذهب والفضة، نجد أيضا البلاتين والنحاس، ويُقدّر بعض الخبراء قيمة هذه المواد الموجودة في النفايات الإلكترونية بالولايات المتحدةالأمريكية وحدها بأكثر من 60 مليون دولار، وأشارت إحدى الدراسات المتخصصة إلى أنه من الممكن استخراج 17 طنًّا من النحاس، و380 كيلوجرامًا من الفضة، و37 كيلوجرامًا من الذهب، و16 كيلوجرامًا من البلاديوم، عبر عمليات إعادة تدوير مليون هاتف جوال فقط. ويرى خبراء الاقتصاد أيضًا، أن سوق إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية سوق واعدة، تنتظر التطور السريع في القريب، خاصة أنها تعتبر منجمًا لكثير من المعادن الثمينة، إضافة إلى أن تكلفة استخراجها من النفايات أقل 10 مرات من استخراجها من المناجم الطبيعية، ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يبلغ حجم سوق إعادة تدوير المواد الإلكترونية حوالي 14.7 مليار دولار، ويقدر حجم المخلّفات الالكترونية ما بين 40 إلى 50 مليون طن سنويًا، وهو في حالة ازدياد، ولا يتم التخلّص سوى من 15 مليون طن فقط من تلك النفايات. وكشفت شركة آبل عن تمكنها من إنتاج ما يعادل 999.5 كيلوجراما من الذهب خلال عام 2015 فقط من خلال سياسة إعادة التدوير المنتجات الالكترونية، في الوقت الذي تبلغ فيه قيمة الذهب المنتج 40 مليون دولار، وذكرت الشركة في تقرير لها أنها تمكنت من جمع 90 مليون رطل من المخلفات الإلكترونية، ونجحت في استعادة ما يعادل 28 مليون كيلو من المواد الأخرى التي يمكنها إعادة استخدامها.